دستور القبائل في مواجهة قضايا الخلع بالصعيد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

دستور القبيلة يعلو فوق كل شىء هذا هو العرف السائد في محافظات الصعيد، حتى في الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق والخلع، قضايا كثيرة ومتكررة في الطلاق بطلها الحكم على الفتاة بالزواج من نجل عمها، حتى وإن كان غير متوافق معها فكريًا أو ثقافيًا، وبعد بضعة أشهر أو بضع سنوات من الزواج، تتفكك الأسرة بسبب الطلاق وربما يصل الحد إلى الخلع في قضايا كثيرة هنا في المحاكم، لم يعرف عنها إلا الأقارب، نظرًا لما يسمونه بـ»العار»، الذي يلحق الزوج إذا رفعت ضده زوجته قضية خلع.

 

فمنذ سنوات مضت، كان الأهل الذين يرغمون ابنتهم على قبول الزواج من نجل عمها، هم من يحاولون بشدة أن يستمر الزواج، حتى وإن كانت هناك مشكلات كبيرة بين الزوج والزوجة، وعندما تصل لحد المستحيل، يتم الطلاق أحيانًا بالتراضي، وأحيانًا أخرى تصل إلى المحاكم، وحالات نادرة تصل للخلع، ولكن في هذه الأيام، باتت الفتاة تبحث عن تحررها بأي حال من الأحوال؛ إذ تقف شامخة أمام المحاكم لترفع قضية خلع أو طلاق ضد زوجها، بعد أن وصلت الحياة بينهما إلى المستحيلة.

 

فلم تُستثن المرأة «الصعيدية» نفسها أن يكون لها المبادرة في تحرير نفسها من زوج مارس عليها ربما هو وذويه كافة أساليب العبودية، وبعد أن كانت قضايا الخلع مرفوعة من الخدمة في الصعيد، فقد أصبحت اليوم شيئًا عاديًا يحدث مرارًا وتكرارا، فلم تعد سيدات الوجه البحري فقط هن بطلات قضايا الخلع في مصر لنجد سيدات الصعيد يبرعن أيضًا في خلع أزواجهن دون نظر للأعراف والتقاليد التي تُجرم حقها أحيانًا في مجرد طلب الطلاق، بالرغم من كم الضغوطات التي تقع عليها سواء في الزواج أو الطلاق والخلع.

 

فتيات القبائل

بداية يقول صفوت أبو السعود، مأذون شرعي؛ إن من أهم أسباب الطلاق في الصعيد، هو زواج فتيات القبائل، بمعنى ارغام الفتاة على الزواج من نجل عمها، بالرغم من عدم توافقها معه فكريًا أو ثقافيًا، وبالتالي تبدأ المشكلات مبكرًا، تنتهي سريعًا بالطلاق، بالرغم من تدخل الأهل أيضا على إجبارهما على الاستمرار في الحياة الزوجية، ولكن عندما تصل إلى حد النهاية، وفشل الأهل في المحاولات المستمرة لإقناع الزوجين في الاستمرارية، تنتهي هنا الحياة بينهما، تصل إلى الطلاق بالتراضي، أو رفع قضايا أو حتى تصل للخلع، في طريق عرفته المرأة للبحث عن حقها بعد ضياعه.

 

ويضيف أبوالسعود؛ أن من أسباب الطلاق أيضا، سوء الاختيار، وغياب التكافؤ، وتدخل الأهل في حياة الأزواج، وعدم التوافق الفكري بين الطرفين، والنظر إلى الجوانب المادية بالنسبة للزوجة العاملة، وضيق المعيشة بالنسبة للزوج، وعدم الاحتكام لأهل الخبرة في إيجاد الحلول، والنظر من بعض الأزواج إلى إيجاد مصادر دخل إضافية مثل المعاش، والزواج القبلي، وبعض القصور في تشريع طلاق الخلع، والمغالاة في المهور، ونظر الأهل إلى القائمة والعائد منها بغض النظر عما يترتب عليها من ضياع الأسرة، وإخفاء أهل الزوجة بعض المعلومات المهمة عن الزوج، مما يتسبب في الطلاق، وعدم وجود بعض الخبرة لدى الزوجين في التغلب على المشكلات الطارئة في الحياة الزوجية، والوظيفة بالنسبة لبعض الزوجات، وبعض المواد المخدرة للأزواج مما يصل إلى عدم إدراكه بالحياة الزوجية، كما إن وسائل التواصل الاجتماعي من أهم أسباب الطلاق بين الزوجين، كما إن التعلق الزائد لدى البعض بالدراما والمسلسلات والمقارنة بينها و الحياة التي تعيشها الزوجات.

 

ويوضح المأذون الشرعي؛ أن من أسباب الطلاق أيضا، الضرب ويكون ذلك من بين الأزواج، وقد يستند البعض منه، إلى دليل من القرآن بدون النظر إلى ما جاء فيه، من وعظ وهجر كوسيلة لتعليم الزوجات، والخروج من المنزل من الزوجات دون إذن مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات الزوجية وعدم التواصل إلى حلول، وعدم الطاعة بمعنى عدم إدراك الزوجة بأن زوجها له عليها حق الطاعة والاستمتاع، فضلا عن عدم الإنجاب وهو سبب من أسباب الطلاق، فضلا عن أن من أسباب الطلاق رغبة الزوجة في الحصول على معاش والدها، خاصة مع شخص لا يستطيع الإنفاق عليها.

 

كما يرى مختصون أن أهم أسباب الخلع التدخل العائلي، اختلاف الثقافة بين الزوج والزوجة، الحالة الاجتماعية، تفاوت في الماديات، التخلف العقلي للزوج، الكذب،عدم الإنفاق على الزوجة، والمعاملة السيئة التي يصحبها الضرب والإهانة وتوجيه السب والشتائم للزوجة، موضحين أن الزوجة عندما لا تستطيع أن تعيش مع زوجها في مثل هذه الحالات تتقدم بطلب خلع، وتتنازل عن كافة حقوقها مقابل أن تعيش في عزة وكرامة، أما الزوج فيكون في البداية في أشد أنواع الإحراج، خاصة في الصعيد، وبعد إصرار الزوجة على الخلع ورفضها العيش معه نهائيا بعد تراجعها في ذلك لأكثر من مرة، فإنه تأخذه أيضا جانب العزة والكرامة ويستسلم لقرار المحكمة وتنتهى حياة أسرية بأكملها.

 

الخلع والطلاق

ويوضح أيمن سراج، محام، يقيم فى محافظة قنا، أنه طبقا لنص المادة رقم 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والتي تنص على «للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية والشرعية وردت عليه الصداق الذى أعطاه لها حكمت المحكمة بتطليقها عليه»، موضحا أنه في حالة أن الحياة الزوجية بين الزوجين أصبحت مستحيلة، وأن الزوجة تبغض الحياة الزوجية مع زوجها فإنها تفتدى نفسها منه وتخالعه بالتنازل عن جميع حقوقها المالية والشرعية.

 

ويضيف؛ أن الفرق بين الخلع والطلاق هو أن المرأة في حالة خلعها لا تحصل على حقوقها الشرعية أما في حالة الطلاق تحصل على حقوقها الشرعية، وأن المرأة التي تتقدم لطلب خلع لا توجد سلطة تقديرية للقاضي حيث أنها تبغض الحياة مع زوجها وتستعد التخلي عن كافة حقوقها، أما في حالة الطلاق فلا بد أن تتحقق المحكمة من وجود ضرر على الزوجة والقاضي له سلطة تقديرية في الحكم بالتطليق أم رفضه.


التقت أخبار الحوادث ببعض الحالات التي رفعت قضايا خلع ضد زوجها، وأوضحت احدى السيدات؛ «كان يعذبني ويضربني في كل وقت بسبب وبدون سبب، ورضيت أعيش معاه فى أوضة ومع لم يحفظ جميلي هذا»، لافتة أنها تزوجت من أحد الأشخاص، الذي كان يعمل زميلا لوالدها في العمل، وكان يكبرها في العمر، إلا أنها أرغمت على الزواج منه، وتقدم لي في السابعة عشر من عمري، وبعد زواجي منه، بدأت المشكلت بيننا، في الأول كانت تافهة، لكنها تفاقمت، منذ البداية، ثم انتهت إلى حد مطالبتي الطلاق، وبعدها رفض وطلب أن نعيش سويا، ثم استمرت المشكلات، وتركت منزل الزوجية وذهبت إلى والدي، وفي كل مرة كان يحاول أن أعود إليه، وعندما أعود تتفاقم المشكلات، استمرت هذه المشاكل قرابة 10  سنوات، حتى قررت رفع قضية خلع ضده، «رضيت بالهم والتعب على حساب حياتي ومنفعش».

 

الخلع مرتين

«مش طايقاه منذ البداية»، هكذا تقول س.م، إحدى السيدات بقنا واضافت؛ تزوجت من شاب، بعد أن تقدم لي 4 مرات، بعدما فسخت خطبتي من ابن خالي، ووافقت على خطبة الثاني «عندا» في نجل خالي، بالرغم من أن الشاب كان غريبًا، فرضت عليه شروطا، وافق عليها كاملة، وكتبت كتابي، انتقامًا من قريبي، وقبل الزفاف، صارحته بأنني لم أستطع أن أكمل معه، لكنه كذب علي وادعى بأنه مريض، وأرسل لي صورته في المستشفى، «صعب عليّ»، ووافقت على الزواج، وبعد 10 أيام حدثت مشاكل عدة، وطرقنا أبواب المشايخ، ولم تفلح، حتى رفعت قضية خلع ضده، وأخبرته بالتنازل عن كل مستحقاتي، لكنه رفض، حتى قضت المحكمة بالطلاق خلعا.

 

«كدب عليا في سنة» هكذا قالت أخرى، وتابعت: تزوجت مرتين، وتقدمت بطلب خلع فى هاتين المرتين، كانت الأولى عندما أخبرني بأن عمره 35 عاما، وفوجئت بأن عمره 47 عاما بعد عقد قراني منه فقط ولم يتم زفافي عليه، علاوة على أنه أخبرني أنه يعمل ولديه شقة في نجع حمادى واكتشفنا أنه بخلاف ذلك تماما، أما الدعوة الثانية فقد تقدمت بها وكنت «حامل فى شهري التالت»، بعد أن كان يعاملني زوجي معاملة سيئة، كان يسهر طوال الليل ولا يعمل بالنهار، ليس لديه دخل مادى، حاول والدى مساعدته، للحصول على عمل، أو إقامة مشروع صغير له يساعده على مصاريف الحياة، لكنه رفض ذلك، واستمر فى معاملتي بقسوة، وفى آخر مرة اكتشفت أنه قام بتبديل ذهبي إلى ذهب صيني، وعندما واجهته أنكر ذلك، لكننا اكتشفنا كذبه، فقمت برفع دعوة قضائية لخلعي منه.

 

حقها شرعًا

وأشار الدكتور أحمد الكلحي، إمام بالأوقاف إلى أن الخلع جائز شرعًا بدليل ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنه قال «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يارسول الله إنى ما أعتب عليه فى خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، قالت نعم فقال النبى صلى الله عليه وسلم اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.


وأضاف؛ أن المرأة إذا رأت من الزوج سببًا يدعوها إلى أن تفارقه فقد أتاح لها الإسلام ذلك عن طريق الخلع، موضحًا أن الخلع فسخ لعقد الزواج وليس طلاقا، والمرأة بعد أن تخلع زوجها لا ترد اليه أما الطلاق فيجوز أن يراجعها في فترة العدة، موضحا أن المرأة المطلقة تعتد لثلاث حيضات أما في الخلع فتتربص حيضة واحدة فقط .

 

اقرأ أيضا : لمواجهة ارتفاع معدلات الطلاق..مطلوب قانون أحوال شخصية جديد

ترشيحاتنا