الأمراض الجلدية في مواجهة المتنمرين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

هاجر زين العابدين

يعاني مرضى الأمراض الجلدية الكثير من أوجه التنمر بهم، رغم أن ليس كل الامراض الجلدية معدية، الا أن المجتمع لم يرحم مرضهم بل زاد من آلامهم النفسية، فباتوا يخشون نظرات المارين التي باتت ترمقهم بتقزز، فلم يسلم أحدهم من عبارة موجعة يوجهها الناظرون إليهم، وكأنهم منبوذون، والبعض يتجنب مصافحتهم أو التعامل معهم، وكأنهم يحملون عدوى وبائية، أصبحوا أشخاص محطمة تخشى مواجهة المجتمع بسبب جهل أفراده لكثير من الأمراض ليصبحوا موصومين دون ذنب .

 

مرآة مهشمة
تجلس إيمان رياض (30 عاما) أمام مرآتها المكسورة، تحاول تنظيف الجزء الوحيد المتماسك الذي لم تسبه الشقوق بعدما تراكمت عليها الأتربة، لتبدأ في وضع المساحيق في محاولة منها لإخفاء البقع التي أصابت وجهها ذو الملامح الصغيرة، كيّ تحضر حفل زفاف ابنة خالتها، لكنها تفشل في ما يؤرقها فتجهش بالبكاء.


منذ 20 عاماً أصيبت الثلاثينية بمرض البهاق، وكانت البداية بانتشار بقع بيضاء حول منطقة العينين، ثم انتشرت في باقي أجزاء الجسم، لم تستطيع التواجد في المناسبات العائلية، حتى تتجنب تلك النظرات المؤلمة، فيخشى البعض أن تتصافح معهم باليد، فضلاً عن كثرة التنمر التي تعرضت له طيلة مراحلها التعليمية.

 

عيون تطلق السهام
«الناس بتخاف من شكلي ويسألوني إنتِ محروقة ؟!.. ده غير النظرات اللي بتضايق»، هكذا تصف «إيمان» بعض أشكال التنمر التي تتعرض له، فتكره الخروج من منزلها تجنباً للتعليقات السلبية على شكلها، وإن لم يبوح أحدهم بأي كلمة، يطلق أسهم التنمر بنظرة نفور تصيبها بألم نفسي كبير، فتعود لمنزلها باكية.

 

لم يرحمها أحد من التنمر، أصبحت تكره النظر لنفسها في المرآة، وتخشى المرور من أمامها، فإذا نجحت في إخفاء البقع البيضاء المنتشرة على وجهها لم تفلح في إخفاء المتناثر على كفيها.
 

«ماليش أي صور لأني كنت بكره أتصور» بعد مرور سبعة عشر عاماً من صراعها مع المرض اتسعت البقع ليصبح وجهها ناصع البياض، ولكنها لم تسلم من التعليقات «إنت وشك أبيض كدا ليه»، حرمها مرضها من أن تعيش سنها مثل باقي الفتيات، وأن تحب وتتزوج، فعندما أعجب بها أحد زملائها في العمل، أغلقت الموضوع تماماً لأنها لم تستطع إخباره الحقيقة أو مصارحته، وعلي الرغم من أن وجهها أصبح لوناً واحداً آلا إنها عند النظر في المرآة ترى وجهها القديم .


لم تختلف قصص وحكايات المرضي عن بعضها البعض، فالجميع يواجه نفس المصير المؤلم بسبب الثقافة المغلوطة لدى أفراد المجتمع وتعاملهم مع بعض الأمراض الجلدية غير المعدية بازدراء ونفور من أصحابها .

 
بقع حمراء 
«تعرضت لضغط نفسي شديد بسبب مواقف مخزية من أشخاص كانت تظن أنهم الأوفى لها، استمرت حالتها النفسية في تدهور، لتستيقظ على بقع حمراء سميكة بوجهها وكفيها».


منذ عامين أصيب هبة أحمد (اسم مستعار) 28 عاما، بمرض الصدفية، وانتشرت بقع حمراء على كفيها ووجهها وأرجلها، كانت تظنها في بداية الأمر أنها «حساسية جلدية» واعتمدت على بعض المرطبات والمضادات الحيوية، لكن بعد شهر من ظهور تلك البقع تحولت لشبح ينتشر في جسدها النحيل .
 
تعرضت للتنمر بشكل صارخ، تخلى عنها خطيبها بعد عامين من الخطبة، خاصة بعد أن طالت فترة علاجها دون أي تحسن .

ساءت حالتها النفسية، انتشرت الصدفية بشكل أكبر ليصعب تقبلها للعلاج، وأخبرها الطبيب أن الحالة النفسية هي سبب تدهور حالتها الصحية.
 
تجهش في البكاء وتعبر بنبرات خانقة «الناس كانت بتخاف من شكلي.. ومحدش كان بيسلم عليا بالإيد، .. ماليش أي صور لأني كنت برفض أتصور».. هكذا تلخص مأساتها وصراعها مع مجتمع يجهل حقيقة مرضها، أصبحت منعزلة على نفسها، ففي كل مرة تخرج من بيتها، تعود محطمة، من جراء نظرات من تصادفهم أو من يلقون عباراتهم المؤلمة.

اقرأ أيضا : أخصائي أمراض جلدية: بعض الشامات يمكن أن تكون قاتلة 

ترشيحاتنا