قصة إضاءة المسجد الحرام

المسجد الحرام
المسجد الحرام

ان رحلة الكهرباء داخل المسجد الحرام خلال تسعين عاما الماضية وصل فيها عدد وحدات الإضاءة في المسجد الحرام إلى حوالي 120 ألف وحدة إضاءة، سواء عادية أو كشاف، وإلى ما يقارب 6900 من الثريات ذات الحجم الكبير والتي يصل وزن بعضها إلى 750 كلغم، وتتنوع بين 30 نوعا و300 كشاف تصل قدرة الواحد إلى 200 واط.

فقد شهدت إضاءة المسجد الحرام في مكة المكرمة تطوراً كبيراً، ابتداء من المصابيح ووصولاً إلى الثريات العملاقة.

وفي هذا الشأن، قال أستاذ الآثار الإسلامية المساعد ووكيل كلية السياحة والآثار للتطوير والجودة في جامعة الملك سعود، الدكتور محمد السبيعي: إن أول من استصبح لأهل الطواف في المسجد الحرام هو عقبة بن الأزرق، وكانت داره لاصقة بالمسجد الحرام من ناحية وجه الكعبة المشرفة فكان يضع على حرف داره مصباحاً كبيراً، يُستصبح فيه، فيضيء وجه الكعبة والمقام.

لافتاً إلى أنه استمر مصباح عقبة يستصبح فيه حتى قام خالد القسري بوضع مصباح على زمزم فوق عمود طويل مقابل الركن الأسود فيما تم في سنة 216 هجرية وضع عمود طويل آخر مقابل عمود زمزم بحذاء الركن الغربي.

و في سنة 222 هجرية تم عمل عمودين طويلين أحدهما بمحاذاة الركن اليماني والآخر بمحاذاة الركن الشامي، فأصبحت هناك أربعة أعمدة موضوعة في جميع أركان الكعبة المشرفة، بينما في سنة 227 هجرية تم عمل أعمدة خشبية طويلة، يصل عددها إلى عشرة ملبسة بالنحاس الأصفر، فجُعلت هذه الأعمدة الخشبية حول الكعبة يُستصبح عليها لأهل الطواف.

وتابع السبيعي قائلاً: جددت أساطين الإضاءة حول المطاف عدة مرات وقد كان حول الكعبة المشرفة 6 أعمدة من حديد مذهب ذات شكل مربع وغليظ يوقد عليها بالليل للطائفين كما كانت الكعبة المشرفة قديماً محاطة من جميع جهاتها بأساطين عدة، بين كل أسطوانين غطاء خشبي في الأعلى مزين بنقوش وكتابات جميلة، ويتدلى من ذلك الغطاء سلاسل وحلقات يعلق عليه الشمع والمصابيح ليلاً.

كما أشار إلى أنه في القرن السادس الهجري كان حول الكعبة المشرفة أخشاب مركوزة عليها مشاعل توقد في صحاف من حديد.

وروى السبيعي سر حكاية الإضاءة في الحرم، يقول: في القرن التاسع الهجري كان هناك 30 قنديلاً وكانت القناديل تضاء بواسطة الزيت المجلوب مع أمير الحج في كل عام، وذلك من عدة أوقاف مخصصة لمعاصر الزيت أكثرها في بلاد الشام، كما كانت هذه القناديل محفوظة في بيت قائم في صحن المسجد الحرام يسمى بيت الزيت أو قبة الفراشين، وكانت القناديل مصنوعة من مادة الزجاج، حيث بلغت صناعة التحف الزجاجية الإسلامية آنذاك أوج عزها، فكان استخدام قناديل الإضاءة المسجد لغرض الزينة، وللسماح برؤية مقدار الزيت الذي تضاء به تلك القناديل (طريقة الإضاءة بالزيت، هي أن القنديل الذي هو عبارة عن آنية زجاج، يوضع في جوفها كأس نصفها مملوء ماء، وربعها مملوء زيتاً، والزيت يطفو على الماء، وفي وسط هذه فتيلة رفيعة تضاء عند إقبال الليل.

كذلك، قال في سنة 1347 هجرية أمر الملك عبد العزيز بتجديد عموم لمبات المسجد الحرام وزيادتها، فبلغت 1000 لمبة، ولكن لم تكفِ الماكينة الكبيرة لإضاءة هذا العدد من اللمبات فأمر أن يُضم على الكهرباء مجموعة من الأتاريك. وفي سنة 1349 هجرية أمر رحمه الله بشراء ماكينة قوية تُضاف إلى الماكينة الكبيرة، أما في سنة 1353 هجرية قام أحد زعماء الهند وهو الحاج سر محمد مزمل الله خان بإهداء المسجد الحرام ماكينة كهرباء كبيرة وبكامل أدواتها، واستخدمت مع بداية شهر رمضان في سنة 1354 هجرية وابتدأت الإضاءة أولاً حول المطاف.

ومع نهاية عهد الملك عبدالعزيز في سنة 1373 هجرية تم إدخال الكهرباء في مكة المكرمة، والمسجد الحرام بواسطة الشركة السعودية للكهرباء.

ترشيحاتنا