المفاعلات النووية الصغيرة لتوفير الكهرباء

محطة هينكلي بوينت
محطة هينكلي بوينت

على الرغم من المخاوف التقليدية التي تعلنها مجموعات حماية البيئة من المفاعلات النووية، نتيجة كارثتَيْ مفاعل تشيرنوبيل السوفييتي وفوكوشيما الياباني اللتين يفصل بينهما ربع قرن، تُعَد الطاقة النووية المصدر الوحيد المحايد كربونيًا الذي يمكنه توفير الكهرباء دون انقطاع.

يأتي ذلك في ظل قصور طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على الرغم من التقدم الحاصل في تقنياتهما، عن توفير الكهرباء عند الحاجة نظرًا لطبيعتها المتقطعة ولغياب وسائل كافية لتخزين الكهرباء.

في المقابل، تلقى الحجج المناهضة للطاقة النووية أصداء لدى المتشككين في معالجة نفاياتها وتكلفتها وتعقيدها؛ حيث تتجاوز مشروعاتها التكاليف ومدة التنفيذ، بينما تميل صناعة الطاقة النووية ومؤيدوها إلى تجاهل تلك الحجج والمخاوف، وفقًا لما نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

تبدي بريطانيا حرصها على الطاقة النووية، من الناحية النظرية على الأقل؛ حيث منحت الحكومة الإذن لبناء 8 من المفاعلات النووية الجديدة في إنجلترا وويلز، في عام 2010، في إطار جهودها لإزالة الكربون من قطاع توليد الكهرباء.

تعتقد شركة رولز رويس الهندسية الكبرى أن بوسعها تنفيذ بناء المفاعلات النووية تنفيذًا أفضل من غيرها، وأعلنت أنها جمعت 195 مليون جنيه إسترليني (263 مليون دولار) من مستثمرين من القطاع الخاص؛ لتصميم وتركيب جيل جديد من نحو 16 مفاعلًا نوويًا صغيرًا.

وأشارت شركة رولز رويس إلى أن تلك المفاعلات النمطية الصغيرة ستكون أرخص من حيث التكلفة وأسرع في البناء من المفاعلات الحالية. ولاقى اقتراح الشركة ترحيبًا بعد التراجع الشديد في أعمالها في مجال الطيران نتيجة تفشي وباء كورونا “كوفيد-19″، وإلغاء 7 آلاف وظيفة جرّاء ذلك.

يأتي ذلك في مواجهة انقطاعات الكهرباء المولّدة بطاقة الرياح والألواح الشمسية التي عانتها بريطانيا مؤخرًا. وترى شركة رولز رويس أن بوسعها ربط المفاعلات النووية الصغيرة بالشبكة في مطلع عقد الثلاثينات المقبل.

محطة شمسية

جدير بالذكر أن هذه المفاعلات النووية النمطية الصغيرة لا تعَد فكرة جديدة؛ حيث تستخدمها الصين وروسيا، بالإضافة إلى أميركا وكندا وفرنسا.

ويرى مدير مركز أبحاث التصنيع النووي المتقدم في جامعتي شيفيلد ومانشستر البريطانيتين، أندرو ستورَر، أنه بدلًا من بناء المفاعل في الموقع، يمكن تركيب أكبر جزء ممكن منه خارج الموقع، في المصانع، قبل شحن أجزائه للتجميع النهائي.

على الرغم من أن الصناعة النووية وعدت عدة مرات بتوفير مفاعلات رخيصة الثمن؛ فإنها فشلت في توفيرها حتى الآن؛ وترى شركة رولز رويس أن هناك اهتمامًا من بولندا وجمهورية التشيك وتركيا بتلك المفاعلات، مع أن سعر طاقة الرياح والطاقة الشمسية آخذ في الانخفاض.

وتسعى دول عديدة إلى استبدال مصادر الوقود الأحفوري، التي لا تزال تولد ما يقرب من ثلثي الكهرباء العالمية.

وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن العالم سيحتاج إلى تكثيف بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2030، بحيث تضاف 4 أضعاف سعة التوليد سنويًا كما حصل في عام 2020 الذي حطم الرقم القياسي.

وستتطلب بعض القطاعات، الأقل ملاءمة للكهرباء، أنواعًا بديلة من الوقود، مثل الهيدروجين، أو مصادر التدفئة؛ومن المحتمل أن تكون الطاقة النووية فعالة لإنتاج كليهما

ويرى محللون أن الحوادث المأساوية القليلة للطاقة النووية نجمت عن سوء التدريب وعيوب التصميم وعدم كفاية فهم المخاطر؛ ويتفق العديد من العلماء والأكاديميين على أن التصميمات الحديثة وميزات السلامة والتدريب متفوقة.

وقد تقدمت تكنولوجيا تخزين النفايات أيضًا؛ حيث تضع فنلندا معيارًا معتمدًا للتعامل مع النفايات النووية عالية المستوى من خلال بناء موقع عميق تحت الأرض من المقرر أن يصبح أول مستودع في العالم للوقود النووي المستهلك.

ترشيحاتنا