الدكتور منجي على بدر يكتب .. أثر التحديات الدولية والاقليمية على الاقتصاد المصرى

الدكتور منجي على بدر
الدكتور منجي على بدر

 فى ظل تداعيات دولية واقليمية كنا نقول ان ادارة المواقف تحتاج لجراح ماهر يحول المحنة الى منحة وسبق أن تم توضيح الاثار الايجابية والسلبية على اقتصاد مصر فى حالتى كوفيد 19 والحرب الروسية الغربية على أرض أوكرانيا بحديها المكانى والتسليحى ، الى أن تجدد الصراع الفلسطينى الاسرائيلى فى غزة يوم 7 أكتوبر الماضى فلم نستطع الحديث عن الغنم لمصر ولكن عانينا اقتصاديا ومجتمعيا وانسانيا واتبع الغرب معنا سياسة التركيع والاحتواء فى محاولة لابعاد مصر عن الشأن الفلسطينى وأمور أخرى ، ولكن مصر لاتركع الا لله ولايستطيع أحد احتواءها الا بالتعاون المشترك لانها بلد ذات حضارة وتاريخ وارادة، وتدير مصر علاقاتها بمنتهى الموضوعية مع الشرق والغرب ومصلحة المواطن هى الاساس مع الحفاظ بقدر الامكان على حسن وتنشيط العلاقة مع الدائرتين العربية والافريقية والدولية .

  ونفذت مصر العديد من الاصلاحات التي تدعم بيئة الاستثمار، وتبسيط إجراءات إنشاء المشروعات وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتمهيد البنية التحتية التى أنفقت مصر عليها أكثر من 10 تريليون جنيه مصرى وتحسين جودتها كإحدى الركائز الرئيسية لجهود الدولة لتحفيز القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال المصرية، ومازال هناك الكثير جارى تحقيقه .

 ولاننسي 23 فبراير 2024 وصفقة رأس الحكمة والخروج من فخ نقص العملات الاجنبية وتغير النظرة تجاه الاقتصاد المصرى سواء مع شركاء التنمية أو مع المؤسسات الدولية.

هذا ، ويقول المصريون الاقتصاد مربط الفرس: حيث تتألم الدول بسبب التحديات التي تواجهها في الداخل أو الخارج، وتتألم أكثر عندما تجتمعان معا وهذا هو حال مصر، حيث تواجهها صعوبات إقليمية على جبهات متعددة، تحتاج إلى تعامل خاص ومواءمات سياسية تمكنها من تخطي العقبات، فهي تخوض حربا قاسية لتتجاوز أزمة اقتصادية قد تكون لها نتائج سياسية واجتماعية .

 ومع كل هذه الأزمات وارتداداتها تستطيع القاهرة ، بل استطاعت ، تفكيك الأزمات تدريجيا والحد من تداعياتها على الأمن القومي، بسبب الجبهة الداخلية الصلبة التى لديها مناعة كبيرة للمقاومة، وهو ما حدث منذ عقود عندما كانت مصر ومازالت رأس الحربة في الصراع العربي – الإسرائيلي وما نجم عنه من انعكاسات متباينة جعلتها في حالة استنفار فترة طويلة.

وحققت مصر نجاحات سوف تؤدى لتنمية مستدامة ولابد من انعاش القطاع الخاص المصرى واخراجه من شرنقة القطاع الخدمى والعقارى ، والتى استمرت منذ بدء تطبيق سياسة الانفتاح عام 1974 وحتى الآن،  الى الاقتصاد الحقيقي الانتاجى .

  وبالنسبة للتحديات الاقليمية فقد عانت كل الدول من أزمات عميقة في المنطقة لكن كانت مناعتها الداخلية هشة وإن كانت أحوالها الاقتصادية جيدة، ومن حسن حظ مصر أنها تتشكل من سبيكة سكانية متماسكة إلى حد بعيد، مما يجعل لُحمتها الوطنية قوية وبحيث تمنح فرص بأن تستمر الحكومة المصرية في تخفيف الأزمة الاقتصادية أو على الأقل إمكانية تجاوزها قريبا.

   والحمد لله ، يتمتع المصريون بقدرة على التحمل والصبر، وبإمكانهم التكيف مع الصعوبات الداخلية والتكاتف خلف القيادة السياسية للتصدي للأزمات التى تواجهها بلدهم، شريطة توافر رؤية شاملة، وهو ما يتوفر على المستوى الأمني بما تحوزه مصر من قدرات عسكرية كبيرة تسمح لها بمجابهة أية مخاطر.

 وتجابه مصر تحديات لم تعد داخلية صرفة، لكن فيها تقاطعات خارجية مع صندوق النقد الدولي، ودول قدمت قروضا مالية وأخرى وفرت مساعدات مادية مشروطة،

  ونرى أن سرعة التحول الى الاقتصاد الانتاجى هو التحدى الهام للشعب المصرى بكل فئاته لأنه الضامن الحقيقي للتنمية المستدامة ، مع تطوير القطاع الخدمى وخاصة خدمات التعهيد فى مجال تكنولوجيا المعلومات والسياحة والتركيز على القطاعات الرائدة مثل تكنولوجيا المعلومات والذكاءالاصطناعى والهيدروجين الاخضر والأدوية والكيماويات والتعدين والصناعات الهندسية .

  وقد نجح الغرب فى تمرير مفهوم حرية التجارة الدولية والتخصص الدولى لدى شعوب العالم، ويتكرر المشهد مع الذكاء الاصطناعى واستخدامه كأداة جديدة للعولمة المشروطة بعدم تكرار نموذج نجاح الصين حرصا على استمرار الغرب فى السيطرة والريادة عالميا ، ولكن عوامل الاضمحلال فى الغرب أكثر من عوامل القوة حيث تفككت النواة الرئيسية للمجتمع الغربى وهى الاسرة ، وانفك عقال الدول المنافسة وأهمها الصين وروسيا وأيضا سئمت الدول النامية من الغطرسة الغربية لاستخدامها سياسة المعايير المزدوجة مع الدول التى لاتتماشي مع سياساتها.

 ان أهمية استمرار مصر فى التوازن بين أمرين قد يبدوان متضادين ، وأرى أنهما متكاملان، وهما الأول : ضرورة تحقيق الأمن القومى بمفهومه الشامل وتبعاته المالية ، والثانى: تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة رغم الضغوط الاقليمية والدولية بحيث ننفتح على العالم بمعطيات وآليات تتناسب مع العصر وتراعى الوضع القلق فى منطقة الشرق الاوسط.

==

   كاتب المقال

   مفكر اقتصادى وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة 

        

ترشيحاتنا