المحيطات والبحار ملاذ البشر من التغيرات المناخية الحادة

أرشيفية
أرشيفية

جاءت التغيرات المناخية الحاده خلال السنوات الأخيرة و ما صاحبها من ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة و الجفاف و قله الغذاء منذره بضروره البحث عن حلول جذريه سريعه و تعتبر المحيطات من اهم الحلول المطروحه امام الحكومات و لكن هل تتمكن المحيطات وحدها من ايجاد حلول لأزمه المناخ بالطبع لابد من تضافر الجهود و تبادل الخبرات الهادفه لانقاذ البشر و ايجاد الوفره اللازمه بالغذاء و المياه وغيرها.

و يشير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ان الأرض كل عام تعاني أكثر من سابقه، وتثور الطبيعة غاضبة أقسى من ذي قبل, ورغم تسارع ديناميكية أحداث الطقس القاسي، فإننا جميعًا نُمني أنفسنا بأن يعود الوئام بين الأرض والطبيعة. الأمر الذي يتطلب تعزيز جهود الاستدامة في كل أنحاء العالم.
في هذا السياق يأتي هذا العدد الأسبوعي، والذي يتناول إدارة وحماية النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية على نحو مستدام ، مع التطرق لأهمية الحفاظ على الموارد القائمة على البحار والمحيطات، والمصايد المستدامة.
و لكن كيف يمكن للمحيط أن يؤدي دورًا أكبر مما يُعتقد في مكافحة التغير المناخي
 يُظهر بحث جديد بتكليف من اللجنة الرفيعة المستوى لاقتصاد المحيطات المستدام -لجنة المحيطات- أن الحلول المناخية القائمة على المحيطات يمكن أن تحقق ما يصل إلى 35% من التخفيضات السنوية لانبعاثات غازات الدفيئة اللازمة في عام 2050 للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية ( 2.7 درجة فهرنهايت) -العتبة التي يقول العلماء إنها ضرورية لتجنب أسوأ النتائج الناجمة عن التغير المناخي-. وفيما يلي بعض الفرص الرئيسة للعمل المناخي القائم على المحيطات والذي يمكن أن يحقق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات إلى جانب الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمعات الساحلية:   

توسيع نطاق الطاقة المتجددة المعتمدة على المحيطات: تعد الطاقة المتجددة المعتمدة على المحيطات مجالًا رئيسًا للحد من التغير المناخي -بما في ذلك طاقة الرياح البحرية وكذلك الطاقة الشمسية العائمة وطاقة المد والجزر- والتي يمكن أن تخفض انبعاثات غازات الدفيئة بما يصل إلى 3.60 جيجا طن سنويًّا في عام 2050. وهذا أكثر من إجمالي الانبعاثات المجمعة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة في عام 2021. وستكون زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية أيضًا لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، حيث يعمل العالم على التخلص التدريجي من الفحم ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى.  

الحفاظ على النظم البيئية الساحلية والبحرية واستعادتها: إن النظم البيئية الصحية "للكربون الأزرق" مثل غابات المانجروف ومروج الأعشاب البحرية ومستنقعات المد والجزر هي بمثابة مصارف كربون قوية يمكنها تخزين ما يصل إلى 5 أضعاف الكربون لكل منطقة مقارنة بالغابات الاستوائية وامتصاصه من الغلاف الجوي بسرعة 3 مرات تقريبًا. وهذا يجعلها حليفًا مهمًا -رغم أنه يتم تجاهلها في كثير من الأحيان- في معالجة أزمة المناخ.
 بالاضافه الى توسيع الإنتاج الغذائي المستدام المعتمد على المحيطات: مع ارتفاع عدد سكان العالم، ستزداد الحاجة إلى مصادر الغذاء والبروتين. يمكن للمحيطات أن تؤدي دورًا رئيسًا في تلبية هذه الحاجة من خلال مجموعة واسعة من المأكولات البحرية المستدامة -الطحالب والأسماك واللافقاريات مثل المحار- والتي تتطلب مساحة أقل من الأراضي وتتطلب موارد أقل لإنتاجها مقارنة بخيارات مثل لحم البقر والضأن. إن دمج هذه "الأطعمة الزرقاء" في النظم الغذائية العالمية لا يؤدي إلى تنويع خيارات البروتين فحسب، بل يمكن أن يقلل أيضًا من الانبعاثات العالمية بما يصل إلى 1.47 جيجا طن سنويًّا في عام 2050، وهو ما يعادل إزالة 393 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم سنويًّا.

الاستفادة من إمكانات المحيط لإزالة الكربون وتخزينه: أثارت أساليب إزالة الكربون المعتمدة على المحيطات، بما في ذلك إزالة ثاني أكسيد الكربون البحري واحتجازه وتخزينه في قاع البحر، اهتمامًا عالميًّا في السنوات الأخيرة. تتضمن إزالة ثاني أكسيد الكربون البحري مجموعة من التقنيات مثل تعزيز قلوية المحيطات؛ حيث تتم إضافة المعادن القلوية إلى المحيط لتغيير كيميائيته وزيادة امتصاص الكربون، وتخصيب المغذيات في المحيطات، مما يحفز تكاثر الطحالب الضخمة التي تستهلك كميات هائلة من الكربون. تبدو هذه الاستراتيجيات واعدة، ولكنها حاليًّا فقط في مرحلة التطوير الأولي. قبل توسيع نطاق إزالة ثاني أكسيد الكربون البحري، يجب إجراء بحث شامل حول التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذه التقنيات بالإضافة إلى معالجة مسائل السياسة والحوكمة.

إزالة الكربون من السياحة المعتمدة على المحيطات: تمثل السياحة الساحلية والبحرية ما لا يقل عن 50% من إجمالي السياحة العالمية. كما أنها تشكل أكبر قطاع اقتصادي لمعظم الدول الجزرية الصغيرة النامية والعديد من الدول الساحلية. ولكن برغم أهمية سياحة الرحلات البحرية لاقتصادات هذه البلدان، فإنها تشكل أيضًا مصدر تلوث كبيرًا؛ حيث كشفت دراسة حديثة أن سفينة سياحية كبيرة من الممكن أن تخلف بصمة كربونية أكبر من 12 ألف سيارة. تنبعث من السفن السياحية أيضًا ملوثات أخرى إلى جانب ثاني أكسيد الكربون -مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز وجسيمات الكربون- التي يمكن أن تضر النظم البيئية البحرية وكذلك صحة الإنسان.

يجب أن تبدأ الجهود للحد من الانبعاثات الناجمة عن السياحة البحرية بتحسين كفاءة السفن، مثل الاستثمار في الوقود الصافي وتقليل مقاومة السفن في الماء. هناك حاجة أيضًا إلى سياسات تعزز كفاءة استهلاك الوقود واستخدام أنواع الوقود البديلة (مثل الغاز الطبيعي المسال وغيره من أنواع الوقود الحيوي والصناعي المشتق من الهيدروجين) لدفع الاستثمار والتنمية على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية وإتاحة تخفيضات طويلة الأجل في الانبعاثات في جميع أنحاء العالم.
و تعتبر المحيطات هي الحليف الأول للبشرية
و يُعدُّ عام 2022 هو "العام المنصف للمحيطات". فعلى مدار ذلك العام، احتل المحيط مقدمة الأجندات الدولية، لنشهد "قمة المحيط الواحد" في مدينة "بريست" بفرنسا، ومؤتمر "محيطنا" في جمهورية بالاو الميكرونيزية، و"مؤتمر المحيطات للأمم المتحدة" في مدينة "لشبونة" بالبرتغال. وقد ناقشت تلك المؤتمرات الدور الحاسم الذي تؤديه المحيطات في دعم رفاهية الإنسان، من الأمن الغذائي إلى التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره. وإدراكًا لذلك، تعهدت الحكومات والشركات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بالتزامات وتعهدات لمواجهة مجموعة كاملة من تحديات المحيطات وتوفير مليارات الدولارات من التمويل اللازم للعمل في المحيطات.

إلى جانب ذلك، تضمنت التوصيات الرئيسة لتلك المؤتمرات تجديد الجهود الدولية لمكافحة الصيد غير المشروع أو الصيد الجائر، وحماية واستعادة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية، وتعزيز العمل المناخي القائم على المحيطات، مثل إزالة الكربون عن الشحن وزيادة الطاقة المتجددة البحرية.

كانت هناك أيضًا معالم رئيسة للمحيطات في عام 2022 في المنتديات العالمية "غير المحيطية" مثل منظمة التجارة العالمية، حيث اتفق الأعضاء على حظر الإعانات الضارة لمصايد الأسماك، وجمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي وافقت على بدء المفاوضات بشأن معاهدة عالمية ملزمة لإنهاء التلوث البلاستيكي. كما عزز مؤتمر الأطراف السابع والعشرون من "إضفاء الصبغة الزرقاء" على العمل المناخي، مع الالتزام المتجدد بالحوار الرسمي بشأن المحيط / المناخ، بالإضافة إلى مئات الأحداث التي تركز على المحيطات والأمن المائي.

شملت لحظات المحيط الرئيسة في عام 2023 "مؤتمر محيطنا" في بنما، تحفيز التزامات جديدة للحفاظ على البحار والمحيطات والعمل المناخي، وجولة أخيرة من المفاوضات بشأن التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولايات الوطنية؛ واجتماع حاسم للمنظمة البحرية الدولية في يوليو الماضي حدد ما إذا كان القطاع البحري الدولي يمكنه تقليل الانبعاثات بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس لعام 2015، وربما حتى تحديد سعر على مستوى القطاع لانبعاثات الكربون.

وإذا كنا بصدد الحديث عن الجهود الدولية، فلا بد من التطرق إلى أن النهج القائم على النظام الإيكولوجي لإدارة المياه، والذي يوفر استراتيجية فعالة للتكيف مع الآثار المحتملة للتغير المناخي على المياه. ففي حين أن تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية يثير مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المعقدة، فإن مساهمة الحوكمة أمر بالغ الأهمية. بشكل عام وخاص على حد سواء، فإن نجاح أو فشل أي استراتيجية تكيف قائمة على النظام الإيكولوجي مرهون بوجود ترتيبات حوكمة فعالة.
 و تشير المبادئ التوجيهية لتنظيم البحار والمحيطات إلى الخبرة المكتسبة من تطوير ترتيبات الحوكمة المتعلقة بالمياه في جميع أنحاء العالم إلى أن عددًا من المبادئ الرئيسة يمكن أن تدعم التكيف مع التغير المناخي القائم على النظام الإيكولوجي، ولكن يجب أن تكون هذه المبادئ مرنة بما يكفي لاستيعاب خصوصيات السياقات المحلية المتنوعة. المبدأ الأساسي الشامل هو أن الأنظمة البيئية يجب أن تُحكم كوحدة طبيعية. وهذا يتطلب إنشاء الترتيبات المناسبة على مستوى حوض النهر. نظرًا لأن أحواض الأنهار غالبًا ما تعبر الحدود السياسية، وتتطلب ترتيبات الحوكمة العامة هذه أطرًا قانونية ومؤسسية فعالة يتم تبنيها من قِبل الدول التي تشترك في نفس المورد.

ومع ذلك، يجب أن يأخذ النهج القائم على النظام الإيكولوجي أيضًا في الحسبان الحاجة إلى اتخاذ قرارات على أدنى مستوى مناسب. لذلك، هناك حاجة إلى تآزر قوي بين ترتيبات الحوكمة القائمة على المجتمع واتخاذ القرار على المستوى الوطني أو الدولي (الحوض). توفر الهياكل المؤسسية على مستوى الحوض، مثل المنظمات المشتركة لأحواض الأنهار، وسيلة مهمة يتم من خلالها تنسيق القوانين والسياسات الدولية عبر الحوض بأكمله. تتمتع الآليات الفعالة لمشاركة أصحاب المصلحة على المستوى المحلي والوطني والدولي بالعديد من الفوائد للمسؤولين الحكوميين في إدارتهم لموارد المياه، وزيادة المرونة والقدرة على التكيف مع التغير المناخي.

ترشيحاتنا