ابو الغيط: ماذا ينتظر العالم من إبادة الاحتلال الإسرائيلى للفلسطنيين؟

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

أكد أحمد ابو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ، أنه لا يُمكن وصف ما يجري فى قطاع غزة سوى بأنه عارٌ . عارٌ على البشرية جميعاً أن تقف مكتوفة الأيدي بينما الفلسطينيون يُقتلون جوعاً أو قصفاً أو قنصاً.

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية  الدول التي جمدت التزاماتها تجاه وكالة الأونروا إلى مراجعة مواقفها فورا، في ضوء الأهمية الكبيرة للدور الذي تلعبه.

وأوضح أبو الغيط في كلمته خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، أنه ثمة وسيلة وحيدة لإطفاء النار المشتعلة هنا أو هناك، وهي وقف الحرب المشتعلة في غزة.

وأضاف أبو الغيط ، أن كل يوم يستمر فيه العدوان على غزة يبعد إسرائيل مسافات واسعة عن التعايش مع دول المنطقة، موضحا أن الفلسطينيين باقين والتهجير القسري مرفوض فلسطينيا وعربيا وعالميا.

وشدد أبو الغيط ، لا يجب أن يُمحى يوم الخميس الماضي من ذاكرتنا، ومن ذاكرة العالم.. سيظل هذا اليوم، الذي استشهد فيه ما يقرب من 120 فلسطيني وجُرح ما يقرب من 700 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.. وهم يبحثون عن غذاء يسد جوعهم ويبقيهم على قيد الحياة.

واستطرد أبو الغيط ، في شمال غزة . لم يكتفِ الاحتلال بالقتل والتدمير إلى حد محو المدن وإلغاء مقومات الحياة لسنوات قادمة. وإنما صوب نيرانه نحو البطون الخاوية. لتبقى هذه المذبحة شاهداً على حالة عجزٍ عالمي غير مسبوقة أمام حالة بلطجة ووحشية غير مسبوقة أيضاً.

وتابع ابو الغيط ، لا يُمكن وصف ما يجري سوى بأنه عارٌ . عارٌ على البشرية جميعاً أن تقف مكتوفة الأيدي بينما الفلسطينيون يُقتلون جوعاً أو قصفاً أو قنصاً.متابعاً ، لقد حاول الاحتلال إقناع العالم بأنه يدير حرباً على حماس. وفق خطة لاجتثاثها. ولكن الحقيقة تكشفت بما لا يحتاج إلى بيان. هذه حرب إبادة كاملة ضد شعب بأسره. أدواتها الرصاص والقنابل والتجويع . نعم. ما يجري في غزة منذ أسابيع وشهور هو تجويع متعمد لسكانها. وفق خطة لإشاعة الفوضى الكاملة في القطاع وضرب كافة مظاهر النظام المدني فيه، وقتل أكبر عدد من الناس، والسعي إلى تهجير من يُمكن تهجيرهم إلى خارج القطاع.

وتسائل أبو الغيط ، ماذا ينتظر العالم بعد أن وضحت معالم الخطة على هذا النحو الفاضح والمخزي؟ أوجه هذا السؤال بالتحديد لتلك الدول التي ترى ذاتها من زاوية التفوق الأخلاقي . وتتحدث باسم القانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد.

هل يكفي أن تُلقى المساعدات على غزة من الجو حتى تشعر القوة الكبرى في عالم اليوم براحة الضمير؟ كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها تُسلح الاحتلال حتى الأسنان، وتعوضه بالذخيرة والعتاد؟. كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها هي من في يدها إيقاف الحرب بممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال وقادته؟

وأوضح أبو الغيط ، الحقيقة الساطعة أن الاحتلال يستخدم التجويع، ومنع المساعدات وتعطيلها والمماطلة في إدخالها. كاستراتيجية لتركيع المجتمع الفلسطيني في غزة. موضحاً (وبالأمس فقط مُنعت قافلة برنامج الغذاء العالمي، المكونة من 14 شاحنة، من الدخول إلى شمال غزة). بل ويسعى الاحتلال لإحكام الخناق من خلال استهداف الوكالة الأساسية التي تعمل في غزة وأربع مناطق أخرى يتواجد بها اللاجئون الفلسطينيون. أقصد الأونروا التي نشأت بقرار أممي في 1949 ويسعى الاحتلال الإسرائيلي اليوم لتفكيكها بادعاء أن 12 موظفاً، من أصل 30 ألف موظف يعملون بها، ضالعون في هجمات السابع من أكتوبر. أي منطق هذا؟ إن الأمر يُشبه إغلاق مستشفى كاملة لأن أحد أطبائها تورط في مخالفة للقانون.

واستطرد أبو الغيط ، وللأسف رأينا 16 دولة، من بينها دول تعد من المتبرعين الأساسيين للأونروا، تتماشى مع هذا المنطق المعوج . وتقبل بهذه الحجج العرجاء التي لا غاية لها سوى تصفية قضية اللاجئين. واليوم، فإن العمل الإنساني كله مهددٌ في القطاع بسبب تقويض دور الأونروا التي تُمثل المفصل الأهم في عمليات الاستجابة الإنسانية في غزة.

وطالب أبو الغيط ، من تلك الدول التي علقت مساهماتها المالية للأونروا مراجعة هذا القرار من زاوية إنسانية وأخلاقية فمسئولية غوث اللاجئين الفلسطينيين تبقى مسئولية دولية في الأساس. وليس معقولاً أن يصدر الحكم قبل التحقيق.. ولا يُعقل أن يُعاقب أكثر من 2 مليون فلسطيني بشكل جماعي على أساس من اتهامات مرسلة، دوافعها معروفة وغاياتها مكشوفة.

 وشدد أبو الغيط ، إن الحقائق معروفة لنا جميعاً.. وهي حقائق مخجلة لكل ضمير إنساني.. أكثر 25 ألف طفل وامرأة ارتقوا شهداءً بعد 150 يوماً من القتل بدم بارد . احتاج البعض لخمسة شهور كاملة، وأكثر من 30 ألف شهيد، لكي ينطق كلمة "الوقف الفوري لإطلاق النار". بل لا زال هناك من ينطق الكلمة من طرف اللسان، بينما المواقف الفعلية لا تنطوي على ضغوط حقيقية على الطرف المعتدي.


واستطرد أبو الغيط ، أقول بعبارةٍ واضحة. لكل الراغبين في تخفيض التصعيد في المنطقة . ولمن يعون خطورة الانزلاق إلى مواجهة إقليمية كبرى لن تكون في مصلحة أي طرف. أقول لهم إن ثمة وسيلة وحيدة لإطفاء النيران المشتعلة هنا وهناك.. أوقفوا هذه الحرب المحرمة. ضعوا حداً لآلة القتل الإسرائيلية.. احفظوا ما تبقى من هيبة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إن كان لهذه المفاهيم معنى أو قيمة بعد هذه المجازر المتواصلة.

وتابع أبو الغيط ، وأقول لدولة الاحتلال وقادتها . إن كل يوم تمارسون فيه الإجرام في غزة. يبعدكم سنواتٍ عن التعايش والسلام في هذه المنطقة.
 أقول لهم. ستسكت المدافع في يومٍ قريب. ولكن الغضب الذي زرعتموه في الصدور لن يزول. وبذور الكراهية التي نشرتموها في الأرض لن تُنبت سوى الرفض والكراهية في المستقبل.
وأكد أبو الغيط ، أقول لهم. أوهامكم لن تتحقق مهما أمعنتم في القتل. فالفلسطينيون باقون على أرضهم. والتهجير القسري مرفوض مرفوض. مرفوض فلسطينياً، وعربياً، وعالمياً.


وشدد أبو الغيط ، إننا على أعتاب شهر رمضان الكريم . وهو شهر رحمة وسلام. أحيي كل الجهود التي تبذلها دول هذا المجلس، وغيرها، من أجل تحدي حملة التجويع والتصدي لسلاح المجاعة الذي تشهره إسرائيل في وجه الفلسطينيين . وأدعو لاستمرار هذه الجهود من كافة الدول في العالم لإدخال المساعدات الأساسية، المنقذة للحياة، إلى قطاع غزة. بأي طريق كان. مع تأكيدنا على مسئولية دولة الاحتلال، التي تتحكم في معابر القطاع، عن إيصال هذه المساعدات إلى الناس.

وتابع وأقول إن إدخال المساعدات، وفق آلية مستدامة وسريعة وناجزة، سيسهم في إنقاذ الأرواح ولكنه لن يُنهي المأساة التاريخية التي يشهدها قطاع غزة . إن الحل الوحيد اليوم، وقبل الحديث عما سيكون عليه مستقبل القطاع، هو تحقيق وقف فوري مستدام لإطلاق النار . تلك هي نقطة البداية التي يُمكن البناء عليها والانطلاق منها لمعالجة الوضع الكارثي في غزة.. ومن ثم استعادة القدرة على العمل السياسي لتنفيذ رؤية حل الدولتين.

ترشيحاتنا