بعد الإشادة بخطوة جنوب أفريقيا.. تعرف على عمل محكمة العدل الدولية

قضاة محكمة العدل الدولية
قضاة محكمة العدل الدولية

أشاد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، اليوم السبت، بموقف جنوب إفريقيا بعدما رفعت قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، على خلفية الحرب في قطاع غزة.

وقال عمرو موسى في منشور عبر حسابه الرسمي عبر منصة "إكس"، تويتر سابقا: "أحيي دولة جنوب إفريقيا التي أتت بإسرائيل إلى محكمة العدل الدولية متهمة إياها، عن حق، بارتكاب (جريمة إبادة البشر ضمن جرائم أخري جماعها ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، حسب قوله.


وأضاف عمرو موسى: "هذا موقف سياسي محترم يستند إلى موقف قانوني قوي، وشجاعة لا تقارن بها شجاعة هزت الساحة الدولية".


وأردف الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية في منشور آخرعبر المنصة ذاتها: "أدت جنوب إفريقيا خدمة كبري للقضية الفلسطينية في ساحة دولية مليئة بالمؤامرات والتهديدات والمخاوف. لم تأبه يل عارضت مواقف دول عظمي ساندت ومكنت إسرائيل من الإمعان في ظلم الفلسطينيين وفي تجاهل حقوقهم والاستيلاء على أرضهم وتشتيت شعبهم"، حسب تعبيره.


وختم عمرو موسى منشوره قائلا: "تعظيم سلام لدولة جنوب إفريقيا".


حيث اتهمت جنوب إفريقيا، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، معتبرة أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه في قطاع غزة.


وفي شكوى تقع في 84 صفحة رفعت إلى محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرًا، حثت جنوب إفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـتعليق فوري لعملياتها العسكرية في قطاع غزة.


وبدأ الفريق القانوني لجنوب أفريقيا في بناء قضيتهم من أجل اتخاذ تدابير مؤقتة، قائلين إن إسرائيل "أظهرت نمطًا منظمًا من السلوك يمكن من خلاله استنتاج الإبادة الجماعية". ومن المتوقع اصدار المحكمة تدابير احترازية ضد اسرائيل، حتى لو لم تتم ادانتها بشكل واضح، وذلك خلال ثمانية أسابيع كحد أقصى.


ولمعرفة آلية عمل المحكمة، نقترب أكثر منها:


والغرض من محكمة العدل الدولية، وكيف تعمل


تأسست محكمة العدل الدولية، التي يقع مقرها في قصر السلام في مدينة لاهاي بهولندا، عام 1945 كوسيلة لتسوية النزاعات بين الدول. وتقدم المحكمة أيضا آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي أحيلت إليها من قبل أجهزة الأمم المتحدة الأخرى المعتمدة.


تُعرف محكمة العدل الدولية على نطاق واسع باسم "المحكمة العالمية"، وهي واحدة من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، التي تشمل الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، والأمانة العامة. كما أنها الجهة الوحيدة من الأجهزة الستة التي لا يوجد مقرها في نيويورك. 
وعلى عكس محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن محكمة العدل الدولية ليست محكمة عليا يمكن للمحاكم الوطنية أن تلجأ إليها، فهي لا تستطيع النظر في النزاع إلا عندما يُطلب منها ذلك من قبل دولة واحدة أو أكثر.


تتألف المحكمة من 15 قاضيا، يتم انتخابهم لولاية مدتها تسع سنوات من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتجرى الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد، ويجوز إعادة انتخاب القضاة المتقاعدين. ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم، بل هم قضاة مستقلون.


تبدأ القضايا عندما تقوم الأطراف بتقديم المرافعات وتبادلها والتي تحتوي على بيان تفصيلي للوقائع والقانون الذي يعتمد عليه كل طرف، ومرحلة شفهية تتكون من جلسات استماع عامة يخاطب فيها الوكلاء والمحامون المحكمة. 


وتقوم البلدان المعنية بتعيين وكيل للدفاع عن قضيتها، وهو شخص يتمتع بنفس الحقوق والالتزامات التي يتمتع بها المحامي في المحاكم الوطنية. في بعض الأحيان، قد يدافع أحد السياسيين البارزين عن بلاده، كما كان الحال في قضية جامبيا - ميانمار في عامي 2019 و2020.


وتميزت تلك القضية، التي رفعتها جامبيا، بظهور أونج سان سو تشي، الزعيمة المدنية لميانمار آنذاك، في لاهاي للدفاع عن بلدها. وبعد هذه المرحلة، يتداول القضاة على انفراد خلف أبواب مغلقة، ومن ثم تصدر المحكمة حكمها. ويمكن أن تتراوح المدة الزمنية التي يستغرقها هذا ما بين بضعة أسابيع وعدة سنوات.


لماذا تعتبر محكمة العدل الدولية مهمة


محكمة العدل الدولية هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تتولى تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة. وهذا يعني أنها تقدم مساهمة مهمة في السلم والأمن العالميين، وتوفر وسيلة للدول لحل القضايا دون اللجوء إلى الصراع.


ما نوع القضايا المرفوعة أمام المحكمة؟


يمكن للمحكمة أن تحكم في نوعين من القضايا، وهما "القضايا الخلافية" وهي نزاعات قانونية بين الدول؛ و"الإجراءات الاستشارية" وهي طلبات للحصول على فتاوى بشأن المسائل القانونية المحالة إليها من أجهزة الأمم المتحدة وبعض الوكالات المتخصصة.


والدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في 29 ديسمبر 2023 هي المرة الأولى التي يتم فيها رفع قضية خلافية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. يذكر أنه في 2004 خلص رأي استشاري للمحكمة إلى أن الجدار الذي بنته إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في وحول القدس الشرقية والنظام المرتبط به، يتعارض مع القانون الدولي.


ووفقا للدعوة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، فإن أفعال إسرائيل "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب "لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية. كما تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل - "من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها" - يشكل انتهاكا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.


وتسعى جنوب أفريقيا إلى تأسيس اختصاص المحكمة على اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقعت عليها البلدان، بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات. أما بالنسبة للإجراءات الاستشارية أو الفتاوى، ففي نهاية عام 2022، طلبت الجمعية العامة فتوى من المحكمة بشأن "الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية". 


وفي مارس 2023، اعتمدت الجمعية العامة قرارا يطلب من المحكمة إصدار فتوى بشأن التزامات الدول فيما يتعلق بتغير المناخ، حيث أشاد معظم المتحدثين في النقاش بتلك الجلسة باعتبارها علامة فارقة في مسيرتهم المستمرة منذ عقود في النضال من أجل العدالة المناخية، ولا تزال الإجراءات الاستشارية سارية.


من يمكنه رفع دعاوى أمام المحكمة؟


يمكن لأي دولة عضو أن ترفع دعوى ضد أي دولة عضو أخرى، سواء كانت في صراع مباشر أم لا، عندما تكون المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي على المحك. في قضية جامبيا ضد ميانمار على سبيل المثال، لم تكن جامبيا معنية بشكل مباشر بمزاعم الإبادة الجماعية الموجهة ضد ميانمار، لكن هذا لم يمنعها من رفع الدعوى نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.


ما هي النتائج المترتبة على حكم المحكمة؟


أحكام محكمة العدل الدولية نهائية، وليست هناك إمكانية للاستئناف. والأمر متروك للدول المعنية لتطبيق قرارات المحكمة في ولاياتها القضائية الوطنية. وفي معظم الحالات، تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي وتمتثل إليها. وإذا فشلت دولة ما في أداء الالتزامات الملقاة على عاتقها بموجب حكم ما، فإن الحل الوحيد المتبقي هو اللجوء إلى مجلس الأمن الذي يمكنه التصويت على قرار، وفقا لميثاق الأمم المتحدة. 


حدث هذا في قضية رفعتها نيكاراجوا ضد الولايات المتحدة عام 1984، للمطالبة بتعويضات عن الدعم الأمريكي لمتمردي الكونترا. وحكمت محكمة العدل الدولية لصالح نيكاراجوا، لكن الولايات المتحدة رفضت قبول النتيجة. ثم رفعت نيكاراجوا الأمر إلى مجلس الأمن، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار ذي الصلة.
 

ترشيحاتنا