ظاهرة الهجرة العكسية تنفى فكرة الوطن الآمن

مليون يهودى يتركون إسرائيل وأغلبهم يتوجهون الى البرتغال .. الفرار الى الماضى

فرار اليهود من إسرائيل
فرار اليهود من إسرائيل

 

عملية "طوفان الأقصى"  ساهمت بشكل كبيرفي ارتفاع عدد المهاجرين اليهود بشكل عكسي من إسرائيل، حيث غادر الآلاف منذ أكتوبر الماضي بعد إخلاء مستوطنات غلاف غزة ، وفي ظل استمرار استهداف تل أبيب والمدن الإسرائيلية بصواريخ المقاومة الفلسطينية ، وقد تخطى العدد 900 ألف طالب للهجرة وخاصة الى البرتغال حسب أحصاءات رسمية ، ووفق القناة الـ12 الإسرائيلية، فإن عددا كبيرا من الإسرائيليين قدّموا طلبات لجوء إلى البرتغال بعد إعلانها السماح لليهود بالحصول على تأشيرات اللجوء، بشرط حملهم جواز سفر إسرائيلي.

موقع أخبار تأشيرة شنجن الأوروبي أكد على زيادة إقبال الإسرائيليين على طلبات الحصول على الجنسية البرتغالية بنسبة 68%، والفرنسية بنسبة 13%، والألمانية والبولندية بنسبة 10%..

تاريخ اليهود في البرتغال يعود إلى آلاف السنين، ويرتبط بشكل مباشر مع يهود السفاردم ، وهم اليهود التى تنتمي أصولهم إلى الجماعات اليهودية المنحدرة من شبه جزيرة إيبيريا (إسبانيا والبرتغال) ، حيث سكن اليهود هذه المنطقة قبل تأسيس دولة البرتغال بوقت طويل، يعود تاريخهم إلى العصر الروماني ، وتعرض اليهود للاضطهاد بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، وسيطرة الغربيون والممالك المسيحية الأوروبية على المنطقة بعد تلك الفترة.

صورة تعبيرية لليهود فى البرتغال قديما

و في عام 711 كان الفتح الإسلامي للأندلس (شبه جزيرة إيبيريا) ، وهو ما اعتبره الكثير من السكان اليهود بمثابة تحرير، وعُرف كبداية العصر الذهبي للثقافة اليهودية في شبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس الإسلامية) ، واعُتبر اليهود والمسيحيون المستعربون من أهل الذمة في ظل الحكم الإسلامي، وكان عليهم دفع ضريبة خاصة.

بدأت الممالك المسيحية في شبه الجزيرة الإيبيرية ، في القرن الثامن عشر حملة عسكرية طويلة ضد المسلمين ، أدت إلى سقوط الاندلس ، وحينها أتقن الكثيرمن اليهود اللغة العربية، ولهذا استغلهم المسيحيون واستعانوا بهم كجواسيس ودبلوماسيين في هذه الحملة التي استغرقت قرونًا ، أدى ذلك إلى منح اليهود بعض الثقة على الرغم من استمرار التحيز.

 ساهم السكان اليهود في تطوير اقتصاد البرتغال وقتها ، ومنح الملك أفونسو المواثيق للتجار غير المسيحيين الذين يعيشون تحت تاجه ، وهو ما يعتبر إثباتًا على دعم اليهود لاقتصاد البرتغال ، وضمنت هذه المواثيق حرية الأقليات اليهودية في المدن مثل حرية العبادة واستخدام القوانين التقليدية، واستمراحترام هذه المواثيق خلال عهد الملك سانشو الأول، الذي حمى الجالية اليهودية من أعمال الشغب الصليبية في عام 1189.

إحتل بعض اليهود أماكن بارزة في الحياة السياسية والاقتصادية للبرتغال، واستمر ذلك حتى القرن الخامس عشر ، كان إسحاق أبرابانيل أمين صندوق ملك البرتغال أفونسو الخامس ، و ساهم الكثيرون منهم في دعم الثقافة البرتغالية، وحافظوا على سمعتهم من الدبلوماسيين والتجار.

كانت لشبونة، وإيفورا موطنًا مهما للمجتمعات يهودية ، تشكلت محاكم التفتيش في إسبانيا عام 1478 لقمع الزنادقة من اليهود ، وأمر التاج الإسباني بطرد السكان اليهود بعد غزو غرناطة ، وكانت البرتغال وجهة معظم اليهود الذين اختاروا مغادرة إسبانيا بعد طردهم في عام 1492 ، وانتقل حوالي 100.000 يهودي إلى مملكة البرتغال المجاورة.

تردد سكان البرتغال في قبول اليهود، واقترح يوحنا الثاني تحصيل ضريبة محددة من كل مهاجر، وأُصدرت الإيصالات التي كانت بمثابة جوازات سفر لدخول البرتغال ، نُقل المهاجرون إلى مكان آخر بعد ثمانية أشهر، وتلقت العائلات الثرية عروضًا للبقاء في البرتغال، واستقروا في المدن الكبرى ، ولم يتمكن البرتغاليون إيواء الأعداد الكبيرة من المهاجرين اليهود ، وسكن بعض المهاجرين اليهود داخل منازل مسيحية، و حاول الملك جون الثاني تسهيل نقل العائلات اليهودية إلى ممالك أخرى.

و تزوج مانويل الأول ملك البرتغال من ابنة الحاكم الإسباني بعد أن أشترط عليه طرد اليهود  ، وبالفعل أصدر ملك البرتغال مانويل الأول مرسومًا يفرض على جميع اليهود اعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد بدون أطفالهم ، وكانت النتيجة هي ذبح 2000 فرد في لشبونة عام 1506، وإجراء المزيد من عمليات الترحيل القسري ، وتأسيس محاكم التفتيش البرتغالية في عام 1536.

هاجر الآلاف من اليهود البرتغاليين وتشتتوا فى العديد من المدن ، وأثر الاضطهاد والهجرة الجماعية لليهود على الاقتصاد البرتغالي، وانعكس عليه بشكل سلبي ، وبقي المتحولون من أصل يهودي في البرتغال في البداية، وتحملوا مرغمين الاضطهاد الشديد ، و تحول عدد كبير منهم إلى المسيحية كإجراء شكلي، ومارسوا عقائد اليهودية في الخفاء ، وعُرف اليهود السريون بالمسيحيين الجدد، وكانوا تحت المراقبة المستمرة من قبل محاكم التفتيش.

وزيرة الصحة السابقة صاعبة قانون عودة اليهود

وفي عام 2013 وافق البرلمان البرتغالي بالإجماع على قانون بمنح الجنسية البرتغالية لأحفاد السفارديم ( والسفارديم هم الذين تعود أصولهم ليهود (إسبانيا و‌البرتغال) الذين طردوا منها في القرن الخامس عشر، وتفرقوا في شمال أفريقيا وآسيا ) ، وكان هذا القانون والذى أطلق عليه "قانون العودة" ، هوفكرة وزيرة الصحة السابقة ماريا دي بيليم روسيرا ، وتقول ماريا إن أحداث القرنين الخامس عشر والسادس عشر لهما علاقة بسياسات اليوم "فليس بوسعنا توقيع اتفاقيات دولية حول حقوق الإنسان والتسامح والمساواة إذا كنا قد اضطهدنا أناساً بسبب معتقداتهم ففي السياسة لابد وأن تقدم الإشارات الصحيحة".

ووفق وسائل أعلام إسرائيلية، فإن السبب الأبرز لهذه الهجرة العكسية للأسرائيليين هو فقدانهم الأمان بسبب تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى، وأيضا تخوف الإسرائيليين من اعتماد حكومة بنيامين نتنياهو على أحزاب التيار الديني واليمين المتطرف.

ترشيحاتنا