طارق عبدالعزيز الموهوب الطيب الجدع .. رحل صاحب صاحبه

طارق عبدالعزيز
طارق عبدالعزيز

رحل الفنان الموهوب المحترم الطيب الجدع أبو دم خفيف المتواضع، وكما تحب أن تقول عن طارق عبدالعزيز "قول"، عن فنه وعن إنسانيته تكلم بكل ثقة، فهو الإنسان الجميل بكل تفاصيله، والفنان الموهوب بكل ابداعاته.

فمنذ أن وطأت قدمية خشبة المسرح الجامعى عام 1986 مع فرقة الحركة المسرحية بصحبة زميلاه خالد الصاوى والراحل خالد صالح والكل يرى فيه ممثل مختلف له طابع خاص يميزه فى ادائه التمثيلى موهبته فطرية ويشعرك بسهولة أدائه للشخصية الدرامية مهما كانت صعوبتها، لدرجة أنك تنسى طارق عبدالعزيز وتتوحد وتتعايش مع الشخصية التى يجسدها وتصدق جدًا أنه هو الشخصية الدرامية، فهو كان السهل الممتنع البسيط العميق فى تناوله وتقديمه للشخصيات الدرامية التى يجسدها.

نجح طارق قبل أن يبدأ عالم الاحتراف الفنى فى رسم كاريزماته الخاصة به، وبدأ في فيلم "صعيدى فى الجامعة الأمريكية" مع محمد هنيدى وأحمد السقا ومنى زكى وهانى رمزى وطارق لطفى وغادة عادل وأميرة فتحى وغيرهم من أبطال الفيلم الذى يبدو أن "وشه حلو على كل من عمل به"، فناله من الحظ جانب واشترك بعدها فى فيلم "فيلم ثقافى" مع أحمد عيد وفتحى عبدالوهاب وأحمد رزق، وأيضا كما كان لأبطال هذا الفيلم الحظ فى النجاح الجماهيرى وبداية تألقهم والحصول على فرص البطولات المطلقة حظى طارق بنفس حظوظهم وشارك فى بطولة فيلم اصحاب وللا بيزنس بطولة مصطفى قمر وهانى سلامة.

لتتوالى بعدها الأعمال ومع كل عمل جديد يزداد طارق تطورا وتألقا وخبرة وحب من الجمهور الذى اصبح يثق فيه كممثل له ثقله الفنى وأسلوبه الخاص، الذى سيجعل منه أحد أهم فنانين عصره الذى يتنوع ويتغير ويتبدل مع كل شخصية درامية، فهو ليس ممثل الأداء الواحد أو الشخصية الواحدة التى يمكن أن يسجن نفسه فيها، فلم يقدم طارق عبدالعزيز شخصية شبه الأخرى، حتى ولو صدفة عُرض عليه شخصية درامية فيها شبه من أى شخصية أخرى قدمها من قبل يسعى جاهدًا فى تقديمها بزاوية وجانب مختلف تماما عما قدمه سواء فى التفاصيل الشكلية اومضمون تحريك الشخصية بأبعادها المختلفة..فكان دائما يظهر بشكل ومضمون فنى مختلف يضمن له استمرارية الثقة بينه وبين جمهورة..وثقة الاستمرارية فى وجودة كفنان مبدع صاحب مدرسة اداء مختلف.

أما على المستوى الانسانى فكما كان فنان مبدع وموهوب لايعرف معنى خداع الجمهور بأعمال تزييف العقل..فكان انسان مبدع فى الطيبة موهوب بالجدعنة وحب كل من حوله دون خداع او بحث عن مصلحة..وكان يحب ان يساعد الناس بلا مقابل وكان لى معه موقف لن انساه لاننى كنت غير مصدقا هل فيه حد فى الوسط الفنى يساعد كدة عادى بلا مصلحة حقيقي كنت مندهشا ده مش ممكن يكون انسان ده ملاك..حيث اننى كنت احضر واجهز أول فيلم لى فى عام 2003 وكان الفيلم من اخراج وائل احسان وفجأة وائل بعد توقيع عقود الفيلم مع المنتج وليد التابعى اخذ سيناريو الفيلم واختفى ولم نعرف كيف نصل له انا والمنتج مما اصاب المنتج بالدهشة الاقرب للجنون ماذا نفعل وكيف نصل له اسابيع ولم نعرف كيف نتواصل معه الى ان عرفنى صديق ممثل على طارق عبد العزيز رحمه الله وقال لى ان طارق من اصدقاء وائل المقربين بل وجاره.

وما أن التقيت به وجلسنا معا فى احدى مقاهى شارع الهرم الا وشعرت وكأننى اعرفه من سنين وجدته شخص ضحوك يملاء المكان الذى يتواجد فيه بالبهجة والضحكات..متفاءل عنده امل فى بكرة فقط يؤكد ان عليه السعى وغدا سيمنحه الله على قدر سعيه..حكينا ورغينا وتكلمنا كثيرا عن احلامنا ومرت الساعات بل ومرت الايام وكلما التقينا كان يعطينى الامل فى ان غدا افضل واننا سننجح..وساعدنا فى الوصول الى وائل احسان الذى دائما ما كان يحب العزلة عند قرأة سيناريوهات افلامه ليعيشها ويتعايشها ليستطيع رسم (الديكوباج) لها واختيار اماكن مشاهدها بشكل يضيف جمال وابداع على العمل حيث انه لايكتفى بما هو مكتوب على الورق..المهم اننا المنتج وانا فهمنا وتفهمنا دماغ هذا المخرج المتميز..وانا من ناحية اخرى فهمت وتفهمت دماغ وقلب طارق عبد العزيز الذى ساعدنا بلا اى مصلحة خاصة وانه لم يكن من الفنانيين المرشحين للعمل.

ومرت الايام ولم يتم العمل الذى كان سبب معرفتى بطارق ولكن استمرت صداقتنا وحاولت جاهدا ان يكون احد ابطال فيلمى الاول بحبك وبموت فيك ولكن كان للمنتج وقتها رأى اخر..ولم يسعدنى الحظ ان اعمل مع هذا الفنان الموهوب والانسان الجدع الذى كان نفسى ان ارد له جدعنته معى ووقفته معى دون ان يعرفنى وقتها..وتمر السنين ووتأخذنا الدنيا ولم نلتقى سنوات حتى اصبح طارق عبد العزيز فعلا من اهم واكثر النجوم العرب تألقا وابداعا وثقة للجمهور..ثم التقينا من جديد لأجده هو هو نفس صديقى القديم بتواضعه وطيبته وخفة دمه..لم يلوثه غبار النجومية..ولم تنجح معه افة الغرور..ثم نغيب عن بعضنا مرة اخرى ثم تتسبب زميلة لنا فى نلتقى معا مرة اخرى ولكن هذه المرة عبر الهاتف حيث كانت تحدثه تليفونيا وما ان سمعت اسمه يتردد على لسانها حتى طلبت منها ان اكلمه دون ان تقول له من سيكلمه.

وتحدث معى فى البداية بشكل محترم جدا مهذب جدا وبأسلوبه الراقى حاول ان يعرف من معه خاصة وانه كان فى الاستوديو يستعد لأداء مشهد تمثيلى وما ان عرفته بمحدثه حتى نسى ماورائه وظل يهلل ويرحب بى وتمنى وتمنيت ان نلتقى معا مرة اخرى ونستعيد ذكريات الماضى..ولكن القدر لم يمهلنا ولم يكتب لى الحظ ان افوزبجلسة حب وطيبة وخفة دم وصحوبية وجدعنة من بتاعة زمان مع طارق عبد العزيز..رحمك الله ياصديقى وصديق وصاحب كل من التقيته ولو حتى مرة واحدة..فإنك دائما ماتترك الأثر الطيب والجميل فى نفوس كل من تلتقيه والذى لايعرف سوى ان يحبك ويحترمك ويشعر بجدعنتك وطيبتك وتواضعك ونجوميتك التى تخطف قلبه تجاهك دون ان يعرف السبب.

ترشيحاتنا