عودة «نصرة الإسلام» الإرهابية في مالي أحد تداعيات أزمة النيجر

صورة من الحدث
صورة من الحدث

 

وسط فرص الرجوع عن انقلاب النيجر التي تبدو ضئيلة ما زالت تتوالي ردود أفعال انقلاب النيجر إقليميا ودوليه وسط تمسك المجلس العسكري في النيجر بالإنقلاب ودعوة المجتمع الدولي بضرورة استعادة النظام الدستوري في البلاد والرئيس المنتخب محمد بازوم.

كان آخر ردود الأفعال إعلان الوزير السابق غيسا أغ بولا تأسيس "مجلس المقاومة من أجل الجمهورية" في النيجر، بهدف العمل على إعادة الرئيس المحتجز إلى السلطة.

 جاء ذلك قبل احتضان العاصمة النيجيرية أبوجا، غدا الخميس، قمة لـ"إيكواس" لبحث أزمة النيجر وسبل مواجهة الانقلاب، في الوقت الذي تأمل فيه الدول الإفريقية والقوى العالمية في وجود فرصة للحل السلمي، مع تجاهل المجلس العسكري في النيجر المهلة التي منحتها له للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" لإعادة الرئيس إلى منصبه، ويواصل جاهدا ترتيب الأوضاع عقب الانقلاب الذي أطاح ببازوم من سدة الحكم.

ودعا بولا الجنود النيجيرين لاحترام قسمهم والشعب والعمل علي  إنهاء التمرد والمضي، دون تأخير، في اعتقال الجنرال عبد الرحمن تشياني".

"مجلس المقاومة من أجل الجمهورية هو: حركة سياسية ستعمل على استعادة النظام والشرعية الدستورية والرئيس بازوم  لكامل مهامه"

وغيسا أغ بولا هو زعيم مقاومة سابق من الطوارق في النيجر، قاد تمردا مسلحا في النيجر عام 2007 انتهى باتفاق سلام بين الطرفين.

وفي سياق متصل عاد الإرهابي طلحة الأزوادي، أمير "سرية القدس" في جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي، للظهور برسالة دعائية يستعرض فيها خطط الجماعة في منطقة الأزواد شمالي مالي.

وطلحة الأزوادي كان قياديا ضمن ما يسمى بـ"القاعدة في المغرب الإسلامي"، وشارك في أعمال عنف في أزواد عام 2012؛ سعيا للانفصال بالإقليم، ثم تأسست جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في 2017 وسبب عنفها فقدان الأمن في مناطق باندياجارا، وبانكاس، وجيني، ودوينتزا، وكورو، وموبتي.

ملء الفراغ الأمني

ممثل "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" في موريتانيا، السيد بن بيلا، يُرجع جرأة طلحة الأزوادي على الظهور ونشر شريط دعائي إلى كل جماعات التطرف كالقاعدة وتنظيم داعش الإرهابي تتسابق الآن لملء الفراغ الأمني الذي تركه انسحاب القوات الفرنسية من مالي ، والفراغ الذي ستتركه بعثة الأمم المتحدة للاستقرار "مينوسما" (المزمع انسحابها خلال 6 شهور بطلب من سلطات مالي)، بالإضافة إلي انفلات الوضع الأمني في المثلث الحدودي بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي بسبب الانقلاب في النيجر.

تطمح جماعة "النصرة" في فرض سيطرتها؛ فهي لا تزال تعادي الحركات الأزوادية والحركات الأزوادية أيضا تعاديها، وربما قد تحصل مواجهة بينهم، ولكن بعد حسم الصراع مع الجيش المالي و"فاغنر".

ويركز المحللين على دور الاضطراب الذي أحدثه انقلاب النيجر للدول المجاورة له في تشجيع جماعة "النصرة" لنشر مزيد من الفوضى؛ مما قد يهدد بضياع سيطرة السلطات على إقليم أزواد.

  ومن المرجح أن يستفيد تنظيم القاعدة في دول منطقة الساحل (التي من ضمنها النيجر ومالي في وسط وغرب إفريقيا) مما حدث في النيجر؛ لإعادة تنظيم الصفوف في منطقة أزواد، والمعروفة بسعيها للاستقلال عن مالي.

ومن المتوقع أن وجود قيادة صاعدة واضحة للقاعدة هناك يفتح المجال لتوسيع سيطرة التنظيم.

أزواد هي بالفعل منطقة محظورة على القوات المالية (نتيجة سيطرة الحركات الإرهابية وحركات أزوادية مسلحة عليها)، وقد تجد حكومة باماكو نفسها محاطة بمشاكل من عدة جهات، وغير قادرة على الاحتفاظ بأزواد.

في أواخر يناير 2023، كان زعيم القاعدة في مالي منخرطا بالفعل في محادثات سرية مع مجموعات مختلفة في الشمال، خاصة أن هذه المجموعات والحركات ترى في جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" (الممثلة للقاعدة والمشكلة من محليين) الجهة القادرة على توفير حماية لها لا توفرها لها الحكومة (في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي).

 من المرجح أن تستمر الجماعة في استراتيجية لعب دور الحامي، ما لم تعيد السلطات النظر في نهجها مع المجموعات في أزواد، وتخصص الموارد للدفاع عنها.

وحذر عدد من المحللين من أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" تزداد قوة، وهي تعمل على كسب الرأي العام المحلي، وتتجنب التعرض لحياة الناس.

ويرجح أن جماعة النصرة تسير على نهج حركة طالبان في أفغانستان؛ أملا في أن تستطيع استغلال كافة الظروف للقفز إلى السلطة، ويعد بالفعل الانقلاب العسكري في النيجر "ضربة كبيرة لجهود مكافحة الإرهاب".