أمين الآثار يستشهد بمجاملة «جونسون» ويتجاهل علماء مصر

مسلسل تشويه الملك رمسيس الثاني مستمر.. ومطالب بمحاسبة المسئول

.
.

مازالت أصداء أزمة تشويه تمثال الملك رمسيس الثاني بالأقصر ووضعه أمام واجهة معبد الأقصر تثير إستياء علماء وأساتذة الآثار رغم مرور 4 سنوات على واقعة تجميعه وإقامته أمام المعبد، فمازال يقف التمثال مشوها للحضارة المصرية ولمعبد بحجم معبد الأقصر وخاصة بعدما أظهرت الشمس «البتنة» الأصلية للتمثال والتباين في درجات ألوان أجزاءه المختلفة كاشفة عن باقي التمثال المصنوع من الخرسانة المسلحة.. في الوقت الذي شهد ظهور تمثال آخر أكثر تشويها يتردد أنه يقع داخل المعبد، فضلا عن تماثيل أخرى ممسوخة للملك رمسيس ظهرت في أكثر من محافظة، وتم إزالتها بعدما أثارت الرأي العام.

 

استقواء بالأجنبي

كان د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قد أكد في رد مقتضب خلال لقاء أحمد عيسى وزير السياحة والآثار بالصحفيين والإعلاميين خلال جولة قامت بها وزارة السياحة والآثار لمقرها الجديد بالحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة أن موضوع التمثال مردود عليه برأي راي جونسون رئيس البعثة الأمريكية بالأقصر، عارضا بذلك رأيا أحاديا أجنبيا متجاهلا في ذلك آراء علماء وأساتذة الآثار المصريين برفضهم للوضع القائم للتمثال ومطالباتهم بإزالته من أمام معبد الأقصر.


لجنة محايدة 

والسؤال هو لماذا لم يرضخ الأمين العام للآثار لمطالبات أساتذة الآثار بإزالة التمثال المشوه لمعبد الأقصر أو يستجب على الأقل لطلب الكثيرين بتشكيل لجنة أثرية فنية محايدة من كليات الآثار بالجامعات المصرية ونقابة المهندسين للبت في قضية التمثال المشوه لمعبد الأقصر وحسم الأمر، خاصة أن هناك علماء وأساتذة آثار مصريين لهم آراء تحتلف عما ذكره «راي جونسون» رئيس البعثة الأمريكية بالأقصر، فلا يجوز لوزيري أن يكون المتهم والقاضي في نفس الوقت.. ويتردد أن المرممين المصريين أبرياء من تشويه رمسيس وأن من قاموا بتجميع وصب التمثال «الأزمة» بعض العمال.

 

 

مجاملة «راي جونسون» وإعادة الستار للتمثال!

كان  «راي جونسون» رئيس البعثة الأمريكية بالأقصر أكد أن الوضع الأصلي لتمثال رمسيس الثاني «الأوزيرى» -الذى قامت وزارة الآثار بإزاحة الستار عنه أمام واجهة معبد الأقصر فى حضور رئيس مجلس منذ 4 سنوات وذلك فى إطار احتفال وزارة الآثار باليوم العالمى للتراث- أكد أن موضعه وترميمه صحيحان 100%.
جونسون انفرد بتأكيده أن ترميم التمثال ووضعه الأصلى سليم ١٠٠٪، على الرغم من أن الكثير من العلماء أكدوا أن ترميم التمثال شابته أخطاء، وهو ما أكدته وزارة الآثار باستجابتها السريعة لما نشرته «الأخبار المسائي» آنذاك وإعادة الستار على جسد التمثال وإعادة نصب السقالات حوله لإصلاح أخطاء الترميم واستكمال الترميم الدقيق.
أى أن «الأمريكى المجامل» جونسون، وهو ما استندت وزارة الآثار على رأيه، قد أدلى برأيه في أمر لم ينته بعد، وهو ما استوجب محاكمته إما على رأيه الخاطئ وإما على تقييمه لعمليات الترميم وأن التمثال ترميمه ١٠٠٪ قبل أن تنته عمليات ترميمه.. وهو ما ثبت بعد ذلك عدم مصداقيته حيث تم إعادة الستار للتمثال وإعادة ترميمه مرة أخرى.

ورغم ذلك مازال د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار يتشبث برأي «جونسون الأمريكي» على الرغم من التأكد من أن شهادته مجروحة وأنه قيم أمرا «ترميم التمثال» لم تنته الأعمال به - آنذاك - بعد.

 

مدير معبد الأقصر

ويرد أحمد عربي مدير معبد الأقصر، على الجدل المثار بشأن تمثال الملك رمسيس الثاني والخلاف حول موقعه بواجهة المعبد، ووضعه بالهيئة الأوزيرية قائلا: الجدل المثار فيه منه جدل علمي وهو مجال بحث بين العلماء، فرئيس البعثة الأمريكية راي جونسون موجود في معبد الأقصر منذ عام  1975 وهو أكبر عالم آثار أمريكي، فضلا عن وجود  55 بعثة أثرية تعمل في الأقصر شرقا وغربا.
وقال عربي في مداخلة هاتفية في أحد البرامج التليفزيونية: بدأنا ترميم منذ عام 2016 بفريق عمل مصري خالص، كانت عبارة عن أجزاء متناثرة أمام المعبد كشف عنها  الدكتور المصري محمد عبد القادر في حقبة الخمسينيات، منها أجزاء من الجرانيت الأحمر وأجزاء من الجرانيت الأسود، وانتهينا من ترميم 12 تمثالا، متسائلا عن سبب إثارة الخلاف في هذا التوقيت مع عودة السياحة للأقصر مرة أخرى؛ فمعبد الأقصر اختير من ضمن أفضل 4 مواقع دخلا للدولة.
وأضاف مدير معبد الأقصر: واجهة المعبد علميا بها 6 ثماثيل، ولم نرمم تمثالا واحدا وإنما 5 تماثيل: 3 في الواجهة الأمامية و2 في الغربية، مرجعا سبب الخلاف على وضعه في واجهة معبد الأقصر بالهيئة الأوزيرية.

ورد على ذلك بأن هناك العديد من التماثيل الأوزيرية موجودة بالمعابد، منها تمثالان بالواجهة الغربية بمعبد الأقصر، وآخر في الصرح الثاني لمعبد الكرنك، مستشهدًا برأي عالم الآثار الفرنسي كريستيان لوبلان، ويعمل في مصر منذ 45 عاما، بأن هناك تماثيل أوزيرية موجودة بالمعابد، وهو رأي مدير البعثة الأمريكية راي جونسون نفسه، الذي أكد أن التمثال المقام في موضعه الطبيعي، مشيرا إلى المكان ليس عليه خلاف علميا وأثريا بجميع آراء علماء الآثار.
ودلّل مدير معبد الأقصر، على حديثه بأن لوحة التكريس داخل معبد الأقصر، التي تظهر تفاصيل المعبد، أظهرت أن الواجهة الأصلية للمعبد تضم 3 أشكال للتماثيل، جالس وواقف وآخر على الشكل الأوزيري، ودعى الأساتذة المعارضين للحضور إلى المعبد لرؤية لوحة التكريس.
وحول وجود تشويه بشكل التمثال، قال أحمد عربي، إن الصور المتداولة لشكل التمثال قديمة؛ حيث تم الكشف عن التمثال خلال زيارة رئيس الوزراء للأقصر، وبعدها تم استكمال أعمال الترميم لتصويب النسب الخاصة بالتمثال للوصول إلى أقرب شكل مثالي، منوهًا إلى صعوبة ترميم التماثيل، التي تتخذ فترة طويلة للوصول إلى الشكل المثالي، وهذا أمر صعب في ظل وجود أجزاء وقطع كثيرة كانت متناثرة، مؤكدا أن أعمال الترميم والصيانة لا تتوقف.

أخطاء عديدة بالتمثال 

الدكتور أحمد عيسى أستاذ الآثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة وخبير الآثار المعروف كان قد أدلى برأيه في وضعية وترميم التمثال في مقال نشره مؤخرا على صفحته الرسمية على فيس بوك سؤالا يقول فيه: متى يمكن أن يزاح هذا التمثال "الفضيحة"، بتاج مزدوج لملك حي حاكم بوضع أوزيري لملك "ميت"، وبهيئة أوزيرية دون العباءة وجسد مضموم كالمومياء، ووضعه أمام واجهة معبد الأقصر العظيم على عكس المنطق والدليل الآثاري الصريح لصورة هذه الواجهة داخل هذا المعبد نفسه.

ويستطرد د. أحمد عيسى قائلا: تمثال "مسخ" لكبير الرعامسة الفرعون رمسيس الثاني في وضع أوزيري لا يصح وجوده أصلا في هذا المكان، كما أنه أحدب الظهر (الرأس مغروس في الكتفين بدون نسبة رقبة ملائمة) وحجم ذراعيه وساعديه رفيع ولا يتناسب مع باقي حجم أجزاء الجسم، وبطنه منتفخ نسبيا وطوله أقصر مما اعتاد الفنانون المصريون القدماء تمثيله في تماثيلهم الواقفة (بالنسبة المعتادة حيث تكون الرأس ٧/١ من طول الجسم).

 

رمسيس الرياضي!

إلا أنه بعد إثارة الجدل حول التمثال «الأزمة» مرة أخرى ظهر من يتحدثون عن تمثال آخر عملاق من آثار معبد الأقصر ، تم ترميمه أو إعادة بنائه خلال السنوات الأخيرة، ولكن تم سلخ بعض عناصر التمثال باستخدام الآلات الحديثة وهو مالا يمكن علاجه، فالعناصر المضافة، تشريحياً وفنياً أشبه بعبث الأطفال، والنتيجة النهائية مسخ يؤذي بصرياً وفكرياً كل من يراه، والتمثال مخفي في الجانب الغربي من المعبد.

مسخ رمسيس في المنيا ومطروح

كانت بعض التماثيل المسخ للملك رمسيس الثاني قد انتشرت مؤخرا في بعض المحافظات من بينها محافظتي المنيا ومطروح بما يسيئ للحضارة المصرية، وتم إزالتها إستجابة لآراء الخبراء والمتخصصين واعتبارا للرأي العام، ويتبقى مسوخ رمسيس الثاني أمام وداخل معبد الأقصر والتي تتزايد المطالبات بإزالتها.

 

إزالة التمثال وإقالة المسئول عن ذلك

الدكتور محمد حمزة الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة كتب عن تمثال رمسيس الثاني أمام واجهة معبد الأقصر على صفحته الشخصية على فيس بوك قائلا: "هذا المسخ وذلك التشويه الذي يوجد أمام واجهة معبد الاقصر الشهير والمسجل على قائمة التراث العالمي باليونسكو لأحد تماثيل الملك المصري العظيم رمسيس الثاني لهو أبلغ دليل وأصدق برهان على فشل القيادات الحالية للمجلس الأعلى للآثار.. فكيف يحدث هذا في بلد الفن الخالد؛ وعلى عكس خصائص وسمات فن النحت المصري القديم بمراحله التاريخية المعروفة وصولا الي العصر الذهبي خلال عصر الرعامسة هذا من جهة ومن جهة أخرى كيف يوضع هذا المسخ وذلك التشويه أمام معبد من أشهر المعابد الأثرية والتاريخية في العالم والكل في داخل مصر وخارجها يعرف واجهة هذا المعبد من خلال رسومات الرحالة ولوحاتهم ووصف مصر وفيفان دينون قبل التصوير الفوتوغرافي عام1839م أو من خلال الصور الفوتوغرافية بعد عام 1839م وبصفة خاصة بعد عام1850م عندما إنتشر التصوير الاركيولوجي؛ فضلا عن الدراسات العلمية الكثيرة الأجنبية والعربية؛ كما أن نسبة الإستكمال حوالي 80% وهوما يعد مخالفة صريحة لشروط معايير الإستكمال في ادمواثيق الدولية وعلى رأسها ميثاق فينيسيا او البندقية 1964م. 

وأضاف د. حمزة: "وعلى ضوء ماتقدم فإذا كان الأمين العام ورئيس القطاع والعاملين بآثار الاقصر لا يعرفون ذلك فعليهم أن يرحلوا فورا بمحض اختيارهم أو تتم إقالة من وراء ذلك أو من استغل منصبه لتشويه واجهة هذا المعبد في الحال.
 

ترشيحاتنا