مخاوف الاقتصاد العالمي تلقي بظلالها على السوق..

النفط يواصل الارتفاع وبرنت فوق 82 دولار ..وصادرات السعودية تهوي إلى 19 مليار دولار 

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تباينت أسعار النفط العالمية اليوم، في مختلف الأسواق بالعالم، بدأت بإرتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة، اليوم الثلاثاء، مواصلة المكاسب التي حققتها في الجلسة السابقة، إذ أدت مؤشرات على تراجع الإمدادات وتعهد السلطات الصينية بدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى رفع المعنويات، وفي الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، تعهد القادة بتكثيف سياسات دعم الاقتصاد وسط انتعاش متذبذب بعد كوفيد-19، مع التركيز على تعزيز الطلب المحلي.
ومع ذلك، أكدت البيانات المخيبة للآمال في منطقة اليورو والولايات المتحدة الضعف في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي.
فقد أظهر مسح أن النشاط التجاري في منطقة اليورو انكمش أكثر بكثير مما كان متوقعا في يوليو، مع انخفاض الطلب في صناعة الخدمات المهيمنة بالكتلة، بينما انخفض إنتاج المصانع بأسرع وتيرة منذ ظهور «كوفيد-19».
وفي الولايات المتحدة، تباطأ النشاط التجاري إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر في يوليو، متأثرا بتراجع نمو قطاع الخدمات.

مخزونات الخام الأمريكية
وتصدر في وقت لاحق، بيانات صناعية عن مخزونات الخام الأمريكية، وقدر أربعة محللين استطلعت «رويترز» آراءهم في المتوسط أن مخزونات النفط الخام انخفضت بنحو مليوني برميل في الأسبوع المنتهي في 21 يوليو.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 18 سنتا إلى 82.92 دولار للبرميل في الساعة 02:55 بتوقيت جرينتش، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 19 سنتا إلى 78.93 دولار.
وارتفع كلا الخامين القياسيين بأكثر من اثنين بالمئة في اليوم السابق، وبلغا أعلى إغلاق لهما منذ أبريل الماضي.
وصعدا بالفعل لأربعة أسابيع متتالية مع توقعات بتقلص الإمدادات بسبب تخفيضات الإنتاج الطوعية التي أعلنت عنها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء مثل روسيا، وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+.

تراجع عائدات النفط السعودية 
ومن ناحية أخرى تراجعت عائدات المملكة العربية السعودية من صادرات النفط بأكثر من الثلث، مسجلةً أقل مستوى لها منذ سبتمبر 2021، في ظل تعثر انتعاش أسواق الطاقة.
وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، التي تشمل المنتجات الخام والمكررة، هوت صادرات المملكة النفطية إلى أكثر من 19 مليار دولار بقليل خلال مايو الماضي. وتراجعت حصة مبيعات النفط من إجمالي الصادرات إلى 74% مقارنة بـ81% تقريباً قبل عام.
وخلال العام الماضي، جنت المملكة -أكبر مصدرة للنفط في العالم- مكاسب كبيرة من وراء ارتفاع أسعار الخام وزيادة الإنتاج. لكن الوضع تغيّر هذا العام، بعدما قالت المملكة إنها ستمدد خفض الإنتاج الذي بدأته في وقت سابق من 2023، أملاً في تعزيز الأسعار من خلال تقييد العرض، في ظل استمرار المخاوف إزاء الاقتصاد العالمي.

أسعار النفط مقيدة
وقد ارتفعت أسعار النفط الخام في الأسابيع الأخيرة بفضل تخفيضات الإنتاج، لكنها لا تزال حبيسة نطاق ضيق بسبب مخاوف تراجع النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، وبلغ متوسط أسعار خام برنت نحو 75 دولاراً للبرميل في مايو الماضي، وجرى تداوله بسعر 82.61 دولار للبرميل اليوم الثلاثاء.
وعلى صعيد القطاع غير النفطي الذي تركّز عليه خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد تراجعت الصادرات غير النفطية للبلاد بنحو 9% على أساس سنوي إلى 25 مليار ريال «6.7 مليار دولار» في مايو.

التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي
وقد شهد التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي خفضاً لافتاً لتوقعات نمو الاقتصاد السعودي للعام الحالي إلى 1.9% من 3.1% كما في توقعات أبريل، بعد أن تصدّرت المملكة اقتصادات دول مجموعة العشرين (G20) العام الماضي بتحقيقها نموّاً بلغ 8.7%.
هذا الخفض بمقدار 1.2 نقطة مئوية، خلال 3 شهور فقط، يعود بشكلٍ أساسي إلى خفض المملكة الطوعي لإنتاج النفط، ما قلّص إيراداتها البترولية بأكثر من الثلث في مايو، على أساس سنوي، مسجلةً أدنى مستوى لها منذ سبتمبر 2021.
ازدهار الاقتصاد السعودي، البالغ حجمه تريليون دولار، كان مدفوعاً بشكلٍ أساسي العام الماضي بإنتاج قياسي من الخام ناهز 10.5 مليون برميل يومياً، وبمتوسط سعر 100 دولار للبرميل. ويرى جان ميشيل صليبا، اقتصادي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "بنك أوف أمريكا"، أن "الخفض السعودي لإنتاج النفط قد يكون مكلفاً". بينما يستنتج استطلاع أجرته "بلومبرغ" مؤخراً بأنه إذا لم يتم التراجع عن تخفيضات الإنتاج هذا العام، فإن نمو اقتصاد البلاد مرشح لتذيُّل قائمة مجموعة العشرين، قبل الأرجنتين فقط.


تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي 
ووفقاً لبيانات صادرة اليوم الثلاثاء عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، انخفضت قيمة صادرات النفط في مايو 38%، مقارنة بالشهر عينه من العام الماضي، لتبلغ 19 مليار دولار، ما انعكس تراجعاً بفائض الميزان التجاري للمملكة في مايو بنسبة 66%، على أساس سنوي، إلى 7.9 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل 2021.
بحسب تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر اليوم عن صندوق النقد الدولي، فإن أسعار الوقود يُقدّر تراجعها بحوالي 21% هذا العام نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، بعد أن شهدت قفزة بمقدار 39% العام الماضي.
الصندوق أشار أيضاً إلى أن خفض توقعات نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023، من 3.1% إلى 2.6%، يعود بشكلٍ أساسي إلى "تباطؤ النمو في السعودية بدرجة أكثر حدّة من المتوقع". مُرجعاً السبب إلى تخفيضات المملكة لإنتاج النفط تماشياً مع اتفاق تحالف "أوبك+".
في المقابل، نوّه تقرير الصندوق بأن الاستثمارات الخاصة في السعودية، بما فيها تلك الناتجة عن تنفيذ "مشروعات كبرى"، لا تزال تدعم النمو القوي للناتج المحلي غير النفطي للبلاد. وهو ما ينسجم مع مستهدفات "رؤية المملكة 2030" لتنويع الاقتصاد وتعزيز مصادر الدخل بعيداً عن النفط.
خلافاً للسعودية، رفع صندوق النقد توقعاته لنمو اقتصاد روسيا، حليف المملكة الرئيسي في "أوبك+"، إلى 1.5% هذا العام، من 0.7% فقط كما في توقعات أبريل، مدفوعاً بنشاط قوي لتجارة التجزئة، وقطاع البناء، والإنتاج الصناعي خلال النصف الأول.

تراجع تكرير النفط في روسيا لأول مرة منذ يونيو
وعلى جانب آخر تابع المراقبون مدى إلتزام موسكو بتعهدها لخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً من مستويات فبراير، حيث تراجعت عمليات التكرير الأسبوعية في روسيا للمرة الأولى منذ أواخر يونيو، وسط أعمال إصلاح في منشآت صغيرة.
بلغ متوسط معدلات التكرير الأولية في البلاد 5.6 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 19 يوليو، حسب شخص مطلع على الأمر. وبذلك تقل بنحو 78000 برميل يومياً عن الأسبوع السابق لذلك، كما يمثل هذا أول انخفاض في ثلاثة أسابيع، كما تظهر حسابات "بلومبرغ".
يعزى التراجع إلى الأعمال المخطط لها في مصنع سوروغت لمعالجة المكثفات التابع لشركة "غازبروم"، والصيانة في مصفاة نفط "يايسكي" في غرب سيبيريا، وعمليات التشغيل المنخفضة في مصفاة أنغارسك التابعة لشركة "روسنفت"، حسب ميخائيل توروكالوف، محلل النفط المستقل المتواجد في الولايات المتحدة.
مع ذلك، فإن متوسط تكرير النفط الخام للشهر المنتهي في 19 يوليو بلغ 5.64 مليون برميل يومياً، مرتفعاً عن معدله السابق في نفس الفترة المقابلة تقريباً خلال يونيو، عندما عالجت المصافي الروسية 5.46 مليون برميل يومياً في المتوسط، حسب بيانات تاريخية.
أصبحت إمدادات الخام إلى مصافي التكرير الروسية والصادرات المنقولة بحراً من أكثر المؤشرات التي تحظى بمتابعة شديدة لتحديد إنتاج البلاد، بعدما بدأت الحكومة في التعتيم على إحصاءات القطاع.
كما يتابع مراقبو النفط المؤشرين لقياس مدى التزام موسكو بتعهدها لخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً من مستويات فبراير.

اقرأ أيضا | اجتماع مشترك بين «شاكر والملا» لبحث أزمة انقطاع التيار الكهربائي

ترشيحاتنا