فيصل مصطفى يكتب : «الأخبار المسائى» .. جريدة لها تاريخ

الكاتب الصحفى فيصل مصطفى
الكاتب الصحفى فيصل مصطفى

 تُهل علينا في هذه الأيام المباركة الجميلة، الذكرى الثانية لتحويل "الأخبار المسائى" الورقية إلى إلكترونية ، وهى واحدة من أعرق وأقدم جرائد مصر القومية ، حيث يرجع تاريخ نشأتها إلى منتصف سبعينيات القرن الماضى أي قرابة نصف قرن كامل .
وبمناسبة تحويلها إلى إلكترونية ، نتذكر ونشير ونشيد بالمهندس عبد الصادق الشوربجى ، أفضل وأكفأ من تولى وترأس الهيئة الوطنية للصحافة ، سواء في إسمها القديم ، والذى كان يُطلق عليه المجلس الأعلى للصحافة أو من خلال إسمها الحالي ،

نذكر له ونسجل له كامل الإحترام والتقدير لمواقفه القوية والمخلصة والنزيهة إلى جانب الصحافة القومية ، وقيامه بإصدار قرار تاريخى ذكى بتحويل بعضها إلى إصدارات إلكترونية  ، حفاظا على إستمرارية دورها الوطنى والتنويرى والتثقيفى  .فهو قرار ذكى ، كما لو كان يقرأ المستقبل ، ويكفى أن طن الورق الآن ، قد إرتفع ثمنه من 18 ألف جنيها للطن إلى 44 ألف جنيها ، بما يعنى خسارة مؤكدة لجميع الصحف والإصدارات الورقية ما لم يتم تغطيتها بمصادر تمويل وإعلانات ضخمة وهائلة ، وهو أمر غير متوفر في الوقت الراهن ،نظرا لظروف موضوعية كثيرة  تُخيم على الاقتصاد العالمى ككل ، وتُلقى بظلالها السلبية على كافة الإصدارات في كافة البلدان في جميع أنحاء المعمورة وبلا استثناء ، 
وشهدنا العديد من الإصدارات التاريخية القوية مثل  "الشرق الأوسط" و "الحياة" و "السفير" اللبنانية ، تتحول إلى إلكترونية ، بسبب ضراوة الأزمة المالية ، أي أن الرجل سبق الآخرين بفكره وذكائه ، واتخذ القرارات  التاريخية السليمة في الوقت المناسب ، وحافظ على الإصدارات القومية بطابعها الشعبى والتاريخى .
هذه كلمة حق لابد أن نذكرها ونحن نستعرض تاريخ ، أحدث وآخر إصدارات مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر وهى ، جريدة المسائية ، التى انتقلت إلى مؤسسة أخبار اليوم ، تنفيذا لقرار الدمج الصادر فى مايو 2009 من المجلس الأعلى للصحافة وتحويل إسمها إلى جريدة الأخبار المسائى .
"الأخبار المسائى" .. جريدة صدرت ، باسم  "السياسى"  كملحق أسبوعى بجريدة التعاون والفلاحين فى بداية السبعينات . وأصبحت جريدة مستقلة باسم "السياسى" عام 1976 . واستمرت تحمل هذا الإسم حتى عام 1991 ، عندما ، أُضيفت كلمة "المصرى" على "السياسى" ، ثم كان الإصدار الثالث للجريدة مع تغيير إسمها إلى المسائية عام 2006 ، لتصدر صحيفة يومية مسائية ، وهو حلم كان متوقف منذ السبعينات . ثم كان الإصدار الرابع عندما تم نقلها إلى مؤسسة أخبار اليوم ، بعد صدور قرار الدمج التاريخى بدمج مؤسستى دار التعاون ودار الشعب إلى مؤسسات أخبار اليوم والأهرام ودار التحرير والشركة القومية للتوزيع ، وتم تغيير إسمها إلى الأخبار المسائى .
أما الإصدار الخامس والأخير ،  هو تحويل الجريدة إلى إلكترونية بنفس التسمية ، وهو ما سوف يجعلها أكثر انتشارا وأيسر وأسهل وصولا إلى جماهير القراء ، وهو قرار ذكى وواعى ، صدر من الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة وقيادة المهندس عبدالصادق الشوربجى
تناوب على رئاسة الأخبار المسائى ، منذ صدورها الأول باسم "السياسى" عام 1976 ،  عشرة رؤساء تحرير وهم ، ممدوح رضا ، وسلامة أبوزيد ، وإسماعيل عبدالجواد  ، وحسن الرشيدى ، وعادل قنديل ، ومحمود الخولى ، وجمال حسين ، وجمال الشناوى ، ومحمد البهنساوى .
المهم أن قرار تحويلها إلى إلكترونية ، يُعد امتدادا لرسالة صحفية ، بدأت منذ عام 1959 فى دار التعاون ، ومازالت مستمرة ، وما زال أبناؤها يلعبون أهم الأدوار فى الحياة الصحفية المصرية .
بدأت دار التعاون فى ظل ثورة 23 يوليو 1952 بقرار من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ، بتحويل الجمعية التعاونية ، والتى كان مقرها فى قصر عابدين إلى مؤسسة صحفية قومية . وتمكنت من الحصول على مقر فاخر فى قصر منيف بحى جاردن سيتى فى قلب القاهرة ، ليكون مقرا لصحافة تعاونية شعبية ، تعبر عن العمال والفلاحين والطبقات المتوسطة  .
ترأس المؤسسة الوليدة فى ذلك الوقت ،  الكاتب الصحفى الكبير محمد صبيح ، والذى كان واحدا من ألمع كبار كُتاب الصحفيين المصريين من حقبة الثلاثينات وحتى توفاه الله فى أواخر السبعينات من القرن الماضى .
مؤسسة دار التعاون ، كانت فخر القيادة السياسية آنذاك ، وكانت توضع ضمن البرنامج الرسمى لزيارة أى رئيس دولة أجنبية لكى يشاهد على الطبيعة صحافة ثورة يوليو وإصداراتها .
كانت تخاطب المواطن البسيط على مدار الأسبوع ، ووصلت إلى أنها كانت المؤسسة الصحفية الثانية بعد الأهرام فى حقبة الستينات . وكانت الأكثر انتشارا وتوزيعا ، وهى أول من أدخلت فى تاريخ الصحافة المصرية مهمة المراسل الصحفى على مستوى القرى والكفور والنجوع ، ووصلت بالجريدة إلى أقل فلاح فى أقصى ربوع مصر .
دار التعاون ، كانت  أول مؤسسة قومية تنجح فى إدخال مطابع الأوفست  فى تاريخ مصر عام 1976 . وكانت ثورة فى عالم طباعة الصحف آنذاك ، والتى كانت تطبع بنظام الرصاص القديم . و ثانى مؤسسة فى مصر بعد الأهرام تقرر إنشاء مبنى عملاق فى دار السلام ، لصحفها وإصداراتها ومطبعتها  عام 1977 ، سابقةً بقية المؤسسات الصحفية الأخرى .
ووضعت المؤسسة فى منتصف السبعينات تصميم لإنشاء مبنى عملاق ، يتضمن لأول مرة فى تاريخ صحافة الشرق الأوسط وأفريقيا ، تجهيز سطح المؤسسة لهبوط  طائرات الهيلكوبتر عليه . وتم بالفعل اتخاذ إجراءات بدء العمل والتعاقد مع الشركات .. لكن حالت الظروف السياسية آنذاك من إكمال المشروع . وتم الإطاحة بمحمد صبيح من قيادة المؤسسة ، وتعيين ممدوح رضا مدير تحرير جريدة الجمهورية وقتها رئيسا لمجلس الإدارة  بدلا منه . واستمر 16 عاما فى موقعه . 
أصدرت مؤسسة دار التعاون سابقا ،  عددا من الصحف والمجلات المتخصصة منها ، التعاون ، والمجلة الزراعية ، ودائرة المعارف الزراعية ، و"كتاب" التعاون  ، والمجلة الإقتصادية ، والطلبة ، والرياضى ، والأسواق ، وحماية المستهلك ، ومحو الأمية ، والسياسى "المسائية" . كما أصدرت ، عددا واحدا  فقط من مجلة الحرية فى الربع الأول من سبعينات القرن الماضى ، برئاسة تحرير محمد صبيح . وتم خلال هذا العدد تقديم الفنانة ماجدة إلى الشعب المصرى ، كاتبة صحفية وليست مجرد فنانة . ولم تحتملها السلطة آنذاك أكثر من عدد واحد . وصادرت الثانى . ومنعت صدورها . ولكنها  كانت علامة مضيئة فى تاريخ الصحافة المصرية .
أنجبت صحف دار االتعاون  ، عددا من رموز الصحافة والفكر والثقافة ، أبرزهم الأساتذة محمد صبيح ومحمد رشاد ، رائدا الصحافة التعاونية ، وممدوح رضا ، وخيرية درويش رئيس تحرير جريدة الطلبة منذ الستينات وحتى مطلع التسعينات من القرن الماضى ، وهى من ضمن أبرز السيدات اللاتى ، تولتا رئاسة التحرير خلال القرنين الماضيين ، منهن فاطمة اليوسف ، وأمينة السعيد ، وحسن شاه .
 وتولى "رائد عطار" مدير تحرير جريدة الجمهورية، رئاسة مجلس إدارة المؤسسة ،  قبل مجيء ممدوح رضا بفترة قليلة و قبل أن يذهب إلى الأهرام ، وتعلم على يديه معظم الصحفيين بدار التعاون على فنون التحرير والسكرتارية والتصوير الصحفى ، منهم الأساتذة : محمد رشاد ، وسلامة ابو زيد  ، وطلعت رزق ، ومحمد صيفى ، وجمال عبدالصادق ، ومحمد جبر ، وأحمد حافظ ، ومحمد حافظ ، ومحمد عبدالعليم .    
"رائد عطار" هو صاحب أطول تحقيق صحفى في تاريخ الصحافة المصرية ، تم نشره من الصفحة الأولى حتى الأخيرة في جريدة الجمهورية . وكان صاحب مقال الموقف الراهن في صحيفة الأهرام .
 كان من ضمن كبار الكتاب في صحف التعاون أيضا ، الروائى يحيى حقى ، والأديبان طه حسين ، وعباس العقاد ، وأنيس منصور ، وجميل عارف ، والفنان عبد الوارث عسر ، وصلاح الدين حافظ سكرتير عام نقابة الصحفيين وسكرتير عام الصحفيين العرب ،

ورساموا الكاريكاتير جميل شفيق ، ومحمد عبدالسميع ،ونبيل السمالوطى ، وطه حسين  ، و الإعلامى حمدى قنديل ،
ومصطفى المستكاوي
، وشاعر الفلاحين الأستاذ سليمان غريب ، والروائي القديم عباس الاسواني ، وعبدالقادر السعدنى مؤسس صحيفة الخليج فى الإمارات عام 1979 ، وإبراهيم الويشى مؤسس جريدة القبس الكويتية ، والكاتب الصحفى  اليسارى عبدالستار الطويلة ، وحسن رميح رئيس اتحاد الفلاحين ، وعزالدين كامل ، ومحمد صيفى عبدالله ، ولويس جريس ، والدكتور عصام فرج وكيل المجلس الأعلى للصحافة ، والأمين العام للأعلى لتنظيم الإعلام سابقا ، ومدحت البسيونى ، ومحمد جبر ، ومحمد أمين ، وإبراهيم أبوداه ، ومحمد القصبى ، وعادل قنديل ، ومحمود الخولى ، ومحمود عبدالحميد ، وأحمد حمدى ، والأمير أباظة ، ومحمد شرف ، وإيناس عبدالعليم ، ود.محمد بسيونى ، وحسن بديع .

التعاون الرياضى أول جريدة رياضية قومية متخصصة ، تصدر في مصر بتاريخ 6 أكتوبر 1972 برئاسة تحرير المؤسس لها أحمد المنشلينى  ، وهى أول جريدة متخصصة بشكل عام لأنها صدرت قبل مجلة الأهلى ومجلة الزمالك وقبل الكورة والملاعب . وقدمت كوكبة من نجوم النقد الرياضى ، الذين ما زال بعضهم يؤدى دوره حتى الآن ،وبعضهم توفاه الله ،
أسسها أحمد المنشلينى وكان رئيس تحريرها الأوحد منذ أن أُنشئت عام 1972 إلى أن توقفت في مارس 1991  ، وكان من أوائل النقاد الرياضيين في مصر ، وكان من المؤسسين الأوائل الرواد لرابطة النقاد الرياضيين  في نقابة الصحفيين

 وكان معه ثلة من النقاد الرياضيين الرواد الأوائل الأساتذة لتأسيس الرابطة منهم ،نجيب المستكاوى ، وعبدالمجيد نعمان  ، وناصر سليم ، وحمدى النحاس ، ومحيى فكرى ، وإسماعيل البقرى وصلاح المنهراوى وغيرهم من الأفذاذ .. 
و
يضم الجيل الثانى في التعاون الرياضى كل من خالد كامل وحسن بديع ونبيل ثابت  وعلى محمود  ويحيى نور الدين وسامى عبدالفتاح ، وطارق مراد ، وعثمان سالم ، ومحمد سيف 
وضمت التعاون الرياضى أيضا كوكبة من أعظم خبراء ونقاد الرياضة في ذلك الوقت  ومنهم على سبيل المثال ، العميد على قنديل أبوالتحكيم المصرى لكرة القدم وأول حكم مصري يحكم في كأس العالم  1966 في لندن ، واللواء على زيوار أشهر معلق وناقد رياضى ومدير الكرة السابق في الأهلى وأحد رموز الأهلى ومنتخب مصر وأحد رموز القوات المسلحة ، وإسماعيل البقرى ، وإسماعيل عبد الفتاح أحد قيادات ورموز إتحاد الهوكى ورئيس البرامج الرياضية في التليفزيون ، وناصر سليم  من رواد النقاد الرياضيين في مصر، وشوقى حامد ، والدكتور سمير عونى أحد الرموز الكبار في كرة اليد وأحد كبار أساتذة وعلماء مصر المتميزين في كليات التربية الرياضية ، والشيخ الدكتور طه إسماعيل ، والكابتن عادل شريف أحد خبراء التنس المشهورين في العالم ، وأشهر من قام بالتعليق على لعبة التنس في التليفزيون .
قدمت مؤسسة دار التعاون للوسط الصحفى الرياضى المرحوم قطب عبدالسلام الذى كان واحدا من أشهر وألمع النقاد الرياضيين في مصر ، وكان صاحب فكرة ومقدم أول برنامج رياضى من الملاعب على الهواء مباشرة في تاريخ التليفزيون المصرى ، وهو برنامج الكاميرا في الملعب في القناة الثالثة بالتليفزيون المصرى .
كان أول برنامج رياضى في مصر يقدم تغطية حية لمباريات كرة القدم من الملاعب ذاتها وبعدها فُتح الباب لعشرات من البرامج الأخرى المماثلة وكان أيضا من مؤسسى مجلة الصقر الرياضية الشهيرة في قطر أشهر المجلات الرياضية العربية المتخصصة والتي صدرت في الوطن العربى 
وكان من رموزها سيد مرعى وعبدالمحسن أبوالنور أشهر من توليا وزارة الزراعة في تاريخها ، وكان لهما مكاتب في المؤسسة في دار التعاون . وكان من أشهر كُتابها أيضا الدكتور جابر جاد عبدالرحمن رئيس جامعة القاهرة الأسبق
 وبدأ عدد كبير من الرموز الصحفية والإعلامية حياتهم المهنية في صحف التعاون أبرزهم ، جمال حسين رئيس تحرير الأخبار المسائى الأسبق ، وعضو مجلس إدارة أخبار اليوم حالياً ، وعبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام الحالى ونقيب الصحفيين السابق ، ومحمد حسن البنا رئيس تحرير جريدة الأخبار الأسبق ، والدكتور محمود مسلم عضو مجلس الشيوخ ورئيس مجلس إدارة جريدة الوطن ورئيس قنوات dmc  .
[email protected]

اقرأ أيضا | فيصل مصطفى يكتب : "30 يونية" ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن

ترشيحاتنا