بيزنس إزالة الكربون.. كعكعة قيمتها تريليون دولار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع تزايد الشعور بآثار تغير المناخ من خلال العواصف الشديدة وحرائق الغابات والفيضانات،

فإن الحاجة إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري -مثل التحول إلى السيارات الكهربائية ونشر الألواح الشمسية والحد من إزالة الغابات- أمر بالغ الأهمية. في الوقت نفسه، تُشير أحدث الدراسات إلى أن هذه الجهود لن تكون كافية؛ للحد من الزيادات المستقبلية في درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية (2,7 درجة فهرنهايت).

وفي هذا الصدّد، تفترض الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المدعومة من الأمم المتحدة، أنه إذا كان للعالم فرصة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ؛ فإن مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية وغيرها من تقنيات إزالة الكربون. ستُصبح غير كافية، بل سيتطلب الأمر، الاستعانة بآليات احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون.

ما هو احتجاز الكربون وتخزينه؟

يعتبر احتجاز الكربون وتخزينه إحدى طرق تقليل انبعاثات الكربون CCUS، والتي يمكن أن تكون أساسية للمساعدة في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري. 

وتُجدر الإشارة إلى أن عملية احتجاز الكربون، تتضمن ثلاث خطوات: أولًا، التقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج عن توليد الطاقة أو النشاط الصناعي، مثل صناعة الصلب أو الأسمنت. ثانيًّا، نقل الكربون من مكان إنتاجه، عن طريق السفن أو في خط أنابيب، وأخيرًا، حقن ثاني أكسيد الكربون في التكوينات الصخرية العميقة تحت الأرض للتخزين الدائم.

هذا، وتعود تقنية احتجاز الكربون وتخزينه إلى عام 1972 في الولايات المتحدة؛ حيث قامت العديد من مصانع الغاز الطبيعي في تكساس بالتقاط وتخزين أكثر من 200 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض.

التقاط الكربون DAC

الالتقاط المباشر للهواء DAC، هو تقنية تستخدم التفاعلات الكيميائية لسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء، إما بواسطة المذيبات السائلة أو المواد الملتقطة الصلبة، والتي تتكون من مواد كيميائية شائعة.

بمجرد التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، يتم تطبيق الحرارة عادةً لتحريره من المذيب أو المادة الملتقطة، من ثمَّ تجديد المذيب أو المادة الملتقطة لدورة التقاط أخرى. تستخدم الأنظمة الأخرى قيد التطوير العمليات الكهروكيميائية، والتي يمكن أن تقلل من احتياجات الطاقة وتكلفتها.

يعتبر التقاط الهواء المباشر (DAC) أحد أنواع إزالة الكربون التكنولوجية التي تُبشر بالخير اليوم، ومن المحتمل أن تكون جزءًا من مجموعة أكبر لإزالة الكربون. بالمقارنة مع الأنواع الأخرى، فإنه يستخدم مساحة صغيرة نسبيًا ويمكن أيضًا تحديد موقعه بمرونة، لذلك من شأنه تجنب المنافسة مع الاستخدامات الأخرى، ويُمكن بناؤه على أرض هامشية أو بالقرب من مواقع التخزين الجيولوجي لتقليل الحاجة إلى خطوط أنابيب ثاني أكسيد الكربون. يُمكن بعد ذلك، حقن ثاني أكسيد الكربون الملتقط في أعماق الأرض لعزله في تكوينات جيولوجية معينة أو استخدامه في منتجات مختلفة.

ومن هذا المنطلق، تعتمد فائدة استخدام الكربون على طبيعة المنتج المُصنع؛ حيث يُمكن استخدام الكربون في منتجات مثل الخرسانة أو البلاستيك التي تحتاج إلى عزلًا طويل الأمد (عقود أو حتى قرون)، في حين أن استخدام ثاني أكسيد الكربون في منتجات مثل المشروبات أو الوقود الاصطناعي من شأنه أن يعيد إطلاق الكربون بسرعة في الغلاف الجوي.

 في بعض الحالات، يمكن أن يظل الوقود الاصطناعي المنتج باستخدام ثاني أكسيد الكربون -وقود الطائرات على سبيل المثال- بديلاً أكثر ملاءمة للوقود الأحفوري الأكثر كثافة في الانبعاثات. ومع ذلك، لتعظيم الفوائد المناخية، فإن معظم ثاني أكسيد الكربون الذي يتم التقاطه سيحتاج إلى العزل الدائم تحت الأرض بدلاً من طرق استخدام مفيدة ولكنها محدودة.

نشاط إزالة الكربون

بحسب وزارة الطاقة الأمريكية، فإن الأهداف المناخية للبلاد تتطلب التقاط وتخزين ما بين 400 مليون و1.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2050، ارتفاعًا من 20 مليون طن في تلك الآونة. وفي هذا الصدّد، تعتقد مؤسسة وود ماكينزي Wood Mackenzie، وهي شركة استشارية في مجال الطاقة، أن الأشكال المختلفة لإزالة الكربون على مستوى العالم، تُمثل خمس تخفيضات الانبعاثات المطلوبة للوصول إلى صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050. طن في السنة، وهذا يعادل امتصاص أكثر من 8 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. بحسب ما ذكرته مجلة الإيكونوميست.

فقد كان لسنوات، يُنظر إلى مشروعات إزالة الكربون على أنها معقولة تقنيًا، لكنها غير اقتصادية؛ حيث تم وضع تقدير مؤثر من قبل الجمعية الفيزيائية الأمريكية في عام 2011 بشأن "تكلفة التقاط الكربون من الهواء المباشر" عند 600 دولار لكل طن من ثاني أكسيد الكربون. وبالمقارنة، فإن تصاريح إطلاق طن واحد يتم تداولها حاليًا بحوالي 100 دولار في نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي، كان احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون في تلك الآونة بمثابة خيبة أمل. وفي هذا الصدّد، يُلاحظ سايمون فلاورز من وود ماكينزي، أن قطاع الطاقة أنفق حوالي 10 مليارات دولار على مر السنين في محاولة لتسخير التكنولوجيا لإزالة الكربون.

هذا، ومن المقرر أن يجذب نشاط التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS ) استثمارات بنحو 150 مليار دولار على مستوى العالم هذا العقد، بحسب ما ذكرته مؤسسة وود ماكينزي. وبتقييم المشروعات الحالية والمقترحة، تعتقد وود ماكينزي، أن القدرة العالمية لاستخدام وتخزين الكربون واستخدامه (CCUS) - والتي تتضمن تعريفها لـ cCS، الطرق المتنوعة لاستخدام الكربون الملتقط للاستخدام، بالإضافة إلى DAC - سترتفع أكثر من سبعة أضعاف بحلول عام 2030.

علاوة على ذلك، تُعد الإجراءات الحكومية، هي العامل الأكبر وراء الموجة الأخيرة من نشاط إزالة الكربون؛ حيث تتمثل إحدى الطرق الواضحة لتعزيز النشاط، فرض رسومًا عالية على الشركات، مقابل انبعاث كل طن من الكربون، بحيث يكون من مصلحتهم استخدام مزيلات الكربون للتخلص منه عند المصدر.

 وبالتالي، لكي تكون DAC مشروعًا مربحًا، من المحتمل أن تكون الضريبة أعلى قليلاً، مما قد يؤدي إلى خنق الاقتصادات التي لا تزال تعتمد على الهيدروكربونات. هذا، بالإضافة إلى الآفاق القاتمة لضريبة الكربون العالمية، مما يعني أن دعم الدولة ضروري لسد الفجوة بين السعر الحالي للكربون وتكلفة استخراجه.

وسطاء الكربون

نظرًا لارتفاع أسعار تنقية طن من ثاني أكسيد الكربون، كشفت Microsoft الستار عن خطط لشراء أكثر من 2.7 مليون طن من الكربون تم التقاطها على مدى عقد من الزمن من محطات توليد الطاقة التي تعمل بحرق الكتلة الحيوية في الدنمارك، والتي تديرها شركة أورستيد، وهي شركة دنماركية كبيرة للطاقة النظيفة.

هذا، ويظهر وسطاء الكربون لربط المشاريع والمشترين، على سبيل المثال، مشروع NextGen، وهو مشروع مشترك بين شركة Mitsubishi Corporation "تكتل ياباني"، و South Pole، "مطور سويسري لمشاريع إزالة الكربون"، يعتزم الحصول على أكثر من مليون طن في ائتمانات إزالة الكربون المعتمدة بحلول عام 2025، وقد اصطف كبار المشترين.

إن النظرة الناشئة بين التقنيين والمستثمرين والمشترين، هي أن احتجاز الكربون سوف يتطور بالطريقة التي اتبعتها إدارة النفايات منذ عقود - كمسعى مُكلف في البداية، ولكنه ضروري يحتاج إلى دعم عام للانطلاق؛ ولكن يمكن أن يصبح مربحًا في الوقت المناسب.