«الخميس الأسود» يبدأ بقطع طريق مطار شارل ديجول القريب من باريس

صورة أرشفية
صورة أرشفية

استهلت الاحتجاجات الفرنسية في يوم الخميس الأسود بخروج العاملين في مطار "شارل ديجول"، أكبر مطارات فرنسا، والقريب من باريس اليوم للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد، وقاموا بقطع الطريق إلى المطار.

 وقام المحتجون صباح اليوم الخميس بتنظيم مظاهرة في مطار شارل ديغول بالقرب من باريس بدعوة من نقابة "الاتحاد العام للعمال" (CGT).

وتمكن المحتجون من قطع الوصول إلى عدة محطات في المطار وهم يرددون شعارات من نوع "إرحل يا ماكرون". 

 وتعيش العاصمة الفرنسية اليوم وضعا مختلفا للغاية، حيث المظاهرات والاحتجاجات والنيران والإضرابات والقمامة،

وتنتشر القمامة في كل مكان في عاصمة الأنوار باريس تملئ بها الشوارع بسبب إضراب عمال النظافة الذين خرجوا كغيرهم لإعلان رفضهم لما يجري في الساحة السياسية في البلاد، ولأن عمال النظافة غابوا، حضرت الجرذان" الفئران" التي ملئت شوارع المدينة، ظهر الخوف من انتشار الجرذان وانتقال الأمراض، وبدأت الأخبار وبرامج "التوك شو" تنقل هذه المخاوف، لكن على الجهة المقابلة، خرجت بعض جمعيات الدفاع عن حقوق الحيوان للتظاهر دفاعا عن حق الجرذان بوصفها كائنات لطيفة في الحياة.

لكن هذه الجرذان والإضرابات والمظاهرات ليست إلا عرضا لحدث مهم تعيشه فرنسا، والأسئلة أدناه تعطينا تصورا عن أسباب النيران المشتعلة في باريس اليوم.

بداية.. لماذا يتظاهر الفرنسيون؟

بدأت القصة عام 2017 خلال الحملة الانتخابية الأولى لإيمانويل ماكرون، حيث ألمح المرشح الرئاسي الفرنسي حينها إلى إعادة النظر في نظام التقاعد وفي كونه غير عادل، وذلك عبر اقتراح قانون جديد يسير بنظام النقاط مقابل اليورو، حتى لا يُعمَّم المقابل نفسه على جميع العاملين بدون وجه حق.

وبعد انتخابه رئيسا، حاول ماكرون المُضي قُدُما في هذا المشروع، لكن سرعان ما تراجع بسبب موجة "السترات الصفراء" التي اندلعت احتجاجا على الأوضاع المعيشية في البلاد، وكذلك بسبب المعارضة الكبيرة التي لاقتها الفكرة من طرف مختلف النقابات المهنية.

ورغم تلقي ماكرون اقتراحا من الهيئة العليا لتنظيم التقاعد برفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، فإن الفكرة دُفِنَت في مهدها بعد تحفظ مجلس الدولة عليها، ودخول فرنسا والعالم في أزمة "كوفيد-19".

بعد إنهاء ولايته الأولى وبدء ولايته الثانية، أدرج إيمانويل ماكرون هذه النقطة في برنامجه الانتخابي، بدون الدخول في تفاصيل كثيرة.

وتضمَّن المشروع العديد من البنود، أهمها على الإطلاق رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، وفي بعض الأحيان 65 سنة؛ بحيث لا يحظى العامل أو الموظف بالتقاعد إلا بعد أن يكون قد ساهم بالعمل طيلة 43 سنة وليس 41.5 سنة كما هو الوضع حاليا، على أن يُطبَّق هذا التغيير بطريقة تدريجية. ويقترح هذا التعديل أن يتحصل المتقاعدون على 1200 يورو (صافي 1000 يورو تقريبا بعد الضرائب) كحد أدنى.

تبرر الحكومة الفرنسية هذا التغيير في نظام التقاعد بضرورة الوصول إلى صيغة متوازنة بين مساهمات العاملين وأجور المتقاعدين، وذلك لأن نظام التقاعد في البلاد، كما هو الحال في معظم البلدان، يعتمد على أن يدفع العاملون رسوما وضرائب، بحيث تأخذها الدولة وتمنحها للمتقاعدين. لكن بسبب شيخوخة المجتمع، بدأت فئة العاملين تقل مقارنة بفئة المتقاعدين، ما يعني ضرورة مد سنوات العمل، إذ إن مد سنوات العمل إلى 64 عاما يمكن أن يتيح للدولة موارد إضافية بقيمة 22 مليار يورو، وهو ما يساعدها على سد العجز في نظام المعاشات التقاعدية المقدَّر بـ12 مليار يورو.