أخر الأخبار

صندوق النقد الدولي: كيف يمكن للاقتصادات النامية الاستفادة من التحول الأخضر؟

أرشيفية
أرشيفية

أشار تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي إلى مجموعة من الآليات والسبُل التي يمكن من خلالها للاقتصادات النامية الاستفادة من التحول الأخضر، وهي كالتالي: 
 
أولًا: تبنّي التحول العالمي نحو استخدام الطاقة الكهربائية
 
أوضح التقرير أن أكثر من 70% من الانبعاثات العالمية تصدر عن استخدام الطاقة، ولخفض انبعاثات الكربون، فإن العالم بحاجة إلى التوسع في استخدام الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر خضراء مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وسيتطلب ذلك أعدادًا هائلة من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والكابلات الكهربائية والمكثفات، بالإضافة إلى آليات لتخزين الطاقة، مثل بطاريات الليثيوم أيون، وستكون هناك حاجة أيضًا إلى مُحللات كهربائية وخلايا وقود لتحويل الكهرباء إلى هيدروجين والعكس، وجميع هذه المنتجات تتطلب كميات كبيرة من المعادن والعناصر الأرضية النادرة، لذلك ينبغي مضاعفة الإنتاج من هذه المعادن عدة أضعاف إذا أراد العالم أن يصل بالانبعاثات إلى مستوى الصفر الصافي، وهو ما يتطلب طفرة تعدينية.
 
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تحوَّل هذه المعادن إلى السلع الرأسمالية اللازمة للتحول نحو استخدام الطاقة الكهربائية، ويتطلب ذلك سلاسل قِيمة عالمية طويلة في قطاع الصناعة التحويلية. لفت التقرير الانتباه إلى أنه يجري حاليًّا إنشاء العديد من المصانع الضخمة لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون، ومعظمها في الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وفي الوقت الذي ستحقق فيه بعض الصناعات نموًّا مع خفض انبعاثات الكربون من العالم، ستنكمش صناعات أخرى.
 
ثانيًا: الاستفادة من القُرب الجغرافي من مصادر الطاقة المتجددة
 
إن النفط والفحم غنيان بالطاقة بشكل كبير، ما يعني أنهما يحتويان على الكثير من الطاقة لكل وحدة وزن وحجم، وهذا ما يجعل نقلهما رخيصًا. فإذا كان سعر برميل النفط حوالي 100 دولار أمريكي وهو في البئر، فإن تكلفة شحنه إلى الجانب الآخر من العالم أقل من أربعة دولارات. ونتيجة لذلك، فقد أسهم النفط والفحم في جعل العالم متكافئًا من منظور الطاقة، فالبلدان غير الغنية بالطاقة يمكنها أن تصبح قادرة على المنافسة في المنتجات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
 
على عكس النفط هناك اختلافات كبيرة في الأسعار بين الأسواق فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، بسبب صعوبة وتكلفة التسييل ونقل الغاز الطبيعي المُسال. كما أن البلدان التي تتمتع بمستويات عالية من سطوع الشمس ستنتج الطاقة الشمسية بأقل من 20 دولارًا للميجاواط/ساعة، ولكن لنقْل الطاقة إلى أماكن بعيدة، ينبغي تخزينها في مُرَكَّب مثل الأمونيا، غير أن عملية التحويل سترفع من تكلفة الطاقة ستة أضعاف (بدون احتساب تكلفة النقل)، ويشجع هذا الأمر كثيرًا على استخدام الطاقة المتجددة في أماكن إنتاجها، وستتجه الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة نحو الأماكن الغنية بالطاقة الخضراء.
 
ثالثًا: خفض تكلفة رأس المال
 
تعد معظم تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة هي التكلفة الثابتة للمعدات، بما في ذلك تكلفة رأس المال لشرائها. فعلى سبيل المثال في ألمانيا، يمكنك الحصول على تمويل بفائدة تبلغ نسبتها 2٪، وفي الدومينيكان قد تكون 7%. إذن، فبرغم أن الشمس في الدومينيكان أكثر سطوعًا من ألمانيا، فإن هذه الميزة لا يتم توظيفها في الحصول على طاقة شمسية أرخص. ويندرج هذا الأمر ضمن المشكلات الأساسية، فالشمس قوية في المناطق الاستوائية، غير أن أسواق رأس المال تتحاشى هذه المناطق، مما يُبطل ميزتها التنافسية، إن وجود مؤسسات ناجحة وإدارة للاقتصاد الكلي تسهم في خفض المخاطر التي يتعرض لها البلد يعتبران من الأسس بالغة الأهمية فيما يتعلق بتكلفة رأس المال.
 
رابعًا: إدارة المخاطر التكنولوجية
 
لا يزال عدم اليقين التكنولوجي مستمر، فمَن كان يتصور أن الهاتف الذكي سيحل محل الساعات المنبهة والكاميرات ومشغِّل الأقراص المدمجة بل والكمبيوتر الشخصي؟ واليوم، فإن 1 ميجاواط/ساعة من الطاقة الشمسية عندما تكون الشمس مشرقة يُعد أرخص من الوقود الأحفوري اللازم لتوليد نفس الكمية باستخدام محطة للطاقة الحرارية، وما كان أحد ليتصور ذلك قبل عشر سنوات.
 
وعلى الطريق نحو الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر الصافي، فلا يمكن معرفة أي التكنولوجيات التي ستفوز بالسباق، فإنها عند أول ظهور لها تكون عبارة عن أفكار في صورة بحوث علمية وبراءات اختراع، ثم تجرَّب في مصانع تجريبية، وتُستخدم في نهاية الأمر في المصانع التجارية، وينبغي أن تكون على دراية بالرهانات التي يجري وضعها في جميع أنحاء العالم.
 
خامسًا: استكشاف مصارف الكربون
 
يمكن الحصول على أرصدة كربونية عن طريق إعادة تشجير المناطق التي أُزيلت منها الأشجار، أو عن طريق حماية الغابات القائمة. ففي الأمازون، على سبيل المثال، يقوم الأشخاص بقطع الأشجار لأن استخدام الأرض لتربية الأبقار يحقق لهم أرباحًا أكبر. غير أنه من الممكن، في ظل توافر أسعار معقولة للكربون، أن تحتجز الغابة الكربون، الأمر الذي يُعد أكثر قيمة للهكتار من لحوم البقر، ولكن أسعار الكربون في الوقت الحالي ليست معقولة، ولا توجد أسعار للكربون في الكثير من البلدان، وإن وُجدت فإنها تكون زهيدة مقارنة بأوروبا، أي منخفضة بشكل كبير لا يسهم في جعل الغابات تحقق ربحية أكبر من تربية الأبقار، وهناك مصارف أخرى أيضًا، فقد تكون لديك تكوينات جيولوجية ملائمة لتخزين الكربون الذي يتم احتجازه.
 
سادسًا: التخطيط للتعلم
 
لا يوجد بلد حتى الآن يُبدى تفوقًا في التكنولوجيات والصناعات التي ستشكل المستقبل، غير أن البعض سيتعلم والبعض الآخر لن يتعلم، وعليه فإن مطالبة البلدان بالمساهمة في خفض انبعاثات الكربون على الصعيد العالمي من خلال إعطاء الأولوية للحد من انبعاثاتها الكربونية، أمر غير مُجْدٍ. والمقترَح الواعد بقدر أكبر هو خلق القيمة وتوفير سبل العيش في الداخل من خلال مساعدة العالم على خفض انبعاثات الكربون. 
 
وختامًا فإن خفض انبعاثات الكربون سيتطلب استثمارات كبيرة في مجالات جديدة، وسيتعين على المصانع إيجاد أماكن جديدة لإقامتها، وقد يمثل هذا الأمر فرصة للبلاد.

ترشيحاتنا