دراسة أثرية: قائمة العروس حق مصرى أًصيل للمرأة فى مصر القديمة

قائمة العروس حق مصرى أًصيل للمرأة
قائمة العروس حق مصرى أًصيل للمرأة

أكدت دراسة تاريخية جديدة للدكتورة هبة ماهر محمود أستاذ الآثار المصرية القديمة المساعد بكلية الأداب جامعة المنصورة  أن قائمة العروس حق مصرى أًصيل للمرأة فى مصر القديمة.

وأوضحت الدكتورة هبة ماهر محمود أن الزواج لدى المصرى القديم كان رباطًا مقدسًا تحقيقًا للترابط الأسرى والعلاقة الروحية ذات التمازج النفسى والتعاطف المتبادل بين الزوجين، وقد جاء تكوين الأسرة أنذاك وفق اطار منظم الخطى ومحبك الإعداد لضمان عدم التهاون فى أمر تفككها من خلال مجموعة من البنود التى تفند فى "عِقد الزواج"، ذلك الرباط الذى أعده بعض العلماء غير معترفًا بالفوارق بين الطبقات فلم يشترط المستوى الاجتماعى نفسه لكلا الطرفين، فيما أصر البعض الآخر على أن مبدأ الكفاءة كان لزامًا استدلالاً بعقود زيجات الكهنة مع استثناء الملوك منه.

وأكدت الدكتورة هبة ماهر محمود أن المصرى القديم قدّر الزوجة فى حياة زوجها فهي سيدة منزله على حد قوله التى أقسم بحبها اخناتون وبحب بناتها، فالأمان لم ولن يكن بقائمة العروس ولا محال أن تكون هي السلاح الأقوى الذى يضمن للمرأة حقوقها ويحفظها من الضياع والتبديد ولكن أردنا أن نرد على ما يثار الآن حول  قائمة العروس بضوابطها الإلزامية لحد المطالبة بالغائها تمامًا، لنؤكد أن هذا الحق تاريخى للمرأة وليس مستحدثًا من مبدأ الأمان للفتيات مما يحفظ لكل امرأة حقها أثناء الزواج وبعد الانفصال.

 

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن عقد الزواج فى مصر القديمة يتضمن أكثر من عشرين بندًا والذى لم تختلف شكلًا ومضمونًا عن عقود الزواج المعاصرة بل تزيد وتزيد من أجل المزيد لحماية حقوق الطرفين بداية من التاريخ والإعلان والاشهار وطرفي العقد وبند الزواج وبند المهر وبند المعيشة وبند الضمان وبند الانفصال وبند حماية الأطفال وبند القسم والتعهد وبند الممتلكات التى تحضرها  الزوجة الى منزل الزوجية (القائمة) وبند الممتلكات المشتركة وبند الممتلكات المتوارثة من الأباء (المتاع) وبند النقدية لتصبح الفتاة زوجة (البائنة)  وبند الرهن  وبند التعويض فى حالة الانفصال (النفقة) وبند التأمين ضد الادعاءات غير القانونية وبند تأمين الزوجة من ناحية الوثائق القانونية ثم بند الوعد الختامى بإعطاء الزوجة وثيقة بما دفعت، وينتهى العقد بتوقيع محرر العقد والشهود.

 

ويضيف الدكتور ريحان أن بند الزواج يتضمن إقرار الزوج بأنه لن يكن فى مقدوره أن يأخذ من حق أبناءه منها ليعطيه لابن آخر، ثم يأتى بند المهر والذى يهدى فيه الزوج لزوجته وزن من الذهب ومقدار من الحبوب كضمان لها قد تأخذه عند الانفصال فى شكل إعانة مادية فهي المعززة والمكرمة أثناء الزواج وبعد الطلاق ويستكمل ذلك فى بند المعيشة باقراره تغذيتها بمخصصات شهرية وسنوية من النبيذ والفضة والزيوت الى حد قوله سأعطيكى (الزوج) خمسين قطعة فضة اذا تركتك أو مائة قطعة اذا اتخذت لك ضرة، ومع بند الضمان يقر حقها الكامل وسلطتها الكاملة وتفويضها فى كل مايخص حقوقها كزوجة مع اقراره بأنه سيعمل بكل كلمة فى العقد، بل وفى حالة كرهه لها أو ان أحب عليها سيدفع لها أوزان الذهب المتفق عليها وذلك كبند انفصال فلا غش ولا مراوغة فى ذلك، مع الأخذ بالاعتبار لقيود اضافية إلتزم بها الرجل فى حالة جاء الانفصال منه، فعليه أن يعطى للزوجة التى هي واصية على الأطفال كل مايملك من أوزان ذهب وفضة وموارد وأملاك قد حصل عليها أثناء ذلك الزواج. 

 

وفى بند النفقة الذى تعانى منه الكثيرات فى وقتنا الحالى كان الأمر لدي أجدادنا مختلف تمامًا فى حالة الانفصال فالمرأة تأخذ القدر الذى يرضيها، وكذلك فى حالة عدم الانجاب تعوض المرأة بقدر بسيط ويقال أن ما تناله هو ذات المقدار الذى اعطته اياه من الفضة فى بند النقدية اللازمة لتصبح الفتاة زوجة (البائنة) أو وثيقة معاش حيث يستثمره الزوج طوال فترة الزواج لتسترده هي بعد الانفصال.

 

ثم ماذا عن حق المرأة اذا كرهت أو أرادت الرحيل فنجده يقر لها حرية الانفصال دون مقاضاة أو ادعاء منه عليها وينتهى بالقسم على كل ماسبق.

 

ويتابع الدكتور ريحان أن الأمر الملفت للنظر كذلك كون الزوج يقر للمرأة بأنه سوف يتصدى لأي انسان سوف يدعى عليها أو يحاول الاستيلاء على ممتلكاتها (متاعها) بقوله: "فليس من شخص غيرك له حق التصرف فى الأرض"، ويذكرها بامتلاكها كل الوثائق المحررة من قبله لها، ثم يؤكد ذلك بتحرير الكاتب الرسمى وتوقيع الشهود الذين نعت كل منهم بالحافظ أو الراعى لهذه البنود فيما يتراوح عددهم بين ثلاثة وستة وثلاثون شاهدًا، وبحفظ عقد الزواج فى الأرشيف.

 

وكان يتضمن بند قائمة العروس جهاز العروس من أمتعة من النحاس والبرونز أو الفضة مثل: المرايا والطشت والابريق والصلاصل والبواريك وأوانى الزهور وأوعية وأباريق من أدوات المطبخ والأثواب والصناديق والحلى من أساور ودمالج وخلاخيل وتمائم الحسد (الخميسة)، وآلة الموسيقي للترويح عن الزوج .

 

أمّا عن القائمة ذاتها ففيها تحضر المرأة أشياء عديدة من بيت أهلها كلها تدرج فى قائمة وتذيل القائمة بثمن كل ما أحضرته الزوجة فيما عدا الحبوب، هذه القائمة هي ممتلكاتها الخاصة، التى يحق للزوج استخدامها وقت الزواج، وتستردها كاملة أو ما يقابلها نقديًا عند الانفصال، بينما ممتلكات الزوج التى يحضرها فهي ممتلكات مشتركة بينهما وقد حددت فيما بعد للزوج بالثلثين والزوجة بالثلث عند الانفصال.

 

واختتمت دراسة الدكتورة هبة ماهر محمود أستاذ الآثار المصرية القديمة المساعد بكلية الأداب جامعة المنصورة  بأن الأمر ليس بقائمة عروس فلدينا ما يزيد الوضع توهجًا ورقيًا نصائح الحكماء لأبنائهم وتذكيرهم بالرفق واللين فى معاملة الزوجات ضمن تعاليم تسمو معانيها حد السماء حين قال الحكيم بتاح حتب لابنه:

" اذا أصبحت رجلا معروفًا فتزوج، وأحبب زوجتك كما يليق بها وقدم لها الطعام واستر ظهرها بالملابس، فأفضل دواء لأعضائها هو العطر الطيب، أسعد قلبها ما حييت، إنها حقل خصب لولي أمرها، لا تتهمها عن سوء ظن، وامتدحها يقل شرها، فإن نفرت راقبها، واستمل قلبها بعطاياك تستقر فى دارك"

ثم يكمل "أنى" الحكيم بقوله لابنه:

 "لا تكثر من اصدار الأوامر لزوجتك فى منزلك اذا كنت تعرف أنها ماهرة فى عملها ولا تسألها عن شئ أين موضعه؟ احضريه لى، اذا كانت قد وضعته فى مكانه المعهود، لاحظ بعينيك والزم الصمت حتى تدرك جميل مزاياها يالها من سعادة عندما تضم يدك الى يدها".

ترشيحاتنا