القطب الشمالي .. وصراع الثروات بين القوي الدولية

.
.

 

يبدو أن التصعيدات في الحرب الروسية الأوكرانية،  تتفاقم يوم بعد الاخر ، إذ أعلنت الدفاع الروسية عن " صدام غير مقصود "  مع قوات الناتو في القطب الشمالي ، ما يزيد الأمور تعقيدا في حرب أرهقت العالم ، وتحاول تغيير موازين القوي.

 

 

وتهيمن روسيا علي القطب الشمالي،  بأسطولها النووي ، وقواعدها العسكرية ، ومنظوماتها الدفاعية ، إذ قامت بمناورات عسكرية فيه قبل أيام من بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، وبطورببدات نووية ما أثارت قلق دول البلطيق، خاصة وأن المنطقة لم يتم تقسيمها إلي الآن ، كما يحكمها ما يسمي بمجلس القطب الشمالي،  و بقرارت غير ملزمة لاعضائه الثمانية " روسيا ،الدنمارك،  النرويج،  كندا، أيسلندا، السويد، فنلندا، والولايات المتحدة" ، كما تتخذ فيه روسيا وواشنطن صفة أعضاء دائمين ، أما الصين فتقوم بدور الرقيب مع مجموعة من الدول.

 

ووفقا للقانون الدولي تمتلك الدول المشاطئة للقطب نحو 200 ميل بحري لكل دولة والباقي مياه دولية .

 

وما يثير التكهنات هنا ، أن دول حلف الناتو تعتبر شريكة لروسيا في شواطئ القطب الشمالي ما يبدر إلى الأذهان أحد أسباب استمرار الحرب في أوكرانيا إلي الآن .

 

تغيرات مناخية

 

وتعتبر منطقة القطب الشمالي من الأراضي المليئة بالثروات الطبيعية ، إذ ساعدت التغيرات المناخية بطريقة أو بأخري ،  وذوبان الجليد في القمم الجليدية، إلي بروز  الممرات البحرية والتي تساعد في النقل البحري وتوفر الكثير من الوقت والمال،  هذا بالإضافة إلي مخزون الثروات الطبيعية من غاز يقدر ب30% من المخزون العالمي غير المكتشف ، و13 % من النفط ، وخمس مخزون المياه العذبة بالكرة الأرضية،  غير العديد من المعادن النادرة مثل الماس والمنجنيز والذهب والنيكل والنحاس ، بالإضافة إلي موقعه المتميز علي رأس الكرة الأرضية،  وارتباطه بمحيطات الهادي والاطلسي ، وهو الأمر الذي أثار طموح كثير من الدول إلي التوجه إليه.

 

ألاسكا وأخطاء الماضي

 

وتدخل  الولايات المتحدة من ضمن حدود القطب الشمالي بولاية ألاسكا ، والتي اشترتها واشنطن من موسكو عام 1867 بنحو 7 مليون دولار في صفقة تندم عليها موسكو إلي الآن.

 

لذلك تحاول أن تستفيد موسكو من أخطاء الماضي،  في توطيد وجودها بالمنطقة والتي تدرسها جيدا ، حيث تمتلك روسيا نحو 41 كسارة جليد ، من بينهم 6سفن كسارات ذرية ، ولها خبرة طويلة في التعامل مع الجليد وسماكته،  بينما تمتلك الولايات المتحدة ثلاث كسارات ، اثنين منهما فحسب صالحين للاستخدام،  وتعويضا لنقص الكسارات،  دعمتها واشنطن بأسطول تحت المياه من الغواصات الذرية.

 

التنين الصيني

ولكن علي صعيد متصل،  يوجد هناك من استثمر بالفعل مع موسكو ، خاصة وأن الروس ليس لديهم مانع في استثمار ثرواته بأسرع وقت وتكون لها اليد العليا في المنطقة ، والتخلص من أعباء العقوبات الاقتصادية،  لاسيما فيما يخص التنقيب عن الغاز والنفط،  من خلال التنين الصيني ، والسماح بالشركات الصينية بالتنقيب عن مصادر الطاقة .

 

ولكن ذلك لم يكتفي به التنين الصيني بل استثمر 70 مليار دولار بالفعل للاستفادة من الممرات الملاحية به لخدمة مشروعها "طريق الحرير "  ومستغلة موقعه الجغرافي علي رأس الكرة الأرضية،  لكي تصل بين طرفي القارة الأوراسية توفيرا  للكثير من الوقت والمال.

 

خمس سكان العالم

وفي عام 2019  ، صرح أحد أميرالات البحرية الصينية ، ين زهو، يعبر عن مكنونات عقل الصين بالنسبة للقطب الشمالي، فقد أشار إلى أن بلاده تحترم حقوق السيادة لكل بلد ضمن الحدود الرسمية المعترف بها، لكن منطقة القطب الشمالي، وعلى حسب تعبيره "ليست كلها ضمن الحدود الإقليمية للبلدان المشاطئة لهذا المحيط، فهي ملك الإنسانية جمعاء، ولا يمكن لأي أمة الادعاء بالسيادة على أجزاء خارج حدودها الإقليمية".

 

في إشارة إلي أن تعداد السكان بالصين  يمثل خمس سكان العالم، ومن هذا المنطلق فإن للصين الحق في خمس الثروات الطبيعية في منطقة القطب الشمالي.