ما حكم إحتكار العملة الأجنبية وبيعها في السوق السوداء ؟ الافتاء تجيب 

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

هل احتكار الدولار في أيامنا هذه يدخل تحت الاحتكار المنهي عنه، وما هو جزاء مَنْ يقوم بجمع الدولار ليضارب به بقصد الإضرار باقتصاد الدولة، وهل المال المكتسب من تجارة السوق السوداء حرامٌ شرعًا؟ 

سؤال ورد الي دار للافتاء واجابت الدار بقولها :نعم، يدخل ذلك في الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا، ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبٌ لإثمٍ كبير؛ لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحّ العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سَلْبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج.

ومن ناحية أخرى لا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بـ"تجارة السوق السوداء" كسبٌ غير طيِّبٍ.

واوضحت الدار ان من  أحد خصائص المعاملات المالية في الإسلام مراعاتها لمصالح أطراف المعاملة جميعًا؛ بحيث لا يَلحَق ضررٌ مؤثِّرٌ بأحد الأطراف، وتلك الخصيصة طبيعة لما يمليه العدل الكامل الذي رسَّخته الشريعة الإسلامية؛ وكل ذلك لأن المعاملات مبناها على التشاحح لا المسامحة.

ولأجل تحقيق هذا المقصد نهى الشارع عن بعض الممارسات التي قد تضر بمصالح بعض أطرافها، وسدَّ بطريقة محكمة منافذ هذه الممارسات بما يجفِّف منابعها، ومن تلك الممارسات ما يعرف بـ(الاحتكار) الذي هو أحد الأسباب الرئيسة في ظهور ما يعرف بـ(السوق السوداء).

والاحتكار في اللغة يأتي لمعانٍ؛ منها: الضيق، والقلة، والاحتباس، والاستبداد، وغالب المعاني والاستعمالات اللغوية للاحتكار تحمل معنى سوء الخلق، وكون الإنسان ظالمًا في معاملاته، بما يُنبِئ عن نُفرِة النفس عن هذه الممارسة الضارة.

وتعريف الفقهاء للاحتكار فيه تباينٌ نظرًا لما ضمَّنه كل فقيهٍ من شروطٍ وأحكامٍ قد لا يراها فقيهٌ آخر:
فعرّفه الحنفية بأنه: حبس الطعام للغلاء. ينظر: "العناية شرح الهداية" للإمام شمس الدين البابرتي الحنفي (10/ 58، ط. دار الفكر).
ولم يذكر المالكية حدًّا للاحتكار، لكن المأخوذ من كلامهم أنه حبس شيء من الطعام أو غيره في وقت يضر احتكاره فيه بالناس. ينظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد المالكي (7/ 360، ط. دار الغرب الإسلامي).

ترشيحاتنا