وزير المالية السودانى: أطلقنا مبادرة مكافحة الجوع.. والحرب القادمة على المياه والغذاء

الزميل أيمن عامر مع الوزير السودانى
الزميل أيمن عامر مع الوزير السودانى


الإصلاح الاقتصادى المصرى يشهد نهضة غير مسبوقة بقيادة الرئيس السيسى  
المزاوجة  بين أراضى السودان ورؤوس الأموال العربية يحقق الاكتفاء الغذائى
نستطيع تحويل الصحارى العربية إلى أحزمة خضراء بالأشجار الصحراوية المنتجة 
الصراعات تعوق التنمية ولابد من احلال السلام لتحقيق الرخاء 

السودان تستعد للمشاركة بقمة المناخ بمصر للخروج بحلول عالمية لأزمة المناخ

 


أشاد الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الإقتصادى بدولة السودان ، ببرنامج الاصلاح الاقتصادى المصرى ، مشيداً بتحقيقه تنمية اقتصادية غير مسبوقة تحت القيادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسى ، معلناً خلال حواره الخاص على هامش المؤتمر العربى الرابع للتنمية المستدامة الذى عقدته جامعة الدول العربية بالقاهرة مؤخراً ، باطلاق مبادرة عربية لمكافحة الجوع بالعالم العربى ، مشيراً إلى أن الحرب القادمة ستكون على المياه والغذاء ، مشدداً على وفرة ملايين الأفدنة الزراعية بالسودان مطالباً بالتكامل والشراكة العربية للاستفادة بالأراضى السودانية ورؤس الأموال العربية لتحقيق التنمية المستدامة فى العالم العربى ، وإلى نص الحوار
*فى البداية ما تقيمك للمؤتمر العربى الرابع للتنمية المستدامة الذى عقدته جامعة الدول العربية بالقاهرة مؤخراً ؟
** نود أولاً الإعراب عن شكرنا لجامعة الدول العربية على تنظيم المؤتمر الرابع للتنمية المستدامة ونشكر جمهورية مصر العربية على استضافة الاسبوع العربى للتنمية المستدامة  ، ونؤكد أن مبادرة التنمية المستدامة قضية إنسانية  لأن هدفها تنمية الإنسان فى المقام الأول فى جميع الجوانب الحياتية والتنموية  ، فلو لم ننقذ هذا الإنسان من الجوع فالنتيجة هى المرض والموت جوعاً ، وبالتالى محاربة الجوع لكل الناس قضية فى غاية الأهمية  ، لذلك أطلقت السودان مبادرة مكافحة الجوع بالعالم العربى خلال المؤتمر ، فالإنسان يحتاج إلى التنمية البشرية بمثلثها التنموى " تعليم ، صحة ، غذاء "  فضلاً عن ضرورة التوزيع العادل للموارد الطبيعية  المختلفة ومنها المياه ، لأن الصراع الحقيقي الأن حول قضية المياه  والحرب القادمة ستكون بسبب المياه ، كما تكمن أيضاً أهمية الغذاء بالنسبة  للبشرية ، فلابد من إيجاد التوافق بين الموارد الطبيعية والمياه والغذاء وبين نسب سكان العالم ، وبالتالى لابد من سبل جديدة لانتاج الغذاء 
*من المعروف أن السودان تعد رمانة الميزان لانتاج الغذاء للعالم العربى والدولى ، كيف يتم تفعيل ذلك ؟ 
** السودان بها المساحات الضخمة الصالحة للزراعة الوفيرة والتى تتعدى 60 مليون  فدان وهى تكفى لأن تكون سلة الغذاء للعالمين العربى والعالمى ولذلك لابد من رفع الانتاجية وتطوير اساليب الزراعة  مع امكانية التوسع الأفقى والرئسى للمساحات المزروعة ، والعالم العربى بحاجة إلى المزاوجة بين الإمكانيات الزراعية الضخمة فى عدد من الدول وعلى رأسها السودان التى يسمونها رمانة الميزان وسلة غذاء العالم وبين رؤس الأموال الكبيرة فى العالم العربى مع استخدام التقنيات الحديثة للزراعة والانتاج بما يحقق الاكتفاء الغذائى .
كما أن العالم العربى يعانى من مساحات الصحراء الواسعة  وتصحر الأراضى  لكن يمكن تحويل هذه الصحارى إلى أحزمة خضراء بزراعة الاشجار الصحراوية الملائمة لطبيعة الصحراء وندرة المياه منها النخيل والصمغ العربى والنباتات العطرية والأعشاب الطبية للعمل على سد الفجوة الغذائية ومحاربة الجوع خاصةً فى المناطق الرعوية والبدوية  ، وبالتالى توطين الرعاه فى هذه المناطق وتكثيف الصناعات البدوية فيها لدعم الاقتصاديات الوطنية والمشاركة الإيجابية بين الرعاة والمزارعين ومكافحة التصحر
فالعالم العربى قادر على توفير الغذاء إذا أحسنا الزراعة وتكامل الامكانيات وبتكلفة أقل وفى هذه الحالة لن نكون محتاجين لاستيراد غذائنا من الخارج 
وأيضا البنية التحتية فى الدول العربية تحتاج إلى تطوير ويمكن أن تكون فرص للاستثمار من خلال  تحقيق شركات استراتيجية بدلاً من أن تكون البنية التحتية المتدهورة سبب اساسى فى إعاقة التنمية 
*كيف يمكن مواجهة أثار التغير المناخى لتحقيق التنمية المستدامة ؟
** تغير المناخ هو في الأساس قضية تنمية. فهو يهدد بتفاقم معدلات الفقر ويضر بالنمو الاقتصادي. وفي الوقت ذاته، فإن كيفية نمو البلدان المختلفة وما تضخه من استثمارات لتلبية احتياجات مواطنيها من الطاقة والغذاء والمياه  يسهم في إيجاد الحلول.
وهناك مجالات رئيسية خمسة حيث يمكن لسياسات وخيارات النمو أن تساعد في الحد من محركات تغير المناخ.وتبدأ بخفض الانبعاثات الكربونية ببوادر واضحة في السياسات.والإنهاء  التدريجى لدعم الوقود الأحفوري لتثبط من نمو  الانبعاثات الكربونية.وكذلك بناء المدن الحديثة منخفضة الانبعاثات الكربونية.وأيضاً زيادة كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة. فضلاً عن تطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الزراعة وتشجير الغابات والصحراء ، خاصةُ أن الغابات تعد خزانات مفيدة لامتصاص الكربون وتخزينه في التربة والأشجار والأوراق.
خاصة ً أن التغير المناخى يسبب معاناة لدول كثيرة منها الفياضانات والكوارث الطبيعية لذلك تحتاج الحكومات لإجراءات كثيرة لمواجهة أثار السيول ودعم المزارعين المتضررين
والسودان تستعد للمشاركة بقمة المناخ " كوب 27 " التى ستعقد بمصر للخروج بتوصيات وحلول عالمية للحد من أزمة المناخ
*العالم العربى يشهد بعض النزاعات والصراعات التى تحول دون تحقيق التنمية ، كيف ترى ذلك ؟
** بالتأكيد لا نستطيع تحقيق تنمية  وانتاج غذائى كافى للعالم العربى فى حالة استمرار حالة التوتر والنزاعات واستمرار بعض الصراعات  ، لذلك نحتاج إلى بزل جهد جماعى للقضاء على اسباب الصراعات والتى تؤدى إلى غياب التنمية المستدامة من أجل احلال السلام وتحقيق التنمية  ،ولابد من ترسيخ عدالة التوزيع وعدالة التنمية بين السكان خاصة أن هناك مجتمعات تشعر بالغبن والظلم ويتسبب ذلك فى نشوء النزاعات والتى تؤدى إلى النزوح والهجرة ولذلك لابد من تحقيق التنمية العادلة والمتوازنة لتحقيق السلام الاجتماعى ودعم فرص العمل فى جميع المجالات الزراعية والصناعية والتنموية لجميع المواطنيين وترسيخ الاستقرار الداخلى والعربى من أجل دعم التنمية المستدامة فى جميع أهدافها لأن النزاعات عائق اساسى للتنمية وتقف حائل دون تقدم المجتمع فنحن بحاجة إلى إعادة ترتيب العالم العربى بتنمية متوازنة مبنية على الاستقرار والسلام والرخاء
وما أكده الدكتور واعد عبد الله باذيب وزير التخيط  والتعاون الدولى بدولة اليمن خلال المؤتمر  من التداعيات والأثار السلبية من معدل الفقر والنزوح والهجرة وتراجع معدل التنمية نتيجة الحرب اليمنية المستمرة منذ سبع سنوات وما خلفته من عدم استقرار وإعاقة التنمية فى جميع المجالات وتقويض جهود الدولة والعالم العربى فى تحقيق السلام والاستقرار يؤكد على أن السلام والاستقرار شرطان لتحقيق التنمية المستدامة 
ونحن نحتاج إلى تحويل المعونات الإغاثية إلى تحقيق التنمية  ، فإذا رسخنا العمل ووفرنا الغذاء فلن نحتاج إلى إغاثة الناس ، كما نحتاج إلى ترشيد استخدام الموارد بشكل صحيح على المستويين القطرى والعربى 

*كيف ترى مبادرة التنمية المستدامة التى وضعتها جامعة الدول العربية ؟ 
** مبادرة التنمية المستدامة التى وضعتها جامعة الدول العربية للعالم العربى مهمة جداً ونحن فى وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى بالسودان  نعمل على تكامل السياسات مع جميع الوزارات المعنية لتحقيق المبادرة على أرض الواقع  كما نرغب بالتعاون والشراكة والتكامل مع الدول العربية لتحقيق مبادرة التنمية المستدامة لخدمة الدول والشعوب العربية فى جميع المجالات والقطاعات . ومهمة الدولة وضع السياسات وتسهيل الفرص للمستثمرين والقطاع الخاص لتحسين وزيادة الانتاجية فى جميع القطاعات وتوفير الخدمات الاساسية  وتوفير فرص العمل وخفض البطالة وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتصدير الفائض 
والمجتمع العربى سيعمل على انهاء التوترات التى تعيق انتاج الطعام ويعمل أيضاً على توفير التقنيات اللازمة المعينة على زيادة انتاج الطعام وهذه مبادرة فى غاية الأهمية ونحن نحتاج إلى المزاوجة بين الإمكانيات الطبيعية الموجودة وبين رأس المال العربى وبين التقنيات الحديثة للحصول على أحسن نتيجة ممكنة لانتاج الغذاء 

*التقيت بالدكتور محمد معيط  وزير المالية المصرى  مؤخراً فماذا دار باللقاء ؟ 
** لقائنا بالدكتور محمد معيط  كان مثمر وبناء  بحضور السفير محمد إلياس محمد سفير السودان بالقاهرة، وسليمان عبد الله إسماعيل مدير مكتب وزير المالية بالسودان، و لقد اطلعنا على التجربة الاقتصادية المصرية وشاهدنا النهضة غير المسبوقة التى تشهدها مصر فى شتى المجالات، وبعزيمة وحكمة القيادة السياسية المصرية التى تجلت فى قيادة مسيرة الإصلاح الاقتصادى للرئيس السيسى  وفرحنا بنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري . وأعربنا عن التقدير البالغ، لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وجهود رقمنة وتطوير المنظومات المالية، وأكدت أن مصر والسودان تربطهما أواصر أخوة تمتد عبر التاريخ، بما يدفعهما إلى تعزيز سبل التعاون بمختلف المجالات، خاصة الاستفادة مما تقوم به مصر فى مجال الرقمنة، ونقل التجربة إلى السودان
وقد وعدنا الدكتور محمد معيط  بتقديم كل الدعم لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادى بالسودان ، وترسيخ التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية بين البلدين، ونقل التجربة المصرية في تطوير إدارة المالية العامة للدولة، وتحديث وميكنة المنظومة الضريبية، التي ارتكزت على إعادة هندسة الإجراءات وتبسيطها وميكنتها، لتعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي، لتحقيق العدالة الضريبية. ونحن نقدر ذلك لترسيخ وتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين

ما أهمية مبادرة مكافحة الجوع بالنسبة لدولة السودان ؟
** السودان رمانة الميزان للأمن الغذائى فى المنطقة العربية وهى الدولة  المحظية بأوسع مساحة زراعية خصبة وتتوفر فيها مياه الانهار والمياه الجوفية ومياه الأمطار بقدر كافى للزراعة ولديها ثروة حيوانية  ضخمة ، فمن المؤكد أن السودان مؤهل بدرجة كبيرة جداً للتعاون مع الاشقاء العرب بشركات استراتيجية فى العالم العربى لسد حاجة العالم العربى والعالم أجمع من الغذاء النباتى والحيوانى 
*ما النتائج المتوقعة لهذه المبادرة ؟
** المبادرة تعنى التركيز على قضية مهمة جداً وهى التنمية البشرية كونها قضية إنسانية وقضية أخلاقية  ، فلابد من العالم العربى من توجيه الموارد وتوجيه العقول والامكانات  لمحاربة الجوع وتوفير الأمن الغذائى للجميع  وتأتى المبادرة فى مكانها وتوقيتها المناسب ولديها فرص نجاح كبيرة جداً 
*هل يفضل  انهاء النزاعات لتوجيه الاعانات الإغاثية إلى تحقيق التنمية ؟ 
** لابد من تركيز جهود العالم العربى نحو القضاء على النزاعات الموجودة ، لأن استدامة النزاعات نفسها مشكلة وأزمة كبيرة ولابد من تغيير العقليات المتنازعة والمتصارعة نحو السلام وتحقيق التنمية بدلا من نزوح وهجرة الملايين وتدمير المقومات العربية  وتصبح الشعوب تحتاج إلى إغاثة وإعادة إعمار  بدلا من أن ترسيخ التنمية  وتطوير البنية التحتية  ، وترى مشهد شحن الطائرات والسفن لإغاثة مناطق الصراع  في حين يفضل توجيه الجهود لتحقيق التنمية المستدامة  وبزل جهود أكبر للقضاء على النزاعات وتوجيهها لتنمية الموارد نحو التنمية ، لأن غياب التنمية سبب اساسى من نشوء النزاعات ، وسوء توزيع الموارد فى الدولة الواحدة يتسبب فى خلق نزاعات ، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى طريقة توزيع الموارد والعدالة فى توزيع التنمية واشراك كل المواطنيين فى الجهد التنموى فى البلد حتى لا يشعر أحد بالغبن ويفكر فى حمل السلاح والمقاومة لانتزاع حقوقه
*كيف نهتم بالإنسان العربى  لتحقيق التنمية الإنسانية ؟
**  الإنسان هو جوهر العملية التنموية وأداتها، وهو أيضاً من يجني ثمارها في تحسين جودة حياته، وتوسيع هامش الفرص التي تتوفر له ولأبنائه ، فلابد من الاهتمام بالإنسان لكى يعرف ما له وما عليه ، ونعطيه القدرات التى تجعله خلاق ومبدع  واتاحة الخدمة الصحية الائقة التى تجعله قادر على العمل البناء والوقاية من الأمراض ، حتى يشعر المواطن بالولاء والانتماء وتوفير حياه كريمة لكل المواطنيين وتوفير الغذاء الصحى لهم لكى يعملوا على تحقيق التنمية  
*ما مرتكزات المبادرة العربية للقضاء على الجوع ؟
** المبادرة لها محددات وهى زيادة الانتاجية ، الاستعداد والصمود للتحديات الطارئة من الكوارث ، التصحر ، الفيضانات وأيضاً ربط الحضر بالريف ، وكذلك محاولة القضاء على النزاعات التى تحول دون تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائى وتوجيه الموارد لمصادرها الصحيحة والمبادرة تقدم حلول هامة جداً لكافة المشاكل والأزمات

 

 

 

ترشيحاتنا