المقرر السابق لـ«قومي السكان» يكشف مخاطر وأسباب عدم القضاء على ختان الإناث

عمرو حسن
عمرو حسن

بمناسبة اليوم العالمى لظاهرة ختان الإناث أجرت بوابة "الأخبار المسائي" حوارًا مع  دكتور عمرو حسن مقرر المجلس القومي للسكان السابق وأستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بقصر العيني. 

- ما هو ختان الإناث؟

ختان الإناث هو قطع جزئي أو كلي للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى بدون سبب مرضي، الأعضاء التي تتعرض للقطع الجزئي أو الكلي عند الختان هي: البظر، الشفرين الصغيرين، الشفرين الكبيرين.

- هل هناك فوائد صحية لعملية ختان الإناث وهل هناك دواع طبية لإجرائها؟

لا يوجد لختان الإناث أية فوائد صحية على الإطلاق، بل على العكس فإنه يحمل بكل أنواعه أضرارًا كثيرة، ولا يوجد على الإطلاق أي احتياج لعملية ختان الإناث، والدعوة للقيام بفحص الفتاة بواسطة طبيب لمعرفة ما إذا كانت تحتاج إلى ختان الإناث أم لا هي دعوة خاطئة، تفتقد إلى المصداقية

 

- لو تم إجراء الختان بواسطة طبيب ماهر فهل ستحدث مضاعفات وهل يصح أن يخضع الأطباء لرغبة الآباء أو البنات في إجراء عملية الختان؟

الطبيب الماهر يلتزم بالأخلاقيات الطبية فلا يقوم بمثل هذه العملية لما لها من أضرار على المدى القريب والبعيد وكونها مجرمة طبيًا وقانونيًا، والفتاة الصغيرة غير مدركة في هذه السن لخطورة إجراء قد يؤثر على حياتها المستقبلية كلها، كما أن هناك مسئولية نفسية وأخلاقية وقانونية على عاتق من يوافق على هذا الفعل وهو مسئول عن طفلة قاصر، وعلى الطبيب أن يقدم المشورة الصحيحة لأهل الفتاة وأن يوضح لهم مساوئ ختان الإناث وأنها مجرمة وضد ميثاق شرف الأطباء وأن هناك قرارًا من وزارة الصحة يمنع ويجرم القيام به، كما أن القيام بختان الإناث يجرمه قانون العقوبات.

 

- ما هي المضاعفات الصحية لعملية ختان الإناث؟

من الخطأ أن يعتقد البعض أن هناك أنواعًا من ختان الإناث لا تؤدي إلى المضاعفات، فكل نوع له مضاعفات، حتى لو قام به طبيب، وقد سجلت الدراسات الموثقة حدوث مضاعفات ونزف شديد وصدمة عصبية قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات وحدوث التهابات حادة وناسور بولي أو شرجي وآثار نفسية، وعلى المدى البعيد قد تعاني الفتاة من مشاكل جنسية وعدم القدرة على الإنجاب نتيجة حدوث مضاعفات والتهابات بالمهبل وقناتي فالوب وتعسر عملية الولادة نتيجة لضيق فتحة المهبل والعجان مما يؤدي إلى حدوث نزف وتهتك بأنسجة العجان، ويسبب أضرارًا للجنين أثناء عملية الولادة مثل زيادة نسبة حدوث مضاعفات في الجهاز التنفسي، والحاجة إلى الرعاية المركزة للأطفال حديثي الولادة، وأيضًا زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة، ولكن بسبب أن النساء التي يتم فيها ختان الإناث يأخذنه على أنه ضروري ولازم لهن بالإضافة إلى المعتقدات الخاطئة أنه مطلوب شرعًا، فإنهن يتحملن المضاعفات في صمت.

 

- أليست الأعضاء أو الأجزاء التي تزال في عملية ختان الإناث زوائد، وهل لها وظائف؟ وما هي أضرار إزالتها؟

الأعضاء التي تزال عادة أو تزال أجزاء منها لها وظائف تؤديها، واستئصالها أو قطع أجزاء منها يسبب أضرارًا بالغة.

 

 - قليلاً ما تشكو الزوجات من المشاكل الجنسية: فلماذا إثارة هذه القضية؟

بصفة عامة، يوجد العديد من الأسباب التي تقلل من الاهتمام بالخلل الوظيفي الجنسي لدى النساء مقارنة بالرجال، وهذا لا يلغي معاناة النساء ولكن يجعلها إحدى القضايا المسكوت عنها، وتتمثل هذه الأسباب فيما يلي:

* وجود هذا الخلل الوظيفي لدى الأنثى لا يمنع إقامة العلاقة الجنسية مقارنة بحدوثه لدى الرجل، فإن القصور في مرحلة الاستثارة لدى الأنثى ليست كمشكلة عدم حدوث الانتصاب لدى الرجل، وكذلك عدم حدوث الارتواء لدى الأنثى، لا يمنع حدوث الحمل.

* في كثير من الأحيان، تنشأ الفتيات معتبرة أن التعبير عن الرغبة الجنسية لدى الأنثى يعتبر مناقضًا لدواعي الأدب الاجتماعي، حتى بين الزوجة وزوجها، وهذا ما يؤدي إلى صعوبة تعبير المرأة عن مشكلتها وطلب المساعدة إلا أننا نعلم مدى تأثير هذه الأمور على استقرار العلاقة الزوجية بين الزوجين.

* إجراء الختان للأنثى لا يمنع الرغبة في الجنس، ولكنه قد يؤثر على درجة الاستمتاع، وبالتالي يحرم بعض النساء من الاستمتاع الجنسي في العلاقات الزوجية وهو حق أعطاه الإسلام لكل النساء المتزوجات، كما أنه قد يؤخر ويطيل الوقت لتتحقق الاستجابة مما يؤثر حتمًا على الزوج.

* ختان الإناث أشد صور الاعتداء على السلامة البدنية للمرأة، لا تُبرره ضرورة طبية أو فائدة صحية كما يؤكد أهل الاختصاص، ولا يمكن ربطه بالدين الإسلامي بأي وجه أو التذرع بالدين لتبريره، فهو يرتبط بمفاهيم وعادات اجتماعية خاطئة، تتعلق بالنشاط الجنسي والضغوط الاجتماعية.

وتوجد مصطلحات تُرسخ المفاهيم الاجتماعية الخاطئة عن ختان الأنثى، مثل "الطهارة" الذي يوحي بأن غير المختنة ليست طاهرة أو أن إيمانها ليس كاملاً. وقد اتخذت الجمعية العالمية لاتحاد أمراض النساء والتوليد قراراً أصدرته في سنة 1994 أدانت فيه ختان الأنثى لأضراره الصحية والنفسية والاجتماعية، وبوصفه يمثل اعتداءً على حقوق الإنسان لأنه ممارسة ضارة تُجرَى على طفلة لا يمكنها إعطاء موافقة مبنية على المعرفة.

 

- هل حقاً تصبح الفتاة غير المختنة مثل الذكر كما يشيع ممارسو ختان الإناث؟

الأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى لا تكبر لتصير مثل أعضاء الذكورة، ولها حد معين في النمو، فالاعتقاد بأن الأعضاء التناسلية للأنثى تكبر لتصير مثل أعضاء الذكورة لدى الرجل اعتقاد غير صحيح علمياً، بل إننا نستطيع أن نقول عنه إنه خرافة وفكرة متوارثة، فالحقيقة العلمية تقول إن البظر عضو صغير حساس يتكون من نسيج أسفنجي يبلغ متوسط طوله عند اكتمال بلوغ الفتاة 1 - 1,5 سم، وتتركز في البظر كريات الإحساس الجنسي وخاصة في رأسه، لذلك فإن له دوراً أساسياً في إحداث لذة الارتواء لدى المرأة، وقطعه يؤثر على حدوثها بدرجة كبيرة، البظر عضو حساس جداً وغني بأوعية دموية وأليافٍ عصبية، لذلك فقطعه يسبب نزيفاً وألماً شديداً، ويتم التئامه بنسيج ليفي له كثير من الأضرار.

 

 - ما هو رأي الجمعيات الطبية العالمية المتخصصة، وموقف الهيئات المهنية حول إجراء ختان الإناث ؟

أوصى الاتحاد العالمي لجمعيات أمراض النساء والتوليد (FIGO) باعتبار ختان الإناث انتهاكًا لاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وطالب ببذل كافة الجهود والإجراءات بهدف التخلص من الممارسات التقليدية التي تحتوي على عنف ضد الأطفال والنساء، وكذلك أوصت الجمعية المصرية لأطباء أمراض النساء والولادة بهذه التوصية في عام 2012.

أما موقف الهيئات المهنية من ختان الإناث، فقد حذرت نقابة الأطباء دوماً من قيام الأطباء بممارسة عادة ختان الإناث، وتقرر الجزاءات المهنية لمن يمارسونها باعتبارها خروجاً على مقتضيات الواجب المهني. لكن ما هي الأسباب التي تدفع بعض الأطباء إلى ممارسة عادة ختان الإناث، على الرغم مما يقرره بعضهم، أنه لا توجد في مراجع الجراحة دراسة تتعلق بهذه الممارسة، وهناك عدة أسباب أهمها:

 1- وجود آراء لبعض رجال الدين التي تُقدم دعماً لهذا السلوك، فتوفر لبعض الأطباء ذريعة دينية لممارسة هذه العادة.

2- بعض الأطباء يرون أن واجبهم المهني يفرض عليهم ممارسة الختان لحماية البنات من الظروف السيئة التي يمكن أن تمارس فيها عادة الختان، فتعرض حياة البنات للخطر.

 3- غياب حملة وطنية منظمة ومستمرة لتوعية العاملين بالقطاع الصحي والمواطنين، بخطورة الختان وأضراره التي يكشف عنها العلم الحديث.

4- تدني دخل بعض الأطباء يجعلهم يبحثون عن مصادر لتحسين ظروفهم المعيشية دون اكتراث بالاعتبارات الأخلاقية أو الدينية أو الصحية.

 

- هل ختان الإناث من شعائر الإسلام؟ وماذا عن الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت الختان؟

ختان الإناث ليس ممارسة إسلامية، لا يوجد أمر أو أي إشارة في القرآن الكريم لختان الإناث، لا يقوم دليل واحد من السنة النبوية الصحيحة على وجوب ختان الإناث، تعاليم الإسلام تؤكد حرمة الجسد وحق الإنسان (الرجل والمرأة) في أن ينعم بصحة جسدية ونفسية سليمة، وذلك تحقيقاً للحديث النبوي "لا ضرر ولا ضرار" النهي عن تغيير خلق الله، تعاليم الإسلام تؤكد حق المرأة في علاقة زوجية ناجحة ومُشبِعة، تعاليم الإسلام ترفض الموروثات والمعتقدات الإجتماعية التي تدفع المجتمع لإجراء ختان الإناث لما تحتويه من إهانة للمرأة، تعاليم الإسلام تحترم العلم والعلماء، والعلم يقول أن هذه الممارسة ضارة وعديمة الفائدة، ولا يوجد في القرآن الكريم أي نص يتضمن إشارة من قريب أو بعيد إلى ختان الإناث، وليس هناك إجماع على حكم شرعي فيه، ولا قياس يمكن أن يقبل في شأنه، لا يوجد دليل صحيح من الأحاديث النبوية الشريفة على الوجوب أو السنية بالنسبة لختان الإناث، فالحديث الأول: حديث أم عطية أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم):"أشمي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحب إلى البعل". قال أبو داود عن محمد بن حسان (أحد رواة هذ الحديث) أنه مجهول، والحديث ضعيف. وقد روى هذا الحديث بطرق كلها ضعيفة، وإن صححه بتعددها الشيخ الألباني، لكن أمر ختان الإناث يهم كل بيت مسلم، وهو مما تتوافر الدواعي على نقله فلماذا لم ينقل إلا بهذه الطريقة الضعيفة؟!، فالحديث الثاني: "الختان سنة للرجال مكرمة للنساء" وهو حديث ضعيف السند.

والحديث الثالث: وهو صحيح "إذا التقي الختانات وجب الغسل"وهو يدل على أن النساء كن يختن في هذا الزمن، ولا يدل على وجوب ختان الإناث. إن ختان البنات ليس بواجب ولا سنة، وقد اختلف العلماء في شأنه ولكن لم يقل أحد من العلماء أنه حرام، لذلك يمكن القول بأن ختان الإناث أمر مباح يمكن عمله أو تركه.. وفي نفس الوقت فإنه يمكن منع المباح شرعاً إذا ترتب عليه ضرراً، بناء على قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار". لذلك يجوز منع ختان الإناث استناداً لقاعدة "تقييد المباح إذا ترتب عليه ضرر أو مفسدة".

 

- ما هو رأي الديانة المسيحية في ختان الإناث؟

ختان الإناث ليس ممارسة مسيحية، والأسر المسيحية تمارس ختان الإناث مثل الأسر المسلمة، وذلك بسبب الأفكار والمعتقدات الاجتماعية الخاطئة، لا يوجد ذكر لختان الإناث في الكتاب المقدس، والديانة المسيحية تعتبر جسد الإنسان (المرأة والرجل) مقدساً، وترفض إهانته، المسيحية تحترم حق المرأة في علاقة جنسية ناجحة.

 

- ما هي جذور ممارسة ختان الإناث في مصر؟

ختان الإناث يمارس في مصر قبل ظهور الأديان السماوية، وهي ممارسة لها جذور إفريقية وليست دينية، هناك 28 دولة إفريقية، وتقع أغلبها في وسط أفريقيا وتمارس ختان الإناث، شعوب هذه الدول لا تجمعها ديانة واحدة، فقد يكونوا مسلمين أو مسيحيين أو يتبعون ديانات أو عبادات أخرى، كثير من البلاد العربية والإسلامية في كافة أنحاء العالم لا تمارس ختان الإناث.

ترشيحاتنا