أخر الأخبار

تصعيد روسي و تحذير أمريكي و هدوء أوروبي

الرئيس الروسى
الرئيس الروسى

حذر بعض مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" من أن روسيا لديها ما يكفي من القوات بالقرب من أوكرانيا لغزو البلاد بأكملها، وأن أي هجوم يمكن أن يحدث دون سابق إنذار.

وذكر وزير الدفاع الأمريكي مجموعة الخيارات المتاحة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من الأعمال السياسية الاستفزازية، مثل: الاعتراف بالأراضي الانفصالية، إلى الاستيلاء على المدن والأراضي المهمة.

وفي وقت سابق، أبلغ "بوتين" نظيره الفرنسي "إيمانويل ماكرون" أنه يريد التعاون مع الغرب لتجنب الصراع.

كما سلَّطت  مجلة "فورين أفيرز"، الضوء على الأزمة الأوكرانية الراهنة، موضحةً أن التصعيد الروسي على الحدود الأوكرانية يُعد جزءًا من استراتيجية روسية من شأنها تهديد مستقبل الأمن الأوروبي الجماعي. 

 

وذكر المقال، أن النهج الروسي أصبح أكثر خطورة في الوقت الحالي؛ فبعد التوغل في جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية في 2014، تهدد روسيا الآن بغزو شامل للأراضي الأوكرانية. 

 

و ذلك الغزو المُحتمل من شأنه تقويض النظام العالمي الحالي، معتبرًا أن إدارة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" تعتقد أن الظروف الراهنة مُواتية؛ لتعزيز سيطرتها، واستعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي.

 

ولفت المقال، إلى أنّ "بوتين" يرى أن الولايات المتحدة الآن في ظلِّ إدارة "جو بايدن" في حالة ضعف وانقسام، وتفتقر إلى سياسة خارجية متماسكة، كما لا تزال الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة "أولاف شولتز" تبلور ملامح سياستها، علاوة على تركيز أوروبا على تحدياتها الداخلية؛ لذلك يحاول "بوتين" الحصول على دعم الصين من خلال تكوين شراكات معها. 

 

وفي هذا السياق، أكَّد المقال أن عقيدة "بوتين" تتمحور حول جعل روسيا -على غرار الاتحاد السوفييتي- قوة يحترمها الغرب، مشيرًا إلى أن الرئيس "بوتين" يرغب في تقسيم حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وكذلك إعادة التفاوض بشأن التسوية الجغرافية التي أنهت الحرب الباردة. 

 

وأضاف المقال، رغم أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان "بوتين" سيُقرِّر الغزو للأراضي الأوكرانية من عدمه، فإنه لا شك أن روسيا ستكون أكثر خطورة في السنوات القادمة؛ ذلك لأن تزايد قدرات روسيا على تهديد جيرانها يعمل على إجبار الغرب على الجلوس على طاولة المفاوضات.

 

وأوضح المقال أن "بوتين" اعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي بمثابة أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين، وكان دائمًا ما يتحدث عن المظالم الروسية، خصوصًا انفصال أوكرانيا، كما أنه يتخوف من انتشار قوات حلف شمال الأطلسي بالقرب من حدود بلاده؛ نظرًا لأن الأخيرة قد تعرَّضت للغزو المتكرِّر من قِبل الغرب؛ لذلك يعتمد "بوتين" على وسائل الإعلام في تصدير المظالم الروسية، وتسليط الضوء على أن أوكرانيا أضحت خطرًا على الأمن الروسي؛ فهي -وفقًا لادعاءاته- بمثابة نقطة انطلاق الغرب ضد روسيا.

 

ومن ناحية أخرى، أشار المقال، إلى أن روسيا أضحت اليوم قوة نووية لا يُستهان بها، وهو ما يقلل احتمالية غزو غربي لأراضيها، وبخلاف رواية "بوتين" عن المظالم الروسية التي تعرَّضت لها بلاده من قِبل الغرب، فإن هناك رواية أخرى معارضة تؤكِّد أن الدول. المجاورة هي التي تتعرَّض دومًا للغزو الروسي. 

 

وأشار المقال، إلى أن أكبر مكسب يمكن أن تحصل عليه روسيا من التصعيد ضد أوكرانيا يتمثَّل في تقويض التحالف عبر الأطلسي؛ لذلك عمدت لدعم الجماعات المناهضة للولايات المتحدة في أوروبا، وكذلك المتشككين في التحالف مع الدول الأوروبية في الولايات المتحدة، ودعم الحركات الشعبوية من اليسار واليمين على جانبي المحيط الأطلسي، وفاقمت حدة الانقسامات داخل المجتمعات الغربية. 

 

وفي هذا السياق، أكد المقال أن "بوتين" يرغب في دفع الولايات المتحدة للانسحاب من أوروبا، كما أن تمزيق التحالف عبر الأطلسي من شأنه تحقيق هدفه الرئيس، ألا وهو التخلص من النظام الدولي الليبرالي القائم لصالح نظام يشبه ما كان قائمًا في القرن التاسع عشر؛ حيث ينقسم العالم إلى مناطق نفوذ ثلاثية، بقيادة روسيا والصين والولايات المتحدة، ويحترم كلٌّ منها مناطقَ نفوذ الآخر.

 

و يتوجَّب على الولايات المتحدة الاستمرار في اتباع النهج الدبلوماسي مع روسيا، والسعي نحو التوصل إلى حل "مؤقت" يحظى بتوافق الجانبيْن دون المساس بسيادة أي من الحلفاء، علاوة على ضرورة الاستمرار في التنسيق مع القوى الأوروبية للرد على الجانب الروسي؛ ذلك لأن التهديدات الروسية تهدِّد الأمن الأوروبي.

و علي صعيد اخر تسأل مقال الكاتب "جيريمي شابيرو"،في موقع  المجلس الاوروبي لماذا تقف أوروبا مكتوفة الأيدي في الأزمة الأوكرانية؟

و في الضوء على الأسباب الرئيسة لغياب موقف غربي موحَّد حِيال التعامل مع أزمة التصعيد الروسي إزاء أوكرانيا.

وأكد المقال، أن ذلك الأمر ينبُع بشكل أساسي من الاختلال المتزايد في موازين القوى عبر الأطلسي، والذي نتج عن مساعي الولايات المتحدة لتعزيز هيمنتها وقوتها العالمية بمعزل عن حلفائها؛ مما أدى إلى حدوث فجوة كبيرة في ميزان القوى لصالح الولايات المتحدة الأمريكية مقارنةً بحلفائها الأوروبيين.

وأضاف المقال، أن تراجع الانخراط الأمريكي في القضايا العالمية في الآونة الأخيرة لصالح التركيز على مواجهة الصعود الصيني، فضلًا عن تصاعد الأزمات السياسية والاستقطاب الداخلي في الولايات المتحدة، قد ساهما في تقويض فرص تشكيل تحالف غربي قوي.

وعلى صعيد التحول في ميزان القوى لصالح الولايات المتحدة، أوضح المقال أن ذلك التحول برز بشكل واضح منذ عام 2008 في عناصر القوة الشاملة؛ حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بشكل كبير الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة؛ إذ إنه في عام 2020، نما الاقتصاد الأمريكي إلى نحو 20,9 تريليون دولار، بينما تراجع الاقتصاد الأوروبي إلى نحو 15,7 تريليون دولار.

وفي هذا الإطار، أشار المقال إلى استغلال الولايات المتحدة هيمنتها العالمية لاكتساب قدرة واسعة لفرض عقوبات مالية على أعدائها وحلفائها على حد سواء، وذلك في ظلِّ وجود إذعان أوروبي واضح.

وفي سياق متصل، تطرَّق المقال إلى تنامي هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية في المجال التكنولوجي مقارنة بالدور الأوروبية؛ حيث اقتربت شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى (جوجل-أمازون-أبل- ميتا- مايكروسوفت) من السيطرة على الساحة التكنولوجية في أوروبا، وذلك بالتزامن مع غياب القدرة الأوروبية على تطوير بدائل محلية.

 

وعلى صعيد القوة العسكرية، أشار المقال إلى تراجع الإنفاق العسكري الأوروبي مقارنةً بالإنفاق العسكري الأمريكي؛ ففي الفترة من 2008 إلى 2020، زاد الإنفاق العسكري للولايات المتحدة من 656 مليار دولار إلى 778 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع انخفاض الإنفاق العسكري لدول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من 303 مليارات دولار إلى 292 مليار دولار.

 

وفي السياق ذاته، نوَّه المقال إلى تزايد الانقسامات المزمنة في أوروبا، والتي أدت إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي خاصةً مع خروج بريطانيا من الاتحاد، الأمر الذي أدى إلى تقويض قدرته على بلورة سياسة خارجية مشتركة، وتسخير قوته الاقتصادية الكامنة، لا سيَّما مع تصاعد الانقسامات المتعلقة بالأزمة المالية بين دول الشمال والجنوب، وأزمة الهجرة، وكذلك الأزمة الأوكرانية بين دول شرق وغرب أوروبا.

 

ونتيجة لما سبق، أكَّد المقال أن غياب الدور الأوروبي القوي في الأزمة الروسية الأوكرانية، يُعد انعكاسًا لتزايُد اعتماد الدول الأوروبية على الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، لا سيَّما مع تصاعد المنافسة الجيوسياسية في العالم.

 

وتطرَّق المقال إلى عقبات أخرى تحول دون الوصول إلى تحالف غربي قوى إزاء الأزمة الروسية الأوكرانية، وعلى رأسها تراجُع انخراط الولايات المتحدة في الأزمات الدولية، وذلك لصالح التركيز على مواجهة تنامي النفوذ الصيني، فضلًا عن تزايد الاستقطاب الداخلي في الولايات المتحدة، والذي أدى إلى خلق تقلبات في السياسة الخارجية الأمريكية، وبروز توجهات مناهضة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، والتي تنادي بضرورة أن تتبنَّى السياسة الخارجية الأمريكية شعار "أمريكا أولًا".

وفي ضوء ما سبق، حذَّر المقال من تراجُع دور الدول الأوروبية في الأزمة الأوكرانية، وعدم قدرتها على تشكيل جبهة موحدة، وتزايد اعتمادها على الولايات المتحدة؛ مما قد يُفضي إلى غزو روسي محتمل واسع النطاق على أوكرانيا.

وتأسيسًا على ذلك، استبعد المقال قدرة الدول الأوروبية على لعب دور فعَّال وحاسم في الأزمة الأوكرانية خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن أي حل أو تصعيد للأزمة سيأتي كنتيجة للمباحثات بين الولايات المتحدة وروسيا.

 

وختامًا، خَلُصَ المقال إلى أن ذلك الخلل المتزايد الذي يشهده ميزان القوى عبر الأطلسي سيكون في غير صالح الولايات المتحدة على المدى الطويل، لا سيَّما مع تصاعد حدة المنافسة الجيوسياسية مع كلٍّ من روسيا والصين؛ لذا فإن الولايات المتحدة في حاجة إلى شركاء وحلفاء أوروبيين أكثر قوة.

 

ترشيحاتنا