الأبعاد السياسية لعالم الميتافيروس وتأثيرها علي العلاقات الدولية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أشار مركز معلومات مجلس الوزراء في دراسة حديثة أن عالم الميتافيروس له تأثير علي العلاقات السياسية للدول و العلاقات الدوليه بشكل عام و خاصه بعد ان اتجه الي الاتجاه الي انشاء السفارات و قنصليات في العالم الوهمي أو الخيالي.

فقد اكتسبت تقنية الميتافيرس  زخمًا خاصًا في الآونة الأخيرة، لا سيَّما وأن تأثيراتها لا تقتصر على المجال التكنولوجي أو سُبل التواصل بين البشر فحسب، وإنما يمتد تأثيرها إلى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في دول العالم كافة، فضلًا عن التأثيرات المحتملة على التفاعلات والعلاقات الدولية، الأمر الذي يُنذر بجُملة من التحديات للنظام السياسي الدولي التقليدي.  

 

من المرجَّح أن تنطوي تقنية ميتافيرس على عدة تأثيرات عميقة وجذرية على الأنظمة السياسية في دول العالم كافة؛ نظرًا لأنها ستصبح جزءًا لا يتجزأ من الفكر السياسي لتلك الدول وثقافتها الاجتماعية، ومن ثمّ فإن تأثيراتها على الأمن السياسي والثقافي للدول قد تتطلب الإشراف والتوجيه من قِبل الحكومات الوطنية. 

 

وفي هذا الإطار، تشير التقديرات إلى أن تقنية ميتافيرس تُعد بمثابة ثورة في توجهات الأفراد إزاء الدولة القومية والتفاعل معها، وإغفال أهمية الحدود الحقيقية للعالم، لا سيَّما وأنها ستفضي إلى تلاشي التمييز بين الدولة على المستويين الرقمي والمادي، الأمر الذي ينطوي على جُملة من المخاطر ذات الصلة بتعريض النظام العالمي التقليدي لخطر الاستعاضة عنه بنظام عالمي افتراضي. وتشير التوقُّعات إلى أن البيئات الافتراضية لميتافيرس قد تمثِّل نافذة جديدة للجماعات المتطرفة لبث محتواها العنيف والمضلل، علاوةً على ذلك، فإن تمثيل الأفراد بواسطة صورة رمزية مستعارة يفاقم المخاوف المُحدقة للثقة بهؤلاء الأفراد، كما أنه يمهد الطريق لعصر جديد من التجسس؛ نظرًا لأن وجود بيئة رقمية تشمل جميع جوانب الحياة تقريبًا، من حيث العلاقات والعمل والهوية، سيجعلها عرضة للانتهاكات أو التلاعب بها من قِبل بعض الأفراد أو الجماعات والدول.

 

ورغم التهديدات والتحديات سالفة الذكر، فإن ميتافيرس تنطوي على جُملة من المزايا التي من شأنها تغيير العلاقات الدولية إلى الأفضل، فيمكن للدبلوماسية الدولية الاعتماد على السفارات الافتراضية، هذا فضلًا عن التكافؤ المحتمل للدول الأصغر والأضعف على الساحة الدولية بما يمكنها من الاندماج بصورة أكبر في الشؤون الدولية، ومن ثمّ تشكيل تحالفات غير متوقَّعة. 

أبرمت وزارة خارجية جزيرة باربادوس -إحدى دول البحر الكاريبي- اتفاقية مع منصة "ديسنترالاند" Decentraland للواقع الافتراضي؛ لتدشين سفارة رقمية على منصة ميتافيرس التابعة للشركة، لتُعد بذلك أول دولة في العالم تمتلك سفارة على منصة ميتافيرس، وعيَّنت باربادوس محامين ومستشارين قانونيين لجعل السفارة الرقمية تمتثل لأحكام القانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ومن المقرر أن تبدأ السفارة عملها رسميًّا في 1 يناير 2022.ويرى الخبراء أن باربادوس قد تمثِّل نموذجًا في هذا الشأن يمكن للدول الأخرى أن تحذو حذوه، مرجِّحين أن التطورات التكنولوجية المتسارعة في المستقبل ستدفع دول العالم كافة إلى إنشاء سفارات افتراضية تعتمد بالكامل على تقنيات ميتافيرس، أخذًا في الاعتبار أنه من المُستبعد أن تحل التكنولوجيا الجديدة محل الأسلوب الدبلوماسي التقليدي، كما لن يتم استبدال السفارات التقليدية بأخرى افتراضية بصورة كلية، وذلك في ضوء الصعوبات المحدقة بتعامل السفارات مع التأشيرات والاتفاقيات والمشروعات المهمة في العالم الافتراضي، ومن ثمّ فإن جوهر أعمال السفارة في ميتافيرس لن تتجاوز مهام حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، أو المواقع الإلكترونية لها على الإنترنت، أو تطبيقات الهاتف المحمول ذات الصلة. 

من المرجَّح أن يزداد دور شركات التكنولوجيا في التفاعلات والنظام الدولي، كما أنه من المتوقَّع أن تتعاظم المنافسة الدولية في مجال تقنيات وأجهزة ميتافيرس، وفي ضوء تطور التقنيات ذات الصلة بميتافيرس، فيمكن للدول والمنظمات الدولية تدشين مفهوم المنظمات المستقلة اللامركزية Decentralized Autonomous Organization (DAOs) القائمة على نظام blockchain، لإنشاء "أمم متحدة مستقلة" تتمتع فيها دول العالم كافة -بغض النظر عن حجمها المادي أو قوتها- بحقوق تصويت متساوية، للتعامل مع التهديدات والتحديات الرقمية الشائعة التي يواجهها العالم الافتراضي، مثل أمان الشبكات، والتمويل الرقمي، وعدم المساواة الرقمية.هذا، وتوفر تقنية ميتافيرس فرصة لتحسين أو تغيير نظام الحوكمة العالمي الحالي، بما يمكّن دول العالم من التعاون والتنسيق والاستجابة المشتركة للتهديدات والتحديات العالمية، لا سيَّما النزاعات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، والأمن الغذائي، وعدم المساواة الاجتماعية، وغيرها.

 

ورغم أن تقنية ميتافيرس لا تزال في المراحل التمهيدية للتطور، فإن خصائصها التقنية تشير إلى أهميتها للأمن القومي، لا سيَّما المخاطر ذات الصلة بالأمن السيبراني والهيمنة التقنية؛ حيث أكَّد المراقبون أن تقنيات ميتافيرس لن تكون متماثلة في دول العالم كافة، ومن المرجَّح أن تتعاظم المنافسة الدولية بشأنها. وفي هذا الإطار، فإن البلدان التي تعاني من قصور في التطور التكنولوجي أو تراجعه نسبيًا لن تكون قادرة على الوصول إلى تقنيات ميتافيرس على عتبة المساواة مع الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا، ومن المرجَّح أن تواجه ضغوطًا من الدول المتقدمة. 

ترشيحاتنا