«معلومات الوزراء»: وسائل التواصل الإجتماعي الدور الأخطر على مستوى العالم حاليا

0
0

 

شهد العالم تحولات كبرى طالت وما زالت تطال كل مجالات الحياة الفكرية والبيئية والمادية والحياتية، فهناك عالم جديد تم صنعه ويجرى تطويره؛ حيث تلعب التقنية والتكنولوجيا والعلم الحديث الدور الأخطر فيه، فأصبحت عملية التواصل الاجتماعي من وسائل الاتصال الرئيسة التي غيرت من مسار الاتصالات بفعل التكنولوجيا الحديثة، فأصبح من السهل الحصول على المعلومات بشكل سريع ومنظم من خلال الهواتف الشخصية. كما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك - تويتر- واتس آب -  إنستجرام - لينكد إن) في مقدمة إنجازات ثورة المعلومات دون منافس، حيث ربطت مواقع التواصل الاجتماعي الأشخاص بعضهم ببعض في جميع أنحاء العالم؛ لتجعل من العالم قرية صغيرة، وتتضمن تلك التقنية كمًّا هائلًا من المعلومات في جميع مناحي الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية، والسياسية، فضلًا عن  الأعمال التجارية، والألعاب ووسائل الترفيه وأصبحت أيضًا قنوات للتعارف والزواج.

و يشير تقرير لمعلومات الوزراء أن مواقع التواصل الاجتماعي تتميز بسهولة الاستخدام وسرعة الانتشار،  إذ يستطيع أي فرد أن ينغمس لفترات طويلة في صفحاتها دون أن يشعر كم من الوقت قد مضى؛ مما يشير إلى اتساع نطاق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي واعتبارها سمه أساسية لهذا العصر، فأساليب التواصل يستخدمها كل الفئات العمرية في المجتمع من أطفال ومراهقين وبالغين وكبار السن وكذلك جميع طبقات المجتمع المختلفة من محدودي الدخل وذوي الدخول المرتفعة، فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تغزو كل مجالات الحياة الاجتماعية كوسيلة للاتصال وتبادل الأفكار والمعلومات.

الاستخدام العالمي لوسائل التواصل الاجتماعي

وفقًا لأحدث إحصاءات صادرة عن قسم بحوث  "Statista"، بلغ معدل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي إلى ما يقرب من 54% عالميًّا، و79% في منطقة أوروبا الغربية ، لتتصدر ترتيب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عالميًّا وفقًا للمنطقة، بينما سجلت منطقتا وسط أفريقيا، وشرق أفريقيا نسب 10%، و8% على التوالي.

ووفقًا لأحدث تقرير "معيار التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي 2022 " الصادر عن (Influencer Marketing Hub)، يبلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نحو  4.48 مليارات مستخدم نشط حتى يوليو 2021، أي فيما يعادل 56.8% من سكان العالم، بمعدل نمو يبلغ 13.1%؛ مدفوعًا بتداعيات كوفيد -19، وعمليات الإغلاق على مستوى العالم، فقد قضى الأفراد معظم العامين الماضيين متباعدين عن الأصدقاء والأقارب، والعمل وأصبح التعليم عن بُعد. نتيجة لذلك، اضطروا إلى تغيير كيفية تواصلهم مع بعضهم مقارنة بما كانوا عليه قبل كوفيد-19. كما أدى ذلك إلى نمو التسويق الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي Social Media  Digital Marketing وهو تسويق مبتكر تم الترويج له من قبل العديد من الشركات وغيرها من المجموعات الخاصة بالأفراد للتسويق خلال الإنترنت.

ووفقًا لمسح تم إجراؤه عالميًّا لمستخدمي الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين (16-64) عامًا عن المنصات الاجتماعية المفضلة لديهم، حيث صنف معظم الأشخاص تطبيقات WhatsApp  و Facebook و Instagram على أنها منصات التواصل الاجتماعي المفضلة لديهم، وفي إطار ذلك تصدرت منصة "الواتس آب" WhatsApp بنسبة 21.7%، تليها "فيسبوك" Facebook بنسبة 21.5%، ثم الإنستجرام (19.3%)، واستحوذت جميع المنصات الاجتماعية الأخرى على نسبة 37.5% المتبقية مثل: ( تويتر، وتيك توك، ومسنجر فيسبوك).

كما أشار موقع (Influencer Marketing Hub) إلى مسح  أجراه موقع  (Global Web Index)، وجاء فيه أن  السبب الأكثر شيوعًا وراء استخدام الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي حتى الآن في الربع الأول من عام 2021 هو الاتصال مع الأصدقاء والعائلة بنسبة (48.6%)، بينما أشار (36.3%) إلى أنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لملء وقت الفراغ، و(35.2%) لقراءة الأخبار، و(30.9%) يستخدمونها للبحث عن محتوى مضحك أو ترفيهي، و(29.3%) يستخدمونها لرؤية ما يتم الحديث عنه، و(27.5%) يبحثون عن مصدر إلهام لأشياء يمكن القيام بها أو شرائها، (26.1%) يقومون بالبحث عن منتجات للشراء، و(24.9%) يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بهدف المشاركة ومناقشة الآراء مع الآخرين.

لقد كان تأثير وسائل التواصل الاجتماعي واضحًا في حياتنا الرقمية اليومية على مدار السنوات الماضية؛ حيث وفقًا لبيانات Statista، يبلغ متوسط ​​الوقت العالمي الذي يقضيه مستخدم الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًّا نحو 142 دقيقة في عام 2021، وهو أعلى بكثير مقارنة بـالـ 90 دقيقة المسجلة في عام 2012.

وانخفض نمو متوسط الوقت العالمي الذي يقضيه  مستخدم الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًّا بنحو ثلاث دقائق خلال النصف الأول من عام 2021، ويمثل هذا  أول انخفاض منذ 17 عامًا وهو وقت ظهور "فيسبوك" Facebook، وهنا نطرح سؤالًا هل وصلنا إلى ذروة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

وفي سياق متصل، أشار تقرير "الرقمية العالمية لعام 2021" (The Digital 2021: Global Overview Report) الصادر عن (We Are     Social و Hootsuite  ) إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه مستخدمو الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين (16 -64 عامًا) يوميًّا حوالي 6 ساعات و54 دقيقة عن طريق الوسائط والأجهزة مجتمعة، وجاء في المرتبة الثانية مشاهدة البث التلفزيوني والتي تبلغ مدة مشاهدته حوالي  3 ساعات و 24 دقيقة، ثم تأتي في المرتبة الثالثة قضاء الوقت  في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يبلغ في المتوسط ساعتين و25 دقيقة يوميًّا، وتليها الأنشطة الأخرى المستندة إلى الإنترنت مثل قراءة الأخبار الصحفية لتبلغ (ساعتين ودقيقتين)، والاستماع إلى الموسيقى (ساعة و 31 دقيقة)، والاستماع إلى البث الإذاعي (ساعة واحدة)، والاستماع إلى البث الصوتي Podcasts (54 دقيقة)، ولعب ألعاب الفيديو (1 ساعة و 12 دقيقة).

أكثر من 40% من الأفراد يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في العمل

ووفقًا لأحدث تقرير "معيار التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي 2022 " أن 40.4% من مستخدمي الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عامًا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض العمل، بالإضافة إلى أولئك الذين يتابعون جهات اتصال العمل أو رواد الأعمال أو رجال الأعمال. وأوضحت الإحصاءات أن نسبة الذكور أعلى من الإناث في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للعمل في جميع المستويات العمرية، حيث يستخدم 32.3% من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 33 و64 عامًا الإنترنت للعمل، مقارنة بـ 24.8% من الإناث.

وقد يختلف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العمل بين البلدان؛ حيث يبلغ 61.4% بين  مواطني جنوب إفريقيا، بينما بلغت النسبة (28.7%) في المملكة المتحدة، و (28.6%) في الولايات المتحدة الأمريكية أما على النقيض الآخر فبعض الدول لديها استخدام منخفض نسبيًّا لوسائل التواصل الاجتماعي في العمل، حيث يستخدم 16.0% فقط من مواطني كوريا الجنوبية وسائل التواصل الاجتماعي في العمل.

على الرغم من هذا التقدم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والذي يربط الأفراد في جميع أنحاء العالم، فإن له أيضًا العديد من الآثار السلبية خاصة على المراهقين والشباب؛ فهل تشكل وسائل التواصل الاجتماعي خطرًا على مستخدميها؟

مظاهر تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي

إن وسائل التواصل الاجتماعي لها مجموعة كبيرة ومتنوعة من التأثيرات السلبية والإيجابية على جميع الأفراد، ولكن المراهقين والشباب هم أكبر فئة مستهدفة لوسائل التواصل الاجتماعي، وهم الأكثر تضررًا من هذه المنصات، ومن بين الآثار السلبية:

تأثيرات نفسية واجتماعية: إن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يكون له تأثيرات نفسية واجتماعية متعددة على الأشخاص وخاصة على فئة الشباب الذين يعتبرون أكثر مستخدميها، سواء لأمور تتعلق بالدراسة أو العمل أو قضاء وقت الفراغ، ومنها زيادة القلق والاكتئاب والرغبة في الانعزال والشعور بالوحدة وعدم القدرة على التواصل الواقعي مع الآخرين. وهذه الظاهرة تزداد نسبة انتشارها يومًا بعد يوم وكذلك تزداد آثارها السلبية، خاصة إذا كان المستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي حريصًا على متابعة الأحداث الجارية التي تغلب عليها الاضطرابات والصراعات؛ الأمر الذي يجعل الفرد غير قادر على الاستقلال في تفكيره وقراراته فهو دائم المحاولة لمعرفة آراء وتعليقات المشاركين؛ مما يؤثر على تشكيل شخصيته واضطرابها.

قلة مهارة الاتصال: إن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي يقودنا إلى انتشار اتجاه يحاول فيه الأفراد تجنب التحدث مع بعضهم، فالأشخاص الذين اعتادوا على التواصل على وسائل التواصل الاجتماعي لديهم قدرات أقل خاصة من حيث مهارات التحدث والتعبير الشفهي. كما أنهم لم يكن لديهم وقتًا لتعلم مهارة اتصال جديدة، حيث أن الاهتمام المستمر بمواقع التواصل الاجتماعي لا يسمح لهم بالاستكشاف والمساهمة.

القضاء على التواصل الفعال وجهًا لوجه: يؤدي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إلى انخفاض التواصل بين الأفراد؛ ففي السنوات الماضية حين كان الأفراد أقل وعيًا بالوسائل التواصل الاجتماعي، كان الناس أكثر كفاءة في التحدث إلى الآخرين.

عدم الثقة أثناء التحدث: يفتقر مستخدمو التطبيقات الاجتماعية إلى الثقة مقارنة بأولئك الذين لا يستخدمونها بشكل متكرر، فهم يشعرون بالتردد في التواصل مع الآخرين وجهًا لوجه، مقارنة بالأشخاص الذين يتحدثون مع عائلاتهم وأصدقائهم وجهًا لوجه. فهم يتمتعون بمزيد من الشجاعة عند التحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يعزز مستوى ثقتهم، فهم معتادون على التواصل مع الآخرين بمفردهم في غرفهم حيث لا يراقبهم أحد.

تراجع استخدام اللغة الأم: الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يظلون بعيدين عن لغتهم الأم، فهم يفتقرون إلى التحدث بلغتهم الأصلية بشكل صحيح وكامل، لقد اعتادوا على استخدام الكلمات والجمل الخاصة بهم والمنتشرة في الحديث على مواقع التواصل الاجتماعى التي لا تسمح لهم حتى بالتفكير في ماهية لغتهم الأم الفعلية، وقد أصبحت بعض الكلمات المختصرة تشكل الآن اتجاهًا، مثل (SWAG، LOL، OMG، LEVEL ) وما إلى شابه ذلك.

فجوة التواصل بين الأسرة والأقارب: يفضل الأفراد قضاء الوقت في استخدام Facebook و Twitter و WhatsApp بدلًا من قضاء الوقت مع الأسرة، حيث يعتقدون أنه من الممتع استخدام مثل هذه الأدوات أكثر من قضاء الوقت مع الوالدين والأشقاء؛ الأمر الذي كان له الأثر الأكبر على العلاقات الأسرية والعلاقات الزوجية.

كل شخص على الإنترنت يبدو مثاليًّا: يشعر المراهقون والشباب بالضيق تجاه أنفسهم عندما يرون أن كل شخص على الإنترنت يبدو مثاليًا. غالبًا ما يحاول المراهقون التعويض عن طريق مشاركة الصور التي تجعلهم يبدون مثاليين أيضًا. بعد ذلك، عندما لا تتطابق هويتهم على وسائل التواصل الاجتماعي مع ما يشعرون به في الواقع، يمكن أن ينتهي بهم الأمر بالشعور بالسوء.

هل وصلنا إلى ذروة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ؟

في إطار انخفاض المتوسط العالمي للوقت اليومي المستخدم في الإنترنت عالميًّا في عام 2021 مقارنة بعام 2020، فمن المتوقع أن تشهد منصات محددة تقلبات في أعداد المستخدمين، وسيصبح بعضها قديمًا، فإن إمكانات السوق التي ما تزال غير مفتوحة بالكامل في الاقتصادات النامية قد تعني أن وسائل التواصل الاجتماعي ستكون قادرة على العثور على أداة أخرى على الأقل للانتقال إليها قبل أن يتم الوصول إلى الذروة حقًا.

ومع ذلك، ربما يكون بريق وسائل التواصل الاجتماعي قد تلاشى. ومن المحتمل أن يكون هناك اتجاه متسارع للتأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدثها على صحتنا العقلية، فضًلا عن المخاوف بشأن خصوصية البيانات وتعرضها للاستغلال والتي قد تؤدي عدم الاستقرار الاجتماعي أو السياسي.

ويستهدف الرئيس التنفيذي لشركة Meta خطط سامية لبناء "metaverse"، والذي وصفته الشركة بأنه "مجموعة من المساحات الافتراضية؛ حيث يمكنك القيام بالاستكشاف مع أشخاص آخرين ليسوا في المساحة الفعلية نفسها التي تعيشها". وحينها سنعرف إذا كنا قد وصلنا حقًا إلى ذروة وسائل التواصل الاجتماعي، أو إذا كنا في بداية صعود الجبل.

فهل الميتافيرس  ثقافة جديدة متجددة يجرى إنتاجها، هل الميتافيرس عالم جديد يجرى صنعه ليسيطر على العالم بتكنولوجيا الواقع الافتراضي فقط أو يفقد الإنسان هويته؟

تتعرض المجتمعات بشكل عام لأزمة متعددة الأبعاد في سياق التغيرات الناتجة عن التحولات الاجتماعية والمعرفية التي دعمت الرفاهية، والتي قد تتطلب من الجميع ولا سيما للمراهقين والشباب مواكبة المتطلبات المتجددة والذي قد تؤدي إلى تغاير في أنظمة التنشئة وطبيعة جهودها؛ مما قد يؤدى إلى اضطراب في تكوين الشخصية وهويتها.

وختامًا، تعد الحضارة الغربية وثقافتها التي تصدر نمط الاستهلاك للعالم أجمع في الوقت الحاضر، هي التي تبدو أكثر فاعلية في حياة البشر، ليس لمجرد أن الثقافة ذات صلة وثيقة بنمط الحياة، بل أيضًا لأنها ذات صلة متينة بالهوية وبالمستقبل خاصة في فئة الشباب والمراهقين، وبذلك يؤثر النظام الثقافي السائد في عملية نجاح الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل إنه يؤثر أيضًا في الممارسات الاجتماعية والسلوك السياسي للأفراد.