ممثلة الأمم المتحدة بأفغانستان: التخلي عن الشعب الأفغاني الآن خطأ كارثي

ديبورا ليونزلممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان
ديبورا ليونزلممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان

أبلغت ديبورا ليونزالممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان مجلس الأمن أن أفضل طريقة لتعزيز الاستقرار والدعم الدولي المستقبلي في أفغانستان هي أن تتجنب حركة طالب
 
وقالت ديبورا ليونز في إحاطة من داخل قاعة مجلس الأمن بتوقيت نيويورك إن ذلك سيتطلب حوارا مستداما ومنظما بشأن السياسات بين سلطات الأمر الواقع، وأصحاب المصلحة الأفغان الآخرين والمنطقة الأوسع والمجتمع الدولي بأسره.
وفي إحاطتها، قدمت الممثلة الخاصة ورئيسة بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) تقييما عاما لإدارة طالبان التي تمثل سلطات الواقع على أساس تعامل الأمم المتحدة معها في كابول والمحافظات (الأخرى) على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.
هذا ليس الوقت المناسب لإدارة ظهورنا للشعب الأفغاني. إذا فعلنا ذلك، فسيتردد صدى فشلنا الجماعي لعقود 
وقالت: "كانت تفاعلاتنا الرسمية مفيدة وبنّاءة بشكل عام. أكدت لنا سلطات الأمر الواقع أنها تريد وجود الأمم المتحدة وتقدّر مساعدتنا. وتواصل (سلطات الأمر الواقع) السعي للحصول على الاعتراف الدولي واستكشاف طرق التغلب على ضعف الثقة الذي يعترفون بوجوده بينهم وبين المجتمع الدولي."
وأشارت السيدة ليونز إلى أنه على مدى السنوات العشرين الماضية، نوقشت احتياجات أفغانستان وتم العمل عليها في هذه القاعة بتعاطف خاص وكرم. ولكن، مع استيلاء طالبان على السلطة، يشعر الشعب الأفغاني الآن بالتخلي عنه والنسيان وأنه يُعاقب بسبب ظروف لم تحدث بذنب منه.
وقالت: "إن التخلي عن الشعب الأفغاني الآن سيكون خطأ تاريخيا – خطأ ارتُكب من قبل ويحمل عواقب كارثية."

تابعت السيدة ديبورا ليونز تقول إنه فيما يتعلق بالحوكمة، بدأت سلطات الأمر الواقع في زيادة الإيرادات من الجمارك واستخدمت بعض هذه الإيرادات للبدء في معالجة القضايا الملحة مثل دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.
وقالت: "تواصل طالبان توفير الأمن لتواجد الأمم المتحدة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، بما في ذلك العاملات النساء في المجال الإنساني. لقد سمح لنا الوضع الأمني المتغير بزيارة أجزاء من البلاد لم نقم بزيارتها منذ 15 عاما، وتقديم المساعدة الحيوية."
وأكدت أنه أُثيرت القضايا الصعبة مع طالبان، وخاصة حقوق النساء وتعليم الفتيات، وتقارير تفيد بالمضايقات والقتل خارج نطاق القانون.
وعن ذلك قالت: "بشكل عام، أخذوا علما بهذه المشاغل، وأقرّوا في كثير من الأحيان أنهم ارتكبوا أخطاء ويحاولون معالجتها. مع ذلك، فقد أوضحوا أيضا وجود حدود في الوقت الراهن للتنازلات التي هم على استعداد لتقديمها بشأن قضايا معيّنة."

بحسب رئيسة أوناما، فيما يتعلق بتعليم الفتيات، أشارت سلطات الأمر الواقع إلى أنها تعمل على سياسة وطنية شاملة لإتاحة ممارسة الفتيات لحقهن في التعليم في عموم البلاد، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت لتوضيح السياسة وتنفيذها. 
وقالت: "في حين أن سلطات الأمر الواقع أكدت في البداية حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية، بما في ذلك التعليم، كان هناك تقليص عام للحقوق والحريات الأساسية للنساء والفتيات الأفغانيات. وتتراوح بين تقييد حقهن في العمل إلى غياب المرأة عن منتديات صنع القرار الرئيسية والمناصب العليا في الخدمات المدنية."
إضافة إلى ذلك، قالت ليونز: "ولا تزال تركيبة مجلس الوزراء بالكامل من الذكور، وبصورة أساسية من البشتون، وتقريبا كل أعضائه طالبان.".

وأبلغت السيدة ليونز مجلس الأمن أن الأفغان متخوفون من النوايا المستقبلية لطالبان، ولديهم قلق شديد بشأن الاقتصاد المشلول وعدم القدرة على سحب الأموال، ومخاوف من عدم قدرتهم على إطعام أنفسهم خلال شهر الشتاء.
وثمة قيود على المظاهرات وحرية التعبير. كما يثير استمرار التوتر العرقي والعنف القلقَ على حقوق الأقليات مع ورود تقارير عن عمليات إخلاء قسري تستهدف الأقليات.
وقالت: "في حين أن الوضع الأمني تحسن بالفعل، حيث انتهى الصراع إلى حد كبير، فإننا نتلقى بانتظام تقارير موثوقة عن حوادث تؤثر على الحق في السلامة الجسدية للأفغان. ويشمل ذلك عمليات تفتيش المنازل والإعدام خارج نطاق القضاء لأفراد ومسؤولين أمنيين حكوميين سابقين."

من التطورات السلبية الرئيسية الأخرى التي استعرضتها ليونز، عدم قدرة طالبان على وقف توسع نشاط الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) – ولاية خراسان. وكانت تلك العمليات محصورة في عدة محافظات شرقية وفي كابول، ويتواجد أعضاؤها الآن تقريبا في جميع المحافظات. وقد ارتفع عدد الهجمات بشكل كبير من 60 هجوما العام الماضي إلى 334 حتى الآن هذا العام، ويجري استهداف المجتمعات الشيعية.
وقالت: "انطباعنا العام هو أن طالبان تبذل جهودا حقيقية لتقديم نفسها كحكومة. هذه الجهود مقيّدة جزئيا بنقص الموارد والقدرات، فضلا عن الأيديولوجية السياسية التي تتعارض من نواح كثيرة مع معايير الحكم الدولية المعاصرة. لم تقم طالبان بعد ببناء ثقة كاملة مع الكثير من السكان الأفغان أو إقناعهم بقدرتها على الحكم.

وأشارت إلى أن حركة طالبان تواصل تحدي الدعوات الدولية لاحترام حقوق الإنسان، وتشكيل حكومة شاملة وقطع علاقاتها مع الجماعات الدولية الإرهابية. "إضافة إلى ذلك، يواصلون ارتكاب الفصل العنصري بين الجنسين من خلال منع النساء من العمل والفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية."

وبحسب المسؤول الأفغاني، يصادف اليوم مرور 62 يوما على حظر طالبان على مستوى البلاد لتعليم الفتيات في المرحلة الثانوية.

وقال موجها كلامه لمجلس الأمن: "يتوقع الشعب الأفغاني منكم الوفاء بهذا الوعد والضغط على طالبان لتمهيد الطريق أمام حكومة شاملة تتمتع بالشرعية داخل البلاد وخارجها وتمثل أصوات جميع الأفغان."


ومن بين ضيوف مجلس الأمن، فرشتا كريم، مديرة منظمة المجتمع المدني "شارماغز" التي قدمت إحاطة افتراضية، قالت فيها إن كل أسرة أفغانية، من بينها أسرتها، فقدت فردا واحدا عل الأقل، خلال عقود من الحرب التي لا تنتهي. 

وقالت: "لقد توصلتُ إلى إدراك واضح: لا أحد يُعد عدوّا للآخر، ولا يجب قتل أي إنسان بعد الآن في هذه الحرب أو في أي حرب أخرى."

ودعت الأمم المتحدة إلى العمل مع جميع الأطراف من أجل إنشاء هيكل سياسي للتعايش وإنهاء دورة الحرب التي ظلت أفغانستان محاصرة فيها منذ عقود.

وأشارت إلى أنه منذ استيلاء طالبان على السلطة، يجري التركيز على المساعدات الإنسانية وتعليم الفتيات، وعلى الرغم من أهمية هذه القضايا، إلا أن التركيز يجب أن ينصب أيضا على استقرار أفغانستان.

وقالت: "لكنني لا أرى جهودا عالمية كافية لذلك. إنه لأمر مخيف، لأنه بدون ذلك فنحن نشهد ’وقفة‘ للحرب وليس نهاية لها."

وحثت على بذل جهد عالمي حقيقي لتحويل اللحظة الحالية إلى فرصة لسلام دائم. وقالت: "شهدنا الاستيلاء العنيف على السلطة في أفغانستان من قبل مجموعات مختلفة على مر السنين. في أحسن الأحوال توقف تلك المجموعات فقط دورة الحرب."

وأكدت أنه من خلال الوسائل غير العنيفة والمفاوضات التي تشمل الجميع يمكن إنشاء نظام سياسي جديد للتعايش معا.