غياب التنسيق بين «السياحة» و«الصحة».. أهم التحديات أمام السياحة العلاجية

السياحة العلاجية
السياحة العلاجية

مصر تمتلك 16 موقعا داخليا وساحليا تتوافر فيها علاجات طبيعية للعديد من الامراض

تحتلُّ السياحة العلاجية مركزاً مهماً في اقتصاد مصر؛ فهي ذات تأثيرٍ مباشرٍ على القطاع الصحي، والاقتصادي، والاجتماعي، كما أن لها دورٌ واضح في زيادة الاستهلاك وأيضاً المساهمة في الدخل القومي ، وذلك من خلال زيادة نسبة النقد الأجنبي الوارد للدولة، بالإضافة لدورها في التقليل من مشكلة البطالة عن طريق توفير فرص العمل المختلفة في هذا المجال.

وفى الوقت الذى ارتفعت فيه نسبة السائحين الذين ينشدون السياحة العلاجية والاستشفائية دوليا نجد أنها انخفضت لدينا وبعض الخبراء يرجعون ذلك إلى عدم وجود منظومة متكاملة للسياحة العلاجية تشمل العلاج أو العملية الجراحية والإقامة والتنقلات وغيرها نظرا لغياب التنسيق بين وزارتى الصحة والسياحة لإعداد منظومة للسياحة العلاجية

وأكد خبراء في مجال السياحة، أن الاعتماد على الجهود الفردية وصعوبة الحصول على التأشيرات،  أدى إلى تراجع اقبال تلك الشريحة ذات الإنفاق الأعلى على القدوم لمصر بغرض السياحة العلاجية، ما أعطى الفرصة لدول أخرى لاستغلال فترة غياب مصر لتطوير مستشفياتها والخدمات المقدمة للسائح العلاجي . ولو تم الاهتمام بهذه السياحة سوف ترتفع إيرادات السياحة المصرية لـ2 مليار دولار على الأقل حال الاهتمام بالسياحة العلاجية ووضعها على الطريق الصحيح .

 تعد السياحة من أهم مصادر الدخل القومي في مصر كشفت الإحصاءات والبيانات المنشورة بالتقرير السنوي الاخير للاتحاد المصري للغرف السياحية عن أن إيرادات السياحة في مصر خلال العشر سنوات الماضية، في الفترة ما بين 2010 وحتى 2020 وصلت إلى 89.33 مليار دولار، وكان عام 2019 هو الأعلى في تاريخ السياحة المصرية إذا بلغت إيراداته 13.03 مليار دولار

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالي قيمة إيرادات مصر من السياحة على مدار 10 سنوات بلغت 82.6 مليار دولار، بما يمثل نسبة 12.7% من قيمة متحصلات مصر من العملة الصعبة خلال تلك الفترة..

يشار إلى أن السياحة العلاجية تعتمد على الرعاية الطبية والصحية التي يقوم بها الأشخاص بهدف التخلص من الآلام والمشاكل الصحية المختلفة ، حيث يتوجهون إلى المناطق التي تتوفر فيها المصادر الطبيعية للعلاجات الطبيعية مثل ينابيع المياه المعدنية، والحمامات الكبريتية، والطين والرمال الساخنة، وغيرها، وقد تم تصنيف مصر في المرتبة 28 للسياحة العلاجية على مستوى العالم بحسب مؤشر السياحة العلاجية؛ الذي يُعرف بالاختصار (MIT) لعام 2017م، كما احتلت المرتبة الثالثة على مستوى العالم العربي في نفس العام كأفضل مكانٍ للسياحة العلاجية.

وتأتى سبل تطوير السياحة العلاجية في مصربعددة طرق اهمها في وضع أسعار ثابتة ومعروفة للمرضى وكافة المتعاملين في القطاع الصحي، بالإضافة تفعيل نظام التنافس بين المستشفيات من حيث التجهيزات والاختصاص، إذ إن ذلك سيسهم في تشجيع المرضى للتردد عليها، تطوير ورفع مستوى الكفاءات العاملة في القطاع الصحي من ناحية العلاج البيئي عن طريق تدريبهم على هذا النوع من العلاج، وتوفير كوادر طبية وفنية تحرص على ضمان الجودة الصحية للمريض. تصميم قاعدة بيانات لأسماء المراكز الطبية المتخصصة وأخرى تخص المستشفيات؛ ليتمكن الشخص الراغب بالعلاج بالاطلاع عليها، على أن تتضمن هذه القاعدة المعايير العالمية للعلاج والأسواق المستهدفة؛ حيث إن لكل سوق معايير تختلف عن الآخراضافة الى استخدام وسائل الإعلان لتسويق السياحة العلاجية في مصر، وذلك عبر البرامج الإعلامية التي تركّز على مناطق السياحة العلاجية فيها، وأيضاً المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تخص هذا الموضوع، مما سيُفيد مصر في عملية المنافسة مع الدول الأخرى ذات المجال نفسه.

ومن المفيد تشكيل هيئة مستقلة مسؤولة عن السياحة العلاجية تكون وظيفتها التنسيق بين الوزارات المختلفة؛ كوزارة السياحة، والصحة، والاستثمار والداخلية، والخارجية، وتمثيل سُبل للتعاون فيما بينها لضمان عدم دخول الاختصاصات فيما بينها، بالإضافة إلى ذلك يجب إنشاء عيادات طبية داخل المطارات والموانئ. تقديم مجموعةٍ من التسهيلات للاستثمارات الخارجية وتسهيل الاجراءات لها وإعطائها جميع الصلاحيات في سبيل جذب المستشفيات العالمية كونها ذات مصدر دخلٍ مهم. تقليل المُعيقات؛ التي من شأنها أن تؤثر على عملية السياحة العلاجية؛ وذلك عبر تسهيل اجراءات السفر والطيران والحصول على التأشيرات، وأيضاً عبر توفير خطوط طيران مباشرة للطائرات القادمة من مختلف الدول العربية والأوروبية وغيرها. التّوسع في مجال التداوي بالأعشاب والطب البديل المتخصص بأمور العلاج بالأعشاب؛ وذلك من خلال إنشاء المنتجعات في المناطق المهيأة لذلك، بالإضافة إلى إنشاء مصنع لاستخلاص وانتاج الدواء من هذه الأعشاب. التعاون مع الجمعيات والهيئات العالمية المختصّة بشؤون المرضى وعلاجهم ودعوة الأطباء المختصين والمسؤولين فيها لزيارة مصر، بالإضافة إلى أهمية الاشتراك في الجمعيات والاتحادات المتخصصة في مسار السياحة العلاجية.: 


كما اكدت الأبحاث أن مياه البحر الاحمر بمحتواها الكيميائي ووجود الشعاب المرجانية فيها تساعد على الاستشفاء من مرض الصدفية . وتتعدد المناطق السياحية التي تتمتع بميزة السياحة العلاجية في مصر وهى مناطق ذات شهرة تاريخية عريقة مثل : حلوان ، عين الصيرة ، العين السخنة ، الغردقة ، الفيوم ، منطقة الواحات ، اسوان ، سيناء ، واخيراً مدينة سفاجا الرابضة على شاطئ البحر الاحمر والتي تمتلك جميع عناصر السياحة العلاجية والتي تزورها الأفواج السياحية وتأتى شهرتها بأن الرمال السوداء لها القدرة على التخلص من بعض الأمراض الجلدية .

تمتلك مصر 16 موقعا داخليا وساحليا تتوافر فيها علاجات طبيعية للعديد من الامراض وعلى رأسها الأمراض الروماتيزمية والبهاق والصدفية ومن أشهر تلك المناطق حلوان التي اشتهرت بأنها مدينة الشفاء المقدس ووادي مريوط ووادي النطرون وواحة منيا بالصحراء الغربية وواحة آمون والعين السخنة وحمامات كليوباترا بالبحر الاحمر وغيرها. وقدرت عدد العيون الموزعة في معظم أنحاء مصر بـ 1356 عينا منها خمسة في عيون حلوان و3 في عين الصيرة و36 في الفيوم و4 في وادي الريان و33 في شبه جزيرة سيناء و315 في الواحة البحرية و106 في سيوة اضافة الى عدد هائل يقدر بـ 564 في الواحات الداخلة و188 في الخارجة و75 في الفرافرة والباقي ينتشر في خليج السويس والقطارة ووادي النطرون والجارة.

وأصبحت السياحة العلاجية جزءاً لا يتجزأ من منظومة السياحة العالمية وعلى الرغم من توفر عناصر السياحة العلاجية بمصر إلا أن معالمها لم تكتمل حتى الآن رغم نجاحها بمناطق متعددة على البحر الأحمر مثل طور سيناء على خليج السويس وشرم الشيخ على خليج العقبة.. وما زال السائحون العرب الذين ينشدون العلاج يذهبون إلى البحر الميت في إسرائيل نظراً للإمكانيات السياحية التي تقدم هناك على الرغم من أن البحر الميت ملئ بالملوثات المعدنية التي تتسبب في تقليل نسبة نجاح العلاج المطلوب. وقد طالب بحث علمي أجرى أخيراً بضرورة استغلال إمكانات وموقع ملاحات برج العرب من حيث وجود المحاليل الملحية الطبيعية مرتفعة التركيز والجو المناسب في مجال الاستشفاء البيئي لمرض الصدفية والأمراض الأخرى

ولعل من أهم الأماكن التى لا يمكن ان ننساها أو نتغافلها ضاحية حلوان التى تقع على بعد 30 كم من قلب القاهرة والتى تتميز بجوها الجاف , ونسبة رطوبة لا تتجاوز 58% بالإضافة الى عدة عيون معدنية وكبريتية لا مثيل لها فى العالم من حيث درجة النقاء والفائدة العلاجية , وقد أنشئ بها مركز كبريتى للطب الطبيعى وعلاج الألم والأمراض الروماتزمية منذ عام 1899 وتم تجديده فى 1955. هذا بالإضافة الى الواحات البحرية التى تضم 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة التى أثبتت البحوث قيمتها العلاجية فى أمراض الروماتيزم والروماتويد والأمراض الجلدية. وفى دراسة لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أوضحت ان واحة سيوة كذلك تحتل موقع الصدارة من بين الأماكن المثلى للسياحة العلاجية والاستشفاء الطبيعى بمصر. كذلك الوادى الجديد حيث تنتشر فى المنطقة الرمال الناعمة الجميلة والأعشاب والنباتات الطبية التى تستخرج منها العقاقير والزيوت النباتية والعطرية . وتتحدى أسوان بجوها الجاف البديع أعظم المنتجعات الشتوية العلاجية فى العالم بأسره , وهى تلائم على نحو خاص مرضى الكلى والجهاز التنفسى والروماتيزم , ويوجد بها مركزان للعلاج بالرمال والمياه حيث يطمر جسم المريض بالروماتيزم فى الرمال الساخنة , وقد أثارت أسوان اهتمام عدة مؤسسات طبية عالمية اضطلعت بدراسة مناخها ومقومات السياحة الاستشفائية بها وتحققت من تفرد أسوان بنسبة عالية من الأشعة فوق البنفسجية من سمائها إضافة الى الانخفاض البالغ فى نسبة الرطوبة. ولا ننسى سفاجا, المدينة الأولى فى علاج الصدفية نظرا الى ان نسبة ملوحة مياهها تصل إلى 35%. 

 

ترشيحاتنا