ورحل «الجنتل» عصام الشماع

عصام الشماع
عصام الشماع

عندما يرحل الانسان عن دنيانا يبقى  أثره وسيرته، وعندما يرحل الفنان تبقى أفكاره، وعصام الشماع الانسان الذى ستبقى سيرته عطرة لأنه كإنسان يحب ان يتعامل بإنسانيته واخلاقه الراقية التى لايختلف عليها اثنين فهو من ترك ألأثر الطيب مع كل من تعامل معه، كما انه لم يكن مجرد فنان أو كاتب عادى، فهو المؤرخ والفيلسوف والطبيب والكاتب والراوى والسيناريست والمخرج، والذى عادى تراه فى الشارع وسط الناس وليس منفصلا عنهم يأخذ منهم ليعطيهم فن وفكر ورأى، فكل هذا جعل من الشماع حالة خاصة من الفكر والفن معا.

فهو الكاتب الذى يحمل وجهة نظر خاصة فى تقديم اعماله التى تتعامل مع الواقع من منظور خاص بعالمه الخيالى..فهو فنان مفكر يؤرخ لواقع يكتبه من خياله بفلسفته التى تعالج دراما الحياة بأوجاعها وضحكها وجدها وعبثها..ليلقى الضوء على حياة حقيقية بخيال مبدع يسعى لتطويع سحر الفن بعمق افكاره التى تعتمد فى تقديمه على الاسلوب السلس السهل الممتع لمشاهديه..دون البحث عن فرد وفرض العضلات وارتداء عباءة العميق..لان اسهل واقصر طريق للوصول لدماغ المشاهد هى البساطة

فهذا مايظهر جليا فى اعمال الشماع ..والتى بدئها بفيلم طالع النخل للمخرج محمد فاضل وبطولة صلاح السعدنى وعبد الله محمود..ثم فيلم الاراجوز بطولة النجم العالمى عمر الشريف  واخراج هانى لاشين..ليتبعه بعد ذلك بفيلم كابوريا بطولة العبقرى احمد زكى والذى قد يظن البعض اه فيلم بسيط دمه خفيف..ولكنه فى الحقيقة فيلم عميق فلسفى يقدم مجتمع منفصل بل ومتعالى على طبيعة مجتمعه الحقيقي وكيف ان اشخاصه يتعاملون مع العالم الخارجى عنه وكأن كل من فيه مجرد لعبة وتسالى عندهم..يعنى ممكن نشبه برواية يوتوبيا للراحل احمد خالد توفيق مع اختلاف التناول..وقدم النمس والجنتل ودنيا عبد الجبارلمحمود عبد العزيز.. وتوت توت للنجمة الكبيرة نبيلة عبيد..وكراونة للكبير نور الشريف وبوسى.. ومع فاروق الفيشاوى عمل فيلم رجل مهم جدا بطولة معالى زايد..وفيلم راندفو للشباب وقتها خالد ابو النجا وفتحى عبد الوهاب وسمية الخشاب واحمد زاهر..كما قدم فيلم الفاجومى قصة حياة عمنا شاعر العامية احمد فؤاد نجم بكل تفاصيله المتمردة..وفى التلفزيون قدم مسلسل رجل فى زمن العولمة بجزئية بطولة الراحل الفنان الكبير صلاح السعدنى.. والكبريت الاحمر بجزئية لأحمد صلاح السعدنى، والعملين من اخراجه، ومسلسل نافذة على العالم..وقمر14.

وقدم عصام الشماع 24 عملا فنيا كمؤلف و13 عملا كمخرج، ليرحل الكاتب الكبير تاركا إرثا فنيا متميزا عن عمر ناهز الـ69 عاما، بعد صراع مع المرض اللعين لنفقد كاتبا متميزا وانسانا راقيا..وكان من اهم اصدقاء الكاتب الراحل على المستوى الشخصى النجم محمود عبد العزيز والنجم صلاح السعدنى الذى وافته المنية منذ ايام وكأن القدر اراد ان يلحق الصديق بصديقه سريعا..ولا يفارقه حتى بعد الرحيل..ويبدو اننا اصبحنا نعيش زمن فقد عظماء الفن العربى الذين طالما اثروا الحركة الفنية والفكرية على مدار عقود كثيرة سبقت تاركين لنا ارث فنى وفكرى كبير..وتاريخ مهم ..فى ظل مستقبل غامض مع انصاف بل وعديمى الموهبة والفكر والفن.. رحم الله الكاتب الكبير عصام الشماع.

ترشيحاتنا