في كل فترة زمنية تخرج علينا بعض الشخصيات بأفكار غريبة تخص الآثار وتصل لحد الاقتراح بعرض بعض القطع الأثرية المصرية للبيع في مزادات علنية تجلب لمصر مليارات الدولارات وتسهم في سداد ديونها المتراكمة.
هذا الأمر دفع البعض للفهم الخاطئ لبعض تصريحات د. زاهي حواس عالم الآثار المصري ووزير الآثار الأسبق التي اقترح خلالها أثناء حواره مع الإعلامي أحمد موسى مؤخراً فكرة عرض القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون برفقة بعض القطع النادرة في معارض ببعض المدن الأجنبية لحل كل مشاكل مصر.. حيث فهمها البعض بأن العالم المصري يقترح عرضها للبيع وهو ما لم يحدث.
البعض أبدى استياءه لهذا الأمر لأن الحضارات لا تباع ولا تشترى وكذلك تاريخ الأمم وخاصة أن القناع الذهبي للملك المصري توت عنخ آمون ليس من القطع المكررة إنما هو قطعة نادرة وفريدة ليس لها مثيل في العالم كله حيث يمثل أيقونة مصر الأثرية وأغلى وأشهر قطعة أثرية في العالم.
عندما استوضحت الأمر مع الدكتور زاهي حواس خلال مكالمة تليفونية أكد لي أن ما ذكره للإعلامي أحمد موسى هو أن 55 قطعة من قطع الملك الذهبي توت عنخ آمون الفريدة زارت العالم من قبل ولم نحصل منها على مليم واحد على حسب قوله مشيراً إلى أنه حالياً لو اصطحب قناع توت عنخ آمون في معارض تزور 4 أو 5 مدن سواء بأمريكا أو أوروبا أو إيطاليا أو اليابان ستحصل مصر على ملايين الدولارات وممكن يساهموا في حل مشاكل مصر المادية.
قناع الملك توت عنخ امون
لكن السؤال هل مشاكل مصر الإقتصادية تقتصر فقط على بضع ملايين من الدولارات أم أن الأمر يتخطى ذلك بكثير.. وهو ما يدفعنا للتفكير بشكل عملي أكثر في كيفية تعظيم الإستفادة من الرقم الذي حققته السياحة خلال عام 2024 وهو 16 مليار دولار حيث زار مصر لأول مرة منذ عام 2011 عدد 15 مليون سائح.
الدكتور زاهي حواس دائماً يرى أن من الضروري أن يكون لدينا خططاً ترويجية في أوروبا وأمريكا واليابان نشرح خلالها للناس أن مصر بلد الأمن والأمان خاصة أن البعض يعتقد أن حرب غزة تدور في مصر في محافظة الجيزة بالقرب من الأهرامات ! وهو ما يدفع الكثيرين للعدول عن زيارة مصر رغم ما حققته هذا العام من رقم كبير لم يتحقق منذ عام 2011 وهو أمر لابد أن يؤخذ في الحسبان خاصة أن هناك بلدان من الممكن أن تزيد من الرقم الذي حصلت عليه السياحة العام الماضي إذا تم العمل على جذب السياح الأمريكان واليابانيين والإيطاليين وغيرهم من نوعيات السياحة التي نحصل منها على أموال كثيرة جداً.
أما فكرة تسفير قناع الملك توت عنخ آمون فضلاً عن بعض القطع الأخرى للملك الذهبي في معارض بالخارج فأعتقد أنها غير صائبة حالياً ليس فحسب لأنها قطعة نادرة وفريدة ليس لها مثيل في العالم وأن خروجها يخالف قانون حماية الآثار الذي يمنع خروج قطع أثرية نادرة من مصر ولكن لأن محتويات مقبرة الملك المصري توت عنخ آمون هى أيقونة المتحف المصري الكبير الذي أعلن د. زاهي حواس أن هناك نية لافتتاحه خلال شهر أبريل أو مايو القادم.
بينما يربط بعض الخبثاء فكرة تسفير قناع توت عنخ آمون في معارض للخارج بتحقيق مصالح شخصية لبعض الأشخاص الذين يستفيدون من وراء المعرض سواء بالسفر أو الترويج لمؤلفاتهم فضلا عن محاضراتهم بالخارج متسائلين هل يمكن عملياً سداد ديون مصر بإقامة معارض لقناع توت بالخارج وكم حصلت مصر من قبل من معارض الملك الذهبي توت عنخ آمون منذ أن خرج من مصر مرات عديدة وحتى الآن وأيضا هل يعقل أن تخرج قطع أثرية فريدة للملك الذهبي كانت سبباً في إنشاء المتحف المصري الكبير الذي تكلف حوالي مليار دولار لتكون أيقونته ثم نقوم قبيل افتتاحه بشهور بتسفيرها للخارج من أجل الحصول على المال !