حققت مصر نجاحا ملحوظا في تطوير منظومة الرعاية الصحية، من خلال مبادرات صحية شاملة ومبتكرة، أبرزها مبادرة "100 مليون صحة" التي أطلقتها الدولة عام 2018. شكلت هذه المبادرة نقلة نوعية في مواجهة التحديات الصحية، حيث استهدفت الكشف المبكر عن الأمراض غير السارية وعلاجها، إلى جانب القضاء على فيروس سي الذي كان يمثل عبئا صحيا واقتصاديا كبيرا على الدولة.
بفضل الجهود المكثفة، تمكنت مصر من فحص نحو 63 مليون مواطن، وتقديم العلاج لـ4.6 مليون شخص، بتكلفة إجمالية بلغت 3.8 مليار جنيه.
لم تقتصر هذه الجهود على المواطنين المصريين فقط، بل شملت أيضا أكثر من 105.5 ألف وافد، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية. وبلغ معدل الشفاء للمستفيدين من العلاج 98.5%، مما يعكس جودة الخدمات المقدمة واعتماد أحدث البروتوكولات العلاجية العالمية.
كما ساهمت المبادرة في تحقيق وفر مالي كبير، حيث تم توفير نحو 16 مليار جنيه من التكاليف الطبية المباشرة بفضل التشخيص المبكر والعلاج الفعال للحالات. وبالتوازي، تم استهداف الفئات العمرية الصغيرة، حيث يجري فحص 2.2 مليون طالب في الصف الأول الإعدادي للكشف المبكر عن فيروس سي خلال العام الدراسي الحالي.
لم تتوقف جهود مصر عند حدودها، بل امتدت إلى العالم. ففي عام 2019، أطلقت الدولة مبادرة لعلاج مليون أفريقي من فيروس سي، بالإضافة إلى تبادل خبراتها مع أكثر من 60 دولة من خلال ورش عمل وشراكات دولية مع مؤسسات مثل المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والأوبئة والمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
حازت هذه التجربة على إشادات واسعة من المؤسسات الدولية. وأكد "بيوتر كرامارز"، كبير العلماء بالمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والأوبئة، أن نجاح مصر في القضاء على فيروس سي يُثبت أن هذا الهدف ليس مستحيلا، مشيدا بقدرتها على تطوير استراتيجيات صحية مستدامة. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن مصر أصبحت أول دولة تحصل على شهادة المستوى الذهبي على مسار القضاء على فيروس سي.
كان للعلاجات المصنعة محليا دور محوري في نجاح المبادرة، إذ ساهمت في خفض أسعار الأدوية عالميا، بحسب تقرير البنك الدولي. وأشاد تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة بالتجربة المصرية، واصفا إياها بأنها نموذج يُحتذى به عالميا، بفضل الحملة القومية للقضاء على الفيروس.
تسعى مصر إلى تعزيز جودة حياة مواطنيها من خلال تطوير خدمات التشخيص والعلاج باستمرار. وتستمر القوافل الطبية المتنقلة في تقديم خدماتها في أنحاء الجمهورية، مما يسهم في تحقيق تغطية شاملة وفعالية في الجهود الصحية.
ختاما، تؤكد تجربة مصر في القضاء على فيروس سي والارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية قدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق إنجازات تُلهم العالم. وتظل هذه التجربة شاهدا على الالتزام بتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة، بما يدعم مسيرة التنمية المستدامة.
إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب| خطوات جديدة لتعميق التعاون المصرى الأوروبى
إقرأ أيضا :فيصل مصطفى يكتب | الدبلوماسية المصرية: ستة عقود في خدمة السلام والتنمية
