المهندس محمود أبو الفتوح يكتب: بترول الصحراء الغربية .. المعادلة الصعبة 

المهندس محمود أبو الفتوح
المهندس محمود أبو الفتوح

سؤال فرضه علينا إستيراد مصر لمشتقات النفط والغاز الطبيعي، لسد الفجوة الناتجة عن نقص الإنتاج وخصوصاً مع تواجد أفق تنمية وآمال نهضة تليق بالشعب المصري العظيم، الذي تصدي بمفرده لخطط التقسيم والهيمنة لصناعة شرق أوسط جديد، وما أدراكم ماذا كان المقصود بالشرق الأوسط الجديد، من خطط هيمنة علي الثروات وممرات النقل والتجارة العالمية ونقل التحكم بها وإدارتها الي قوي إستعماريه معروفة.
كما نعلم جميعاً صناعة النفط والغاز تحتاج إلى الإستقرار لأنها مشاريع مكلفة جداً تصل إلى تريليونات الدولارات والعائد منها أضعاف الإنفاق عليها، ولكنها تسترجع علي فترات تبلغ عقود من الزمن، ولذلك يلزمها ديمومة الإستقرار لتشجيع الشركات علي خوض التحديات والإنفاق علي تنمية مشاريعها المكلفة.
الصحراء الغربية المصرية وكما يُعرف من علوم جيولوجيا مصر تمتاز بصخور رسوبية كربونية وحجر رملي أو كلاستيك متنوعة ومبشرة بخيرات كثيرة من المعادن والخام، ولكن يغلب علي ترسيب صخورها طابع أو خاصية الـ (Stratigraphic ) صعبة الترجمة، ولكن مفهومها العلمي البسيط هو تواجد صخور رسوبية تصلح مصائد نفطية منفذة وسط عالم من الترسيب الجيولوجي غير منفذ ولكنها شديدة المسامية وهذه حكمة ربنا في خلقه ولها أسباب تكوينية متعددة وجميعها مدروسة.
وتتشابه هذه الخواص في كثير من صحراء بلدان الغرب العربي وخاصة في الجزائر ذات الكثافة الإنتاجية العالية من النفط والغاز.
وبالمعني البسيط لرجل الشارع العادي فأنه يسهل شوط موجات صوتية وتجميع معلومات سيزمية علي الأرض ثم تحليلها لنكتشف كثافة الفرص لتواجد تكوينات تصلح مصائد بترولية، ولكن يظل تأكيدها ومعرفة ما تحويه من خيرات وتقدير احتياطيها وجدواها يتعلق بعمليات التنقيب والإنتاج والإختبار، وهذه مكلفة وتحتاج إقدام وشجاعة مستثمرين علي وعي بهذة التحديات الطبيعية.
لذلك نجد أن الصحراء المصرية الشاسعة بها تحديات خاصة بالصناعة، وهذا يكفي لتردد الشركات الكبري في خوضها طالما يتوافر لها البديل الأقل مخاطرة.
أضف لهذه التحديات الطبيعية تحديات واضطرابات سياسية تهدد الأمن والاستقرار المطلوبين لخوض غمار المشروعات البترولية مما يعطل تشجيع المستثمرين علي التركيز في عملهم الفني. ولكن؟
لا تدم توافر المصادر السهلة لإستخراج البترول، وربما إختفي مصطلح  Easy oil من المشهد في المنطقه منذ 2005 وأصبحت المشاريع البترولية في الشرق الأوسط محاطة بالمخاطر، وتحتاج لصرف كبير لإستخراج النفط والغاز، وهذا ربما يشجع المهتمين بأنواع المصائد مثل الصحراء المصرية وخيراتها لتعود علي موائد الشركات الكبري ومعظم المستثمرين إذا وجدوا تسهيلات من الدولة في الإتفاقيات وخاصة بنود استرجاع المصروفات والحصص المقررة للشركاء من الخام المنتج.
دائماً ما أصف بترول الصحراء الغربية بالسهل الممتنع، ولكنه يحتاج اتفاقيات خاصة وأسلوب إدارة حديث يعتمد التجارب من دول الجوار في مشروعات الاستكشاف والتنقيب والانتاج المشابهة.
بكل صراحة لا تمتلك مصر هذه الأساليب ولا تعرف عنها غير ما يقرأه أبناءها المتخصصين في مجلات الأبحاث ومصادر التدريب العالمية المتخصصة ولكن هذا لا يكفي!
الأمر يحتاج خبراء تنفيذيين تمتلئ سيرتهم الذاتية بتجارب مشابهة ومعروفة النتائج، وهم الآن متوافرين وبكثرة ومنهم مصريين خبراء دوليون كانوا أسس في نشر هذه الاستراتيجيات وتأكيدها لمشاريع عظمي حول العالم وفي المنطقة.
أعطي مثال لوقت حفر بئر رأسية في الصحراء الغربية وتكلفته ومقارنته ببئر مثيل له في دولة عربية شقيقة.
في مصر كان يتم التخطيط وحفر بئر رأسية ليست بالعميقة في وقت X وبإستخدام جهاز حفر بري متوسط القدرة في وقت قد يصل لأسبوعين أو ثلاثه حتي إكماله وربطه بوسائل الإنتاج، وكان يكلفنا المشروع شهر من الزمن. وكانت كفاءة حفر آبار وحقول لا تتعدي حفر مجموعة آبار حول العشرون بئراً جديده خلال السنة الكاملة.
ولكن تطبيقات LEAN وتطور التخطيط في العالم المتقدم أضفي الكثير من المهنية والتوفير والكفاءة علي هذا الجزء من الصناعة.
دون الدخول في تفاصيل متخصصة يكفي القول أن بإستخدام نفس عدد أجهزة الحفر، وإستخدام أجهزة إكمال أقل تكلفة وHP قدرة وعمل تخطيط زمني لكل خطوات المشاريع تنفذ بمهنية وكفاءة تساوي أسنان المشط في دقتها استطاعت الدول الشقيقة من إنجاز حفر وإكمال وربط آبار منتجة في وقت أقل من سبعة أيام للبئر الواحد وتعادل عشرة أضعاف الرقم X بالطرق القديمة هذا بجانب توفير أرقام ضخمة من ميزانية Capex المخصصة لأقامة وإنشاء الأصول ، والتي يسترجعها المستثمر الأجنبي من بيع حصته في الخام في وقت لا يزيد عن 4 سنوات.
تطوير قطاع البترول المصري لا يتم بالأمنيات ومخاطبة المستثمرين أو الشركات الأجنبية العظمي طلباً في المساعدة فقط ، ولكنه يحتاج وهذا الأهم أن نطمئن المستثمر علي جوانب تساعده في إختيار وإنتقاء مشاريعه الأسرع ثم الأكثر ربحاً في العالم والمنطقة لأن هذه هي لغة الإستثمار الحديثة.
البعد الأمني والسياسي له أهميته في الاختيار يليه بنود الاتفاقيات والمكسب والخسارة، ولكن هناك جانب يخص حسن الإدارة وتوافر الأيدي العاملة المدربة علي الإدارة الحديثة والمتمرسة في تنفيذها، وهذا عنصر مهم جداً في الاستثمار الحديث غائب عن مسئولينا بكل أسف لأنشغالهم بأمور أقل أهمية أو تقليدية أو لعدم تخصصهم في الصناعه عالمياً.
للأسف عناصر جذب غير متوافرة في القطاع اليوم، وإن كان هناك الكثير من أبناء مصر المخلصين يتقنوا الصناعة والإدارة الحديثة عالمياً ولكنهم يتوارون في بيوتهم أو يقدمون خدمات استشاريه لإدارة المشاريع الكبري في دول الجوار.

 

 

ترشيحاتنا