لم يكن من مشاهير القراء..وإن كان من كبارهم لا جدال.. لحق بزمان آخر عظماء التلاوة في القرن العشرين، مصطفي اسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد وأبو العينين شعيشع والطبلاوي.. جرته ثقافته الدينية الواسعة الي العديد من المتاعب وغيرة بعض أقرانه.. قال لي أن الشيخ مصطفي اسماعيل قال لخادمته ذات مرة مداعبا:" هاتي يابنتي المصحف عشان أحلف عليه اني بحب الشيخ احمد الرزيقي".. دارت بينه وبين الإذاعة ومسؤوليها معارك اداريةعدة، سببت له العديد من المتاعبت.. ولولا اهتمام الرئيس السادات وتدخله شخصيا في معركة اختبارات الإذاعة المصرية، ما هنأ بالانتماء إليها،وسعدت الملايين من عشاق التلاوة بصوته العذب وأدائه الراقي.
يعتقد البعض خطأ، أن الرزيقي ابن قرية الرزيقات مركز أرمنت محافظة قنا، قد تأخر في القبول قارئا معتمدا بالإذاعة المصرية الي عام 1975، فالحقيقة ان نكسة 1967، من حال دون ذلك، وقد قال شيخنا لكاتب السطور في عام 1991 بمنزله بمصر الجديدة تفاصيل ما وثقه في كتابه "أصوات من نور" للناشر مكتبة جزيرة الورد، تقديم الأديب الكبيرثروت أباظة:
حضرت إلي القاهرة، بدعوة من أحد الأشخاص لإحياء ليلة ذكري الأربعين لإبنه المتوفي.. وقد تعرفت ليلتها علي الكثيرين من رجالات مصر العظام، فكان يجلس مثلا،الفريق سعد الدين الشريف ياور رئيس اأجمهورية، وفريد باشا زغلول وزير التجارة الأسبق، وقد أقنعني الاخير- والكلام للرزيقي- بضرورة تقديم طلب للإذاعة لتحديد موعد الاختبا ر، ثم ناولني كارت توصية الي الشاعر محمود حسن اسماعيل، وأفهمني انه سيقوم باللازم، مضيفا أن فضلا له علي الشاعر الكبير بتعيينه بالإذاعة علي حد قوله.
وفي صباح اليوم التالي تلاحقت المفاجآت.. فما ان دخل الرزيقي مكتب محمود حسن اسماعيل حتي بادره الأخير بالقول: "مش عايزين قراء ياسيدي"، فألجمه الرزيقي قائلا:من يسمعك لا يمكن ان يصدق أنك صاحب قصيدة النهر الخالد؟"، فأسقط في يده خجلا، غير أنه لما كانت تلك الاحداث قد وقعت في شهر يونية من عام 1967 ، قررت اللجنةعدم قيد او اعتماد أي مقرئء إلا بعد إزالة آثار النكسة.
بعد سبع سنوات كانت نفس الشيخ الرزيقي قد تاقت الي الالتقاء بآذان ملايين المستمعين من عشاق التلاوة عبر الأثير، فأرسل خطابا الي الرئيس السادات يحمل أسمي آيات الفخربنصر اكتوبر 73، آملا في دعمه للاعتماد بالإذاعة، ففوجيء شيخنا بعد فترة قصيرة بخطاب يخطره بتحديد موعد للإختبار بالإذاعة، منتهيا بعبارة:"أرجو لك النجاح، كما أرجو ان تخبرني به" إمضاء رئيس الجمهورية محمد أنور السادات.
وبالفعل أجيز الشيخ أحمد الرزيقي مقرئا بإذاعة البرنامج العام في فبراير 1975، عبر لجنة ترأسها شيخ الأزهروقتهاعبد العزيز عيسي، وتم تعيينه قارئا للسورة بمسجد السيدة عائشة، فمسجد السيدة نفيسة إثر وفاة القاريء محمود عبد الحكم.
كما سافر الي العديد من الدول العربية والاسامية لإحياء ليال شهر رمضان، وقد منحته الدولة وسام الجمهورية من الطبقة الأولي في الاحتفال بأهل القرآن في ليلة القدرعام1990.
رحم الله القارئء الصديق الشيخ أحمد الرزيقي الذي حلت ذكراه في مثل هذه الأيام الثامن من ديسمبر عام 2005.
mtelkholy@yahoo .com