خالد الشناوي يكتب| كل حلفائك خانوك يا بشار !

خالد الشناوى
خالد الشناوى

الشيء العجيب والمثير للدهشة والاستغراب أن الدراما السورية في الحقبة الأخيرة قد قدمت في الكثير من المسلسلات خيال لا يبعد عن الواقع الذي تعيشه سوريا في اللحظات الراهنة.

فقد تناولت مشاهدها التصويرية العصابات بمساندة الأعداء حين يدخلون إلى الحارات تحت لافتات وشعارات  البحث عن الحقوق ورفع المظالم عن الضعفاء فيستيقظ شيوخ الحارة المبغوضين ليكتشفوا اختفاء التواجد الأمني فيهربون ويولون الأدبار فرارا تاركين الناس في ظلام ليل طويل يواجهون مصيرهم! 

 ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا على مائدة البحث:هل كانت هذه الأعمال الدراميه بمحض الصدفة؟أم كانت موجهة و مقصودة تمهيداً لما هو قادم؟

ذهب بشار الأسد في صمت واختفى من المشهد تمام الاختفاء بلا أدنى صخب أو حتى اعتراض ولو بقليل من المقاومة لتكتسح العصابات الإرهابية والثوار المدن والعواصم السورية في أيام قليلة!

ليرتفع عقب ذلك اسم زعيم النصرة«أبو محمد الجولاني»بمباركة صهيو أمريكية!

ولعل السؤال التالي:لماذا كل هذا الرضى من واشنطن وتل أبيب عن الجولاني في اسمه الجديد «أحمد الشرع»ولماذا تغيرت قناعات أمريكا واسرائيل عن قناعتها السابقة بصدد القاعدة في  أفغانستان و الحال في العراق بزعمهم الأولى حامية للإرهاب والأخيرة حاوية للأسلحة النووية؟

لا سيما وقد تشابه إسقاط تماثيل الأسد الأب والشبل الإبن في سوريا سيناريو إسقاط تماثيل صدام في العراق وضواحيها!

وإذا كانت السياسة هي لعبة المصالح فلا عداوة فيها دائمة ولا صداقة ولا مجال فيها للعواطف وهي متقلبة كتقلب العواصف إلا أنه ليس من المنطقي تفسير هذا التقلب السريع إلا بوجود صفقة كبيره تم الإعداد لها اعدادا جيدا للغاية القصوى داخل مطابخ السياسة الكبرى بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية وبمشاركة روسيا وتركيا واسرائيل وارغم بشار على قبولها مقابل خروجه الآمن وضمان سلامته وأسرته .

ولا عجب في ذلك حيث ان النظام الأسدي في مراحله الأخيرة كان يمثل عبئا كبيرا على شعبه وعبئا كبيرا على المنطقة وحتى على الحلفاء من الداعمين لهم ومن الموالين فقد وضع الجميع في دائرة مغلقة حيث لعب بسياسته الغير متجددة في المربع صفر !

فقد اصيب هذا النظام في سنواته الأخيرة بالترهل و الكساح السياسي وعجز تمام العجز عن التحرك بأريحية حين اعتمد على النظام الإيراني مرتميا في حضنه ارتمائا واتكائا كان هو الأطول عمرا وهذا مرفوض في عرف وشرعة من يلعبون السياسة بذكاء ومرواغة!

 فالبحث عن البديل أحياناً والاعتماد على الذات والمرواغة احيانا أخرى هما طريق الخروج من عنق الزجاجة كلما كان الارغام على الدخول فيها .

خلاصة الأمر أن النظام الأسدي في حقبته الأخيرة بات محلك سر بعد عدم قدرته على التخلص من تبعيته لإيران بعد قرابة النصف قرن من الدخول في عبائتها رغم أنها لم تعد الحليف المخلص كما كانت وبعد الضربات القاسمة لحزب الله و حتمية خروجه اجبارا من حلبة الصراع وتجفيف منابع تسليحه واغتيال قائده الأقوى والأخطر على الكيان الإسرائيلي «حسن نصرالله» .....و عدم قدرته بعد ذلك أيضا على العودة نحو خيمة العروبة وقوميتها   ...

ناهيك عن روسيا المنهكة في أوكرانيا والتي تخلت ورفعت يدها في الآونة الأخيرة .

وهنا اتذكر المقولة الشهيرة:«كل حلفائك خانوك يا ريتشارد»

بهذا السقوط المدوي تم زيادة تعقيد الأمور داخل منطقة الشرق الأوسط وتعقيد الأمر في قطاع غزة المنكوب والخوف بات زائدا من تنفس الاسلام السياسي في المنطقة ورجوعه بأشكال وألوان قاتمة و مختلفة !

مؤلم جداً أن بشار لم يصحح علاقاته بشعبه ولم يبدأ بخارطة طريق حقيقية يعدل بها مسار سياساته داخليا وخارجيا و لم يصحح علاقته بمنطقته بل اعتمد كل الاعتماد على حليف هنا وحليف هناك !

التاريخ يعيد إنتاج نفسه مرارا وتكرارا ولكننا للأسف لا نتعلم الدرس وإن تعلمناه فيكون بعد فوات الأوان!

لك الله يا سوريا ويا منطقتنا المكلومة .

 

 

ترشيحاتنا