تتمثل مهمة القوات المسلحة طبقا للمادة (200) من دستور 2014 المعدل فى حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد .فتختص القوات المسلحة دستورياً بالحفاظ على الأمن القومى للدولة بمفهومه الشامل : فى المجالات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والأيدلوجية ، والعسكرية ، والبيئية ، والمعلوماتية . وليست العسكرية فقط ، ولا شك أن عدم توافر السلع الغذائية الأساسية أو حجبها أو زيادة أسعارها بشكل مبالغ فيه لا يتناسب مع دخل غالبية الأسر المصرية ؛ يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومى للدولة ، ومن أجل مواجهة ذلك نقل الدستور المصرى الحق فى الغذاء إلى نصوص الدستور نفسه ، إذ نص عليه فى المادة (79) على أن : " لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام ، ......" ويضع النص السابق على عاتق الدولة الالتزام بتوفير الغذاء ، فيجب أن يكون الغذاء متوفرًا للبيع في الأسواق والمحلات. وأن يكون الغذاء متوفّرًا بأسعار مقبولة ، ويجب أن يتمكن الأفراد من الحصول على نظام غذائي كافٍ من دون المساس بأي من احتياجاتهم الأساسية الأخرى . ولتحقيق الأمن الغذائى تقوم القوات المسلحة من أجل توفير السلع الغذائية فى الأسواق بأسعار مقبولة بعرض انتاجها الفائض عن حاجتها من مزارعها ومصانعها ومشاريعها للبيع فى منافذ البيع للجهور بأسعار مخفضة ، كما عملت على إنشاء مجمعات ومولات ومنافذ لبيع السلع الغذائية لللتخفيف عن كاهل المواطنين .
وعلى الرغم من ذلك يلاحظ كل منا الارتفاع غير المسوغ فى الأسعار والذى يرجع فى كثير من حالاته إلى عدم وجود رقابة فعالة من الجهات المعنية بالرقابة على الأسعار ، أو إلى قيام بعض التجار باحتكار السلع الغذائية وأخفائها وحجبها عن التداول لتحقيق مكاسب سريعة ضاربين باستقرار الدولة وأمنها عرض الحائط ، ولمواجهة ذلك كان لابد من إشراك القوات المسلحة فى إطار دورها الوطنى لحماية الأمن القومى الغذائى فى عملية الرقابة على تداول السلع الغذائية ومواجهة جرائم حجبها ومنع تداولها ، وذلك بالاشتراك مع الشرطة المصرية فى هذا الشأن
وبُغية تحقيق ذلك تم سن القانون رقم (3) لسنة 2024 والذى كلف فى المادة الثانية منه مأمورى الضبط القضائي بالقوات المسلحة بالتعاون في جميع الإجراءات المقررة قانوناً لمأموري الضبط القضائي بالشرطة لمواجهة الأعمال أو التعديات التي من شأنها الإخلال بسير عمل المرافق العامة والحيوية بالدولة أو الخدمات التي تؤديها وبالأخص الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية وذلك كله بما يحفظ المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه أو مقتضيات الأمن القومي، والتي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني. على أن تحديد ضباط وأفراد القوات المسلحة وأماكنهم ومهامهم وغيرها من الإجراءات التي تقتضيها طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية يكون بقرار من وزير الدفاع طبقا للمادة الثالثة. و من أجل تمكينهم من أداء دورهم ومواجهة هذه الجرائم فى إطار الشرعية الدستورية أعطت المادة الخامسة لضباط القوات المسلحة وضباط الصف الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير الدفاع وفقاً لأحكام المادة الثالثة من هذا القانون، كل في الدائرة التي كلف بها، جميع سلطات الضبط القضائي والصلاحيات المرتبطة بها والمقررة لمأمورى الضبط القضائي وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بأدائهم لمهامهم المنصوص عليها في هذا القانون. ولا شك أن ممارسة ضباط القوات المسلحة وضباط الصف لهذه المهام بحسبانها مهام تدخل فى نطاق مهمة القوات المسلحة بحماية الأمن القومى الغذائى يسوغ منطقياً اختصاص القضاء العسكرى بنظرها ؛ نظراً لتعلق هذه الجرائم بعمل القوات المسلحة ، حتى ولو كان مرتكب هذه الجريمة مدنياً ؛ لذلك أخضعت المادة الرابعة من القانون هذه الجرائم لاختصاص القضاء العسكري.