مازالت ردود الأفعال تتوالى من علماء الآثار عقب الانفراد الذي نشره موقع لأخبار المسائي أمس تحت عنوان: "أبوالهول برأس زنجي في متحف أمريكي.. وحواس: مهزلة بحق الحضارة المصرية القديمة".
الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار وعميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق وصف الواقعة بأنها عبارة عن سرقة علمية وتزييف للتاريخ.
بينما استنكر الدكتور أيمن وزيري أستاذ الآثار بكلية الآثار جامعة الفيوم ونائب رئيس اتحاد الأثريين المصريين ما حدث مؤكدا أنه ليس جديدا وأن واقعة أبو الهول برأس زنجي ليست الأولى من نوعها.. وأشار وزيري إلى استنساخ معابد مدينة الأقصر في مدينة لاس فيجاس وسط عدم اعتراض أحد آنذاك.. فضلا عن فنادق تم بنائها على هيئة أبو الهول والأهرامات ولم يعترض أحد.
استنساخ مخالف للقانون
و أكد عالم الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية إلى أن واقعة استنساخ تمثال أبوالهول برأس زنجي بمتحف المتروبوليتان الأمريكي هو استساخ يخالف مبادىء المقومات الثقافية بالدستور المصرى مادة 47 "تلتزم الدولة بالحفاظ علي الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة" ويطعن فى أصول الحضارة المصرية والشخصية والهوية المصرية.
كما أن استنساخ الآثار المصرية مخالف للمادة 39 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته والتى تنص على أن للمجلس الأعلى للآثار أن ينتج نماذج حديثة للآثار على أن يتم ختمها منه، وللمجلس الترخيص للغير أو بالتعاون مع أى جهة يحددها بإنتاج هذه النماذج طبقاً للمواصفات والشروط التى يحددها والتى يتضمنها الترخيص الصادر فى هذا الشأن وعلى أن تكون بمواصفات مخالفة للأثر الأصلى التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير ويحظر تداول أو سفر أية نماذج يتم إنتاجها بالمخالفة لهذه المواصفات
استثناءات علمية
ونوه الدكتور ريحان إلى أن هذه المادة تنص كذلك على أنه فيما عدا الأغراض العلمية والدراسية واستخدمات الجهات الحكومية والهيئات العامة لا يجوز بغير إذن خاص من المجلس الأعلى للآثار استغلال صور القطع الأثرية أو الآثار بصفة عامة فى مجال الاستغلال التجارى والإعلانات التى تهدف للترويج عن منتجات أو سلع أو خدمات سواء كان ذلك عن طريق ملصقات أو مطبوعات أو تصوير فوتوغرافى أو ضوئى أو سينمائى أو من خلال مواقع إليكترونية أو بأى وسيلة أخرى من وسائل الدعاية أو الإعلان أو ما يماثلها وذلك للأغراض التجارية البحتة، وأن هذه المستنسخات للآثار المصرية قد تمت دون موافقة رسمية من المجلس الأعلى للآثار مما يعد مخالفًا لقانون حماية الآثار.
طعن في الهوية المصرية
وطالب الدكتور عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة بالرد على ذلك بمنهجية علمية لاتنطلق من الاعتراض على اللون أو الأصول الزنجية باعتبار هذا المشروع المشبوه الذى تنطلق من خلاله الفنانة الأمريكية (لورين هالسي) والذى يطلق عليه مشروع المطرقة يهدف إلى الطعن فى الأصول والهوية والشخصية المصرية، وهو ممول من مؤسسة دانيال وإستريليتا برودسكي، أمين العمارة الحديثة والتصميم والفنون الزخرفية في قسم الفن الحديث والمعاصر لمتحف متروبوليتان السابق وعدة مؤسسات أمريكية.
ونوه الدكتور ريحان إلى العلاقات الحضارية بين مصر والعمق الأفريقى التى بدأت منذ عام 1503 ق.م، وقد تجسّد ذلك فى رحلات قدماء المصريين إلى بلاد بونت وهى فى رأى الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى وقد وجدت أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وغرب أفريقيا وبين القبائل النيلوتية في أعالي النيل وفي محور شمال أفريقيا.
وقد سجّل المصرى القديم الواقع الحضارى للعمق الأفريقى وصوّر آثاره على جدران المعابد ومنها مناظر البيوت التي صورت على هيئة أكواخ ومناظر رعى الماشية والخيمة التى نصبها المصريون لاستقبال عظماء بونت الذين قدموا لتحيتهم وقد قدّم لهم المصريون الخبز واللحم والفواكه ومناظر تمثل المبعوث المصرى أمام الخيمة وأمامه كومة من البخور قدمها له زعيم بلاد بونت الذى حضر ومعه زوجته ومعها أحد الأتباع محملاً بالهدايا.
كما تزوج بعض ملوك مصر القديمة ببعض الأميرات النوبيات، التي تُظهرهم الآثار ببشرة سوداء صرفة وملامح إفريقية واضحة مختلفة عن قدماء المصريين، مثل الملكة "كم سيت" النوبية زوجة الملك منتوحتب الثاني، الذي حكم مصر بين 2061 و2010 ق.م، والتي أظهرتها جداريات الدير البحري بملامح نوبية.
أبوالهول الصيني
خبير الآثار الدكتور حسين دقيل يرى أن الاستنساخ أمر قديم وعلى سبيل المثال الصين قامت باستنساخ تمثال لأبوالهول وكانت هناك محاولات في أماكن أخرى لاستنساخ غيره أيضا.
ويشير د. دقيل إلى أن الاستنساخ مخالف للقوانين الداخلية المصرية سواء القانون ١١٧ سنة ١٩٨٣ وتعديلاته بعد ذلك التي تمنع التقليد ولكن هذا القانون لا يسري على العالم الخارجي لأنه قانون محلي حتى لو بعض الخبراء تحدثوا عن مخالفة الاستنساخ للقانون فهم يشيرون إلى القانون الداخلي المصري ولا نستطيع أن نفرضه على الآخرين.
مخالفة إتفاقية اليونسكو
لكن د. دقيل يرى أن هناك قانون منظمة اليونسكو إتفاقية سنة ١٩٧٢ لحماية التراث الدولي لكل دولة على حدة بإتفاق دولي ومن ضمن مواد هذه الاتفاقية أن تتعاون الدول في حماية التراث المحلي لكل دولة وعندما نجد أثر مستنسخ في دولة أخرى فهذا أيضا مخالفلهذه الإتفاقية بشكل عام ومن الممكن قيام الدول ومصر على الأخص بمطالبة العالم الخارجي بالإلتزام بإتفاقية اليونسكو الموقعين عليها وفي هذه الحالة يمكن الوصول إلى حل ويتم إزالة هذه الاستنساخات والتوقف عن عمل استنساخات أخرى في هذه الدول.
وحقيقة منذ سنوات عندما بدأ موضوع الاستنساخ لأبوالهول تحركت مصر نتيجة ضغط داخلي على السوشيال ميديا ويقال أن الصين تراجعت عن هذا الأمر.
الملكية الفكرية
وهناك مشكلة عامة لآثارنا أننا لم نضعها بعد ضمن ما يسمونه بالملكية الفكرية الدولية وله قانون لكننا للأسف غير متنمكنين من وضع تراثنا ضمن الملكية الفكرية بشكل عام على مستوى العالم.
وهو أمر يحتاج إلى تفكير وكيفية عمل ذلك فإذا وضع التراث المصري على معايير الملكية الفكرية على مستوى العالم في هذه الحالة نستطيع أن نطالب وبقوة ومن الممكن أن تتراجع هذه الدول وألا تكرر مثل هذه الخطوة مرة أخرى من الأساس.
وحتى يتم وضع تراثنا على الملكية الفكرية ما المطلوب؟
الدكتور حسين دقيل يرى أن تراث المصري معروف وآثارنا المصرية موجودة في كل مكان فأبوالهول معروف أنه تمثال مصري وخوفو مصري والمعابد مصرية وهو بشكل عام يثبت الملكية الفكرية المصرية حتى بدون القوانين التي نطالب بها.
وبناء عليه فلو وجدت إرادة قوية لإيقاف مثل هذه العمليات ستتوقف ولو وجدت هذه الدول التي تقوم بعمليات استنساخ للآثار المصرية منا رد فعل قوي ومطالبات قوية بإيقاف عمليات الاستنساخ كان من الممكن أيضا ألا تتكرر هذه الوقائع في أمريكا أو في غيرها.
انفراد "الأخبار المسائي"
كان موقع الأخبار المسائي قد نشر أمس انفرادا تحت عنوان: "أبوالهول برأس زنجي في متحف أمريكي.. وحواس: مهزلة بحق الحضارة المصرية القديمة"
وأشار الأخبار المسائي أن تمثالا على هيئة أبو الهول برأس زنجي قامت فنانة أمريكية تدعى لورين هالسي بنحته بمتحف المتروبوليتان في نيويورك بعنوان "الجانب الشرقي من النموذج الأولي للعمارة الهيروغليفية" أثار موجة من الاستياء الشديد في الأوساط الأثرية والسوشيال ميديا.
تضليل للتاريخ
وقال عالم الآثار الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق في تصريح خاص للأخبار المسائي أن ما حدث بمتحف المتروبوليتان هو عبارة عن تضليل للتاريخ وتزوير كامل وعيب أن متحف المتروبوليتان الذي يحوي آثار مصرية ويعرف تاريخ مصر جيدا يسمح أمنائه بهذه المهزلة.
معاقبة المتحف
من جانبه وجه د. محمد عبد المقصود أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق تساؤلا حول هل يكون هناك عقوبة مثل بعثة متحف ليدن بهولندا.
بينما كشف د. محمود درويش أستاذ الآثار بكلية الآثار جامعة المنيا أن صاحبة واقعة تمثال أبو الهول برأس زنجي هى "لورين هالسي" فنانة أمريكية معاصرة من أصول إفريقية زنجية ولدت في عام (1987) في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، تستخدم هالسي فن الهندسة المعمارية والتركيب لإظهار واقع الأحياء الحضرية مثل ساوث سنترال، لوس أنجلوس.
درست في معهد كاليفورنيا للفنون (CalArts) في الفترة من 2008 إلى 2012، وحصلت على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة، ثم في جامعة ييل من 2012 إلى 2014، وحصلت على درجة الماجستير في الفنون الجميلة.
من عام 2012 إلى عام 2014، عملت هالسي مع زملائها في مشروع بعنوان Harlem Postcards، والذي تم تقديمه في متحف الاستوديو في هارلم، نيويورك. خلال هذا الوقت، أكملت هالسي معرض أطروحتها في معهد كاليفورنيا للفنون وبدأت البرنامج في جامعة ييل.
تم تكليف هالسي من قبل متحف متروبوليتان للفنون في عام 2022 باعتبارها الفنان العاشر الذي يصمم عملاً خارجيًا لحديقة السطح Iris and B. Gerald Cantor بالمتحف. تم تأجيل المعرض المخطط له إلى عام 2023 بسبب التأخير اللوجستي المتبقي بسبب جائحة كوفيد-19. صممت هالسي الجانب الشرقي من جنوب وسط لوس أنجلوس النموذج المعماري الهيروغليفي (2022-2023)، وهو عبارة عن جناح مكعب في الهواء الطلق مستوحى من الهندسة المعمارية المصرية، وتحيط به أربعة تماثيل لأبو الهول والعديد من الأعمدة القائمة بذاتها. تم حفر الجدران البيضاء للجناح والأعمدة على نطاق واسع بالعبارات والأسماء والرسومات والشعارات والمراجع التاريخية من الثقافة السوداء وحولها، حيث يشير العديد منها على وجه التحديد إلى مجتمع هالسي في جنوب وسط لوس أنجلوس. كانت تماثيل أبو الهول والتماثيل النصفية الأخرى للأشخاص الموجودة في جميع أنحاء الجناح مبنية على أصدقاء هالسي وعائلتها، بما في ذلك والدتها غليندا. تم عرض العمل في أبريل 2023 وسيتم إغلاقه في أكتوبر 2023؛ بعد المعرض، تخطط هالسي لنقل العمل بشكل دائم إلى جنوب وسط البلاد.
مشروع المطرقة للفنانة لورين هالسي المشروع عبارة عن نصب تذكاري للأصدقاء والعائلة وهو على هيئة معبد دندرة، الشكل المباشر للهيكل هو معبد دندره - الشهير في المتحف، والذي أعيد تشكيله هنا وتقلص حجمه، وتحيط به أربعة تماثيل أبو الهول وأعمدة قائمة بذاتها، وجدرانه مغطاة من الداخل والخارج بكلمات وصور الكثير من المحتوى الفعلي في نسخة هالسي وجوه أبو الهول كلها صور لأفراد عائلتها: والدتها غليندا وابن عمها أوجان وشقيقها دومينيك وشريكة حياتها مونيك ماك ويليامز. الشيء نفسه مع الأعمدة. تستند جميعها إلى مثال واحد من القرن الرابع معروض في صالات عرض Met. لكن هالسي استبدلت صور الإلهة المصرية حتحور على الأصل بأشباه أصدقاء فنانين من جنوب وسط النقوش الجدارية، المحفورة يدويا هي في معظمها محلية وشخصية أيضا. حيث غطى المصريون القدماء جدران مقابرهم وأضرحة برسوم توضيحية من كتاب الموتى، ابتكرت هالسي وفريقها من الفنانين والحرفيين كتابا يركز على الوجود الحضري الأسود المعاصر، ولكن لا يقتصر بأي حال من الأحوال،على استحضاره وحفظه بالكلمات والصور المنحوتة في مئات الألواح الخرسانية لفترة من الوقت بدا أن نواياها قد تحققت كانت حملة كيك ستارتر التي أطلقتها ناجحة. أعطاها مشروع المطرقة جائزة نقدية لأفضل عرض.
مشروع المطرقة
وأشار د. محمود درويش إلى أن ما قامت به الفنانة الأمريكية لورين هالسي هو جزء من مشروع المطرقة، وتم تكليف بذلك من قبل مجموعة القطط السمان لإنشاء تركيب خاص بالموقع لـ The Met's Iris و B. Gerald Cantor Roof Garden.
من هم القطط السمان الممولين لمشروع المطرقة
الداعم الأول والرئيسي لهذا المشروع:
مؤسسة بلومبرج الخيرية التي يملكها مايكل بلومبرج المرشح الرئاسي في 2019 ديمقراطي
مؤسسة دانيال وإستريليتا برودسكي، أمين العمارة الحديثة والتصميم والفنون الزخرفية في قسم الفن الحديث والمعاصر لمتحف متروبوليتان السابق.
مؤسسة Barrie A. and Deedee Wigmore صاحبها روبرت مينشل وهو مؤلف كتاب "الأسواق، الغوغاء والفوضى: نظرة حديثة على جنون الجماهير".
Cynthia Hazen Polsky and Leon B. Polsky لصاحبها فيرنر هيرزوغ وسينثيا بولسكي وهو من اصل يهودي.
واقعة متحف ليدن بهولندا
كان معرض في متحف ليدن بهولندا قد آثار الجدل منذ شهور أيضا لقيامه بربط موسيقى الـ "هيب هوب" بوجود توابيت وتماثيل فرعونية في المتحف الهولندي، في محاولة لإظهار تأثير مصر القديمة على الفنانين ذوي الأصول الإفريقية.
وعرضت بالقرب من تماثيل نصفية قديمة صورة لبيونسيه في شخصية الملكة نفرتيتي، ومقطع فيديو لريهانا وهي ترقص أمام الأهرامات. وفي وسط القاعة، قناع ذهبي يوحي أنه كان لأحد الفراعنة، لكنه في الواقع منحوتة حديثة تمثل غلاف ألبوم لمغني الراب ناز.
وأثارت هذه القطع التي يتضمنها معرض "كيميت" (أي "الأرض السوداء") في متحف "ريكميوزيوم فان أودهيدن" (المتحف الوطني للآثار) في ليدن حفيظة مصر حيث منعت علماء آثار من المتحف الهولندي من التنقيب في أحد المواقع المهمة.
تزييف التاريخ
واعتبر المجلس الأعلى للآثار أن المتحف يزيف التاريخ باعتماده مقاربة الـ"أفروسنتريك" أي "الحركة المركزية الإفريقية"، منددة بـ"محاولة السطو على الحضارة المصرية"، بحسب وسائل إعلام هولندية.
ولاحظ متحف ليدن أن بعض التعليقات على الشبكات الاجتماعية بعد اندلاع الجدل اتسمت بكونها "عنصرية أو مسيئة". وبالتالي، أدى ما كان من المفترض أن يكون احتفاء بـ"مصر في الهيب هوب والجاز والسول والفانك" إلى نشوب معركة ثقافية.
الملكة كليوباترا
وأعرب خبراء ومسؤولون مصريون عن استيائهم في أبريل الفائت، بعد عرض "نتفليكس" لوثائقي عن كليوباترا، جسدت فيه ممثلة ذات بشرة داكنة شخصية الملكة الفرعونية الشهيرة، حيث أكد المجلس الأعلى للآثار أنّ كليوباترا كانت "ذات بشرة فاتحة اللون وملامح (يونانية)".
عقوبات للبعثة الهولندية
وبعد بضعة أشهر، منعت السلطات المصرية علماء آثار من المتحف الهولندي من دخول مقبرة سقارة جنوب القاهرة، مع أن بعثات المتحف الهولندي كانت تعمل منذ أكثر من خمسة عقود في الموقع الشاسع المعروف بأهراماته.