تطبيق العمل عن بُعد| خطوة جيدة لمواكبة التقدم والتطور وتحسين الأداء الوظيفى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

السرعة والدقة هما أهم سمات العمل الناجح، وبداية تطبيق العمل عن بعد فى بعض الجهات الحكومية فى مصر تعد خطوة جيدة لمواكبة التقدم والتطور الذى تعيشه جميع دول العالم، حيث إن العمل عن بعد يتيح الفرصة للعاملين على تحسين الأداء الوظيفى نتيجة القيام بالمهام المسنودة إليهم دون أى ضغوط أو تأثيرات خارجية قد تعوق إنجازهم للمهام المسنودة اليهم، هذا ما قرره مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، والذى أقر تطبيق نظام العمل عن بعد لبعض العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة دون الحاجة إلى التواجد بمقر العمل على أن يتم التطبيق التجريبى لجهتى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لمدة 6 أشهر..

 

ناقشنا الخبراء حول مدى نجاح هذه التجربة والمزايا التى ستعود على العاملين منها وكيفية تفادى أى عقبات لضمان نجاح وتعميم التجربة.

 

من جانبه أكد الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى أن تطبيق العمل عن بعض وتقليص التعامل بشكل مباشر فى التعاملات اليومية يعتبر من مظاهر مواكبة العصر الحديث الذى نعيشه، والذى يتسم بالعديد من الثورات الصناعية والتكنولوجية والتى تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعى والروبوتات وما إلى ذلك من أشياء تساعد البشرية على إنجاز المهام بشكل أدق وأسرع.

 

ويؤكد أن تطبيق ذلك فى مصر بشكل تجريبى يعد خطوة جيدة من الحكومة المصرية ومؤسساتها لتلبية متطلبات المرحلة فى مواكبة التطور والسرعة والدقة فى الكثير من المهام الإدارية التى لا تحتاج إلى أيد بشرية أو قوة عاملة بشكل كبير حيث سيتم القضاء على الأخطاء التقنية أو المغالطات البسيطة التى قد تكبد الجهات أموالا طائلة.

 

ولكن على الصعيد الآخر فهناك أيضا وظائف من الصعب فيها الاستغناء عن العامل البشرى والتى تقوم بشكل أساسى على التواصل المباشر مع الجمهور، وهو ما سيكون مكملا لأجهزة الذكاء الاصطناعى والتطور والتقدم التكنولوجى السائد فى مختلف انحاء العالم.

 

وأضاف أن ذلك سيساعد الموظفين على إنجاز المهام بشكل أكثر دقة وبدون ضغط أو توتر أو أى مؤثرات خارجية قد تنعكس على تركيزهم فى إنجاز متطلبات العمل، حيث إن العمل عن بعد يوفر قدرا كبيرا من الراحة والتركيز للموظف أينما كان، بل ويحفزه على إنجاز المهام التى تسند إليه على أكمل وجه لأنه لا يتعرض لضغوط أو تحركات كثيرة قد تعرقل سرعة أدائه.

 

وأشار الشافعى إلى أن مثل هذه الأفكار تحدث ثورة كبيرة فى الهيكل الوظيفى داخل مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة واختفاء الروتين، وأنه سيسهل على المواطنين التعامل مع مختلف الهيئات والمصالح الحكومية لإنجاز المهام المطلوبة بشكل أسرع مع توافر وسائل الراحة والتى قد تصل إلى إنجازها من المنزل دون الخروج لمصلحة حكومية أو التعامل مع الموظفين.

 

تجربة ناجحة

وفى نفس السياق اتفق الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى وعضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية فى الرأى، حيث يرى إن تطبيق العمل عن بعد أثبت بالتجربة الفعلية أنه قد يساعد العمالة على أن تكون أكثر إنتاجية خاصة الفئة التى لا تتطلب التعامل بشكل مباشر، وأوضح أن العالم أجمع قد مر بهذه بالتجربة التى أثبتت نجاحها خلال تفشى فيروس كورونا والتى أرغمت كافة المنظمات والمؤسسات بالدول أن تقوم بالعمل عن بعد للحفاظ على أرواح المواطنين والسيطرة على تفشى الفيروس، وهو ما يعد مثالا حيا لابد أن يظل نصب أعيينا، لأنه على الرغم من الظروف النفسية التى كان يمر بها الغالبية العظمى من البشر على مستوى العالم نتيجة تفشى المرض وسقوط الملايين من الضحايا إلا أن العمل عن بعد كان ملاحظا أنه يتم بدقة أكبر وبفاعلية فى مختلف المؤسسات والهيئات.

 

وأضاف أن الدولة المصرية أيضا إذا تمكنت من تنفيذ ذلك، سيسقط عن كاهلها العديد من الأزمات والتى ستحل تلقائيا نتيجة تفعيله وتنفيذه، فمنها على سبيل المثال مشكلة الازدحام بالشوارع، والتكدس المرورى والتلوث البيئى، فإذا تقلص عدد السيارات التى تقل الموظفين يوميا فى الشوارع سينتج عنه بالتبعية توفير للمحروقات، ومنها سيقل التلوث فى الهواء ومن ثم سيعود بالنفع على المواطنين بشكل خاص وعلى البيئة.

 

بالإضافة إلى توفير استهلاك الكهرباء والمياه بالمصالح الحكومية المكتظة بالمكاتب والأجهزة، فضلا عن توفير طاقة وجهد لكل موظف يقضى ساعات طويلة فى الذهاب والعودة من العمل فى حين أنه قد يتمكن من إنجاز نفس المهام من المنزل وإذا تم إنجازها بنجاح يتم إسناد مهمة إضافية له حتى ينتهى منها وهذا ما قد يجعله أكثر إنتاجية لأنه يعمل من منزله.

 

وأشار شوقى إلى أن التجربة من السهل تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع ولكن لابد من وضع الضوابط الجيدة من أجل إحكام المراقبة والتأكد من الجودة وتطبيقها على نظام العمل من أجل تحقيق الاستغلال الأمثل لطاقات العمال الموجودة والوصول بهم إلى أعلى إنتاجية بالمعايير المطلوبة، دون إهدار للوقت أو الجهد.

 

زيادة الإنتاج

ويرى الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادى أن اتجاه الدولة المصرية إلى تطبيق نظام العمل عن بعد يعد خطوة إيجابية لبعض العاملين فى الجهاز الإدارى بالدولة دون الحاجة إلى التواجد بمقر العمل ،على أن يتم تطبيق هذه التجربة فى قطاعين لمدة 6 أشهر وهما وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.

 

ويشير إلى أن هناك تغييرات كبيرة فى نظم العمل على مستوى العالم وأن 80% من بعض جهات العمل لا تتطلب التواجد فى المكاتب ،كما أن نسبة 2 مليون موظف بالجهاز الإدارى للدولة يمكنهم العمل عن بعد وبالتالى فهى تجربة هامة للغاية ،فأسلوب العمل عن بعد أسلوب جديد يسمح للمحترفين بالعمل خارج بيئة العمل التقليدية داخل المكاتب والمقرات و الهيئات والقطاعات المختلفة ويعتمد هذا النظام بأن نجاح العمل لا يرتبط بتنفيذه بمكان معين.

 

و يضيف أنه لضمان نجاح هذه التجربة من الناحية الاقتصادية فيجب تفادى بعض النقاط حتى يتم تعميم التجربة على أوسع نطاق وفى مختلف الهيئات و القطاعات ،فهناك بعض التحديات التى قد تواجه التجربة فعلى سبيل المثال بعض الهيئات لا تمتلك البنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة، أيضا يجب أن يتم تدريب العاملين بشكل كاف من أجل أن يكون لديهم المهارات الفنية للعمل عن بعد وممارسة كافة العمليات الفنية المتعلقة به، مشيرا إلى أن التحديات الرقابية تكمن فى اللوائح والقوانين والتشريعات التى قد تعيق العمل الرقمى أو الإلكترونى وهذا يتطلب إعادة النظر فى بعضها من أجل نجاح التجربة.

 

ويؤكد: أما بالنسبة لفوائد تجربة العمل عن بعد فهى تعطى للموظف بعض المرونة فى تصميم اليوم الخاص به حيث يمكنه تحقيق التوازن بين العمل و الحياة الشخصية والرفاهية مما ينعكس بشكل إيجابى على نفسية العامل، كما يقلل هذا النظام فى العمل من تعرضه للضغط النفسى بشكل أقل من العاملين داخل مقرات العمل التقليدية ومدى ارتفاع معدل الإنتاجية مما يتيح له التركيز بشكل أكبر فى العمل، كما أن ذلك سيتيح ترشيد خدمات الصيانة و النفقات الخاصة ببعض المرافق و الهيئات المختلفة ،كما أن ذلك سيؤدى إلى انخفاض مستوى التكدس و الازدحام المرورى خاصة فى المناطق الحيوية التى تحتوى على أكثر من جهة حكومية.

فرص عمل

ويقول الدكتور أبو بكر الديب أستاذ الاقتصاد أن هناك العديد من المزايا فالقرار خطوة جيدة، فالعالم يشهد تحولا كبيرا نحو الرقمنة والحوكمة على كافة المستويات وانتشر بشكل كبير مفهوم «العمل عن بعد».. ليس فقط فى مجال الاتصالات والتكنولوجيا بل تخطاه فى قطاعات اقتصادية صناعية أخرى أو زراعية أو سياحية.

 

ويضيف أن أهم النتائج الإيجابية لهذه التجربة هو زيادة الإنتاج وجودته والاستعانة بالخبرات من مناطق بعيدة أو حتى خارج الدولة حيث يمكن توظيف أشخاص من ثقافات وجنسيات مختلفة مما يتيح بيئة خصبة لتبادل الأفكار، كما أن هذه التجربة ستساهم فى ترشيد النفقات لبعض الهيئات من كهرباء ومواصلات وإنترنت وهذا سيتيح إنتاجية أكبر للعامل واستفادة أكبر لصاحب العمل أيضا.

 

ويشير إلى أن هذا النظام سيساعد على خلق فرص جديدة لذوى الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من دخول سوق العمل بصورة أكبر وكسر الروتين واستثمار الوقت بشكل أفضل ،مؤكدا أن هذه التجربة سيكون لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد وطرق العمل فهناك 40% من الوظائف غير التقنية يمكن إنجازها عن بعد.

 

اقرأ أيضا: مجمع «مصانع الكوارتز».. صرح عملاق لاستغلال ثروات المناجم والمحاجر والملاحات 

 

احمد جلال

محمد البهنساوي

ترشيحاتنا