الدكتور حسين عبدالفتاح يكتب: كيف تحصل على أعلى دخل وأنت فى بيتك ؟

الدكتور حسين عبدالفتاح أستاذ تكنولوجيا التعليم بجامعة قناة السويس
الدكتور حسين عبدالفتاح أستاذ تكنولوجيا التعليم بجامعة قناة السويس

دعونا نفكر مرة واحدة بطريقة مختلفة؛ ففي الأنباء المتتالية الواردة من أمريكا وكندا والدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص من كبرى الكيانات والشركات العملاقة في صناعة التقنية والخدمات الإلكترونية وغيرها، والتي تخص تسريح تلك الكيانات والشركات الكبيرة لآلاف من العاملين فيها، وقد تستغني عن كثيرين من موظفيها والعاملين فيها، ولعل أول ما تذهب إليه الكثير من التفسيرات للاستغناء عن هذه الأعداد الكبيرة من العمالة هي حالة الركود العالمي جراء انتشار وباء كورونا ومن بعده الحرب الروسية الأوكرانية!

لكن الرؤية المغايرة تبدأ بالسؤال: متى شرعت تلك الشركات صغيرها وكبيرها في الاستغناء عن عمالتها؟

لعل الفقرة السابقة للسؤال توضح الإجابة أن ذلك بدأ بعد انحسار الوباء وانتهاء الإغلاقات في العديد من البلدان سابقة الذكر، وليس مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية؛ والتفسير الإيجابي المتفائل في هذه المقالة هو أن تلك الشركات والكيانات بالدول المشار إليها وخلال الإغلاق وبصورة إجبارية غير اختيارية جربت إمكانية استمرار العمل عن بعد في معظم المهام بكثير من القطاعات وبخاصة في صناعة التقنية والبرمجيات وتطوير التطبيقات والمواقع وتحليل البيانات وبحوث تحديد الاحتياجات وتقييم أداء التسويق الإلكتروني والكتابة والترجمة والتصميم، وغيره من الوظائف والمهام التي لم تتعطل ببقاء العاملين فيها في منازلهم وإتمام العمل على أكمل وجه دون أن يتأثر على الإطلاق بل أن معدل الإنتاجية والاستفادة من وقت العمل ربما تضاعف في الأعمال التي لا تحتاج للعمل الجماعي طيلة الوقت!

وبالنظر لمدى الراتب السنوي في تلك الوظائف بالولايات المتحدة على سبيل المثال وهو أمر سهل ومتاح لأي شخص من خلال بعض المواقع ليتقاضى آلاف الدولارات  

ففي الوقت الذي يعمل فيه الموظف أو الفني أو الخبير من منزله عن بعد وعبر الإنترنت، وهو تمامًا ما يمكن استبداله بموظف أو فني أو خبير يملك نفس الخبرة أو ما يقاربها من بلدان مثل الهند والصين وغيرها من البلدان منخفضة الأجور وهو ما يوفر مبالغ طائلة للكيانات الكبيرة أو للأعمال والمشاريع الفردية الصغيرة التي يحتاج أصحابها لمطورين وخبراء في تلك المجالات وربما يكونوا أكثر التزامًا ودافعية للعمل فمهما انخفضت الأجور المتاحة من دول مثل أمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي ستظل أعلى من بلدانهم الأصلية.

الأمر الذي أدى لتضاعف فرص تلك الوظائف المتوافرة عن بعد وعبر الإنترنت، ويمكن لأي شخص الدخول لبعض المواقع  وكتابة الوظيفة أو العمل أو المهارة التي تستطيع العمل بها،  في أي دولة وأنت في بلدك الأصلي! وبالطبع كلما كان حسابك يحتوي بياناتك وخبراتك وسيرتك الذاتية ستتمكن من التقديم والحصول على مهام أكثر للعمل عن بعد، وبالتالي توفير دخل شهري بعملة البلد التي تتيح لك مهام العمل! وهو ما شجعته منذ فترات طويلة بلد مثل الهند باستثمارها فيما عرف وقتها بأكشاك التكنولوجيا والتي ساهمت في انتشار كثيف للمصممين والمطورين والمبرمجين ومقدمي الخدمات الهنود على العديد من المواقع.

 ولعلك عزيزي القارئ على علم بتشجيع الدولة حاليًا لهذا النوع من العمل ومحاولتها اختيار أفضل العناصر لتدريبها وإعطائهم الدورات التدريبية المدعمة على سبيل المثال من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لخوض هذا النوع من العمل الحر الذي لن يكون فقط باب لخفض معدلات البطالة، لكنه أيضًا بابا لجلب العملات الصعبة.

ولأننا بلد شاب يمكن أن يصبح مورد جديد للعملات الأجنبية ومصدر جديد من مصادر الدخل القومي، وهو ما يستحق من أبنائنا العمل الجاد والاستثمار في أنفسهم من خلال التعليم المستمر والدورات المؤهلة في التخصصات والمجالات المختلفة، ومن ناحية أخرى يستحق من القائمين على إعداد وتطوير المناهج الجامعية وقبل الجامعية الاهتمام بمراعاة مواكبة المقررات والمناهج لإعداد أجيال تصنع الفرصة ولا تنتظرها فهذا مفتاح جديد لحياتهم العملية وتحقيق النجاح!

ترشيحاتنا