خبراء: الحفاظ علي التراث غير المادي ينمي الإحساس بالهوية ويعزز التنوع الثقافي

جزء من التراث الشعبى
جزء من التراث الشعبى

يولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتماما غير مسبوق ، بالتراث المصري،ويحرص  على تطوير الصورة البصرية للبلاد ليتحاكى بها العالم، وأعطى توجيهاته للمسؤولين بإزالة كافة أشكال العشوائية وتطوير وتجميل المدن والحفاظ على ما بها من تراث وآثار، كذلك كان الاهتمام بتطوير المبانى الأثرية، وتطوير أضرحة آل البيت والمدن والمنشآت القديمة والحفاظ على التراث المعمارى والحضارة العمرانية، بجانب إقامة معرض "ديارنا" بشكل منتظم لدعم الحرف التراثية واليدوية، كما يجرى حاليًا الإعداد لمؤتمر موسع للحفاظ على التراث والمزمع إقامته في شهر مارس المقبل ليتسق مع رؤية الدولة واستراتيجيتها للحفاظ على التراث بكافة أنواعه.

ولا يزال التراث غير المادي يمثل عنصرًا هامًا للحفاظ على التراث الثقافي المتنوع، ذلك التراث الذي يمثل الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية – والتي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد جزءا من تراثهم الثقافي.

وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا يعد جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية"

ويتجلى التراث اللامادي في التقاليد وأشكال التعبير الشفهي بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي ويقصد بها في التصنيف المصري الأدب الشعبي وأيضا فنون وتقاليد أداء العروض ويقصد التصنيف المصري بها فنون الأداء الشعبي .بالإضافة إلى الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات. ويقصد بها التصنيف المصري العادات والتقاليد والمعارف، وكذلك المعارف الممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون. ويقصد بها في التصنيف المصري المعتقدات الشعبية والمعارف الشعبية .والمها ارت المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية. ويقصد بها في التصنيف المصري فنون التشكيل الشعبي والحرف.

 استطلعت " الأخبار المسائي " اراء  الخبراء عن رؤيتهم للتراث غير المادي وأهميته في الحفاظ علي الهوية من خلال أشكال التراث المتعارف عليها ومدى تأثرها بوسائط التكنولوجيا الحديثة.

وفي البداية يقول محمد عمران باحث في التراث الثقافي، أن التقاليد وأشكال التعبير الشفهي بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي (ويقصد بها الأدب الشعبي) والأدب الشعبي هو الذاكرة الحية والمتحركة للشعوب لأنه يتلقى العناصر الثقافية الشفهية وينقلها جيل بعد جيل ويحفظها في الذاكرة الجماعية التي تحفظ وتضمن خلودها بين فئات المجتمع وبالتالي يعكس فلسفته وواقعه ويشمل: الشعر الشعبي: أو الشعر العامي وهو الشعر المنسوب الى العامية وهو شعر منظوم بلهجة غير اللغة العربية الفصحى وهو يتكلم بلغة أهل البلد الدارجة والمتميزة، ومن أجمل الأمثلة للشعر العامي المصري "رباعيات صالح جاهين"، وأحمد نجم "شحاته المعسل".

أضاف أن السير الشعبية هي من أكثر الأشكال التعبيرية في الأدب الشعبي انفتاحا على بقية أشكال التعبير سواء النثرية أو الشعرية كما تعد من أكثرها توظيفًا له هي قصص من التراث تمجد فيها القيم العربية ومن أشهر السير الشعبية سيرة عنترة بن شداد والسيرة الهلالية أو سيرة بنو هلال )التي سجلتها مصر في اليونسكو( وسيرة الظاهر بيبرس. وعنترة بن شداد، وهذه السير تعتبر مخزنا للقيم وتعيش في وجدان الشعوب.

ويضيف الدكتور أحمد سعد جريو – عضو لجنة التراث الثقافي غير المادي بالمجلس الأعلى للثقافة والباحث في العادات والتقاليد - أن الحكايات الشعبية هي نتاج فكرى أنتجته الشعوب عبر تاريخها الطويل، وأودعت بها أروع قصصها وأجمل ما مر بها من أحداث وحكايات فجاءت لتعكس خلاصة تجاربها وتعطى صورة حيه نابضة عن واقع المجتمعات عبر مراحل تاريخها وهى تشكل لبنة في البناء الثقافي للمجتمعات، وهي وصف لواقعة خيالية أو شبه واقعية أبدعها الشعب في ظروف حياته وسجلها في ذاكرته ورواها أفراده لبعضهم البعض بمرور الوقت وتوارثوها عن طريق المشافهة من أجل المتعة والتسلية وقد يكون أبطال الحكاية بشر أو حيوانات أو كائنات خيالية، وتتنوع الحكايات الشعبية بين حكايات التسلية والترفيه والحكايات التعليمية والتربوية والحكايات التي لها وظيفة نفسية وتعتبر ترجمة لعدم قدرة الإنسان على تحقيق رغباته على مستوى الحقيقة. ومن الحكايات الشعبية المعروفة على بابا والأربعين حرامي.

أضاف أن الألغاز تعتبر أحد أشكال التعبير الأدبي في أي مجتمع، وهي عبارة عن اسئلة غامضة قد تصعب الإجابة عليها ، واللغز من خلال السؤال والجواب يعطى بعض ملامح الثقافة الشعبية السائدة في المجتمع، وللألغاز الشعبية وظيفة تربوية تعليمية فهي تنمى الثروة اللغوية وتساعد على ممارسة مهارات التفكير وتنمية الذكاء فهناك لغز تعليمي :" عشرة وعشرة مش عشرين أصبحوا احدى عشر" عندما أضفنا لهم خمسين" الحل الساعة عشرة وعشرة عندما نضيف لها خمسين تصبح الحادية عشر كما أن للألغاز وظيفة التسلية والترفيه، وتتنوع الألغاز فقد تكون علمية أو رياضية ومنطقية وفد تكون ألغاز الكلمات أو ألغاز ميكانيكية وغيرها.

وتقول انجى صفوت البططي - باحثة في التراث الشعبي - أن الأمثال عبارة عن قول مأثور تظهر بلاغته في ايجاز لفظه وقيل في مناسبة معينه ويقال في مثل تلك المناسبة، والأمثال حكم الأجداد التي تركوها للأحفاد تحوي تجاربهم، وكلما كبرنا نعيش مع هذه الأمثال والمثل تعبير عفوي عن موقف أو حدث وهي أقوال مأثورة تقال في مناسبات معينة، ودراسة المثل وسيلة لمعرفة الموقف الاجتماعي من بعض القضايا.

وأشارت إلى الأساطير كأحد أشكال التراث غير المادي، وذكرت ان الأسطورة قصة خرافية صاغها الإنسان البدائي حسبما أوحاه له خياله الضعيف وترتب الأسطورة بنظام ديني معين وتعمل على توضيح معتقداته وتدخل في صلب طقوسه وهي تفقد كل مقوماتها كأسطورة إذا انهار هذا النظام الديني وتتحول إلى حكاية دنويه، ومن أشهر الأساطير في التاريخ المصري أسطورة ايزيس واوزوريس.

وعن الفكاهة قالت "البططي" إن الفكاهة أو الدعابة أو الطرفة هي الميل لذكر عبارات أو خبرات محددة بغرض الضحك والتسلية وهى نظرة باسمه للمواقف، ويستجيب الإنسان من جميع الأعمار للدعابة والضحك والفكاهة، والضحك أمر مهم في حياة الإنسان لكى تنشرح الصدور وتطمئن القلوب . وتشحذ الهمم وتخفف من الأشجان والاحزان، والشعب المصري معروف منذ العصر الفرعوني أنه خفيف الظل يحب الهزل والفكاهة حتى في أشد الأزمات وقد سجلوا بعض النكات على جدران معابدهم حتى أنهم خصصوا "الاله بس" للضحك، كما أن كثيرا من الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من بعض الظروف الاجتماعية كانت المتنفس للتعبير عن السخرية وكنوع من الفكاهة.

ويصف الشاعر عادل صابر، الملاحم الشعبية بأنها هي التي تحكى بطولات الشعوب مثل الإلياذة والوديس وعنترة بن شداد، والداعية والرقى والتعاويذ التي تستخدم أغراض متنوعه منها حماية الإنسان أو الحيوان من الحاسدين والأعداء .

ويؤكد الشاعر فتحى عبد السميع، أن منظمة اليونسكو تستخدم التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي لنقل المعارف، والقيم الثقافية والاجتماعية، والذاكرة الجماعية. وهي تؤدي دور شديد الأهمية في الحفاظ على الثقافة النابضة الحياة. وهناك بعض أنواع التعبير الشفهي شائعة يمكن أن تستخدمها جماعات بأكملها، في حين أن أنواعا أخرى تقتصر على فئات اجتماعية محددة قد تكون الرجال دون النساء أو النساء دون الرجال، أو المسنين فقط. وفي كثير من المجتمعات . إلا أن أشكال التعبير الشفهي هذه نفسها وممارساتها العلنية هي التي تساعد في صون اللغة وليس القواميس وكتب النحو وقواعد البيانات. فاللغات تعيش في الأغاني والقصص، وفي الأحاجي والأشعار، ولذا فإن الصلة وثيقة قوية بين حماية اللغات وتناقل التقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي.

أضاف "عبدالسميع" قائلًا : على غرار أشكال التراث الثقافي غير المادي الأخرى، فإن التقاليد الشفهية معرضة للخطر نتيجة التوسع الحضري السريع والهجرة على نطاق واسع والتصنيع والتغير البيئي. فالكتب والصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإنترنت كلها يمكن أن تترك ما يضر بالتقاليد الشفهية وأشكال التعبير الشفهي. ويمكن لوحدت تغييرات كبيرة في أشكال التعبير التقليدي الشفهي، بل العالم الحديثة أن تحل محلها بالكامل. فالقصائد الملحمية التي كان إلقاؤها في الماضي يستمر عدة أيام قد تخَّفض مدتها إلى بضع ساعات، كما أن أغاني الغزل التقليدية التي كانت تؤدى قبل الزواج يمكن أن يستعاض عنها اليوم بالأقراص المدمجة أو ملفات الموسيقى الرقمية.

ترشيحاتنا