أخر الأخبار

مخاطر يواجهها المرضي بسبب الإهمال..

«العلاج الطبيعي» أصبح «بيزنس»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتبت : آية فؤاد

 

لم تعد تقتصر مهنة العلاج الطبيعي على الخدمة العلاجية بعد العمليات أو الإصابة ببعض الأمراض، وأصبح الكثير من الشباب يقبلون عليها لتحسين أداء العضلات والمفاصل، ومع تطور المهنة والتقنيات والأجهزة المستخدمة انتشرت مراكز العلاج الطبيعى وارتفعت معها الفاتورة التى تختلف حسب المكان والحالة، واستغل الأمر ضعاف النفوس وغير المختصين لتصبح وسيلة مربحة و«بيزنس» لجنى المال غير مبالين بالمخاطر التى تلحق بالمرضى والتى قد تصل للإصابة بالجلطات والشلل!

 

أثارت حادثة وفاة سيدة فى العقد الثالث من عمرها داخل أحد مراكز العلاج الطبيعى بمنطقة حدائق الأهرام، قبل شهور قليلة، الجدل، حيث تحول حلمها بأن تخسر بضعة كيلوجرامات من وزنها إلى جريمة، بعد أن لجأت لأحد مراكز العلاج الطبيعى التى تقدم خدمة التخسيس بالتبريد لتفقد داليا حياتها بعدما أصيبت بالتشنج أثناء إحدى الجلسات، واتضح بعد ذلك أن المركز يمتلكه اثنان حاصلان على بكالوريوس علاج طبيعي، والمركز غير مرخص.


فقــــدت داليــــا حـــياتها نتيجـــة تضـارب التخصصــات ووصــــف أخصائى العلاج الطبيعى للعلاج فى حين أنه غير منوط له التشخيص أو وصف العلاج، حيث تشير المادة الثامنة من قانون تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى إلى أنه «على من يزاول العلاج الطبيعى وضع وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعى بناء على التقرير الطبى الصادر من الطبيب المعالج، وأن يكون على اتصال دائم به، ويتبادل الرأى معه فى شأن استمرار العلاج، ولا يجوز لمن يزاول العلاج الطبيعى تشخيص الحالات أو إعطاء وصفات أو شهادات طبية أو دوائية، أو طلب فحوص معملية أو إشعاعية».

 

ورغم ذلك يصف كثير من أخصائيى العلاج الطبيعى الأدوية للمرضى، بل ويتدخلون فى تشخيص الحالة ومدة العلاج وكيفيته، ما يسبب للمرضى مضاعفات جسيمة، كما حدث مع إسراء محمد عندما أصيبت بضعف وتشنج فى العضلات وخضعت للعلاج لفترة طويلة، لكن بعد تجاوز فترة العلاج ظلت تعانى أثناء الحركة، فنصحها الطبيب بالعلاج الطبيعي، وتوجهت لأحد مراكز العلاج وبدأت الجلسات وكان من بينها ما يسمى بـ«العلاج بالتحفيز الكهربائي»، وحين بدأت حالتها فى التحسن أخبرها الطبيب أن بإمكانها التوقف عن الجلسات والاكتفاء بالتمارين المنزلية، ولكن أخصائى العلاج الطبيعى أصر على استكمال الجلسات. وتقول إسراء: «استمرار العلاج بالكهرباء لفترة طويلة أصابنى بالتهابات وحروق شديدة أخذت شهورا فى علاجها حتى تماثلت للشفاء، وخسرت صحياً ومادياً حيث كان سعر الجلسة الواحدة 300 جنيه وأجريت 12 جلسة.

 

أما منى (ربة منزل) فبدأت معاناتها عندما قصدت مركزًا للعلاج الطبيعى لإصابتها فى الكاحل وقام الطبيب بعمل بعض التمارين لها ولكنها كانت عشوائية وعنيفة، وشعرت حينها بآلام شديدة، لكن الطبيب أخبرها أن هذه الآلام طبيعية، وعند عودتها للمنزل تضاعف الألم فتم نقلها إلى المستشفى وبعد الأشعات والفحوصات تبين أنه تسبب فى كسر بالكاحل، وقامت بإجراء عملية لتركيب شريحة ومسامير، وعند مواجهة الطبيب بالمركز أنكر أنه السبب فى ذلك، وبعد فترة علمت أن المركز تم إغلاقه لأنه كان غير مرخص!

 

فى سياق آخر، نجد أن أعداد مراكز العلاج الطبيعى تكاثرت بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة، فأغلب المناطق بها مركز واثنان وأحيانًا أكثر، حيث يتنافس أصحابها على تقديم الخدمات العلاجية للمرضى، ورغم أن هذه المراكز العلاجية فى الأساس تقدم خدماتها العلاجية بشكل حقيقى ويقوم عليها متخصصون، فإنها فى بعض الأحيان تكون مجرد «نصباية» بالنسبة إلى من يفتتحون مراكز غير مرخصة تستغل البسطاء وتلاحقها نقابة العلاج الطبيعي.


رصدنا بعض مراكز العلاج الطبيعى التى تقدم خدمات علاجية للمرضى الذين هم بحاجة للعلاج الطبيعي، وتباينت أسعار الجلسات أولاً حسب المكان، حيث تواصلنا مع مركز فى إحدى المناطق الراقية بمحافظة الجيزة وكانت الأسعار كالتالي: «تبدأ قيمة سعر الجلسة من 600 جنيه، وذلك لعلاج المفاصل وتقوية العضلات، كما يبدأ سعر جلسة العمود الفقرى من 500 جنيه، أما سعر الجلسة لعلاج خشونة الركبة فيبدأ من 400 جنيه».


كما جاءت هذه الأسعار مختلفة عن قيمة الجلسة بمركز للعلاج الطبيعى بأحد الأحياء الشعبية، حيث تبدأ قيمة جلسة العمود الفقرى من 300 جنيه، وجلسة علاج خشونة الركبة تبدأ من 250 جنيهاً، وجلسات التأهيل والحركة 300 جنيه، حسب كل حالة وعدد الجلسات التى تحتاجها.

 

وكما تختلف أسعار جلسات العلاج الطبيعى تبعاً لمكان المركز، تتباين أيضاً أسعار جلسات العلاج الطبيعى بالمنزل حسب عنوانه، وحالة المريض الصحية، وعدد الجلسات التى يحتاجها، حيث تراوحت أسعار جلسات العلاج الطبيعى على الرقبة والظهر والعمود الفقرى بين 400 و800 جنيه للجلسة الواحدة، ويتراوح سعر الجلسة لعلاج آلام المفاصل وخشونة الركبة بين 500 وألف جنيه،  ويتراوح سعر جلسة العلاج الطبيعى للتأهيل بعد الحوادث بين 650 و1200 جنيه، وجلسة علاج المسن وتأهيله حركيا من 400 إلى 800 جنيه.

 

من جانبها، أكدت ابتسام راجح، استشارى العلاج الطبيعي، أن أسعار جلسات العلاج الطبيعى تُحدد طبقاً للمكان والخدمة العلاجية المقدمة والأجهزة والتقنيات المستخدمة، فأجهزة العلاج الطبيعى لها العديد من الأنواع والأسعار والمنشأ، وتُحدد الأسعار طبقًا لذلك، موضحة أن الأمر يخضع للرقابة من عدة جهات منها نقابات العلاج الطبيعى وتبعًا للدمغة العلاجية، بالتالى يمكن لأى مريض حسب حالته المادية تلقى العلاج.

 

وفيما يخص ضبط الأسعار وطريقة التعامل مع الدخلاء على المهنة، يقول سامى سعد، النقيب العام لأطباء العلاج الطبيعي: الدخلاء يتم التعامل معهم عن طريق النيابة العامة بتهمة انتحال صفة طبيب علاج طبيعي، وممارسة نشاط طبى وفتح منشأة طبية بدون رخصة، أما خريجو كليات العلاج الطبيعى المؤهلون لفتح مراكز وعيادات للعلاج الطبيعى إذا ثبت أن أحدهم لا يحمل ترخيصاً للمكان أو ترخيصاً شخصياً يتم تحويله للتحقيق داخل النقابة، والعرض على مجلس النقابة واتخاذ قرار بإحالته إلى اللجنة الابتدائية، وإذا ثبت أنه أخطأ تبدأ العقوبات بالتنبيه واللوم، وإيقاف مزاولة المهنة لمدة عام أو يتم إسقاط عضويته أو تطبيق غرامة عليه.

 

وأكد أن أسعار الجلسات الطبيعى تختلف نسبياً وفقاً للمكان ومؤهل الدكتور القائم بتقديم الخدمة العلاجية إذا كان حاصلاً على ماجستير أو دكتوراه، وكذلك حسب الأجهزة المستخدمة، ولكن دون مبالغة بما يضمن وصول الخدمة للمريض بأسعار فى حدود إمكانيات الجميع، فهناك مراكز تحدد سعر الجلسة بـ500 جنيه، وأخرى بألف جنيه، حسب قدرات وإمكانيات وموقع المركز، كذلك تختلف الأسعار حسب الحالات التى يتم التعامل معها، فالمراكز التى تتعامل مع حالات الشلل تختلف عن التى تتعامل مع حالات الآلام فى الرقبة والظهر، نظرًا لاختلاف الأجهزة المستخدمة وعدد الجلسات.

 

من جانبه، يؤكد أيمن حسام الدين، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن مراكز العلاج الطبيعى أصبحت بيزنس لمنتحلى المهنة، لافتاَ إلى أن الأمر منتشر خاصة فى المناطق الريفية مستغلين جهل الناس البسطاء، وينجح المحتالون فى استقطابهم عن طريق المصطلحات التى تلقى صدى لديهم كالعلاج بالحجامة والإبر الصينية وشعارات الطب البديل.

 

ويوضح أن مواقع التواصل الاجتماعى أتاحت الفرصة لانتشار هؤلاء المحتالين، ولكن الجهاز منوط به حماية المستهلك، بالتالى يتم تتبع هؤلاء عن طريق صفحاتهم للوصول إلى مراكزهم غير المرخصة لمداهمتها واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالهم.

 

اقرأ أيضا : وزير التعليم العالي يبحث مع نقيب العلاج الطبيعي التعاون في دعم الخدمات 

ترشيحاتنا