تعرف علي علاقة الإغتراب الثقافي بالظواهر الاجتماعية الخطيرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

سلط مرصد الأزهر الضوء مقال له على ظاهرة الاغتراب الثقافي بوصفها ظاهرة خطيرة تستهدف ثوابت المجتمع حيث تشكل الثقافة هوية المجتمع وتحدد انتماءاته: فمن خلال الثقافة السائدة في المجتمع يشعر الفرد بالانتماء لوطنه، لأنه يعيش وسط مجتمع يتحدث أفراده نفس اللغة، وتجمعهم عدة روابط من لغة وعادات وتقاليد وقيم مجتمعية، وكلما كان الشعور بالانتماء مترسخًا في نفوس أفراد المجتمع تنامى الشعور بالأمان والألفة بين أفراده؛ الأمر الذي يظهر في سهولة التواصل بين أفراد المجتمع على اختلاف المدن والمناطق التي ينتمون إليها واشتراكهم جميعًا في الآمال والآلام والطموحات والتحديات. 

وأشار المرصد إلى أن ما يشهده العالم اليوم من تغيرات متسارعة على جميع الأصعدة: الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية، والتي أثرت على مختلف مناحي الحياة، وأسهمت في التغيرات السلوكية التي طالت الأفراد والمجتمعات - تأتي ظاهرة الاغتراب الثقافي التي باتت تنتشر في كثير من مجتمعاتنا وتعصف بشبابنا لتدق ناقوس الخطر وتنذر بمستقبل محفوف بالمخاطر؛ جراء اندفاع الشباب نحو التخلي عن هويتهم، وثقافتهم والإقبال بشغف على ثقافات مستوردة تعتبر من وجهة نظر هؤلاء عين التقدم والتحضر دون تفكير فيما إذا كانت هذه الثقافات وما تحويه من سلوكيات مناسبة لنا أو لا، الأمر الذي استدعى إلقاء الضوء على هذه الظاهرة وتوضيحها وسبل مواجهتها.

وعرف المرصد مفهوم الاغتراب الثقافى بأنه تمرد الفرد على الثقافة السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه، نتيجة لانبهاره بثقافة أجنبية عنه، وميله نحو تقليد الثقافات الأخرى الوافدة، خاصة في الأمور الخاصة بالعادات والتقاليد والأعراف وأسلوب الحياة والنظام الاجتماعي، وما ينتج عن ذلك من ضعف قدرة الفرد على التواصل والانسجام مع ثقافته، والميل إلى العزلة والشعور بالعجز واللا مبالاة والإخفاق في التكيف مع الثوابت السائدة وكذا التغيرات الطارئة على المجتمع بشكل موضوعي.

حيث ينتج عن هذه الظاهرة العديد من المظاهر السلبية، وأنها لم تعد تقتصر في تأثيرها على الفرد المغترب ثقافيًّا فحسب، بل يمتد تأثيرها لينتج العديد من الظواهر السلوكية والاجتماعية التى يعاني منها المجتمع، مما يخلف ظواهر غريبة على المجتمع، وليس من المبالغة ولا التشاؤم أن نقول: إن الاغتراب الثقافي يسهم بشكل كبير في عدد من الأمراض الاجتماعية الخطيرة على رأسها: (الانحرافات السلوكية – الإلحاد – العنف - التطرف – عدم الانتماء للوطن)، وغيرها من الظواهر التي تؤرق المجتمع وتعصف بدرة المجتمعات وأغلى ما فيها وهم شبابها.

ودعا المرصد فى ختام المقال إلى مجموعة من التوصيات للحد من ظاهرة الاغتراب أبرزها:

أولًا: على الصعيد الأسري: ضرورة تربية الأطفال على المعايير والضوابط الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، وضرورة الإشراف الأبوي على المحتويات والبرامج والأفلام التي يشاهدها الطفل سواء على التلفاز أو من خلال شبكة الإنترنت، وإبعاد الأطفال والنشء عن مشاهدة أي محتوى يتعارض مع معايير المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده.

ثانيًا: على الصعيد التعليمي والتربوي:أهمية اتباع منهج تربوي -تتبنَّاه مؤسسات التعليم- يعمل على تعزيز واحترام الثقافة السائدة في المجتمع، والاهتمام باللغة العربية داخل المؤسسات التعليمية، فدائمًا ما يكون الإبداع والابتكار أوقع باللغة الأم، كما أن اللغة هي الوعاء الذي تنتقل فيه ثقافة المجتمع من جيل إلى آخر، وتوجيه الرحلات والمعسكرات والأنشطة الطلابية بما يخدم ويعزز ثقافة المجتمع ويعزّز الشعور بالانتماء للوطن والمجتمع في نفوس الشباب، إلى جانب العمل على تعزيز الشعور بالاعتزاز بالثقافة الأم واكتساب مهارة التفكير الناقد فيما يخص الثقافات الأجنبية لانتقاء ما يناسب ورفض غير المناسب منها. 

ثالثًا: على الصعيد الإعلامي: ضرورة تشديد الرقابة على المحتويات الإعلامية والدرامية المقدمة للجمهور، حيث تخلو من أية مظاهر تهدم ثقافة المجتمع وتعبث بقيمه ومعاييره وضوابطه، وتوجيه القنوات الإعلامية إلى تعزيز ثقافة المجتمع من خلال الصالونات الثقافية وغيرها من المحتويات الإعلامية التي توجه الشباب نحو الاعتزاز بثقافتهم الأم واستدعاء التاريخ المضيء. 

رابعًا: على الصعيد التوعوي العام: ينبغي العمل على تدريب وإكساب أبنائنا وشبابنا مهارات الذكاء الثقافي، فالشخص الذي يمتلك الذكاء الثقافي يستطيع الانفتاح على الثقافات الأخرى والتعايش معها مع الحفاظ على ثقافته الأصلية والاعتزاز بها. 

وناشد المرصد الأطراف المعنية كافة بحماية المجتمعات من الفكر المتطرف، والسلوكيات غير السوية، للقيام بدورها في سبيل حماية المجتمعات من هذه الأوبئة، التي استشرت في عالمنا المعاصر كالسرطان القاتل، ومنها ظاهرة الاغتراب الثقافي.

 

احمد جلال

محمد البهنساوي

ترشيحاتنا