أخر الأخبار

« خيناليق » أقدم قرية في أذربيجان .. وعلى قمتها رست سفينة نوح

 خيناليق
خيناليق

تعتبر أراضي أذربيجان من أقدم المستوطنات البشرية والثقافية، فهناك العديد من المعالم الأثرية و القرى التاريخية في البلاد، ومن أبرزها قرية « خيناليق » والتى لها مكانة خاصة بين تلك المستوطنات البشرية حيث  تثبت الاكتشافات الأثرية  معمارية القرية  القديمة وأن أذربيجان تمتلك  المناطق السكنية القديمة التى عاش فيها الإنسان منذ قديم الزمان . وفقاً للاكتشافات الفريدة، فإن أراضي أذربيجان مدرجة في خريطة "أقدم سكان أوروبا" وتحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث العمر والثانية في أوروبا والأولى في الاتحاد السوفيتي السابق. وتقع قرية خيناليق على الضفة اليمينى  لنهر قوديال شاي على الجبل الشمالى الشرقي لجبال القوقاز الصغرى في شمال أذربيجان. كما تقع قرية خيناليق في محافظة قوبا، وتصل قرية خيناليق فى حوالي ساعة و نصف بالسيارة على بعد مسافة  58 كم من مركز المدينة،وتم بناء أول طريق إلى خيناليق في عام 1968 فى عهد السوفيتى.

ويقول سيد عبد الله جباروف "مشرف قسم العربية فى المجمع التذكارى للإبادة الجماعية فى مدينة قوبا الآذربيجانية" فى عام 2006 حدث أمرتاريخي كبير فى حياة سكان القرية حيث تم افتتاح طريق أسفلت سريع حديث في ذالك العام ،و زار الرئيس إلهام علييف والسيدة الأولى مهريبان علييفا قرية خيناليق و إلتقى السيد الرئيس أهالى قرية خيناليق و إهتم بطلباتهم و منذ ذلك اللقاء بدأت تغيرات واسعة فى قرية خيناليق،و أصبح الذهاب الى قرية خيناليق يتم بسهولة.

وتعتبر خيناليق أقدم و أعلى قرية في أذربيجان و تقع القرية على إرتفاع 2350 متر فوق مستوى سطح البحر،تمتاز خيناليق بالثقافة والتقاليد الفريدة، ويمتلك سكانها لغة خاصة بها لا مثيل لها فى العالم. ويسمي الأهالى  أنفسهم "كتّيد" و قريتهم  "كتّيش"، وتربط أسطورة محلية سكان القرية بقصة سفينة نوح عليه السلام، حيث يُقال إن خيناليق هو المكان الذي رست فيه سفينته وينتمون أنفسهم لأحفاد نبي الله نوح - عليه السلام.

و الجدير بالذكر أن القرية بمثابة "متحفٍ في الهواء الطلق"، إذ يمكن فيها استكشاف الحياة التقليدية على أصولها، حيث يعمل الكثير من سكان القرية في رعي الأغنام و الأبقار والزراعة والحياكة وأيضا فى جمع وتجفيف النباتات الطبية والأدوية الطبيعية، يبيعونها فى القرية، يتم استخدامه في كل من الطب والطبخ و التي تعتبر مصدر شفاء لمجموعة واسعة من الأمراض والآلام التي عانى ولا يزال الإنسان يعاني منها.

ويضيف سيد عبد الله جباروف : تتميز قرية خيناليق عن باقي القرى الأذربيجانية فى قدرتها على الحفاظ على تراثها الفريد ، فضلا عن إرتفاعها وصعوبة الوصول إليها وكانت هذه القرية معزولة عن بقية الحضارة بسبب الجبال العالية والمنحدرات الصخرية الخطيرة منذ القدم ويعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام ، نظرًا للعزلة تمكن أهالى القرية من الحفاظ على لغتهم الفريدة الخاصة بهم، والتي لا تنتمي إلى أي عائلة لغوية أخرى، فضلاً عن تقاليدهم وعاداتهم، التي لم تعد موجودة في أي مكان آخر.ويتميز سكانها أيضاً بالشعر الكستنائي، والعيون الزرقاء، وتُعد خيناليق وجهة جميلة تستحق الاستكشاف فى السياحة الأذربيجانية.

التاريخ والثقافة

تضم قرية خيناليق الأماكن التاريخية الهامة و أكثرها المساجد و المقامات و الأضرحة و معابد النار ويليها العديد من المقابر القديمة والتى يرجع تاريخها إلى ما قبل إعتناق القرويين  للإسلام. ومن أمثال تلك المعالم التاريخية فى القرية معبد النار التى لا تنطفأ نارها منذ إنشعالها، وتذكر المصادر التاريخية أن سكان قرية خيناليق إعتنقوا الإسلام على يد أحد المرشديين- أبو مسلم رحم الله عليه وهو شقيق لأمير داربند القاضي هشام في القرن التاسع. وتم بناء أقدم مساجد في خيناليق من قبل أبي مسلم و"مسجد أبو مسلم" التى تقع فى أعلى  نقطة فى القرية ترجع تارخها للقرن التاسع الميلادى. كذلك تم بناء العديد من المساجد و الأضرحة في القرية في القرنين الثاني عشر والخامس عشرالميلادى ، بالإضافة إلى ذلك ، يوجد بالقرية "مسجد الشيخ صلبوز" ، و"مسجد الجمعة" ،و"مقام عبد الجبار"،و "مقام سيد قلم"، و"مسجد ضريح إسرافيل بابا" ،و"موهوج بابا بيري" ،و"مقام خضر النبي"و غيرها. إشتهرت القرية بكثرة مساجدها و شيوخها  و قرائها لكتاب الله ،يكفىهم فخرا أن فى قرية صغيرة يوجد أكثر من31 مسجدا وضريح ، وكذالك  يفتخر القروييون بقريتهم و بعاداتهم و بتقاليدهم و لاشك بدينهم الإسلام حيث لم يسكت  الآذان فى مساجدهم  ولم تتوقف ممارسة شعائرهم الإسلامية حتى فى العهد السوفيتى الذى أغلق المساجد ومنع الشعائر الدينية تحت شعار لا دينية! .

هذه  القرية تزخر بأغنى التقاليد المرتبطة بالزراعة الى جانب طقوس خاصة تجاه الحيوانات الأليفة وكذلك الأجسام السماوية ويحافظ سكان خيناليق على طريقة حياتهم التقليدية و يتم تنظيم حفلات الزفاف والجنازات والاحتفالات الأخرى في توافق صارم مع الطقوس الموروثة من جيل إلى آخر، اشتهرت القرية أيضا بالعديد من الكهوف المقدسة القديمة حسب ما يعتقدون القرويين.

السياحة فى خيناليق

تشهد قرية خيناليق توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب و المحليين و من بينهم السياح العرب من الدول العربية الصديقة الذين يأتون لاكتشاف احدى أقدم المناطق المأهولة بالسكان ومشاهدة المعمارية الآذربيجانية الإسلامية القديمة بشكل متواصل و هو ما ساهم في إنعاش السياحة في القرية و في أذربيجان ككل ويعتبر مشاهدة المنازل والمبيت فيها و تذوق طبخاتهم التقليدية أفضل الأنشطة السياحية في قرية خيناليق، وتعرف السائح الأوروبى  والعربى من خلالها على الحياة اليومية التقليدية لديهم، فسكان القرية يتمتعون بحسن الضيافة و الكرم، و لا تتواجد أي فنادق أو مقاهي في القرية، ولكن لذلك لم يحبط  السائح الأجنبى أو المحلى، إذ يمكن التخييم أو المبيت في منازل السكان المحليين.

المنازل في خيناليق هي مثال بصري للقرية المميزة. تم بناء المنازل مثل الدرج - كل سقف هو شرفة منزل أمام الباب الآخر.ولا تزال العديد من مباني القرية تحتفظ بجوهرها المعماري القديم، حيث يتراوح عمر منازلها بين مائتي وثلاثمائة عام على الأقل.و القرية بأثرها تشبه الأهرامات المصرية.

ويستخدم القروين مكعبات الأسمدة المجففة، التي تعمل كوقود في فصل الشتاء فى التدفئة. و لا سيما  أن المشي لمدة نصف ساعة في شوارع خيناليق سيعطي للزائر شعورًا بأنه سافر عبر الزمن لآلاف السنين في الماضي.

وزيارة المتحف التاريخي هو معرض متواضع للأواني والأسلحة والميداليات و"مكتبة" تحتوى على كتب مختلفة ومنها الإسلامية تدرس فى سطورها الموضوعات العديدة باللغة الآذربيجانية و العربية و ليس من الغريب أن من أبناء القرية كانوا  يؤلفون مؤلفاتهم باللغة الآذربيجانية و العربية أيضا و من مشاهير شيوخ القرية من درس و تعلم فى بلاد الشام. والمشي لمسافات طويلة مشاهدة الجبال الشامخة و المشى من قرية خيناليق الى القرى المجاورة مثل قرية "قلاخودات" و قريتين "ليزاء"وتعد خيناليق قاعدة رائعة لاستكشاف الجبال المحيطة مثل : "شاهداغ" و"بازار دوزو" و "قبله داغ" و "بالته قياه" غيرها من الجبال . يمكن أيضًا ترتيب رحلة من خيناليق إلى قريتين تدعى ليزي  تقع احداهما بالقرب من مدينة قُصار والآخرى بالقرب من مدينة قابالا.

بموجب المرسوم الصادرة من رئيس جمهورية أذربيجان بتاريخ 19 ديسمبر عام 2007  أصبحت قرية خيناليق محمية حيث أُنشئت "محمية خيناليق التاريخية والمعمارية والإثنوغرافية للدولة " تضم "محمية خيناليق" التابعة لدى وكالة السياحة آثارًا تاريخية وثقافية ومعمارية وأثرية وإثنوغرافية وغيرها من المعالم ذات الأهمية الثقافية والسياحية.


 

 

 

ترشيحاتنا