«معلومات الوزراء» يستعرض مؤشرات هدر الطعام عالمياً وأبرز التجارب الدولية لمواجهته

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدد جديد ضمن سلسلة "اتجاهات العالم" والتي تهدف إلى رصد وتحليل أبرز التغيرات والتطورات الإقليمية والعالمية، حيث ناقش التقرير موضوع "هدر الطعام" والذي يشير إلى الأطعمة الصالحة للاستهلاك ولكن يتم التخلص منها في مراحل البيع بالتجزئة أو الاستهلاك، حيث يؤدى تحلل مخلفات الطعام إلى إنتاج غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقد أشار تقرير الأمم المتحدة الأخير حول التغير المناخي إلى أنه ينبغي اتخاذ إجراءات مهمة لتجنب الاحترار العالمي فوق 1.5 درجة مئوية بحلول 2030، ومن ثمَّ يكون فقد الأغذية وهدرها من بين أكثر التحديات إلحاحًا التي لابد من حلها.

استعرض المركز في تقريره حجم الأغذية المهدرة عالمياً بالأرقام، حيث قٌدر الحجم العالمي لهدر الغذاء وفقاً لتقديرات منظمة الفاو بـ 1.6 مليار طن من معدات الإنتاج الأَوَلى، ويبلغ إجمالي هدر الغذاء الصالح للأكل 1.3 مليار طن وتقدر "الأمم المتحدة" العواقب الاقتصادية المباشرة لهدر الطعام بنحو 750 مليار دولار سنويًا، بينما تُقدر البصمة الكربونية لهدر الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي سنويًا، وتمثل انبعاثات الميثان من مدافن النفايات أحد أكبر مصادر انبعاثات الغازات الدفيئة من قطاع النفايات.

ووفقًا لـ "برنامج الأمم المتحدة للبيئة" (United Nations Environment Program)، يبلغ إجمالي نفايات الطعام المنزلية - تلك العناصر المنتهية الصلاحية، أو الفاسدة في الخزانات أو الثلاجات- ما يقرب من 570 مليون طن سنويُّا، أي 11% من إنتاج الغذاء العالمي، ويتم إهدار 8% من الأغذية عند الحصاد، و14% في طريقها إلى سوق التجزئة (أثناء النقل أو التخزين أو المعالجة)، و7% على مستوى البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية وما يقرب من 40% من جميع الأغذية المنتجة لا تصل أبدًا إلى الأفراد الأكثر حاجة.

تناول العدد تأثير هدر الطعام على البيئة، حيث أفادت "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة" أنه إذا كانت نفايات الطعام دولة لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ويعد هدر الطعام هدر أيضًا للمياه، حيث يتم إهدار 250 كيلو متراً مربعاً من المياه العذبة سنويًا لإنتاج الغذاء الضائع، ويُستخدم ربع المياه العذبة في العالم لزراعة طعام لن يؤكل أبدًا، ويأتي ذلك في الوقت نفسه الذي يتزايد فيه عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في المياه بالثانية، والذين من المتوقع أن يصل عددهم إلى ما يقرب من 4 مليارات شخص بحلول عام 2050.

كما استعرض العدد إشكالية فقد الأغذية وهدرها وما تؤدي إليه من تقويض لاستدامة الأنظمة الغذائية، فعندما يُفقد الطعام أو يُهدر فإن جميع الموارد التي تم استخدامها لإنتاج هذا الغذاء - بما في ذلك الماء والأرض والعمالة والطاقة ورأس المال- تذهب هباءً، وعلى صعيد التهديد البيئي لهدر الطعام، أوضح التقرير أن 58% من جميع الأغذية المنتجة في كندا يتم إهدارها، وهي تمثل 35.5 مليون طن متري، وتعد الفواكه والخضروات الأكثر هدرًا، كما ينتج عن الطعام غاز الميثان الذي يضر بالبيئة بمقدار 25 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون.

أشار العدد إلى توقعات نمو سوق وحدات التخلص من نفايات الطعام العالمية من 1.90 مليار دولار في عام 2021 إلى 2.12 مليار في 2022 بمعدل سنوي مركب يبلغ 11.3%، ومن المتوقع أن تصل السوق إلى 2.80 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب 7.3%.

وتشمل الأنواع الرئيسية لسوق التخلص من نفايات الطعام؛ أجهزة التخلص من النفايات المحطمة، والنفايات الجافة، وأجهزة التخلص من النفايات من خلال الطحن وهي تشتمل على غرفة لاستقبال القمامة بها قرص قابل للدوران عند قاعها أو بجوارها مزود بأجزاء دافعة شبيهة بالشفرة، ومن المتوقع زيادة الطلب على وحدات التخلص من النفايات الغذائية ويرجع ذلك للنمو السكاني والتوسع الحضري السريع وزيادة الاستهلاك، ووفقًا للبنك الدولي من المقدر أن يصل حجم النفايات المتولدة من الفرد يوميًا 1.42 كجم بحلول 2025.

استعرض العدد مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة لمواجهة هدر الطعام، وجاء من أبرزها الاستراتيجية العالمية لتحسين الإحصاءات الزراعية الريفية التي وضعتها "منظمة الأغذية والزراعة" كمخطط لمبادرة منسقة وطويلة الأجل لمعالجة التدهور في أنظمة الإحصاء الزراعية في العديد من الدول النامية بهدف توفير إطار عمل للأنظمة الإحصائية الوطنية والدولية لتمكين الدول النامية من إنتاج وتطبيق البيانات والمعلومات الأساسية اللازمة في القرن الحادي والعشرين وتم تصميمها لمدة 15 عام ويتم تنفيذها على عدة مراحل، كما ركزًّ العدد على إمكانية تطوير تقنيات جديدة تستخدم نفايات الطعام لتوليد طاقة نظيفة وذلك من خلال تحويل النفايات الغذائية والزراعية أو غيرهما من المواد البيولوجية إلى خليط من الغازات التي يمكن استخدامها كوقود.

وتضمن العدد دور الشركات في الحد من هدر الطعام، حيث بلغ الاستثمار الخاص في نفايات الطعام الأمريكية 4.8 مليار دولار في 2021، مقارنًة لـ 3.7 مليار في 2020، كما جمعت الشركات الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية استثمارات بلغت نحو 300 مليار خلال 2021 بزيادة قدرها 100% تقريبًا عن 2020، ولا يزال من المتوقع نمو سوق إدارة المخلفات الغذائية بشكل مطرد بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 6%.

كذلك تناول العدد تجارب بعض الدول في مكافحة هدر الطعام منها بريطانيا وفرنسا والدانمارك والصين وفنلندا وماليزيا واليابان والهند والإمارات، ومن أبرز التجارب الولايات المتحدة الأمريكية والتي يصل حجم الإهدار فيها كل عام إلى ما يقرب من 40-80 مليار رطل ليمثل 30-40% من إجمالي الإمدادات الغذائية في البلاد، والتي تعادل 219 رطل من النفايات لكل شخص، وعليه فإن العديد من الولايات في جميع أنحاء البلاد تتخذ إجراءات للحد من هدر الطعام واستعادة الغذاء، وقد أقر المشرعون في ولايات "كاليفورنيا، كونيتيكت، ماساتشوستش، نيويورك، رود آيلاند، وفيرمونت" قوانين تقيد كمية نفايات الطعام التي يتم التخلص منها.

أما سنغافورة فقد وضعت عدة استراتيجيات للحد من هدر الطعام، وكانت إعادة توزيع الطعام غير المباع أو الزائد وإعادة تدوير ومعالجة نفايات الطعام مكونات مهمة في استراتيجيتها الوطنية لإدارة النفايات للعمل من أجل أن تصبح سنغافورة دولة خالية من النفايات.

هذا وسلط معرض "إكسبو 2020" في دبي الضوء على ضرورة الحد من هدر الطعام، واتفق جميع المشاركين على الحد من هدر الطعام كعنصر فاعل رئيس في مستقبل البشر موضحين أنه يمثل تحديًا اجتماعيًا وبيئيًا واقتصاديًا، ويجب معالجته بشكل جماعي.