الموت بـ «أزمة قلبية» .. خطر يطارد الشباب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

مدير معهد القلب السابق: الحماية تبدأ منذ الصغر بالغذاء الصحى.. وألم البطن الشديد خطر
 

أستاذ جراحة مخ وأعصاب: الإنسان يحتاج لصيانة وكشف دورى لاكتشاف أى أمراض

محمد قنديل - ياسمين سامى

انتشر فى الآونة الأخيرة عدد حالات الموت المفاجئ خاصة فى عمر الشباب، وتباينت الأقوال والتفاسير التى أرجعها البعض لأسباب دينية وأنها علامة على اقتراب الساعة، والبعض الآخر أسندها لأسباب علمية وطبية بحتة، ولكن فى النهاية لابد من الأخذ بالأسباب وتفادى الأخطاء التى يقع فيها بعض الناس وتقليل عوامل الخطورة التى تودى بالحياة، خاصة أن هناك نسبة من الرياضيين وكذلك ممن لا يعانون من أى أمراض ويفارقون الحياة بلا سابق إنذار ويتضح فيما بعد وجود خطأ معين حدث فى أحد أعضاء الجسم أدى للوفاة، لذا حرصنا على دق ناقوس الخطر والحديث مع الأطباء للوقاية بقدر الإمكان من مسببات الموت المفاجئ..

 

حالات عديدة فى عمر الزهور توقفت حياتها بشكل مفاجئ مما أصاب ذويها بصدمة وحزن مفجع بل بعضهم كان مشهورًا على وسائل التواصل الاجتماعى وأحدثت وفاتهم ذعرًا وأثارت تساؤلات عن الأسباب وأبرز مثال على ذلك وفاة الشاب مصطفى الحفناوى عن عمر 25 عامًا صدمة وحزن شديد بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى.

 

خاصة أنه بشكل مفاجئ أصيب بألم شديد فى المعدة وكذلك فى كتفه اليمنى وفى البداية تم تشخيصه بالخطأ على أنه التهاب قولون إلا أنه بعد 6 ساعات فقد الوعى بشكل كامل ليتضح أنه أصيب بجلطة فى المخ - بحسب شهادة صديقه- وأشار تقرير إجراء أشعة رنين على شرايين المخ إلى وجود انسداد بالشريان السباتى الداخلى الأيسر.


مصطفى ليس الوحيد ولكن توفيت أيضًا أشكيناز السبكي، البلوجر الشهيرة، عن عمر ناهز 32 عامًا، بعدما اكتشفت وجود ورم خبيث، وكذلك البلوجر آثار عبد الرءوف التى أصيبت بسرطان الثدى الذى اكتشفته بعد زواجها بشهرين والانتقال للعيش فى إيطاليا برفقة زوجها، آلاف الحالات التى تصاب بنوبات قلبية أو سكتات دماغية تودى بحياتهم على الرغم من سلامتهم وقيامهم بأنشطتهم اليومية بشكل عادى مما يثير التساؤلات وعلامات الاستفهام مع التسليم والإيمان بالأقدار.


جلطات القلب
هناك بالطبع أسباب مباشرة تتعلق بقصور فى عمل القلب وهذا ما يؤكده د. جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق، فيقول إنه بداية لابد من تفسير معنى الجلطة وهى عبارة عن تجمع كتلة من خلايا الدم وتلتصق ببعضها فى جدار الشريان وتغلقه مما يؤدى إلى تلف وموت الخلايا التى لم يصل لها الدم خاصة خلايا المخ والقلب التى قد تحدث سكتة دماغية وفيها يتوقف المخ عن العمل وتحدث الوفاة وهذا ينطبق على السكتة القلبية أيضًا.


وأوضح عميد معهد القلب السابق أنه لابد من الانتباه من وجع البطن الشديد الذى قد يكون سببه جلطة أعراضها ألم وحموضة وحرقة فى المعدة وتسمى جلطة شرايين الأمعاء، أما بالنسبة لموت الفجأة للشباب فيحدث بنسبة كبيرة بسبب حدوث جلطة أو سكتة قلبية تعود إلى التدخين وتناول المسكنات ومشروبات الطاقة والمنشطات والمخدرات وأن يكون للشباب تاريخ وراثى لارتفاع الكوليسترول ونسبة الدهون وقابلية للتجلط.


وأضاف شعبان أن من أعراض بداية حدوث جلطة المخ وجود تنميل فى جانب من الجسم واختلال درجة الوعى وهذا يتطلب سرعة العلاج، لأن علاجها فى الساعات الاولى ينقذ حياة الإنسان خاصة لو تم التدخل بالقسطرة أو الأدوية التى تذيب الجلطة، مضيفا أن التوتر والقلق والصدمات تكسر القلب.

 

وتؤدى إلى اعتلال عضلة القلب ثم حدوث جلطة فى المخ والقلب، محذرًا من تناول الإسبرين لإذابة الجلطة إلا بأمر الطبيب، وعن الوقاية أكد أن الحماية من الجلطات تبدأ منذ الصغر بتناول الطعام الصحى الغنى بالخضراوات والفواكه.

 

وعدم الإفراط فى تناول النشويات والسكريات والدهون الحيوانية والمهدرجة وتعويد الأطفال منذ الصغر على الأطعمة  المشوية والمسلوقة وتجنب المقليات والوجبات السريعة قدر الإمكان والإكثار من شرب المياه.


خلل المخ
على الرغم من وجود أسباب كثيرة متعلقة بالموت المفاجئ سببها وجود خلل فى وظائف القلب إلا أن المخ أيضًا وجود أى علة به أمر فى غاية الخطورة، وهذا ما أكده الدكتور أحمد صلاح الدين، أستاذ جراحة المخ والأعصاب بكلية الطب قصر العيني، فيقول إن الموت المفاجئ يكون بسبب تناول عقاقير التخسيس التى تعمل على زيادة معدلات الحرق، والتى تؤدى إلى سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وتسارع فى الدورة الدموية، بسبب الأعراض الجانبية الشديدة التى تسببها هذه الأدوية وخاصة التى يتم تناولها بدون استشارة طبيب.

 

وأوضح أستاذ جراحة المخ أن تناول المخدرات بكل أشكالها قد يؤدى إلى الموت المفاجئ بسبب توقف الدورة الدموية بشكل مفاجئ  والتى تسبب أزمة فى عضلة القلب ومنها يحدث خلل كهربائى بالمخ بالإضافة إلى تناول أدوية تبطئ وتسرع أو توقف الدورة الدموية او تسبب تجلطا مفاجئا يعمل على سد الشريان الأورطى.


وأشار الدكتور أحمد صلاح الدين إلى أن هناك بعض الحالات التى تعانى من عيوب خلقية فى صمامات القلب، والتى تظهر فجأة وتؤدى إلى الموت المفاجئ، أما حالات الموت أثناء النوم فيرجع سببها لمشاكل فى القلب والرئة، مشددًا على ضرورة الكشف الدورى عند مراحل العمر المختلفة لأن الإنسان يحتاج لصيانة باستمرار حتى يطمئن على نفسه.

 

فيمكن علاج تصلب الشرايين قبل الوصول إلى مرحلة الانسداد مع ضرورة اتباع الحياة الصحية من ممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين والحفاظ على العلاج المستمر من الأمراض المزمنة خاصة السكر والضغط.


الإنفعالات النفسية
إذا كانت هناك أسباب عضوية للموت المفاجئ فهناك بالطبع شق متعلق بالناحية النفسية، فيقول د. أحمد أبو العزايم، استشارى الطب النفسي، إن الأزمات الحياتية المبكرة منذ سنوات التعليم الأولى والامتحانات تمثل ضغطا نفسيا على الأطفال ثم يعود إلى البيت يجد حياة أسرية مفككة وفى مرحلة الثانوية العامة يزداد الضغط النفسى الذى يفقده متعة الحياة وعدم وجود بدائل لمستقبل يتوافق مع رغباته فيفقد الأمل فى المستقبل.


وأضاف أبو العزايم أن قوانين الأحوال الشخصية تحتاج بالفعل إلى تعديلات، بالإضافة إلى عدم وجود الثقافة التربوية للأمومة والأبوة وضعف الرعاية الاجتماعية تشكل عبئا نفسيا على الطفل والشاب مما يؤثر على الانفعالات النفسية والأمراض القلبية لدى الشباب خاصة فى ظل عدم وجود برامج ترفيهية بالمدارس وضياع الفرص للبناء النفسى الطبيعى جعلهم عرضة للأزمات.

 

فكل هذا يؤدى إلى الحزن الشديد والإحباط وانعدام الأمل فيموت الشاب كمدا. مشيرًا إلى أنه نتيجة لهذه الأسباب انتشر الإدمان وتناول المخدرات والعقاقير الذى يؤدى للموت المفاجئ بسبب زيادة الجرعات وعدم تحمل الجسم وهذا يتطلب إعادة التربية وتوافر الحياة الجيدة والترفيه والبناء النفسى السليم للشخصية مما يخفف من العبء النفسى والإحساس بعدم الرغبة فى الحياة.

 

خلل جينى
وقد اكتشف فريق دولى من العلماء من (كندا، وجنوب إفريقيا، وإيطاليا)، الجين المسئول عن زيادة مخاطر وقوع الشباب والرياضيين للموت المفاجئ، وعرفوه بأنه جين (CDH2) الذى يسبب اضطرابا فى آلية عمل البطين الأيمن للقلب (ARVC)، وهو اضطراب وراثى، يضاعف من احتمالات الإصابة بالسكتة القلبية ويشكل سبباً رئيسياً للوفاة المفاجئة غير المتوقعة بين الشباب ممن يتمتعون بصحة جيدة.


ووفقا لعدد كبير من الإحصاءات الحديثة صدرت فى كندا، يصاب نحو 40 ألف شخص بتوقف فى وظائف القلب فى كندا سنوياً، وأقل من شخص من بين كل 10 أشخاص ينجحون فى البقاء على قيد الحياة فى أعقاب التعرض للسكتة الدماغية.


وقد سبق وكشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدل الوفيات بين الشباب فى الفئة العمرية (15-29 سنة) 0.8 لكل ألف شاب (1.0 لكل ألف من الذكور، 0٫5 لكل ألف من الإناث)، وذلك طبقاً لبيانات نشرة المواليد والوفيات عام 2019.

 

اقرأ أيضا: «صدمة واكتئاب».. تعرف على أسباب الموت المفاجئ

 

ترشيحاتنا