«خليك فاكرنا»: الوصمة المجتمعية لمريض «الزهايمر» تحرمه العلاج الجيد

عبد النصير
عبد النصير

قال الدكتور ماجد عبد النصير أستاذ أمراض المخ والأعصاب جامعة القاهرة ورئيس الاتحاد العربي لجمعيات طب الأعصاب، إن تسمية المرض جاء نسبة إلى العالم الألماني "الزهايمر" الذي وصف طبيعة المرض والتغيرات التي تحدث في المخ وهي تراكم مادة "الأميلويد" والتي توجد بشكل طبيعي في مخ البشر، لكن زيادة تراكمها وعدم قدرة المخ على التخلص منها ينتج عنه ظهور أعراض المرض.

وأضاف عبد النصير، خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته احدي شركات الأدوية ضمن حملة "خليك فاكرنا" للتوعية بمرض "الألزهايمر" ومناقشة أحدث الحلول العلاجية له، أن معدلات الإصابة في مصر لن تختلف كثيرا عن الإحصائيات العالمية التي أُعلنت في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2021 بوجود 50 مليون مريض الزهايمر حول العالم، مع توقعات بارتفاعه إلى 75 مليون مريض بحلول عام 2030 و 175 مليون مريض في عام 2050، مشيرا إلى أن معدل الإصابات عالميا وصلت إلى تسجيل حالة كل 4.1 ثانية، أي 7.7 مليون حالة جديدة سنويا، موضحا أن أدوية الألزهايمر المتاحة في مصر والعالم تعمل بإحدى طريقتين، إما من خلال تعويض الخلل في مادة "الأسيتيل كولين"، أو العمل على نوع من المستقبلات قي المخ، لكن جمعتهما شركة حكمة للصناعات الدوائية حاليا في دواء واحد يضم كلا الطريقتين وهو ما يسهل على المريض.

من جانبه، أوضح الدكتور محمود حميدة، أستاذ طب المخ والأعصاب بكلية طب عين شمس، أن هناك خمس مراحل لمرض الألزهايمر، وتكمن أهمية تحديدهم في تحديد العلاج المناسب والوقت المناسب لتناول الأدوية، مشيرًأ إلى أن التدخل المبكر يحسن الوضع، لافتا إلى أن المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل ظهور الأعراض والتي يصعب تشخيص المرض خلالها إلا من خلال الفحوصات والدراسة الجينية، أما المرحلة الثانية هي مرحلة التغيير المعرفى البسيط، وتظهر فيها أعراض نسيان بسيطة للأشياء التى حدثت فى الفترات القريبة، مثل نسيان الوجبات التي تم تناولها أمس، ولكن هذا النسيان لا يؤثر على الأنشطة الحياتية.

وأضاف أن مرحلة الألزهايمر الثالثة "الألزهايمر البسيط"، وفيها ينسى المريض الأحداث القريبة، ولا يستطيع التفرقة بين الأشخاص القريبين منه "أسرته مثلا"، ويبدأ تقديره للوقت يتأثر، أما المرحلة الرابعة فهي الزهايمر المتوسط، وتظهر فيها الأعراض الأكثر وضوحًا، فبالإضافة للنسيان، يبدأ المريض يتوه فى الأماكن، ولا يدرك الوقت، ومن الممكن أن يستيقظ ليلًا للذهاب للعمل، ويخفى أشياء ثم يبحث عنها وينسى مكانها، وتظهر مشاكل سلوكية، مثل أن يصبح أكثر عنفًا، ويزداد الوسواس الشكوك غير المبررة والتوتر لديه، وتأتي في النهاية المرحلة الخامسة وهي الزهايمر الجسيم، ويصل فيها المريض لمرحلة جسمانية وذهنية متدهورة، ويتحرك بصعوبة، ولا يستطيع التحكم فى العضلات مثل الإخراج.

وعن أكثر الفئات المعرضة لمرض الألزهايمر، أكدت الدكتورة عزة عبد الناصر، أستاذ طب المخ والأعصاب ورئيس وحدة الأعصاب بطب عين شمس، أن الألزهايمر يحدث في 90% من الحالات في منتصف الستينات، ويمكن أن يحدث في الأعمار الصغيرة بنسبة 10% لكن تحت ظروف معينة مثل الطفرات الجينية لبعض الكروموسومات مثل الكروموسوم 21 أو 14 أو 1، مشيرة إلى أن نمط الحياة الصحي يفيد في تقليل أو تأخير فرص الإصابة بمرض الزهايمر، وكذلك يفيد المرضى أنفسهم في إبطاء تقدم المرض، مثل تناول الطعام الصحي والابتعاد عن الوجبات السريعة، والتمرين يوميا حتى وإن كان بالسير لعدة دقائق، والسيطرة على ارتفاع مستوى ضغط الدم والسكر والكوليسترول، وكذلك النوم الجيد بالنوم المريح لعدد ساعات كافية.

وشددت ورئيس وحدة الأعصاب بطب عين شمس على أنه بالرغم من عدم وجود علاج شاف بشكل نهائي من مرض الألزهايمر، فإن الاكتشاف مبكرا والتدخل بالعلاج في المراحل الأولى للمرض يعطي نتائج جيدة في تأخير أو وقف تطور المرض، كما تفيد الأدوية في تحسين الأعراض المزاجية والتوتر الشديد واضطراب النوم، خصوصا وأن اضطرابات النوم ليلا تؤثر على نشاط المريض وحالته المزاجية خلال ساعات النهار مما ينعكس عليه في شكل أعراض اكتئابية.

وقالت الدكتورة نهى صبرى أستاذ الطب النفسي ورئيس وحدة طب نفسي المسنين بطب قصر العيني، إن الإصابة بالألزهايمر تسبب مشاكل سلوكية ونفسية، فالشخص عندما يبدأ في فقدان قدراته المعرفية والتعليمية بسبب الزهايمر من الممكن أن يصاب بالاكتئاب والانعزال، مضيفة أنه بجانب اضطراب الذاكرة والإدراك، تبدأ بعض الاضطرابات السلوكية لدى المريض مثل زيادة الشكوك لديه فيمن حوله، فمثلًا عندما يضع شيء فى مكان وينسى هذا الأمر، يشك فيمن حوله أنهم سرقوا هذا الشيء أو أخفوه، لذا يجب التأكيد على الأهل دائما بالتعامل مع تلك الشكوك على أنها أعراض مرضية لا يجب أخذها على المريض.

ونصحت رئيس وحدة طب نفسي المسنين بطب قصر العيني بأن يتم تثبيت كل الأشياء فى أماكنها دون تغيير كما يعتاد عليها مريض الألزهايمر، وشددت على ضرورة الاهتمام بعائلات مرضى الألزهايمر ومساندتهم، نظرًا للضغط النفسي الذين يتعرضون له، وكذلك الاهتمام بالأنشطة الذهنية للمريض مثل حل الكلمات المتقاطعة والسودوكو والقراءة وغيرها من الأنشطة التي تساعد في تحفيز المخ وإبقائه في حالة تيقظ ونشاط.

وعن أكثر الأخطاء المجتمعية في تشخيص وعلاج مرض الزهايمر، أوضحت الدكتورة نهى صبرى خلال المؤتمر أن من ضمنها الخلط بين التغير في الذاكرة المرتبط بتقدم العمر والزهايمر حيث يكون هناك بطء طبيعي في الوظائف المعرفية مع تقدم العمر، وكذلك الوصمة المجتمعية المحيطة بمرض الزهايمر خصوصا في المجتمعات الريفية التي ترفض الاعتراف أو الإعلان عن إصابة كبير العائلة أو حكيم القرية بمرض الألزهايمر حتى لا تهتز مكانته وهو ما يؤخر علاجه، وأيضا الاعتقاد أن الأدوية تعيد للمريض قدراته المعرفية والذهنية المعتادة قديما وبالتالي قد يوقف المريض أو ذويه العلاج من تلقاء أنفسهم دون الرجوع للطبيب لتشكيكهم في جدواه وهي إحدى الممارسات غير الأخلاقية في حق المريض لأن سرعان ما ستتدهور حالته أكثر بعد وقف العلاج الذي كانت مهمته وقف تطور المرض والسيطرة على الأعراض.

ترشيحاتنا