تأخر التسجيل سر مشاكل اللاجئين مع المفوضية فى مصر .. والسبب: ملفاتهم مؤقتة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

◄ تأخير تسجيلهم رسمياً يعرضهم للخطر ويهدد حياتهم


◄ وقف جلسات الكيماوي لطفل "أم كلثوم" .. وتدهور صحة والد «رحاب» وتفاقم الآثار السلبية للجلطة

 

تعد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ملاذ اللاجئين في مصر، فهي المنظمة الوحيدة التي تقدم خدمات التسجيل والتوثيق لهم، وتوفر لهم المساعدات النقدية لتوفير الحماية والخدمات للفئات الأكثر ضعفاً، ولكن تلك المساعدات والمعونات والخدمات تحكمها بعض الأمور الأخرى في الأزمات..


ويعاني أغلب اللاجئين من مشاكل مع المفوضية بسبب تأخر عمليات التسجيل الرسمية وعدم تقديم الدعم المادي لهم، متحججين أنهم مازالوا غير مسجلين رسمياً أو لديهم ملفات مؤقتة فقط، دون إبداء مبرر واضح لتأخير تسجيلهم وتقديم الدعم اللازم لهم، مما يعرضهم إلى تدهور حالتهم الصحية والاجتماعية.


نرصد مشاكل اللاجئين مع المفوضية بمصر ومعاناة تسجيلهم وتأثيرها على حياتهم ..

 

معاناة «رحاب» وأسرتها
أكثر من 5 أشهر وتحاول "رحاب. أ" ذات الـ 28 عاماً -لاجئة سودانية- تسجيل والدها لدى المفوضية السامية لشئون اللاجئين للاستفادة من المساعدات المالية والصحية التي يقدمونها للاجئين، خصوصاً أن والدها يعاني من جلطة في القلب، انتقل على إثرها للعناية المركزة لتلقي الرعاية اللازمة، ولكن حالتهم المادية أجبرتها على الخروج واستكمال العلاج في المنزل.


منذ أن مرض والداها وزادت المصاريف بسبب الأدوية والرعاية وجلسات العلاج الطبيعي حاولت اللجوء للمفوضية والاستعجال في إنهاء إجراءات التسجيل التي قد بدأتها قبل جائحة كورونا بعام، حيث تتكلف سعر جلسة العلاج الطبيعي الواحدة 70 جنيهاً يومياً بأحدى مراكز منطقة مصر الجديدة، بالإضافة إلى روشتة العلاج التي تتخطى 300 جنيه، ولكن رغم محاولة الاتصال والمقابلات الشخصية والتسجيل الإلكتروني لدى موقع المفوضية، جاء الرد «لم نستطيع تقديم المساعدة حتى ينتهي إجراءات التسجيل الرسمي».

 

جاءت رحاب إلى مصر فرارا من أوضاع السودان والحرب بصحبة أبيها وأخيها الصغير، حالمة بأنها ستتلقى المساعدات من المنظمات التي تهتم برعاية اللاجئين، لكنها تفاجأت بلامبالاة تتعامل بها المفوضية مع اللاجئين وعدم الاكتراث بشأنهم وشأن حالتهم الصحية، حسب وصفها.

 

معاناة رحاب تضاعفت الفترة الماضية، بسبب الأوضاع العمل التي تأثرت بجائحة كورونا، حيث تركت عملها كعاملة نظافة وتفرغت لرعاية أبيها المريض، وبدأ اخيها الأصغر ذو الـ 17 عاماً العمل في إحدى مصانع الفواكه بمدينة 6 أكتوبر، بأجر 50 جنيهاً، حتى يستطيعوا توفير إيجار المنزل.

 

تأخر تسجيل «هيام»
بينما تعاني «هيام. س» لاجئة سورية من تأخر التسجيل لدى المفوضية منذ أكثر من 4 سنوات، دون مبرر لتلك التأخير، حيث استوفت جميع الأوراق والمستندات المطلوبة منها، لتقديم طلب التسجيل، وخضعت للمقابلات الشخصية لتحديد الوضع لإستكمال التسجيل، ولكن دون الرد عليها حتى الآن بشأن التسجيل أو تلقى المساعدات.


تعاني «هيام» من مشاكل صحية من بينها الإصابة الأورام الليفية وخلل بغضروف الفقرات واختناق عصبي باليدين، والذي نتج عن العمل في تنظيف المنازل، لذا فهي تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية.

 

وتقول «هيام» إن المفوضية على علم بحالتها الصحية، ورغم ذلك لم يتم إعطاءها أي مساعدات أو إنهاء إجراءات التسجيل، دون الإفصاح عن أي مبرر لذلك.

 

وتضيف «هيام»: حاولت الاتصال عليهم كثيراً طيلة تلك السنوات ولكن دون رد، وحاولت الذهاب للمقر الخاص بهم لمعرفة سبب التأخير في إنهاء إجراءات التسجيل للاستحقاق في المساعدات التي يقدمونها.

 

وتابعت: «كل موظف يقول لي اذهبي لموظف آخر، ولا يوجد أي مساعدات وحالتي تسوء كل يوم، وعملية إزالة الأورام تكلفتها مرتفعة، وأنا ما زلت أعمل في تنظيف المنازل».

 

ديون «مكارم»
أما السيدة العشرينية "مكارم أبكر" حاولت إضافة نفسها لدى المفوضية عن طريق زوجها الذي قد سبق تسجيله رسمياً قبل عاملين لدى المفوضية، حيث اشتد تردي الأوضاع المالية بعد جائحة كورونا، وتراكمت الديون عليه حتى بلغت 3 آلاف جنيهاً.


فمنذ أن علمت السيدة مكارم بحملها في وقت عدم وجود مصدر دخل ثابت للأسر، حتى قرر الزوج إضافتها على الملف الخاص به لدى المفوضية، حتى يتسنى لهم الحصول على الرعاية الصحية ومنح للولادة التي توفرها المفوضية للاجئين، ولكن بعد مقابلات شخصية ودراسة حالتها لم يتم إضافتها حتى الآن.


حاولت السيدة الاستفسار عن عدم إدراج اسمها في الكشوف الرسمية لدى المفوضية لتتفاجئ بالرد بأن المشكلة في - السيستم- ولم تتم الإضافة، ورفض تقديم إي مساعدات لها رغم سوء حالتها الصحية وحاجتها إلى إجراء عمليات.

 

لجأت "أم كلثوم محمد منوفل" من أم درمان السودانية إلى مصر في شهر يناير عام 2020، محاولة إيجاد طريق للعيش في حياة كريمة، فمنذ أن وطأت قدماها مصر وهي تحاول التسجيل لدى المفوضية السامية لشئون اللاجئين لمساعدتها في الدولة الجديدة التي ستعيش بها.

 

ولكن بعد شهرين من لجوء "أم كلثوم" وأبناءها الثلاثة إلى مصر، اكتشفت إصابة ابنها الصغير ذو الـ 10 سنوات بسرطان، لتخاطب المفوضية في توفير رعاية صحية له لتلقي العلاج، لكن جاء الرد بالرفض لأنها غير مسجلة حتى الأن لديهم.

 

وبعد محاولات عديدة والذهاب إليهم لإستعاطفهم لإنهاء إجراءات التسجيل في أقرب وقت، تحججوا أن جائحة كورونا هي السبب في تعطيل التسجيل وسيعاودوا الاتصال بهم في وقت لاحق، ورغم فتح المفوضية أبوابها في شهر فبراير 2021 إلا أن أم كلثوم" لم تتلقى رد حتى الآن، مما أجبرها على بيع ذهبها ومنزلها في السودان لتوفر له مصاريف الأدوية دون البدء في جلسات الكيماوي، التي تنتظر المفوضية أن توفرها لها.

 

بينما حاول "حمد محمد علي" الاتصال بالمفوضية لأكثر من 200 مرة في الشهر، بعد جائحة كورونا و تسريحه من عمله، لطلب مساعدتها، والوقوف على مستجدات التسجيل الرسمي لديهم الذي شرع فيه منذ أن جاء مصر في 2018، وبرغم من مداومة على الأتصال لكن دون رد من المفوضية، فقرر تقديم طلب لجوء وفتح ملف عبر الموقع الرسمي لهم، لإتمام عملية التسجيل لكن لم يتم مراسلته.

 

اقرأ أيضا: "اللاجئون الأوكرانيون" أمام محكمة إسرائيلية بسبب العنصرية بطلب من سفير كييف

 

يعاني "حمد" من تدهور أحواله المادية فهو لا يستطيع توفير إيجار شقته 1200 جنيهاً أو توفير احتياجات زوجته مريضة السكر، أو توفيرالطعام لمنزله ينتظر أن يعطي له أحد جيرانهم وجبة لسد جوعه.

 

وبرغم من محاولة "حمد" البحث عن عمل باليومية لكن الأوضاع الإقتصادية جعلت الجميع يرفض زيادة عمالة جديدة، مما عرض زوجته إلى عدم أخذ جرعات الأنسولين المقررة لها، ودخولها في غيبوبة لأكثر من مرة.

 

يقول حمد : "حاولت اطلب مساعدة المفوضية في توفير العلاج لزوجتي لكنهم رفضوا بحجة انني مازلت غير مسجل لديهم في الكشوف، وعند الاستفسار عن ما ينقص ملف وكشوف حتى تنتهي إجراءات التسجيل، قالوا ان كل شئ مكتمل وسوف نتصل عليك، ومر أكثر من 5 أشهر دون رد".

 

المفوضية: لا تعليق
وبالرجوع إلى المفوضية السامية لشئون اللاجئين في مصر، أوضحت أن جائحة فيروس كورونا هي سبب في تراكم الحالات، ورفضت المفوضية التعليق على قصص اللاجئين ومعاناتهم في التسجيل الرسمي للحصول على المساعدات المادية، قائلة: «نمتنع عن الرد حفاظًا على سرية المعلومات»، مؤكدة أنها من 1 يناير وحتى 31 مايو لعام 2021، تلقت 68.853 طلب تسجيل.

 

الأمر الذي يتنافى مع الحقيقة والمحاولات التي يخوضها اللاجئين للتسجيل بالمفوضية قبل 3 سنوات وقبل دخول في جائحة كورونا.

 

ووفقا لموقع "Global Focus" تصل ميزانية المفوضية السامية لشئون اللاجئين في مصر لعام 2021 إلى 126.3 مليون دولار.

 

اقرأ أيضا: اللاجئون من أوكرانيا ينالون الحماية الفورية لمدة 3 سنوات في الاتحاد الأوروبي 


 

ترشيحاتنا