«شخلل علشان الخط يرجع»

ايهاب صبرة
ايهاب صبرة

 


إيهاب صبرة يكتب 

فى القرن الماضى، كان يتحلَّى الفتوات بروح الرحمة والمروءة عندما يجدون أحد الحرافيش أو حتى مُعلمًا لا يستطيع دفع «الإتاوة»  أو «المعلوم»، كما يُطلق على المراد من معنى الكلمة، وذلك نظير حمايتهم والدفاع عنهم ضد بلطجية وفتوات المناطق الأخرى،
كما كان لسماسرة الطرق بعض من الشهامة إذا وجدوا بعض الحالات تستحق أن تمر دون أن «تشخلل» جيبها، كما يصفون الإتاوة من جانبهم.. 
لكن وبمرور الوقت تغيَّر مفهوم الإتاوة و«الشخللة» فى صورة رسوم غير مفهومةٍ فى بعض الأماكن، خاصةً فى بعض الجهات الحكومية ولكن تحت مسمى "تبرع"، وتحت الضغط مُضطرًا حتى "تعدى" أمورك، فتدفع  "الشاى" فى لغة آخرين، أو "كل سنة وأنت طيب"، إلا أن الجديد أن تكون الاتاوة من جانب أحد أهم الأجهزة الحكومية، وهو ما حدث معى شخصيًا ولم أنقله على لسان أحد المصادر أو من أفواه جماهير القُراء،  اسرده فى سطورى التالية..
كنت أمتلك خط محمول لإحدى الشركات، مسجَّل ببيانات بطاقة الرقم القومى الخاصة بى، منذ عام 2009 حتى شهور أعتقد أنها تخطَّت الثلاثة أشهر بقليل، وكنت أتعامل عليه  وأتلقَّى من خلاله مكالمات ورسائل نصية قصيرة وغيرها من الأمور الهاتفية، كما أقوم من خلاله بالاتصالات وإرسال الرسائل مناوبة مع المتصلين، وذلك محفوظ لدى الشركة، وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة من كتابة كلماتى هذه، حدث عطلٌ فى هاتفى، وهو ما استلزم إما تغييره أو صيانته وبمبلغ يفوق حدود إمكانياتى المادية فى تلك الفترة، خاصةً فى ظل حالة الغلاء التى يعانيها الجميع، لذا تجاهلت الإصلاح أو شراء جهاز موبايل جديد بضعًا من الوقت، لبعض الالتزامات الأهم، ثم حاولت تركيب الخط على جهاز محمول آخر، لكن لم يحدث توافقٌ بين الخط والجهاز الجديد، ونصحنى البعض بالذهاب إلى شركة المحمول؛ للحصول على شريحة جديدة وببياناتى الشخصية المدونة لديهم، وإذا بالصدمة أن الخط تم إيقافه من جانب الشركة، وأخبرنى أحد موظفى خدمة العملاء بأننى إذا رغبت فى إعادته مرةً أخرى، فعلىَّ كتابة طلب بذلك ودفع 300 جنيه شهريًا، والانتقال إلى نظام مُحدَّد لمدة 8 شهور، بهذه القيمة وعندما شاهد موظف الشركة علامات التعجُّب التى ارتسمت على ملامحى، أفادنى بأنها تعليمات الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، فهممت بتذكيره أن الخط مدونٌ عليه بياناتى ومن واقع الرقم القومى، وأنى املكه منذ ما يزيد على 13 عامًا، وهو رقمٌ  يهمنى كثيرًا وجوده معى، كانت الإجابة الصادمة وعلى لسان 3 أفرع للشركة، وهى فرع المعادى ومحطة مترو جمال عبدالناصر وأخيرًا فرع وسط البلد:  إذا كان الرقم مميزًا فعليك الدفع حتى يعود لك، وإذا كنت غير مهتمٍ بالرقم، اشترى خطًا جديدًا؟! 
والسؤال الذى أُوجِّهه للجهاز: إذا كنت لا تعلم ما تفعله شركات المحمول فى هذا الأمر الذى وجدت الكثيرين مثلى يقعون فيه وهم فى حاجةٍ إلى خطوطهم القديمة، فهذه مصيبة، وإذا كنت تعلم فهذه كارثة ومصيبة أعظم لأنك تسمح بفرض إتاوة على المواطنين لصالح الشركات، خاصةً أن هذا الإجراء ما هو إلا تعليمات أو أُطر نظامية وليس إجراءً قانونيًا أو لائحة تمت الموافقة عليها من الجهات التشريعية، وهو ما يعتبر  تطبيقًا فعليًا وبنظام حديث لنظرية الإتاوة و«شخلل علشان تعدى والخط يرجع»..

رحم الله إبراهيم كروم فتوة حى بولاق، وزكى الصيرفى، فتوة الحسينية،وعاشور الناجى الشهير  بحرفوش، فتوة الجمالية والحسين، وحتى النساء الفتوات ومنهن سكسكة أم سيد، فتوة الجيزة، والمعلمة زكية المفترية، فتوة سوق الخضار وحى المناصرة، وتوحة فتوة المطرية.

ترشيحاتنا