«الشؤون الإسلامية» : نطالب بإنشاء المفوضية العالمية للتربية على قيم التسامح بالعاصمة الإدارية

د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية

 

صاحب مبادرة إنشاء المفوضية العالمية للتربية على التسامح محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا في إطار المواطنة العالمية التشاركية الجامعة، هو أحد علماء الأزهر المستنيرين، يجمع بين العلوم الدينية والآداب والفنون؛ فهو أديب، مفكر، أكاديمى، داعية، خطاط، مدرب، كاتب، من أوائل خبراء جودة الدعوة المطالبين بإيجاد مقاييس معيارية لجودة الأداء الدعوي؛ لتقييمه، وتقويمه،وتجديده وتحسينه المستمر، تولى رئاسة تحرير إصدارات الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة ITQAN ببروكسيل، أختير مبعوثًا فى مهمات دعوية وعلمية للتعريف بالإسلام وحضارته إلى نحو ثلاثين دولة، وهو أحد المهتمين بقضايا تجديد الخطاب الديني (تنظيرًا، وعرضًا، وإنتاجًا، وتدريبًا)، يؤمن بأهمية المواطنة المتكافئة باعتبارها من مناهج التقدموالازدهار، وتوظيف القواسم المشتركة (الدينية والثقافية والحضارية)، والتنوع والتعددية بمظاهرها الكونية والحياتية والفكرية باعتبارها إثراء للحياة؛ لتغذية المجتمعات بالسلام الحقيقي وحمايتها من أعداء الداخل والخارج.. وضرورة الإبداع في استنبات المعرفة وتوظيف العلم وصحيح التراث وكل ما يقذف به العلم الحديث من علوم نافعة لتحقيق جودة الحياة... 

اشترك في صياغة "الوثيقة الوطنية لتجديد الخطاب الديني ونبذ العنف والتطرف"، التي أصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مايو 2015م، حصل على دورات تدريبية متخصصة من الاتحاد الأوروبى، والهيئة الألمانية للتبادل الثقافى، وهو خبير في التنمية البشرية، ومدرب معتمد لتدريب الأئمة والدعاة والواعظات، وموجهي التربية الدينية، والطلاب الوافدين، والإداريين وتثقيفهم بالعلوم والمهارات الحديثة في أكاديمية الأوقاف الدوليةللتدريب وغيرها. قدم للمكتبة الإسلامية 18 كتابًا، 47 بحثًا منشورًا، 1500 مقالة. 

وتتويجًا لجهوده فى إثراء الفكر الإسلامى والتنسيق بين الجامعات الإسلامية، كرَّمته مفوضية الاتحاد الأفريقى، وعدد من المؤسسات والجامعات في مصر، والسعودية، والسودان، والجزائر، والأردن، وفلسطين، وإندونيسيا، وأستراليا، والدانمارك، وبلجيكا، وهولندا.. 

«أخبار اليوم» التقت فضيلة الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو اتحاد كُتَّاب مصر، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، والمدير التنفيذى السابق لرابطة الجامعات الإسلامية.

فإلي  نص الحوار:

فضيلة الدكتور: أطلقتم مبادرة لإنشاء المفوضية العالمية للتربية على قيمالتسامح محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، في المؤتمر الثاني والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية (عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي) الذي عقد تحت رعاية السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في القاهرة، يومي 12-13 فبراير 2022م، برئاسة أ.د/ مختار جمعة وزير الأوقاف، ولاقت المبادرة استحسان أكثر من 200 عالم من كبار علماء الأمة المشاركين في المؤتمر من 47 دولة، وتلقتها وسائل الإعلام المحلية والعربية، بالقبول والنشر.. وهذا الموضوع له أهميته البالغة.. وله راهنيته وضرورته التي تتنامي يومًا بعد يوم، حيث تتعاظم أهمية التسامح كمنهجية عالمية مهمة لبناء العلاقات الطيبة بين الأفراد والشعوب والتعاون المشترك لمواجهة تحديات الكون وعلى رأسها الصراعات والحروب والأوبئة والجوائح؛ حتى تستمر الحياة بسلام وأمن وأمان.

في البداية: ما مبررات دعوتكم المدوية لإنشاء المفوضية العالمية للتربية على قيم التسامح؟

البشرية يا سيدي في عصرها الراهن المخيف، تواجه تحديات جسامًا، تتسم بسرعة الوتيرة والتواتر والتتابع والنمو والتشابك والتعقيد..

والحضارة المتقدمة قد بلغت مبلغًا لم يسبق له نظير في التطور العلمي،ومما يؤسف له أنها تبنت فلسفات أبعد ما تكون عن الإيمان، الأمر الذي أعطى إنسان الحضارة المتقدمة اليوم حالة مخيفة ومفزعة من الزهو والكبر والغرور بالنفس، أشعره بأنه عابر لإرادة الله الخالق الواحد الأحد المدبر لهذا الكون، فدفعه غروره إلى الاعتداء الصارخ على الفطرة وعلى السنن الإلهية. 

وبعض رجال الحضارة الحديثة قد أصابهم الكِبَرُ والكِبْرُ؛ بما أحرزوه من تقدم رهيب، حيث وصلوا إلى القمر، وزرعوا الأقمار الاصطناعية، ونثروا أجهزة الاستشعار عن بُعد في الفضاء، وثبَّتوا كابلات الإنترنت في أعماق البحار والمحيطات، ونشروا موجات التقنية وتردداتها في كل مكان، وتسابقوا في اختراع آليات الموت والدمار بشكل رهيب، في ظل سعار الرأسمالية المتوحشة واستشراء الأنانية والعنصرية والكيل -ليس بمكيالين فقط كما كان من قبل، بل الكيل- بمكاييل متعددة تختلف في أحجامها وأوزانها؛ على حسب ما تُمليه مصلحتهم وأنانيتهم في إطار الإمبريالية المقيتة. 

والسباق ما يزال محمومًا بين الدول الكبرى والقوى الصاعدة وسيظل لإحكام السيطرة على الشعوب، وفرض إرادتهم على العالم بالقوة الغاشمة من خلال امتلاك أعتى وأذكى الأسلحة (النووية - والذرية، وقنابل الإبادة الشاملة، والصواريخ العابرة للقارات، والغواصات النووية التي تدور في أعماق البحار والمحيطات على مدار الساعة، ناهيك عن الأسلحة البيولوجية التي ذاق العالم كله من حصادها المر خلال الفترة الماضية).

ولعل الخطورة الحقيقية تكمن في التسابق لصناعة مثل هذه الأسلحة التي تشكل تهديدًا ليس لمئات الآلاف من البشر أو حتى الملايين فحسب؛ بل تهدد بإفناء كل الحياة والأحياء في هذا الكوكب.

ومن هنا فإن العالم كله في حاجة ماسة إلى أن يُفتش في مخزونه الفكري وتراثه وثقافاته وعقائده؛ ليخرج للدنيا كل ما من شأنه تحقيق التسامح والأخوة الإنسانية والتكامل ومن ثم السلام العالمي... لاسيما وأن العالم لم يعد يتحمل حروبا ولا صراعات ولا أوبئة... العالم في حاجة ماسة إلى تصفير الصراعات، وإيقاف أصوات المدافع، وإغلاق مصانع الأسلحة وآليات الموت.. العالم ما يزال يذكر خطايا الحروب العالمية وغيرها وما يزال يذكر ضحاياها... واقتصاد العالم هو الآخر لا يتحمل بتاتا الحروب والصراعات والمهاترات.. العالم في خوف وفزع وهلع –هذه الأيام- من نشوب حرب عالمية جديدة يستعرض فيها الكبار أسلحتهم الجديدة التي يمكن أن تقضي على الحياة وعلى الأحياء بل وعلى العالم بأسره.

العالم لم يعد يتحمل تجارب حشود الموت السابقة أو اللاحقة التي قتل فيها ملايين البشر.

ومن هنا وانطلاقا مما سبق فإن العالم كله في حاجة ماسة إلى قوة روحية جبارة، تحمل في كينونتها وفي طياتها حبوب لقاح المحبة والتعايش والسلام، والانتقال من بناء المواطنة المحلية إلى بناء المواطنة العالميةالتشاركية الجامعة، والمسؤولية الكونية المشتركة عن سلامة الإنسان والكون والحياة... وهذه القوة كائنة وكامنة في القيم الضابطة لفكر الإنسان وقيمه وسلوكه، ومن أهمها قيم التسامح، وهي من القيم الإسلامية والإنسانية الكبرى التي من شأنها -حال تمكينها في الحياة- أن تُسهم في إيجاد بيئة عالمية متسامحة متعاونة منطلقة من أصل واحد، وقيادة سفينة البشرية إلى سواحل الرشاد، وإلى شواطئ الأمان في إطار المواطنة العالمية التشاركية الجامعة.

ما أهمية التسامح للفرد والأسرة والمجتمع والإنسانية؟

حتى تنعم البشرية بالسلام والوئام، والإخاء والرخاء، فلابد من إحياء القيم الأخلاقية التي جاءت الرسالات السماوية المتعاقبة قاطبة وآخرها الإسلام الحنيف، وتطبيقها وتمكينها في الحياة؛ لماذا؟ لأن الأخلاق والقيم هي الضابط الداخلي -والرقابة الذاتية التي تفوق كل أنواع الرقابة- والسند والداعم الأساس للدساتير والقوانين المنظمة للعلاقات داخل المجتمعات،والقيمة يا أستاذ كرم عندما تستمد قداستها من العمق الديني، فإن حرية ممارستها تنبعث من أقوى المشاعر تأثيرًا في حياة الإنسان، ولعل هذا يوضح أهمية ما ندعو إليه.

وتمثل الأخلاق والقيم ركنًا ركينًا في رسالة الإسلام التي جاء بها خير الأنام ومسك الختام سيدنا محمد (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، هدية الله للكون وهدايته للعالمين... والتسامح من القيم الأخلاقية المركزية، التي يجب أن تسود الحياة، فهو خُلُق الأنبياء والأولياء والأتقياء والأصفياء... وهو نورٌ يقذفه الله تعالى في قلوب الرحماء، وهؤلاء الذين تعلقوا به، وتوكلوا عليه، وساروا في طريقه... وهو رِقة في القلوب، ونقاء في النفوس، يساعد على العيش الآمن في هذه الحياة. ومفردة التسامح من المفردات النورانية، التي تبعث الهدوء والسكينة والطمأنينة والأمل والتفاؤل في النفوس والقلوب والعقول.. 

للتسامح أهمية كبرى على شتى المستويات بداية من الفرد مرورًا بالأسرة والفئات المكونة للمجتمع، ثم المجتمع وصولا إلى الإنسانية جمعاء، فهو الباني والمُشيّد للعلاقات الإنسانية الطيبة على شتى مستوياتها.. 

فلولا التسامح لظلَّت العقول والقلوب والأفئدة المبدعة مشغولة بالهموم والغموم والصراعات وبواعث الانتقام وشطحات العناد، ووسوسة الشياطين. ولولا التسامح بين الزوجين؛ لانهدمت الأسرة عند أول خلاف، ولضاع ما يترتب عليها وعلى بقائها من: إنجاب النسل والذرية، وتسليم الأجيال بعضها لبعض، ولتأثرت عجلة الحياة وبالتالي عمارة الكون. ولولا تسامح الأسر والعائلات لما استتب الأمن ولما استقرت الحياة الاجتماعية... ولولا التسامح بين الطوائف الدينية المختلفة لانتشرت الكراهية وتمكنت الطائفية والعنصرية والاستعلاء من هذه الحياة... ولولا تسامح الدول والشعوب لاستعرت الحروب والصراعات وانتشر القتل والتدمير، الذي يقضي على الأخضر واليابس في هذه الحياة. وهكذا فإن التسامح هو القيمة العالمية الضامنة لاستقرار الحياة الإنسانية التي تقوم على الأمن والسلام والمحبة والقبول بمبدأ الاختلاف والتعددية.

 

 

أطلقتم مصطلح "المواطنة العالمية التشاركية الجامعة"، ما المقصود به، وما الفرق بينه وبين مصطلح العولمة؟

المواطنة العالمية التشاركية الجامعة عبارة عن قيم تشاركية عالمية جامعة، تتخطى الحواجز الزمانية والمكانية والفكرية وعوامل العزلة التي كانت موجودة في الماضي، لتجمع شتى البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ومعتقداتهم وأعراقهم، على مبادئ عامة، يشعرون من خلالها وكأنهم مواطنون في دولة واحدة، لهم نفس الحقوق، وعليهم ذات الواجبات، ويتعاونون معًا لمواجهة التحديات، وإنهاء الصراعات، والحفاظ على المقدرات والموارد العالمية وتحقيق استدامتها، والسعي الحثيث لتحسين جودة الحياة على مستوى العالم، كل ذلك في إطار الأخوة الإنسانية والقواسم المشتركة والإقرار الكامل بالتعددية والتنوع الحضاري والديني والإرث الثقافي للشعوب والحفاظ عليه، أما العولمة فقد استهدفت -ضمن في استهدفت- القضاء على التعددية والتنوع الحضاري والإرث الثقافي للحضارات والشعوب وصهرها في بوتقة القطب الأوحد والتمكين لثقافته وإماتة ثقافات الآخرين...!!.

حدثنا عن خبرات الحضارة الإسلامية في مجال التسامح، وكيف يمكن أن تكون قاعدة للإنطلاق نحو إيجاد بيئة عالمية متسامحة؟

الحضارة الإسلامية (حضارة الرحمة) زاخرة بالفكر التنظيري وبالممارسات التسامحية المضيئة وقدمت نماذج فريدة وشاملة في مضمار التسامح يمكن توظيفها والبناء عليها لنشر السلام في شتى ربوع العالم، منها:

حماية الإسلام للمعابد والكنائس والأديرة والرهبان وتأكيد حصانتهم، واحترام النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحاب العقائد الأخرى، وسماحه لوفد نصارى نجران بالصلاة في مسجده، وإباحة الإسلام تناول طعام أهل الكتاب، ووقوفه (صلى الله عليه وسلم) أثناء مرور جنازة يهودي احتراما لهذه النفس الإنسانية حتى وهي ميتة، وإبقاء عمرو بن العاص (رضي الله عنه) في مصر على الكنائس، وترك للمسيحيين الحرية المطلقة في ممارسة طقوسهم الدينية، جنبًا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين، وغيرهم.. أضف إلى ذلك أن المسلمين حكموا اليونان عدة قرون، ولم يتحولوا إلى إلإسلام، ورعاية اليهود في ظل الحكم الإسلامي في إسبانيا وغيرها. لقد نَعِمَ يهودُ إسبانيا في ظل الحكم الإسلامي بفترة ازدهار لم ينعم بها قط غيرُهم من اليهود في أيِّ مكان آخر. 

ولقد اشتغل العلماء المسيحيون واليهود والمسلمون جنبًا إلى جنب في طليطلة المسلمة، مترجمين أمهات المصنفات الفلسفية والعلمية اليونانية القديمة. فهل كان لهذا أن يحدث لو أن النبي (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) قد سَنَّ فعلاً "نشر الدين بالسيف"؟، كما يزعم غير المنصفين، وهل عرفت الدنيا أو وعت ذاكرة التاريخ مثل هذا الأفق الرحيب في التسامح ورعاية المواطنة التشاركية الجامعة التي تعد وبحق سبقًا حضاريًّا للمسلمين قبل بزوغ فكرة المواطنة في العالم بقرون؟! 

وهكذا فإن مقومات التسامح والتعاون كانت موجودة، ومتجذرة في المجتمع المسلم، ومن ثم يمكن توظيفها والبناء عليها. وتبقى أقوال النبي (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) وأفعاله في هذا المضمار نبراسًا يضيء لنا طريق الأخوة الإنسانية وطريق التسامح والمواطنة العالمية التشاركية (الجامعة لكل خير، المانعة لكل شر)، وهكذا فإن العالم في حاجة إلى أن يفتش في تراثه الباني لبناء الأخوة ونشر التسامح، ولا ريب أن الحضارة الإسلامية وتطبيقاتها سيكون لها نصيب كبير جدا في ذلك.

ما عوامل نجاح مبادرة إنشاء المفوضية العالمية للتسامح على الأراضي المصرية؟ 

لعل ما حدث في مصر خلال الفترة الماضية من إنجازات على أرض الواقع،تكاد تفوق الوصف، هو ما دعاني إلى إطلاق هذه المبادرة، في هذا الوقت بالذات، وضرورة أن تنطلق بعقول مصرية وعلى الأراضي المصرية، لاسيما وأن الخبرة التاريخية للحضارة المصرية والعربية والإسلامية زاخرة بالممارسات التسامحية والتربوية والدبلوماسية والتي يمكن توظيفها والبناء عليها والانطلاق منها.

ومما يعزز، بل ويؤكد، نجاح هذا المشروع ثقل جمهورية مصر العربية الإقليمي والقاري والعالمي، وامتلاكها لمؤسسة دينية وطنية (الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، وجامعة الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، وقطاع المعاهد الأزهرية، والكنيسية المصرية)، تقود سفينة التسامح بمنتهي الاقتدار، فضلا عن نجاح التجربة المصرية الرائدة في ترسيخ المواطنة، وانتقالها من المواطنة المتذبذبة إلى المواطنة المتكافئة الآمنة المطمئة المستقرة، والعالم يشيد بها ويسلط الأضواء عليها، ومن ثم أصبح لدينا تجربة نستطيع تصديرها وتصدير غيرها للعالم... هذا من جانب.

ومن جانب آخر أن خبرات وقدرات الدولة المصرية ورئيسها الفاضل الرئيس/ عبد الفتاح السيسي قدرات فلاذية جبارة وقادرة على على التنفيذ وعلى مواجهة التحديات، ومن أقواله: "لا تنزعجوا من التحديات فالإنسان قادر على التغلب عليها"، ولعل المشروعات البنائية الكبرى التي أنجزها سواء في التجديد المادي أو المعنوي خير شاهد على ذلك.

هذا كله وغيره كثير من أسباب وعوامل نجاح المبادرة؛ وبناء عليه فإنني أناشد الرئيس السيسي التفضل بالنظر في إنشاء المفوضية العالمية للتربية على قيم التسامح بالعاصمة الإدارية، والفرصة سانحة للغاية لاسيما في إطار تدشين الجمهورية الجديدة، وفي عاصمتها الإدارية الجديدة (عاصمة التسامح والسلام)، بما تتعانق فيها مآذن مسجد الفتاح العليم مع منارات كاتدرائية ميلاد السيد المسيح، وتضاف إليهما المفوضية أو المنظمة العالمية للتربية على التسامح؛ لتكون شاهد عيان على أن الجمهورية الجديدة ستكون عاصمة التسامح والسلام العالمي.. فضلا عن أن كثيرا من دول العالم ينتظرون ما تجود به القريحة المصرية والعقل المصري ليسيروا خلفه، ومن ثم فإن الظروف والعوامل مواتية للنجاح بإذن الله تعالى.

ما متطلبات تنفيذ المبادرة؟ 

إيمان القيادة السياسية بهذه المبادرة العالمية وأهميتها كفيل بتذليل شتى الصعوبات، وتوفير متطلبات تنفيذ المبادرة (البشرية والمادية واللوجستية)، والتي تحتاج إلى قرار واجتماعات تأسيسية، وتنسيق إقليمي ودولي من خلال الدبلوماسية المصرية، ومصر بثقلها الدولي تستطيع.. وقد رأينا القدرات الخلاقة لقيادة مصر للمشروعات العملاقة وإنجاحها بفضل الله تعالى ثم بالإرادة القوية والإدارة المتميزة..

الموضوع يحتاج أيضا إلى إرادة وإدارة وتوجيهات واجتماعات تأسيسية، وتحديد الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية والبرامج وخريطة المفوضية(الفكرية، والزمانية، والمكانية)، وأيضا التخطيط لإنشاء:

- مراكز عالمية للمشتركات الإنسانية والقواسم المشتركة لتعزيز ثقافة التسامح بين الناس.

-إنشاء مؤشر عالمي لحالة التسامح.

- وأيضا مقاييس علمية لحالة التشدد والتطرف ومنهجيات التغلب الصحيح عليها

وأيضا استدعاء الممارسات والتجارب التسامحية التي توقظ التسامح في العقول والنفوس والقلوب والوجدان الجمعي للعالم.

 

...

احمد جلال

محمد البهنساوي

ترشيحاتنا