شواهد 

محمود الخولي يكتب: الحصري.. الصوت المعلم

محمود الخولي
محمود الخولي

خادم القرآن بحق، خشي عليه من التحريف، فنذر نفسه لتسجيله للإذاعة المصرية، غيرة منه علي سلامة دستور المسلمين، شجعه بدأب استاذه "الضباع" شيخ عموم المقارئ الأسبق، لما رأي فيه من قدرة كبيرة علي التأليف وحسن الصياغة، فأوعز اليه بفكرة اعداد كتيبات ذات صلة بالقراءات العشر، فبذل مرحبا جهدا كبيرا، وما ان أنجز ، حتي قرر طبعها علي نفقته الخاصة بحسب نجله الأستاذ سيد الحصري لكاتب السطور عام 1990، أهدي نسخا منها لأقرانه، ومثلها للمجلس الأعلي للشؤون الإسلامية.
كان الشيخ محمود خليل الحصري، مدرسة فريدة في التلاوة، لا أقول صاحب صوت شجي، إنما صوت معلم، ادرك خطورة التبشير وحملات التنصير في افريقيا علي المصحف، فسعي عام 1960 الي نسجيل القرآن علي شائط كاسيت واسطوانات، فكان اول من سجل المصحف المرتل، بعد ان رفض العديد من اقرانه الفكرة لاختلافهم حول االعائد المادي.
وحين علم مسؤولو وزارة الاوقاف المصرية بالأمر، طلبوا الي لبيب السباعي رئيس الاذاغة آنذاك الاستمرار في تسجيل المصحف برواياته المشهورة ، فسجله الشيخ الحصري برواية ورش عن نافع، ثم مجودا، فمرتلا بروايتي قالون والدوري، قبل ان يختتم حياته بتسجيل المصحف المعلم، حيث مكث قرابة عشر سنوات في خدمة المكتبة القرآنية بالإذاعة المصرية، بين الترتيل والتجويد والتعليم بروايات مختلفة، فمنحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر علي اثر ذلك الجهد، وسام العلوم والفنون من الطبقة الاولي عام 1967.
وشيخنا من مواليد قرية شبرا النملة مركز طنطا محافظة الغربية عام 1917، أتم حفظ القرآن بكتاب القرية مع بلوغه الثامنة من العمر، وفي الثانية عشرة عقد العزم تجره احلامه نحو الشهرة والصيت، فالتحق بالمعهد الديني بمدينة طنطا، فتخطي مراحل مختلفة الي ما قبل المرحلة الثانوية، حيث ازدادت شهرته اتساعا، مع إحيائه السهرات والليالي القرآنية والمآتم ، قرر بعدها الانقطاع عن الدراسة، وظل علي حالته تلك، حتي تم اعتماده مقرئا بالإذاعة عام 1944.

تقلد الشيخ الحصري مناصب عديدة خلال مسيرته القرآنية ، مهتما بقواعد التلاوة الصحيحة ، الي ان لقي ربه، إثر أزمة قلبية، كان يتعايش معها خلال سنوات مضت، مساء 24 من نوفمبرعام 1980.
رحم الله الشيخ الحصري في ذكراه .
[email protected]

ترشيحاتنا