أخر الأخبار

ساعات النصر ودموع الغفران.. الإعلام عزف سيمفونية الخداع الاستراتيجي

إعلام النصر
إعلام النصر

ساعات النصر ودموع الغفران


الإعلام عزف سيمفونية الخداع الاستراتيجي واسترداد الثقة المفقودة بين الحكومة والشعب


الفرق بين «إعلام 67 و إعلام 73» لا خطابة لا إثارة لا حماس و لا تشنجات و الأغاني الوطنية بعد النصر 

كتبت سما صالح
 لعبت وسائل الإعلام دورا هاما  فى ساحة المعركة  فى تلك الفترة الحرجة، حيث كان الإعلام إحدى الأدوات المهمة  في خطة الخداع الاستراتيجي أثناء الإعداد لحرب أكتوبر وأثناء الحرب، وكان للدكتور عبد القادر حاتم والذى أنشأ جهازًا إعلاميًا قويًا في مصر والشرق الأوسط ممثلاً فى التليفزيون المصرى ثم تولى مهمته كنائب رئيس وزراء الحرب فى دور لا يمكن إغفاله في الإعداد لخطة الخداع الاستراتيجى التى جعلت الإعلام المصري بكل وسائله يعزف سيمفونية الخداع، فقام بدور مهم استراتيجيً ونجح في كسب ثقة الشعب المصرى وتحقيق انتصار كبير على الإعلام المضاد".

وتركزت الاهداف الاستراتيجية فى إيهام العدو أننا لا نقوى على الحرب فى الوقت الذى نقوم فيه بإعداد الدولة للحرب بدون الإعلان بل بتكتم شديد وسرية بالغة وهى خطة تشكل أسلوبًا مختلفا تماما عن السياسة التى كانت تتبع قبل حرب 1967، عندما كنا نعلن بفخر أننا أقوى قوة فى الشرق الأوسط وسنلقن إسرائيل درسًا لن تنساه ونهول من قوتنا ونهون من قوة إسرائيل.

وكانت المفاجأة التى بنيت عليها خطة الحرب هى المفاجأة الاستراتيجية وهى التى تتبناها الدولة ولا يعرفها إلا رئيس الدولة وشخص آخر يقوم بتنفيذها دون أن يعلنها، بل يضع خطة كاملة لخداع الرأى العام الداخلى والخارجى بأنه ليس له أي نية للحرب ويتبع أساليب خداعية تمكنه من تضليل العدو فلا يعرف حقيقة ما يتم التخطيط له أبدًا.

وصدر قرارً بتشكيل لجنة سرية للغاية من القيادة وعدد محدود من الإعلاميين لوضع خطة الخداع التى توضع بالنسبة لساعة الصفر بعد أن تم الاتفاق على موعدها وكانت خطة الخداع للمفاجأة التكتيكية خطة ناجحة قامت بها قيادة قواتنا المسلحة بمهارة ونجاح كامل.

وبالفعل هناك عدد من الفروق الجوهرية فى الأداء الإعلامي فشتان بين إعلام 1967 وإعلام 1973، ففى 1967 لم تكن لدينا خطة إعلامية أما فى 1973 فقد وضعنا خطة إعلامية متكاملة قبل وأثناء وبعد المعركة، فى 1967 كنا نهول من قدراتنا ونحقر من قدرة إسرائيل علاوة على تصريحات غير مسئولة مثل أننا «سنلقى بإسرائيل فى البحر»، أما فى 1973 فقد تم منع أي تصريحات تتباهى بقواتنا أو تهون من قوات العدو، وكانت التصريحات مقتصرة على أن مصر ستحرر أرضها المحتلة وأنها ستستعيد حقوقها المغتصبة، فى 1967 كان التشنج فى الإعلام المصرى واضحًا، أما فى 1973 فقد استخدم الإعلام النغمة الهادئة العاقلة المتزنة، وفى 1967 أخفينا الحقائق وفى 1973 ذكرنا كل الحقائق كاملة على الشعب فعادت الثقة المفقودة بين الحكومة والشعب.

وعن ملامح الخطة الإعلامية فى حرب أكتوبر والتى كان على رأسها استرداد الثقة المفقودة فى 1967 بين الحكومة والشعب، فقد عقد اجتماع الساعة 12 ظهرا يوم السبت 6 أكتوبر، حيث اجتمع عبد القادر حاتم برجال الإذاعة والتليفزيون وكان البيان الأول قد تم إعداده.. وطلب من المذيعين إجراء بروفة لإذاعة البيان ووضعت عدة خطوط رئيسية فيما يتعلق بالخطة وأهمها: لا خطابة لا إثارة لا حماس بالنسبة لكل البيانات العسكرية فالإعلام هو وسيلة لنقل الأخبار وليس لصنع الأخبار وتم تفادى كل أخطاء إعلام 1967.

واقتصرت إذاعة البيانات على المذيعين فقط خشية الانفعال إلا أنه سمح للمذيعين بعد أن تحقق النصر يوم 10 أكتوبر بإذاعة أغانٍ وطنية هادئة مثل «على الربابة بغنى» فكانت أغانٍ وطنية مصرية عربية هادئة تتناول روعة قواتنا وصلابة الجبهة.

وكان دستور الإعلام فى حرب أكتوبر هو تلافى أخطاء 1967 فالتزم الصدق والسرعة فى نقل الخبر بحيث يسمع المواطن المصرى أول خبر عن أحداث الحرب بسرعة من مصادر الإعلام المصرى.

وكان للآلة الإعلامية دور كبير فى سير الأحداث فى فرض الإرادة المصرية، حيث عملت على بث شائعة بأن الرئيس السادات طلب فى رسالة شخصية إلى بريجنيف إرسال قوة سوفيتية إلى مصر لفض الاشتباك، فكانت من أهم أوراق الضغط على الولايات المتحدة، مما اضطر الولايات المتحدة لسرعة تخفيف التوتر حيث صاح كسنجر فى مائير «أنت تلعبين بمستقبل شعبك».. هل تفضلين أن ترسل قوات سوفيتية إلى سيناء لفض الاشتباك» وهنا وافقت إسرائيل على ما أرادته مصر.

ويروى عبد القادر حاتم أن المشير أحمد إسماعيل قال إن خسائر العدو فى معركة الدبابات 70 دبابة وأنه سمعها فى إذاعة إسرائيل 50 دبابة، فأذاعت مصر أن إسرائيل خسرت 30 دبابة أى أقل مما أذاعته إسرائيل، وأخبر حاتم المشير أن الهدف من ذلك كان استرداد الثقة فى الإعلام المصرى الذى كانت له مصداقية على مستوى الإعلام العالمى بينما الدعاية الإسرائيلية تذيع الأكاذيب. ففى الوقت الذى أذاعت فيه إسرائيل أنها هشمت عظام الجنود المصريين كان الجنود المصريون يأسرون الجنود الإسرائيليين.

والحقيقة أن الإعلام المصرى بكل وسائله المكتوبة والمسموعة والمرئية استطاع تحقيق نصر كبير على إعلام إنجلترا وفرنسا وإسرائيل فى حرب 1956 وأيضا فى 1973 وتم رفع الرقابة عن الصحف عام 1974.

ترشيحاتنا