وزير الأوقاف: الحفاظ على العرض فطرة إنسانية

الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة الجمعة بمسجد «الأمير سنان» بقرية ديروط الشريف -  مركز ديروط - بمحافظة أسيوط اليوم الجمعة 4 ديسمبر، بعنوان: «مفهوم العرض والشرف».


وفي بداية خطبته، أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن العرض من الكليات الست والمقاصد العامة التي أحاطها الشرع الحنيف بسياجات عديدة من الحفظ والصيانة، ويعني القيم والأخلاق، مضيفًا أن قضية العرض تتعلق بقضية الصراع بين الروح والمادة، وبين القيم واللاقيم.


وأكد أن العرض فطرة إنسانية سليمة، وأن أصحاب الفطر الإنسانية السليمة يحفظون أعراضهم ويحافظون على كرامتهم حتى في جاهليتهم، يقول الشاعر طارق العبسي:
لا تَسقني ماءَ الحياةِ بِذِلَّةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ويقول حسان بن ثابت: «أصونُ عرضي بمالي ولا أدنّسـه لا باركَ الله بعد العرضِ في المالِ».

ولفت إلى أن الناس كانوا حتى في جاهليتهم يعدون العرض والشرف والإباء والأنفة وعلو الهمة شيئًا عظيمًا؛ لأن الأمم والمجتمعات إذا فقدت أخلاقها فقدت شرفها، وفقدت إنسانيتها، وإذا انهارت الأخلاق في أمة فهذا إيذان بانهيارها، مبينًا أنه كما يحارب الإسلام التشدد والتطرف؛ فإنه يحارب الانحلال والتطرف الأخلاقي؛ لأن مساوئ الانحلال والتطرف الأخلاقي لا تقل خطورة عن خطورة التشدد والتطرف.

وأشار إلى أن ديننا الحنيف، جاء معظمًا من شأن العرض فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

وأوضح أنه عندما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، البيعة على النساء بألا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين، قالت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان كلمة يجب التوقف عندها، حيث قالت: أو تزني الحرة يا رسول الله؟ لأن طبيعة الحرة لا يصدر منها شيء من هذه الأفعال. 

وبين أن الإسلام دعا إلى الحفاظ على الشرف والعرض فحذر من الزنا بل ومن مجرد القرب منه، لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، وعندما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الموبقات أي المهلكات عد منها اثنتين تتعلقان بالعرض والشرف، يقول: «اجتنبوا السبع الموبقات -يعني: المهلكات- قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».

وقال إنه لما طلب أحد الشباب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يرخص له في الزنا، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ».

وفي ختام خطبته أكد وزير الأوقاف أن الإسلام كما حافظ على العرض وأمر الإنسان بأن يحافظ على عرض نفسه أمره أن يحافظ على أعراض الآخرين، فلا يقترب من أعراض الآخرين لا بالقول ولا بالفعل، وجعل الإسلام قذف المحصنات الغافلات من أكبر الكبائر، بل تأكيدًا من الإسلام على قضية الأعراض جعل ثبوت حد القتل بشهادة رجلين عدلين، أما ثبوت حد الزنا فلا يكون إلا بأربعة رجال عدول، فإن نكص واحد منهم عن الشهادة أقيم حد القذف على الثلاثة الآخرين تعظيمًا لحرمة الأعراض حتى لا يتجرأ عليها أحد، يقول الحق سبحانه و تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، فمع أن التلقي يكون بالأذن جعله الله هنا باللسان، إشارة إلى سرعة خوض البعض في أعراض الناس دون تثبت أو حتى تريث، وقال تعالى: {وهو عند الله عظيم}.

وأكد وزير الأوقاف أن من أعظم  الجرم أن نخوض في أعراض البرئاء بلا بينة وبلا تحقق، يقول تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْما مُبِينا}.

جاء ذلك بحضور اللواء عصام سعد محافظ أسيوط، واللواء أسعد الذكير مدير أمن المحافظة، ومساعد قائد المنطقة الجنوبية، ونائب قائد المنطقة الجنوبية، وأيمن حسني مفتش الأمن الوطني، ومحمود نجار رئيس مركز ومدينة ديروط، والشيخ عاصم قبيصي مدير مديرية أوقاف أسيوط، وعدد من القيادات الدعوية والتنفيذية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الإجراءات الاحترازية والضوابط الوقائية.
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

ترشيحاتنا